1
الفصل الأول
المقدمة
كان صباحًا صافياً وهادئًا بلا منغصات ..
أو بالأحرى، كان من المفترض أن يكون كذلك ..
أمسك إمبراطور إمبراطورية كارديون ، إيريك فون كارديون ، بيده الورقة الموضوعة على الطاولة وبدأ يقرأها ببطء ..
「 إلى جلالة الإمبراطور المحترم… رغم أنني في الحقيقة ، لا أكنّ لك كل ذاك الاحترام … 」
جملة كانت لتصدم أي شخص لو رآها ..
「 لا زالت صورتك القديمة ، وأنت طفل باكٍ لا تستطيع حتى تدبير أمرك ، ماثلة أمام عيني ، فهل تتوقع مني أن أشعر فجأة باحترام كبير لك لمجرد أنك اعتليت العرش بين ليلة وضحاها؟ 」
خط منسق وأنيق لا يناسب أبدًا مضمون الرسالة ..
إيريك عرف فورًا من الذي كتب هذه الرسالة ..
كيف له ألا يعرف؟
فلا يوجد في القصر الإمبراطوري سوى شخص واحد يجرؤ على قول مثل هذه الكلمات دون تردد ..
「 والسبب الذي جعلني أترك لك هذه الرسالة ، كما قد تكون قد خمنت بالفعل ، هو الوفاء بوعد قطعته .. 」
وعد؟
انعقد حاجبا إيريك باستغراب ..
أي وعد؟ لم يتبادل مؤخرًا أي وعد يستحق الذكر مع أحد
صحيح أنه خاض بعض المشاجرات ، لكن…
「 وعد قديم جدًا. 」
لكن ما إن قرأ الجملة التالية حتى أدرك تمامًا ما هو ذلك “الوعد” ..
「 جلالتك ، أو بالأصح ، يا صاحب السمو الذي كان يردد دائمًا… 」
الكلمات التي كان يكررها باستمرار .
「 لن أتزوجكِ ولو متّ! 」
“تبًا لهذا الجنون…”
تفوه إيريك بلعنة وهو في ذهول ..
لو كان أحد بجواره لقال له: “عليك أن تحافظ على وقارك يا جلالتك!” لكن الأمر لم يكن يهمه إطلاقًا.
فأي شخص يقرأ هذه الرسالة كان سيتصرف تمامًا كما فعل هو ..
「 قلتَ إنك تفضل أكل الجزر النيء في مطبخ القصر على الزواج بي ، آه ، لكنك ألغيت ذلك بعد أن تذوقت جزرة نيئة وقلت إنك لا تستطيع احتمالها. 」
هل قلتُ ذلك حقًا؟
「 ثم قلتَ إنك تفضل دخول الدير على الزواج بي ، لكن حتى ذلك ألغيتَه لأنك لا تحب النظام الغذائي القائم على الخضروات … 」
“ما الذي…؟!”
「 وهناك الكثير من تلك العبارات التي تبدأ بـ “أفضل من أن أتزوجكِ…” حتى أنني لو أردت كتابتها كلها لما انتهيتُ من الرسالة أبدًا ، لذا سأكتفي بهذا القدر. 」
وكان خط تلك الجملة الأخيرة يبدو أكثر مرحًا من سابقه
إيريك حاول جاهدًا تهدئة يده المرتجفة وهو يواصل قراءة السطور التالية ..
「 على أي حال ، بما أنك غنيتَ طيلة الوقت عن كرهك للزواج بي ، قررتُ أن أرحل قبل أن يفوت الأوان ، لا تكن انتقائيًا في طعامك ، ولا تغفو أثناء اجتماعات مجلس الدولة ، ولا تتصرف بتهور أثناء حملات القضاء على الوحوش لتعود مصابًا. 」
“…….”
「 شكرًا لك لأنك تحملت وجودي طوال هذا الوقت ، إيريك ، الآن يمكنك أن تعيش مرتاحًا ، تهانينا. اعتنِ بنفسك … 」
وفي نهاية السطور ، لم يكن هناك حتى توقيع المرسِل ..
