كان أولاد عائلة نيوت الأشرار الذين رشقوا إلين بالحجارة حتى نزفت، يثرثرون فيما بينهم وهم يتحدثون عن إلين التي عادت وكأن شيئًا لم يكن.
بالنسبة لمارتن، ودامون، وإيلي من عائلة نيوت، كانت إلين مجرد لعبة أخرى يتسلّون بها.
إلين لم تتوسل قط، حتى عندما ضُربت وبكت. كان ذلك يثير اشمئزازهم، لذا أرادوا إيذاءها أكثر. وبالطبع، لم يكونوا ليتركوها حتى لو بكت.
“في المرة القادمة، سأضربها بقوة أكبر.”
“في المرة القادمة، أريد أن أرشقها أنا أيضًا!”
“وأنا كذلك!”
كان دامون وإيلي متحمسين أيضًا بينما كان مارتن يستعد للهجوم القادم، لأنهم شعروا أن نجاحهم السابق لم يكن كافيًا.
ولكن حينها…
“ماذا ترشقون؟”
تصلبت أجسادهم فجأة عند سماع صوت من خلفهم.
“أخي…”
كان لآرش، الابن الأكبر ووريث عائلة نيوت.
وحده مارتن، الابن الثاني، تظاهر بأنه يعترف به، أما الآخران فلم يجرؤا حتى على رفع أعينهم والنظر إليه.
“آه، لا شيء. فقط…”
“فقط…؟”
“مَن، مَن يرشق الحجارة بعيدًا…”
“ألم تقل إنك ستصيب شيئًا ما؟”
“آه، هذا… ذاك…”
“هافف…”
ارتجف مارتن، ودامون، وإيلي عند صوت تنهد لآرش. ورغم أن الفارق في العمر بينهم لم يكن كبيرًا، فإن لآرش لم يكن شخصًا يُستهان به.
فقد حرص الكونت وزوجته منذ صغره على ترسيخ مكانته كوريث، ولطالما ميّز لآرش نفسه بوضوح عن بقية إخوته وأخواته.
وإذا أبغضك لآرش، فقد يتم حبسُك في غرفتك، أو تُقطع مصروفاتك، أو تُحرم من حضور الحفلات. وكان والداه يحترمان قراراته دائمًا.
لذا، ومنذ ما قبل أن يبلغوا العاشرة، أصبح الإخوة الثلاثة يخافون من لآرش أكثر من خوفهم من والديهم.
“دامون، قل لي الحقيقة. ماذا حصل؟”
“لا، الأمر ليس كذلك… إنها غلطة إلين كلها!!”
“إلين؟”
حين أبدى لآرش رد فعل مختلفًا قليلًا عند ذكر اسم إلين، ظنوا أنها فرصة للنجاة، فتمسكوا بها.
“نعم! إنها عار على العائلة، وتجرؤ على رفع رأسها والنظر إلينا. كم هي وقحة!”
“صحيح! من المفترض أن تشعر بالذنب تجاهنا طوال الوقت!!”
“ولهذا وبّخها مارتن، لم يفعل شيئًا خاطئًا!”
قطّب لآرش حاجبيه وأمال رأسه قليلًا.
وعند هذه الحركة الصغيرة، صمت الثلاثة فجأة، ونظروا إليه بقلق.
كان لآرش، الذي بلغ العشرين لتوّه، يمتلك بالفعل هيبة الحاكم.
“قولكم إنكم وبّختموها… هل يعني أنكم رشقتموها بالحجارة؟”
“آه، نعم… كانت حصاة صغيرة، حقًا! لم تُسبب دمًا!”
تذكّر لآرش إلين، التي صعدت إلى غرفتها بعد العشاء. بدت متأذية بعد أن رشقوها بالحجارة، لكنها لم تكن مصابة بجدية. في الواقع، لم يكن ليهمه إن كانت قد نزفت بسبب حجر كبير. طالما أن الأمر لا يُذاع خارجًا.
لكن لآرش رأى ضرورة تحذير إخوته. فرشق الناس بالحجارة ليس سلوكًا متحضرًا أو محترمًا.
“مارتن.”
“نعم، أخي…”
“أنت في السابعة عشرة من عمرك وقد نضجت. إلى متى ستتصرف كطفل؟ ما رأيك، ماذا سيقول والدانا لو سمعا شائعات عن تصرفاتك هذه؟”
“أ-أنا آسف…”
“راقب تصرفاتك دائمًا على أساس أن إخوتك الأصغر سيتعلمون منك.”
“نعم…”
وبعد أن وبّخ مارتن، نظر لآرش نظرة طويلة إلى دامون وإيلي، ثم غادر الغرفة دون أن ينبس بكلمة.
وراءه، سمع تنهدات إخوته الصغار بارتياح، لكنه لم يلتفت.
بل، كان قلقه أكثر بشأن إلين، تلك الفتاة التي بقي وجهها خاليًا من أي تعبير رغم تعرّضها للأذى.
“أعتقد أنني سأنزعج إذا جاءت إلى غرفتي مجددًا.”
كانت إلين دائمًا هكذا.
أمام الكونت وزوجته وأبناء العمومة، كانت تبقي رأسها منخفضًا، تحدق في الأرض.
ولكنها كانت تأتي إلى لآرش في لحظات لا يراها فيها أحد، وتقول بضع كلمات.
لم تكن تشكو من أفعال أبناء عمومتها، ولا كانت تتوسل للمساعدة. كانت تقول أشياء غير مفهومة ثم ترحل.
لم يكن لآرش يطردها، ولا يرحب بها.
كان التفاعل معها بلا جدوى بالنسبة له. لم يكن يفهم لماذا كان الجميع في العائلة يبالغون في ردود أفعالهم تجاهها.
