في منتصف كهفٍ كبير ذي فتحة في السقف، ابتسمت إلين بمرارة.
كانت أقمشة من الحرير الأبيض والأحمر قد عُلِّقت في جميع أنحاء الكهف استعدادًا لمراسم القربان، وتراكمت فوق المذبح جواهر لم ترَ مثلها إلين طيلة حياتها.
كانت مشدودة بإحكام إلى صخرة قرب المذبح، تحدق في تلك الكنوز بلا أي اهتمام.
أما الكهنة الذين قاموا بربطها هناك، فقد هربوا مسرعين بعد أداء طقوس سريعة لا تختلف عن قلي الفاصوليا في البرق، إذ كانوا يخشون ظهور بطل مراسم القربان، ولم يبقَ في الكهف سواها، حية تتنفس.
وهي ستموت قريبًا.
«ظهر التنين الشرير قبل مغادرتي للمعبد بأسبوع… أكان قدري ألّا أستطيع الهرب من عائلة نيوت والمعبد في النهاية؟»
القديسة إلين، التي شُدّت في هذا الكهف البارد والقاحل، من دون أن تتمكن من الهرب من عائلتها والمعبد، كانت قربانًا بشريًّا قُدّم إلى “رابيس”، التنين الشرير الذي هبط إلى الإمبراطورية.
قبل ثلاثة أيام، استيقظ رابيس، الذي خُتم عليه على يد الساحر العظيم قبل 500 عام، وأعلن عزمه على تدمير الإمبراطورية.
ورغم أن السلالة قد تغيرت مرات عدة على مرّ التاريخ، لم يتوقع أحد نهاية مفاجئة لإمبراطورية دامت ما يقارب العشرة آلاف عام تحت اسم “كالاي”.
غَرِقت الإمبراطورية في الفوضى، وفي محاولة يائسة للهروب من هذا المصير المرعب، لجأ القصر الإمبراطوري والمعبد إلى وسيلة همجية: التضحية البشرية.
«كنت أظن أن التضحية البشرية لا توجد إلا في كتب التاريخ. لم أتوقع يومًا أن يكون موتي بسببها.»
وبالطبع، بما أن رابيس قد هدد بتدمير الإمبراطورية، فعدد من سيموتون سيكون كبيرًا، ولم تكن إلين تشعر بالسوء لكونها الأولى.
لكن ما كانت تندم عليه هو أنها لم تعِش يومًا واحدًا من “الحرية الكاملة”.
«كنت أريد أن أعيش خارج المعبد حتى لو كنت سأموت.»
منذ ولادتها، وهي تُلقّب بـ”وصمة نيوت”، ولم تعرف في حياتها الكثير من الحظ، لكن هذا اليوم كان بالتأكيد الأسوأ.
«بقي أسبوع واحد فقط على إنهائي لأعمال التطوع التي استمرت أكثر من عشر سنوات، وأخيرًا كنت سأغادر ذلك المعبد الممل.»
لقد جمعت مبلغًا ضئيلاً من المال لتبدأ حياتها المستقلة، وخطّطت لتصبح معلمة خاصة لدى عائلة ثرية من العامة.
وكانت تتخيّل ذلك اليوم الذي ستوضّب فيه أمتعتها القليلة، وتُعيد درع القديسة، وتغادر بوابة المعبد. كان مجرد تخيل ذلك كافيًا لجعلها تتحمّل أي مشقة.
لكن، وكأن الله لم يسمح لها بالحرية، فلم تمضِ سوى أيام قليلة حتى عاد التنين الشرير.
لو كانت شخصًا آخر، لربما أطلقت العنان لصراخها وبكت بحرقة، لكن إلين لم تفعل شيئًا سوى أن تبتسم بمرارة حين دوى صوت الرعد مُعلنًا أنها قد اختيرت كقربان.
كانت تعلم تمامًا أنه حتى لو بكت فلن ينقذها أحد، والتخلي كان أمرًا معتادًا في حياتها.
«لكن، هذه الحياة القصيرة التي لم تكن يومًا لي… كانت حزينة للغاية.»
«لو كنت أعلم أنني سأموت هكذا، لما تحمّلت كل ذلك. من أجل ماذا تحمّلت كل هذا أصلًا؟»
لم تكن هناك أي لحظة سعادة في حياتها، ومع ذلك كانت تجهد نفسها كثيرًا. كانت تؤمن أنه إذا صبرت، فستأتي الأيام الجيدة، وإذا كانت طيبة، فإن الآلهة ستجازيها.
هكذا علّمها كهنة المعبد، وهكذا علّمتهم الكتب المقدّسة، التي يُقال إنها كلام الآلهة.
لكن في هذا الموقف، بدت تلك التعاليم كأنها مجرد غسيل دماغ لحُكام البلاد.
