حين نزلت إلين إلى الطابق الأول، وجدت أن الخدم منشغلون كعادتهم في كنس الثلج المتراكم، إلا أنّ أحدًا منهم لم يوبّخها على تأخرها.
«أمرٌ غريب… يبدو أنهم بدأوا العمل منذ وقت»
الخادمات، اللاتي كنّ في العادة لا يتوانين عن التذمّر من تأخر إلين، كنّ اليوم صامتات، لا يتبادلن سوى النظرات فيما بينهن. لكنّ وجوههن لم تخفِ انزعاجهنّ، لذا سارعت إلين إلى التقاط مجرفة وهرعت إلى الثلج الذي لم يُزال بعد.
أخرجت أثخن ما لديها من الملابس وارتدته، لكن الرياح الباردة تسللت عبر ثغرات الوشاح المحبوك.
“آه… الجو بارد.”
هل تريديني أن أدفئك؟
سأل رابِس.
“لا داعي، فالدفء يأتي سريعًا عندما أبدأ بجرف الثلج.”
أجابت إلين بشجاعة، ثم نفخت على يديها الخاليتين من القفازات، وغرست المجرفة في الثلج بقوة، مستخدمةً وزن جسدها لرفعها.
رفعت الثلج ثم نثرته على جوانب الطريق عدة مرات، وسرعان ما تسارع نَفَسها وتصبب العرق من جبينها.
كان من الممكن لأيّ شخص أن يشعر بالفخر من اجتهادها، لكنّ رابِس، الذي راقبها، لم يرَ فيها سوى الحمق والشفقة.
هذا مزعج للغاية
لاستطيع تحمّله
تنحي جانبًا
وقبل أن يتمكن من هزّ ذيله لتنظيف الثلج بطريقته، صاحت إلين فجأة:
“شخصٌ ما قادم، يا رابِس!”
وسحبت ذيله فجأة، ما جعله يسقط من الهواء إلى الثلج. ولم يمهله الوقت ليثور، إذ سمع صوت خطوات تدوس الثلج.
أطل برأسه من بين الثلوج، متوقعًا أن يكون أحد الأوغاد من العائلة جاء ليضايق إلين مجددًا، إلا أن الشخص الذي وقف أمامها لم يكن كما ظن.
“أوه؟ لاش؟ ما الذي أتى بك إلى هنا؟”
لاش، الوحيد في المنزل الذي لم يؤذِ إلين يومًا، لكنه أيضًا الشخص الذي يكرهه رابِس أكثر من غيره.
لم يُجب لاش عن سؤالها، بل أمسك بالمجرفة من يدها دون تردد.
“توقفي عن هذا.”
“هاه؟ عن ماذا تتحدث؟”
قالت إلين بدهشة.
وجهها المتورد من البرد، وعيناها الخضراوان اللامعتان، جعلتاها تبدو كزهرة “إدلفايس” البيضاء المتفتحة فوق جبل مغطى بالثلج.
لاش، ولأول مرة، بدأ يدرك جمال إلين.
وارتفعت حدة حذر رابِس.
«ما الذي ينوي فعله هذا الوغد؟!»
بدأ رابِس يصبّ سحره في ذيله استعدادًا لأي هجوم، وحينها فقط تكلّم لاش:
“أقول لك، لا تقومي بعد اليوم بأعمال لا تقوم بها سوى الخادمات.”
“ولِمَ الآن فجأة؟”
“كما قلتِ سابقًا، أنتِ فردٌ من عائلة نيوت، وقد أقرّ بذلك كبير العائلة. لا ينبغي معاملتك كخادمة، فذلك قد يضرّ بسمعة العائلة.”
كان يتكلم وكأنه يُلقي حكمة عظيمة، غير أن الكونت نفسه وزوجته كانا يتغاضيان عن معاملة إلين كخادمة منذ البداية.
