زمجر رابيس ساخرًا وهو ينظر إلى إلين، التي كانت تتصبب عرقًا وهي تنظف السلالم بعناية.
الفتاة التي أربكته في لقائهما الأول قد سمّت نفسها “لانسرز أكوينال”، ومنذ ذلك الحين، شرعت في أعمال عظيمة صنعت بها اسمًا لنفسها.
من ملء الآبار في القرى التي تعاني الجفاف، إلى مطاردة قطاع الطرق، وحتى إخماد الحرائق التي استمرت لأيام، لمع اسمها في أرجاء البلاد. وبعدما جمعت ثروة من المهام، كانت تقتل من لا يروق لها، بصمتٍ واحتراف.
وفي النهاية، قبلت طلب الإمبراطور الملحّ، وتم تعيينها ساحرةً إمبراطورية.
لقد استمتع رابيس بكل ما يحيط بها، وخشي اليوم الذي تطلب فيه تحقيق أمنيتها الأخيرة…
حتى خانته في النهاية.
『لكنها، على أي حال، كانت أكثر مرونةً ومتعةً من هذه الآن.』
ما زال رابيس يتذكر تلك النظرة في عينيها، حين توسلت إليه بإنقاذها وقتل جميع من في القرية.
『تصرف ممتع حقًا.』
أما إلين، تجسيد “لانسرز أكوينال” بعد إعادة ولادتها، فقد رفضت حتى مجرد التفكير في الانتقام ممّن تسببوا في موتها، رغم أنها واجهت مرةً أخرى خطرًا مشابهًا.
“هل تأثرت بمكان مثل المعبد؟”
رفعت إلين رأسها أخيرًا، بينما كان رابيس يزفر بامتعاض.
“هل تشعر بالملل؟ آسفة.”
『طالما تعلمين، فأنهي الأمر بسرعة.』
“انتهيت تقريبًا.”
طمأنت إلين رابيس، وأخذت تمسح آخر الدرجات.
حينها حدث الأمر…
“وووووااه!”
“هاهاهاها!”
صوت ضحك وهرج، تبعه دخول مارتن، ودايمون، وإيلي وهم يركضون على السلالم، وقد غطت آثار أقدامهم الموحلة الدرجات التي انتهت إلين للتو من تنظيفها.
“آه…”
ضحك مارتن ودايمون بمرح بينما تنهدت إلين.
“سيصل ضيوف قريبًا، ماذا تفعلين يا إلين؟”
“أجل! السلالم متسخة جدًا! هل كنتِ تتكاسلين طوال الوقت؟”
“إلين الكسولة!”
“إلين عديمة الفائدة!”
تهكموا عليها وكأنهم يؤدون أنشودة جماعية.
『هؤلاء مجددًا. هل أدفعهم عن السلالم؟』
زمجر رابيس وهو يلوّح بذيله مهددًا باستخدام السحر في أي لحظة، بينما أحاط الأشقاء الثلاثة بإلين.
“سأُخبر أمي بكل شيء. لم تنظفي السلالم جيدًا.”
“ارجينا أنك نادمة، ربما نغفر لك؟”
“إلين، أترغبين بالبكاء؟ ابكِ.”
كانوا ينظرون إليها وكأنهم ينتظرون منها البكاء.
لو كنت في حياتي السابقة، لكنت كتمت دموعي وعدت لإعادة المسح.
لكن إلين التي عاشت حتى السادسة والعشرين ثم عادت، رأت تهكمهم الطفولي سخيفًا.
لم أكن أدرك حينها، لكنهم في الواقع يتصرفون بسخف مقارنة بأعمارهم… هل هذا لأني كبرت؟
مارتن، تحديدًا، بات يبدو لي وكأن لديه مشكلة إدراكية.
تنهدت وسألتهم باستهزاء:
“أسألكم فقط… هل انتظرتم حتى أنتهي من عملي لتفعلوا هذا؟ هل كنتم تراقبونني؟”
“ماذا؟”
ارتبك مارتن حين أصابتهم في الصميم.
في الواقع، كانوا يتحينون الفرصة منذ علموا أن إلين ستنظف السلالم.
لكن ما توقعوه كان دموعًا، لا هذا الهدوء.
“أحسست بنظراتكم من الجهة الأخرى. هناك ضيوف قادمون، ومع ذلك، كنتم منشغلين بي، أليس كذلك؟”
“ما الذي تهذّين به؟”
“مجرد ملاحظة… أنتم لم تغيّروا ملابسكم بعد.”
عندها فقط نظروا إلى ثيابهم.
المربيات بحثن عنهم لتغيير ملابسهم، لكنهم انشغلوا بمراقبة إلين بدلًا من ذلك.
“أعتقد أنني سأتعرّض للتوبيخ، لكن أنتم أيضًا.”
“هـ… هذا…!”
لم يجد مارتن ما يرد به، وصرخ بغضب، ثم دفع كتفها بقدمه.
“كياااه!”
صرخت إلين وسقطت إلى الوراء، لكنها توقفت بعد دَرَجتين فقط، وكأن أحدهم أمسك بها، الأمر الذي بدا مريبًا حتى للأطفال.
اقترب مارتن مجددًا محاولًا دفعها، لكن المربيات وصلن مسرعات:
“سيدي! سيدتي! أين كنتم؟ يجب أن تُغيّروا ملابسكم فورًا!”
“الكونتيسة ستأتي فورًا! أسرعوا!”
تجاهلت الخادمات تمامًا ما تعرضت له إلين، لكن مارتن لم يتمكن من دفعها أمام أعينهن.