«لكن، من يهتم بذلك الآن؟»
انكمشت إلين على نفسها، متأملة بحزن، بينما كانت أسنانها ترتجف لا من الخوف، بل من البرد القارس.
ربما لأنهم اعتقدوا أنها ستموت قريبًا، أو لأنهم أرادوا ألا ينزعج التنين وهو “يقضمها”، لم يُحضِر لها المعبد حتى معطفًا لهذا الشتاء البارد.
كانت تحاول أن تعض على أسنانها حتى لا تسمع صوت ارتجافها، لكن ذلك لم يزدها إلا ألمًا في فكّها.
«متى سيأتي التنين؟ إلى متى يجب أن أنتظر؟»
في تلك اللحظة التي بلغ فيها البرد الذي تسلل إلى عظامها درجة مؤلمة جعلتها تتمنى قدوم التنين لإنهاء حياتها سريعًا…
كأن أمنيتها قد استُجيب لها، جاء صوت غريب من بعيد.
[كرااااوووو!]
كان زئير تنينٍ اهتزت له السماء والأرض.
وبعد لحظات، هبّت ريحٌ عاتية في الكهف، وبدأت أقمشة الحرير المعلّقة ترفرف بشدّة. لا شك أن تلك كانت الرياح الناتجة عن جناحي التنين.
فقط حينها بدأ قلب إلين ينبض بسرعة.
«أمي!»
«رجاءً، خذني بلا ألم! أرجوك…»
لو لم تكن مربوطة بالحبال التي تكبّل جسدها كله، لكانت ركضت هاربة من الكهف في الحال، غير آبهة بشيء، لا بـ”القربان النبيل للإمبراطورية”، ولا بـ”جلالة الإمبراطور”.
وبرغم وثاقها الشديد، كانت أطرافها ترتعش كما تهتز أوراق الحور. الريح كانت تعصف بها، تعبث بشعرها، وتضرب خدّيها، لكنها تجمّدت في مكانها غير واعية بالألم.
ذلك لأن ظلالًا سوداء بدأت تُغطي ما فوقها.
[كرااااو…]
التنين الأسود الذي كان يُحلّق فوق الكهف مباشرةً، أطلق صوتًا غريبًا يصعب التعبير عنه بأي حرف بشري.
كان يبدو أن الكهف سينهار تحت جناحيه الهائلين، وأن الموت تحته سيكون أيسر، لكن خلافًا لتلك الهزات الناتجة عن طيرانه، حطّ رابيس بهدوء شديد أمام إلين.
«إنه ضخم جدًا!»
انحبس نفسها من هول هيبته. كانت أجنحته الكبيرة، التي كان يطويها حول جسده، أكثر سُمكًا من جِلد الجاموس، ومخالبه المغروسة في أرضية الكهف لا يبدو أن شيئًا يمكنه خدشها.
أما القشور التي تغطي جسده كله؟ فقد بدت صلبة لدرجة أنها لا تستحق أن تُسمى “قشورًا”، وبعضها كان واقفًا بشكل حاد على طول عموده الفقري.
مجرد النظر إليه جعل جسدها يتخدّر، فلم تستطع حتى رفع رأسها لتنظر إلى وجه التنين.
وكانت الفكرة بأنها ربما كانت ستهرب لولا أنها مكبّلة، مجرد وهم متغطرس. حتى لو كانت حرّة، لم تكن لتنجو.
[هممم…] الزفير الذي أطلقه التنين لفّ جسد إلين بدفء.
كان تنينًا نافثًا للنار حقًا، لكن زفيره لم يكن رطبًا كزفير الحيوانات الأخرى. اقترب التنين الضخم من إلين وخفّض رأسه نحوها.
«كُلْني…!»
أغمضت إلين عينيها لا إراديًا وشدّت جسدها كله، لكن بدلًا من الموت، سمعت صوتًا غير متوقع من فوقها.
[هاه، حقًا. لقد عشت طويلًا، والآن سأشهد أمرًا كهذا.]
بدا أن التنين كان يتحدث إليها.
«حين يبلغك الخوف، تبدأ بسماع الهلوسات…»
رغم أنها كانت ترتجف، وجدت نفسها تفكر بهذه الطريقة، وكان ذلك مثيرًا للسخرية. لكن إله القدر ماكر بحق.
التنين لم يكن يحدّثها.
[أيها الإنسان.]
«ن-نعم…؟ أنا؟»
[لقد التقينا من قبل، أليس كذلك؟]
غلب الفضول على الخوف.
رغم وجهها الشاحب، رفعت إلين رأسها ببطء نحو رابيس، الذي كان يُلقب بـ”التنين الشرير”
{ الترجمه : غيو }
التليجرام : https://t.me/gu_novel
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 1"