“أنا متعب اليوم، لذا سأطردها فور قدومها.”
كان لآرش قد افترض مسبقًا أن إلين ستأتي إليه، وقرر أن يرسم حدودًا واضحة.
إلين، التي تناولت وجبة مشبعة لأول مرة منذ زمن طويل، تمددت على السرير، ثم التفتت نحو رابِس، الجالس بجانب النافذة المطلة على ضوء القمر.
“بالمناسبة، يا ربّ رابِس.”
[ماذا؟]
“كنت صغيرًا جدًا… كيف أصبحت تنينًا ضخمًا خلال عشر سنوات فقط؟”
[لا تفكري في التنين كأنه وحش أرضي. بالنسبة لنا، “البيضة” ليست سوى غلاف يختم أرواحنا، وحجم أجسادنا وشكلها يُحددان حسب الحاجة، لا حسب النمو.]
شعرت إلين أن رابِس قال ذلك مراعاةً لها. فهو ما زال يحتفظ بهيئة التنين الصغير، ويبدو أن ذلك لأجلها.
“إذن، يمكنك البقاء دائمًا على هيئة تنين صغير؟”
[ليس فقط أستطيع البقاء في هيئة تنين صغير، بل يمكنني أيضًا العيش بهيئة إنسان.]
“واو… أتساءل كيف ستبدو حين تتحول إلى إنسان.”
[هيئتي البشرية؟ هممم… يبدو أن كثيرين أحبوا ذلك المظهر، لدرجة أنهم أرادوا التزاوج.]
“ماذا تقول؟!”
نظرت إلين حولها بخوف، وكأن أحدًا قد يسمع كلمات رابِس الجريئة.
بالطبع، لا أحد كان يصعد إلى العلية حيث تعيش “وصمة نيوت”.
“يعني ذلك أنك وسيم. ليس لأنهم أرادوا التزاوج.”
[أليس الأمر ذاته؟]
“لا، الأمر مختلف. كونه وسيمًا لا يعني بالضرورة الرغبة في التزاوج معه.”
احمرّ وجه إلين خجلًا من اضطرارها لقول كلمات كـ”تزاوج” وهي في هيئة فتاة في السادسة عشرة.
لكن رابِس سألها دون أن يُبالي:
[هل أحببتِ ذكرًا في حياتك السابقة تمنيتِ التزاوج معه؟]
“أوه، لا!”
[كذبة.]
“يا إلهي! هل تستطيع تمييز الكذب؟”
[كما توقعت، كانت كذبة.]
عندها فقط أدركت إلين أنها وقعت في فخ التنين، وأرادت الانسحاب، لكن الأوان كان قد فات.
أجابت بتنهيدة، مستذكرة ذلك الشخص الذي لطالما نظر إليها ببرود:
“كان هناك شخص أحببته… لكن لم أرد يومًا أن يكون شريكي.”
[إذن، ألم يكن ذلك الشخص وسيمًا؟]
“بلى، كان وسيمًا.”
[أعتقد أن منطقي قد فاز.]
عجزت إلين عن الرد، فصمتت ثم تمتمت بهدوء:
“لكني لم أحبه لأنه وسيم… وحتى وإن كان، لم أعد أحبه بعد الآن.”
[لماذا؟]
تذكرت إلين تلك اللحظة حين كان لآرش يجرّها مبتعدة وقال:
“ليس سيئًا أن تُستغَلّي بهذه الطريقة.”
كان الشخص الوحيد في عائلة نيوت الذي لم يؤذِها، ولم يتخلّ عنها ببرود، باردًا في طباعه لكنه أنيق ومهيب. كان قويًا ومغترًا وواثقًا، على عكسها تمامًا، ولم تستطع إلا أن تُعجب به…
“كان وهمًا منّيتُ نفسي به، أن لآرش يهتم لأمري سرًا.”
في الواقع، لم يكن في قلبه البارد موضعٌ لها.
بالنسبة له، لم تكن سوى كائن يُربى على مضض لعلّه ينفعه يومًا، وقد أدركت إلين ذلك متأخرة.
“لأنني اكتشفت أنني لا أساوي شيئًا لديه.”
[حقًا؟ إذًا، هذا ما يسمونه… حبًا من طرف واحد! أعتقد أنه حب من طرف واحد.]
أقرت إلين بإيماءة مترددة، وقد وصّف رابِس مشاعرها بكلمات واضحة. لكنه لم يسخر من مشاعرها، بل مال برأسه متسائلًا:
[من الصعب عليّ أن أفهم مشاعر الحب من طرف واحد عند البشر.]
“نعم؟ أي جزء؟”
[أنتِ من أشعل تلك المشاعر، والطرف الآخر لم يكن يعلم شيئًا، ومع ذلك كنتِ تأملين بردٍّ منه. أليس هذا ظُلمًا للطرف الآخر؟]
احمرّ وجه إلين خجلًا من انتقاد رابِس المفاجئ.
“لكن–!”
[هل رقصتِ رقصة التزاوج أمامه؟ آه، رقصة التزاوج هي ما تفعله الطيور… أقصد، هل حاولتِ إخباره أنك تحبينه وتريدينه شريكًا؟]
“لا… لم أجرؤ. وهناك كثيرون في هذا العالم مجبرون على كتم مشاعرهم.”
كان رابِس على وشك الرد، لكنه سكت عندما رأى عيني إلين تتلألآن كأنهما تهمّان بالبكاء.
رغم كونه تنينًا صغير السن لم يبلغ الألف، فقد أدرك أمرًا:
إن قال كلمة أخرى، فسوف يقع في مأزق.
الترجہمه : غــيـو…
التلي : https://t.me/gu_novel
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 9"