لذلك ازدادت حيرة إلين، وسألت بدهشة:
“…هل أدركتَ ذلك الآن فقط؟”
تجهم وجه لاش، إذ لم يكن يتوقع ذلك السؤال.
لكنّ الأمر بدا لإلين لا يُفهم.
«ألم تكن هذه هي نيتكم منذ البداية؟ لقد مضت عشر سنوات… أتظن أن شيئًا سيتغير فقط لأنني فتحت فمي؟»
لاش، كما تعرفه، ليس بالشخص الذي يتغير فقط بكلمة منها.
فراح يتهرب من الإجابة، وقال:
“على أي حال، لا تقومي بعد الآن بأعمال تسيء إلى شرف العائلة.”
“لم أفعل ذلك بإرادتي.”
“صرتِ كثيرة الكلام مؤخرًا، يا إلين.”
“إن كنت لا تحب سماع ردودي، فربما عليك أن تكف عن الحديث وكأن كل شيء خطئي.”
صفق رابِس بحماس وهو يراقب ردها، مستمتعًا.
«ليست غبية تمامًا، بعد كل شيء.»
أما لاش، فقد ازدادت تعابير وجهه قتامة.
«لقد تغيّرت.»
ذلك الإحساس الذي بدأ يشعر به مؤخرًا، تأكّد الآن.
فإلين، التي لم تكن تنطق بكلمة، أصبحت ترفع رأسها، وتتحدى مارتن ولورينا بكلماتها، ولا تتراجع حتى أمامه.
وتذكّر جملتها الصادمة:
“فليطردوني من العائلة إن أرادوا، أليس ذلك ممكنًا؟”
لاش لم يستطع نسيان تلك الكلمات.
إلين، التي لطالما كانت خائفة من الطرد… تقول الآن إنها تريده.
كان شعور لاش الأول هو الحيرة، لكن ما لبث أن تحول إلى غضب لم يعرف سببه.
«كيف تجرؤين على الهروب مني؟»
إلين، التي كان يجب أن تظل زهرة مطيعة بجانبه، بدأت تتمرّد فجأة.
فقرر حينها “إدارتها”.
فذهب إلى والديه مقترحًا تحسين معاملتهم لإلين.
أقنعهما بسهولة:
“لقد منحتموها اسم العائلة، أليس من المفترض أن تعاملوها وفقًا لذلك؟ إن عاملناها كخادمة، فابنة كونت داردل ستسخر منا.”
وبعد أن اقتنع الوالدان، تراجع مارتن والبقية عن استغلال إلين كخادمة.
ومع ذلك، ها هي تظهر صباحًا وتمسك بالمجرفة.
بل وتغضب منه.
“على أي حال… هل يمكنني العودة للداخل الآن؟”
استفاق لاش من أفكاره على صوتها الهادئ.
إلين، التي بدت غير مهتمة تمامًا، على عكس اضطرابه الداخلي، زادت من استياءه، لكنه لم يجد ما يرد به.
“نعم… ثم، لماذا لا تغيرين ملابسك إلى شيء أكثر… لياقة؟ سيظنون أنك خادمة حقيقية.”
“هذه أدفأ الملابس التي لدي.”
لم يستطع الرد، فاكتفى بزفرة طويلة.
“قريبًا ستأتي إيلي من غرفة الملابس لقياس بعض الملابس، سأطلب أن تُقاس لكِ بعض الأثواب.”
“إن أردت ذلك، فلن أمانع…”
أجابت إلين ببرود، وتجاوزته عائدة نحو القصر.
من حفرة الثلج، صعد رابِس وجلس على كتفها، ضاحكًا.
“ما الذي جرى؟ في آخر لقاء بينكما كنتِ ترتجفين أمامه.”
سكتت إلين، ولم تُجب إلا بعد أن صعدت إلى الطابق الثالث وتأكدت أنه لا أحد حولها.
الترجمة: غــيـو…𖤐
التلي: https://t.me/gu_novel
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 22"