“أنتِ محظوظة!”
“أجل، محظوظة!”
شدّت إيلي شعر إلين قبل أن يسحبها دايمون خلفه.
إنهم مترابطون فعلًا.
ومع أن إيلي شدّت شعرها، لم يؤلمها ذلك.
وحين غادر الثلاثة، لمست إلين بلطف رابيس، الذي كان يحدّق في الأطفال بعينين مشتعلتين.
“شكرًا لأنك ساعدتني قبل قليل. كدت أن أتدحرج فعلًا.”
『أنا لا أفهم.』
“ماذا؟”
『أنتِ! لماذا لا تقتلينهم؟ هل تعتقدين أنهم سيتغيّرون فجأة؟ سيكونون طيبين؟』
“أم… لا.”
『إذًا، هل سيموتون وحدهم؟ أو سيمرضون؟ أو يصابون بحادث؟』
“ولا هذا.”
『إذًا لماذا بحق التنين؟!』
صرخ رابيس بغضب، فأجابت إلين بهدوء كأن الأمر بديهي:
“لأنهم ما زالوا أطفالًا.”
بدت إجابة إلين غريبة جدًا بالنسبة لرابيس.
『وما المشكلة إن كانوا أطفالًا؟』
“لأنهم لا يدركون ما يفعلونه، ويظنون أن تهكّمهم عليّ مبرّر. الخطأ ليس خطأهم، بل خطأ والديهم.”
『الأطول منهم أكبر منكِ بعام! هذا عمر يُفترض أن يفهم فيه كل شيء!』
كنت سأتحمّل ذلك في حياتي السابقة، لكن الآن، أعمارهم 17، 15، و14 فقط، وأنا أبلغ 26…
من غير المنطقي أن أؤذي أطفالًا على تصرفات طفولية.
لكن رابيس، الذي لم يعرف نواياها، أخذ يخبط صدره الصغير بمخالبه كأنه يختنق.
『آآآه! إحباط! إحباط!』
لطالما تساءلت لماذا يضرب البشر صدورهم من الغضب… الآن عرفت.
وبينما كان يخبط صدره، عادت إلين إلى تنظيف الدرجات المتّسخة مجددًا.
“هذا لا شيء، فهناك ما هو أسوأ قادم. لذا يجب أن أكون قوية!”
وكأنها تقول له، “استعد أنت أيضًا”، مما أغضب رابيس أكثر.
زمجر وحرّك ذيله فمحا كل آثار الأقدام.
“اللورد رابيس!”
ظنّ أنها تلومه لاستخدام السحر دون إذن، فشدّ على فكيه.
『لا تُملي عليّ ما أفعل!』
“ليس هذا… بل شكرًا لك.”
ابتسمت إلين، مما زاد من إحباط رابيس.
يا لها من بشرية ناقصة! ما الذي حدث لكِ لتولدي بهذا النقص؟
وبهدوء، أزال الكدمة عن ركبتها وداوى خدوشها.
كان تنينًا مشغولًا بأمور كثيرة.
“أهلًا بكِ، ليدي دارديل، ليدي فيرون. مضى وقت يا ليدي لانغستون.”
“مر وقت طويل، كونتيسة نيوت.”
“أوه، هل غيرتِ الزينة؟ لديكِ ذوق رائع!”
تبادلت السيدات تحاياهن وضحكاتهن.
أما رابيس، الجالس على درابزين الطابق الثالث حيث يقع العُلّيّة، فسأل إلين:
『من هؤلاء؟』
“سيدات نبلاء قريبات من عمّتي. يتناوبن على زيارة منازلهن شهريًا.”
『وماذا يفعلن؟』
“يشربن الشاي، ويتحدّثن…”
『ماذا يعني هذا؟』
“هممم… البشر يبنون صداقات بهذه الطريقة. كلما قضوا وقتًا معًا، ازدادت روابطهم.”
『حقًا…؟』
بدت على رابيس رغبة في السؤال أكثر، لكنه صمت يراقب السيدات.
أما إلين، فزفرت بلا وعي.
لورينا هنا.
توقفت نظراتها عند فتاة تقف بجانب سيدة تُدعى ليدي دارديل.
لورينا دارديل.
من اقترحت تقديم إلين كقربان بشري قبل عودتها.
وهي أيضًا من كرهت إلين وسعت لإيذائها قبل دخولها المعبد.
كما أنها… زوجة لارش المستقبلية.
لماذا كانت تكرهني لهذا الحد؟
فهمت كراهية إخوتي، لكن لورينا؟ لم أفهم أبدًا.
ربما كانت تتبع إخوتي في طفولتها، لكن هذا لا يبرر استمرار كرهها حتى الكبر.
وبينما كانت إلين غارقة في أفكارها، دخل الكونت نيوت ولارش إلى القاعة.
“تأخرت قليلًا!”
“أوه، الكونت نيوت! وصلنا للتو أيضًا. يا إلهي، لقد أصبح لارش أكثر وسامة!”
“مر وقت يا كونتيسة دارديل.”
بعكس الكونت ونبرة الترحيب المبالغ بها، بقي لارش محافظًا على تعبيره المتحفظ، واكتفى بابتسامة خفيفة.
أما لورينا، فحين رأت لارش، ارتسمت على وجهها ابتسامة مشرقة لم تستطع إخفاءها، واحمرّت خديها وأطراف أذنيها.
الترجمة: غــيـو…𖤐
التلي : https://t.me/gu_novel
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 17"