سألتُ الراكون باستغراب

 

كنتُ أعتقد أنه سيتبع إيشيد بالتأكيد إلى شجرة العالم، منزله …

 

[بالطبع هربت!]

 

عندما سمعتُ هذا التصريح الواثق، شعرتُ بالذهول للحظة.

 

امتلأ رأسي بعلامات استفهام.

 

“لماذا تهرب؟ إنه منزلك …”

 

حدّقتُ في الراكون وأنا أتساءل إذا كان قد أعجبه العيش هنا خلال هذا الوقت القصير.

 

لكن يبدو أن هذا لم يكن السبب، لأنني رأيتُ الراكون قد تصلّب تمامًا.

 

[الذهاب… إلى المنزل…؟]

 

“نعم، المنزل. منزلك. شجرة العالم.”

 

عندما أكّدتُ له ذلك، بدا الراكون مصدومًا.

 

[أليس ليأكلني…؟]

 

أوه… يبدو أنه كان هناك سوء فهمٍ كبيرٍ بين الراكون وإيشيد.

 

تذكّرت وجه إيشيد الصارم.

 

لم يكن من النوع الذي يشرح الأمور بلطف، بل كان من النوع الذي سيحمل الراكون في العربة كأنه قطعة أثاثٍ دون أيّ تفسير.

 

ربما لاحظ اختفاء الراكون في منتصف الطريق، لكن بما أنه إيشيد، فمن الأرجح أنه قرّر المضي قدمًا بدلاً من البحث عنه.

 

ولهذا السبب بقي الراكون في القصر الإمبراطوري الآن.

 

جلس الراكون المصدوم على الأرض فجأة.

 

رفعته بيدي.

 

كان ثقيلاً جدًا بسبب الوزن الزائد الذي اكتسبه مؤخرًا من كثرة الأكل.

 

“كان عليكَ أن تشكّ في الأمر.”

 

لقد صنع مشكلةً دون داع.

 

لقد اختفت طريقة إعادة الراكون إلى منزله.

 

تنهّدتُ وأنا أجد نفسي مرّةً أخرى في دور حامي الراكون دون قصد.

 

“لنعد إلى غرفة الاستشارات أولاً.”

 

كنتُ قد تعبتُ من البحث في الكتب دون العثور على أيّ معلوماتٍ جديدةٍ عن شجرة العالم.

 

خرجتُ من المكتبة وأنا أحمل الراكون بين ذراعي.

 

في ذلك الوقت، أصبح المطر أكثر غزارة. كان صوت قطرات المطر التي تضرب الأرض بقوّةٍ مؤلمًا للأذن.

 

‘لكن ربما كان هذا جيدًا؟ لأن الشتاء سيأتي بعد انتهاء هذا المطر.’

 

من الصعب قضاء الشتاء في الجبال، لذا ربما كان من الأفضل للراكون البقاء في القصر الإمبراطوري خلال هذا الوقت.

 

“لكن أليس لديكَ عائلة؟”

 

[الشينسو ليس لديهم عائلة …]

 

ضحكتُ قليلاً عند سماع تذمّره.

 

“قد يكون لديك. يمكنكَ أن تتزوّج براكونٍ جميل، وترى أطفالك، ثم أحفادك…”

 

[همف. هذه رفاهيةٌ للشينسو.]

 

قال ذلك وهو يشخر، لكنه بدا حزينًا بشكلٍ ما.

 

يبدو أنه قد اعتاد منذ وقتٍ طويلٍ على الفراق بسبب حياته الأبدية كشينسو.

 

‘يا لها من حياةٍ وحيدةٍ تعيشها.’

 

فركتُ رأسه بشعورٍ غير منطقيٍّ من الشفقة، لكنه دفع يدي بعيدًا وهو يشعر بالاشمئزاز.

 

عندما فتحتُ باب غرفة الاستشارات بعد المشي في الممر، رأيتُ ماسيتيكي وهو يتحدّث مع فيل.

 

“لقد عدت … الراكون ؟”

 

شعرتُ بجسم الراكون الناعم في حضني يتصلّب فجأة.

 

بل كان يرتجف كأنه يهتز من الخوف.

 

“لماذا فجأة… آه!”

 

خدش يدي بينما كنتُ غافلةً وهرب من حضني وركض عبر الممر.

 

أمسكتُ بيدي المجروحة ونظرتُ إلى الراكون وهو يبتعد.

 

‘لماذا فعل هذا…’

 

وكأنه رأى شيئًا لا يجب رؤيته.

 

‘بل هو أقرب إلى الخوف.’

 

نظرتُ حول غرفة الاستشارات.

 

ماسيتيكي وفيل.