وكأنها كانت متأكدة تمامًا من أنه يعرف من تكون ، لا سيما مع عصاها المرتبة بعناية بجانب الرسالة
“…إليشا.”
مرر إيريك أصابعه بعنف في شعره الأسود وهو يطوي الرسالة بقوة ..
لم يمضِ شهر واحد منذ اعتلاء الإمبراطور الجديد العرش ..
واختفت الإمبراطورة المنتظرة… إليشا ..
الفصل الأول: تتبع الآثار
أطلال التهمتها النيران ، صرخات تتصاعد من كل مكان ، ومساحات تحولت إلى أنقاض ..
آثار مبهمة لا يُعرف صاحبها ، تتناثر رمادًا في الهواء… في ذلك اليوم قبل ستة عشر عامًا ..
“أيتها الصغيرة ، أما ترغبين في المجيء معي؟”
أمام طفلة لا يتجاوز عمرها السابعة على الأكثر ، امتدت يد
ترددت الفتاة قليلًا وهي تلقي نظرة حولها ، ثم أمسكت بتلك اليد من غير تردد ..
كانت تلك بداية القدر ..
رمش… ثم رمش آخر ..
داخل عربة تهتز على الطريق ، كانت عينان زرقاوان مستديرتان تفتحان وتغلقان ببطء ..
تبدوان شاردتين قليلًا ، لكن في عمقهما بريق فضول لا يُخفى ..
ثم عادت الطفلة لتمسّد خصلات شعرها الأبيض ، ثم تحدق في النافذة ، ثم تميل برأسها باستفهام… وتكرر ذلك مرارًا ..
“أيتها الصغيرة.”
تأملها الرجل للحظة بصمت ، ثم خاطبها بنبرة لطيفة.
حينها تحولت نظرات الطفلة من النافذة إلى الرجل .
“هل تخبرينني باسمكِ؟”
سألها بابتسامة هادئة في عينيه ، لكن الفتاة لم تفعل سوى أن رمشت مرة أخرى ..
‘ لعلها لا تعرف لغة هذه البلاد…’
فقد عُثر على الطفلة عند الحدود ، حيث كانت معركة القضاء على الوحوش لا تزال جارية ..
إذن، ليس مستبعدًا ألا تتحدث لغة كارديون ..
” الأميرة.”
في تلك اللحظة ، انساب من بين شفتيها صوت منخفض:
“اسمي… الأميرة.”
فأمال الرجل رأسه قليلًا ..
‘ يبدو أن والديها كانا يناديانها بهذا اللقب… حتى اعتادت عليه أكثر من اسمها الحقيقي فلم تعد تتذكره..’
ووفق معرفته ، لم تكن هناك أميرة من بلاد أخرى بهذه الملامح .
حتى لو وُجدت ، فمن المستحيل أن تكون وسط تلك الفوضى ..
“اسمي بيرنهارت ، فما هو اسمكِ الحقيقي؟”
“الأميرة.”
“ألستِ تذكرينه؟”
“قلت لك إن اسمي الأميرة!”
“حسنًا، وأنا إذن الإمبراطور.”
“لكن اسمي الحقيقي الأميرة.”
أو هكذا كانت تظن ..
رفعت الفتاة حاجبيها قليلًا وأعادت الجواب بإصرار ، منزعجة لأن الرجل لم يصدقها ..
ابتسم بيرنهارت بخفة قبل أن يقول:
“وأنا حقًا إمبراطور.”
ثم حوّل بصره من الطفلة إلى النافذة ، ناظرًا إلى الخارج ..
وعاد يرمقها بابتسامة دافئة ارتسمت على محياه ..
“يبدو أنني سأمنحكِ اسمًا جديدًا.”
عاد الإمبراطور بيرنهارت إلى القصر ، ومعه… فتاة صغيرة …
وجود الطفلة قلب أرجاء القصر رأسًا على عقب .
فقد عاد أبكر مما كان متوقعًا ، ولم يكتفِ بذلك بل جلب معه طفلة مجهولة!
“لم يكن هناك أي ناجين في تلك المنطقة ، ولو لم أجدها بنفسي لماتت جوعًا عاجلًا أم آجلًا.”