 

لا شيء قد تغيّر…

 

لا يوجد شيءٌ يخيف الراكون هنا.

 

“رئيسة. ألا يجب أن تعالجي يدكِ؟”

 

“آه…”

 

عندما نظرتُ إلى ظهر يدي بناءً على كلام فيل، رأيتُ أن الخدش كان عميقًا جدًا وكان الدم يسيل.

 

“سأذهب إلى المستوصف.”

 

“هل تريدين أن أذهب معكِ؟”

 

“لا. يمكنني المشي، أنا بخير.”

 

رفضتُ عرض ماسيتيكي اللطيف وذهبتُ إلى المستوصف وحدي.

 

بفضل العلاج بالقوّة المقدسة، شفيت يدي تمامًا دون أيّ ندوب.

 

فتحتُ يدي وأغلقتُها التي لم تعد تؤلمني، ثم تحرّكتُ للبحث عن الراكون الهارب.

 

كان الراكون مختبئًا بين أعشاب الحديقة.

 

يرتجف بجسمه الصغير تحت المطر.

 

اقتربتُ منه تحت المطر لأنني لم أمتلك مظلة.

 

“ماذا تفعل هنا؟”

 

إذا كنتَ تريد الاختباء، فلماذا تختبئ في الحديقة تحت المطر؟ 

 

ربما كان قد اختبأ في مكانٍ يشبه بيئته الأصلية غريزيًا.

 

جلستُ أمامه ووخزتُ جسده الذي لم يستجب بإصبعي. عندها رفع رأسه فجأة، وعندما تعرّف علي، صرخ غاضبًا.

 

[لماذا يوجد مثل هذا البشري بجانبكِ؟!]

 

“هاه؟ مَن تقصد؟”

 

[ذلك الرجل ذو الشعر الأحمر!]

 

رعدت السماء بصوتٍ عالٍ.

 

نظرتُ إليه وهو لا يزال يرتجف من الخوف، متسائلة.

 

“ذو الشعر الأحمر؟ تقصد ماسيتيكي؟ ما خطب ماسيتيكي؟”

 

ما الذي رآه فيه حتى يخاف بهذا الشكل؟

 

[إنه ساحرٌ أسود!]

 

‘ماذا…؟’

 

ساحرٌ أسود؟ ماسيتيكي؟

 

“هاه…”

 

تدحرجت عيناي عند حديثه المفاجئ.

 

“إذن… ماسيتيكي ساحرٌ أسود؟”

 

[نعم!]

 

“لماذا… لا، كيف؟”

 

كان رأسي يدور. لم أستطع فهم كلام الراكون بسهولة. شعرتُ وكأن عقلي يبذل كلّ جهده لرفض قبول هذه الحقيقة.

 

“لكنني لم أشعر بأيّ شيءٍ مريب…”

 

[بالطبع. هل تعتقدين أن هناك بشرًا يمكنهم الشعور بقوّة الساحر الأسود؟]

 

عندما قلتُ أنه يمكنني اكتشاف السحر الأسود، قال الراكون إن الساحر الأسود وممارس السحر الأسود مختلفان تمامًا.

 

السحرة السود أذكياء جدًا، فقط الشينسو يمكنها التعرّف عليهم.

 

لكنني ما زلتُ غير قادرةٍ على الفهم.

 

إذا كان ماسيتيكي ساحرًا أسود، فهذا يعني أنه يستخدم قوةً سوداء مصدرها وحوشٌ أو شياطين.

 

قُتِلَت عائلته على يد وحوش. لهذا السبب كان من الصعب تصديق ادّعاء الراكون .

 

كيف يمكن لماستيكي أن يقبل بالقوّة السوداء التي هي عدوّته اللدودة …؟

 

لكنني لم أستطع تجاهل كلام الراكون تمامًا.

 

في الحقيقة، كنتُ أشك في ماسيتيكي منذ فترة.

 

ماذا لو كان ماسيتيكي حقًا ساحرًا أسود…؟

 

الشخص الذي أثق به، الذي أعرفه.

 

شعرتُ بالخوف للحظة.

 

لكن كان عليّ أن أتحلّى بالشجاعة وأتحقّق من الحقيقة.

 

“لنعد أولاً. يجب أن أتحقّق مرّةً أخرى.”

 

[أنا لن أذهب! لا أريد!]

 

“أنتَ مَن يجب أن يتحقّق من ذاك. إذا كان ماسيتيكي حقًا ساحرًا أسود، فلا يمكننا تركه هكذا.”

 

[لا…!]

 

“أنا بحاجةٍ إليك. ساعِدني.”

 

تحت إلحاحي، بدأ الراكون يستسلم ببطء.

 

[سأتحقّق فقط…]

 

بدا غير راضٍ تمامًا، لكنه وافق كما لو أنه لم يكن لديه خيار.

ابتسمتُ قليلاً وحملتُه بين ذراعي.

 

“شكرًا لك.”

 

كان ذلك عندما حاولتُ النهوض.

 

“شاتيريان، كنتِ هنا.”

 

حُجِب المطر عني بمظلة.

 

تحت المظلة، سمعتُ صوت ماسيتيكي بوضوحٍ خلال صوت المطر.

 

“كنتُ قلقًا فجئتُ لأبحث عنكِ. لماذا كنتِ تحت المطر؟ ستُصابين بالبرد هكذا.”

 

كان صوت ماسيتيكي لطيفًا جدًا.

 

وكأنه لم يسمع أيًّا من حديثي مع الراكون .

 

لكن على عكس لطفه هذا، لم أستطع الحركة.

 

لأنني شعرتُ برائحةٍ كريهةٍ وطاقةٍ شريرةٍ من ماسيتيكي لم أشعر بها من قبل.

 

ازداد ارتعاش الراكون في حضني. بدأ يصدر أصواتًا تهديديةٍ ويقاوم.

 

“ماسيتيكي …”

 

كان هناك سببٌ واحدٌ فقط لشعوري المفاجئ بالقوّة السوداء منه.

 

لقد كان يتعمّد إظهارها.

 

إنه يعرف أننا اكتشفنا حقيقته.

 

“لماذا…”

 

نهضتُ فجأةً وابتعدتُ عن المظلة. حجب المطر الغزير رؤيتي.

 

“منذ متى؟ منذ متى وأنتَ تستخدم السحر الأسود؟”

 

“…بعد موت عائلتي.”

 

تلاشت ملامحه للحظة. عضضتُ شفتي وأنا أنظر إليه.

 

“لماذا عدتَ إلى القصر الإمبراطوري فجأة؟ ماذا تريد أن تفعل…؟”

 

“لقد ظهر شخصٌ أريد قتله.”

 

“ماذا…؟”

 

ابتسم ماسيتيكي بطبيعية بينما يقول إن هناك شخصًا يريد قتله.

 

“آه. لكنني لم أتوقع أن أُكتَشَف بهذه السرعة. كنتُ أعتقد أنني أُخفي الأمر جيدًا، ولكن ظهر شينسو فجأة.”

 

توجّهت عيناه الحمراء الباردة نحو الراكون في حضني. نظر إليه وهو يرتجف، ثم رفع عينيه والتقى بنظري.

 

“مَن تريد أن تقتل؟”

 

“مَن تعتقدين؟”

 

لم يجب، لكنني عرفتُ مَن يقصد.

 

إيشيد أستريا.

 

عاد ماسيتيكي إلى القصر الإمبراطوري لقتل إيشيد.

 

“لـ لماذا؟”

 

“لأنه لو لم يكن موجودًا، لما أتيتِ إلى هنا.”

 

تذكّرتُ فجأةً الذئب الذي قادَني إلى هذا المكان.

 

تركتُ أمر كيفية معرفة ماسيتيكي بهذا الأمر جانبًا.

 

لم تكن إجابة ماسيتيكي واضحةً بما يكفي لتلبية فضولي.

 

“لا تراوغ حول الموضوع وقُل ذلك بوضوح.”

 

نظر إليّ ماسيتيكي وهو يبتسم ابتسامته اللطيفة المعتادة.

 

“أنا أعرف. أن روحكِ جاءت من مكانٍ آخر.”

 

“…..”

 

“شاتيريان، لماذا تعتقدين أن الوحوش خرجت فجأةً من مناطقها؟ لماذا ظهر ممارسو السحر الأسود فجأة؟”

 

“لأن…”

 

“لأن كلّ ذلك بسبب ذلك الشخص الذي أحضركِ إلى هنا.”

 

استمر ماسيتيكي في الكلام بأشياء غير مفهومة، ولم يكن أمامي إلّا أن أعقد حاجبيّ.

 

“ما علاقة هذا بذاك؟”

 

 

“ألا تزالين لا تفهمين؟ كلّ هذه الأحداث حدثت لأن روحكِ جاءت إلى هنا. لأنكِ أتيت، استيقظ ممارسو السحر الأسود. كل هذا بسبب أخطاء ماضيكم. لو لم تأتِ، لما ماتت عائلتي، ولما ظهر مَن تأثّر بالسحر الأسود.”

 

بداية كل هذا هي أخطائكم الماضية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄

ترجمة: مها

انستا: le.yona.1