لكن الإمبراطور بيرنهارت أنهى كل التساؤلات بجملة قصيرة:
“إن كان هذا بسبب تقصيري في رعاية شعبي ، فمن واجبي أن أتكفل بها.”
“جلالته طيب القلب أكثر مما ينبغي… وهذا قد يوقعه في المتاعب.”
تمتمت إحدى الوصيفات وهي تمشط شعر الطفلة ..
أدارت الصغيرة عينيها الزرقاوين في فضول ، ثم حدقت في الوصيفة عبر المرآة ..
“سمعت أنه هو من اختار لها اسمها بنفسه ، أليس كذلك؟”
قالت وصيفة أخرى وهي تختار ثوبًا للفتاة، غير عابئة بها تمامًا ..
لكن الفتاة كانت تجلس على الكرسي تحرك قدميها ذهابًا وإيابًا وتطرف بعينيها ..
“من الآن فصاعدًا، سيكون اسمكِ إليشا.”
قال ذلك الرجل ذو الشعر الأسود ..
“إليشا”…
أعجبها الاسم كثيرًا، لذا منذ تلك اللحظة ، صار اسمها إليشا ..
“ألا يكون قد نوى تبنيها؟”
“أنتِ تمزحين! هذا كلام خطير!”
بينما كانت إليشا غارقة في أفكارها، استمرت خلفها أصوات الجدال في التردّد ..
“قد نكون تجاوزنا الأمر هذه المرة ، لكن هل تظنين أن باقي النبلاء سيلتزمون الصمت؟”
“لكن يكفي أنه منحها جناح سولتيير…”
“هذا فقط حتى يجد لها عائلة تتبناها.”
سمعت إليشا شائعات تقول إنه أعلن بنفسه أنه سيتكفّل بها، لكن في الواقع… كان ذلك شبه مستحيل ..
أن يربي في القصر الإمبراطوري طفلة لا يُعرف أصلها ولا نسبها؟
“نحن ننفّذ الأوامر فقط ، لكن بصراحة… هذا القصر ليس دار حضانة! ثم إن هناك وليّ العهد ، فما حاجته لجلب طفلة؟”
تحولت نظرات الوصيفة نحو انعكاس إليشا في المرآة، تحمل في طياتها استياءً واضحًا ..
لكن إليشا لم تحِد بنظرها ، وأطرفَت بجفنيها مرتين ، وكأنها تقول إنها سمعت كل ما قيل ..
مرّت لحظات قصيرة.
وفي النهاية، كانت الوصيفة هي من صرفت بصرها أولًا.
حينها أيضًا نزعت إليشا نظراتها عن المرآة وعادت تهزّ قدميها بهدوء على الكرسي ..
ومنذ تلك اللحظة ، لم ينبس أحد بكلمة ، لا الوصيفات ولا إليشا ..
فهي كانت تحب الصمت ..
“أنتِ!”
لكن السكون لم يدم طويلًا، إذ انفتح الباب فجأة بعنف ، ودخل شخص ما ..
ومع انفتاح الباب على مصراعيه ، التفتت أنظار الجميع نحوه في وقت واحد ..
“نحيّي وليّ العهد …”
قالتها الوصيفتان بصوت مرتعش وهما تنحنيان بسرعة بعدما تعرّفتا على هوية القادم ..
أما إليشا، فاكتفت بإمالة رأسها قليلًا وهي تحدق ببطء في الصبي الواقف أمامها
ذلك التحديق أربكه هو نفسه ..
شعر أبيض ناصع يتدلى حتى الخصر ، عينان زرقاوان صافيتان، ملامح باردة جامدة..
فتاة غامضة الأصل تجلس على الكرسي بكل كبرياء وتحدّق فيه بصمت .
“أ… أنتِ من تكونين؟!”
صرخ الصبي أخيرًا بعد أن استعاد وعيه ، مشيرًا إليها بأصبعه ..
أمّا إليشا، فاكتفت بالنظر إليه للحظة قبل أن تلتفت نحو الوصيفتين وتقول ببرود:
“أنت… وهؤلاء.”
“…….”
“كلكم… وقحون.”
ترجمة ، فتافيت ….
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 1"