كانت الساحة أمام القصر الملكي مزدحمة بالمتظاهرين تمامًا كما قال فيل.
كان لوحٌ من الخشب يحمل عبارة [اطردوا القديسة] مرئيًا للعيان.
وبينما كنتُ على وشك المرور أمامه، أمسك أحدهم بيدي فجأة.
“أليست هذه دوقة أستريا؟ هل تعافيتِ بالفعل من جروحكِ؟”
“الدوقة؟”
بدأ الناس الذين تعرّفوا عليّ يتجمّعون حولي، وبدأوا يتحدثون إليّ بفضول.
انتابني الارتباك الشديد بسبب هؤلاء الغرباء الذين أبدوا قلقهم عليّ.
لستُ كما تظنون …
طريقة تعاملهم الودية جعلتني أشعر وكأنني نبيلةٌ رحيمةٌ تهتم بالعامة.
نظرتُ إليهم بوجهٍ مُحرَج.
“شكرًا جزيلًا لإنقاذي في ذلك اليوم.”
“لو لم تكوني هناك، لكنتُ فقدتُ عائلتي.”
آه …
فهمتُ أخيرًا سبب شكرهم.
تذكّرتُ أنني ساعدتُ بعض المصابين عندما انهار المبنى ذلك اليوم.
بالطبع، أنا ممتنةٌ لأنهم لم ينسوا ذلك، لكن …
أليس هذا تجمّعًا للمطالبة بطرد القديسة؟
بصراحة، أنيلا هي مَن أنقذت عددًا أكبر من الناس مقارنةً بي ذلك اليوم.
هي التي عالجت المصابين الذين كانوا على وشك الموت.
لذا، لو كانوا يريدون شكر أحدٍ ما، كان يجب أن يشكروا القديسة …
“كل هذا خطأ تلك القديسة!”
عندما صرخ أحدهم بغضب، بدأ الآخرون يؤيّدونه قائلين “هذا صحيح!”.
تغيّر تعبير وجهي أمام هذا التناقض من الناس الذين بدوا ودودين للتوّ.
لم أفهم لماذا يلومون أنيلا.
لكن بما أن الدفاع عنها لن يفيدني، مررتُ بهم بصمتٍ وتوجّهت إلى غرفة الاستشارات.
***
“مرحبًا.”
“أوه، لقد عدتِ؟”
عندما دخلتُ غرفة الاستشارات، حييّتهم بشكلٍ طبيعي، رحّب بي فيل أيضًا بهدوء.
لكنه رفع رأسه فجأةً وكأنه شعر بشيءٍ غريب.
“لماذا أتيتِ إلى العمل، رئيسة؟”
“لأنه يوم عمل؟”
“لا، أعني … هل أنتِ بخير؟ لقد أصدر القائد إشعار إجازةٍ مرضيةٍ غير محدودةٍ لكِ، فقلقنا أن يكون وضعكِ قد ساء.”
“ماذا؟”
إذن هذا ما فعله إيشيد. بعد أن أمرني بالبقاء في المنزل، أصدر إجازةً مرضيةً دون استشارتي.
“سأُلغيها. لم أوافق على هذه الإجازة.”
جسدي تعافى تمامًا، فما الحاجة لإجازةٍ غير محدودة؟
حتى الهبوط بالمظلّات ليس بهذا السوء.
عندما قلتُ ذلك بلا اكتراث، هزّ فيل رأسه موافقًا.
“إذا كنتِ بصحةٍ جيدة، فلا مشكلة.”
في تلك اللحظة، رأيتُ ماسيتيكي يدخل المكتب.
عندما رآني، اتّجه نحوي بعينين متسعتين من الدهشة.
“شاتيريان، هل أتيتِ إلى العمل؟ هل أنتِ بخير؟”
حدّقتُ به دون إجابة، رمقني ماسيتيكي بنظرةٍ سألتني عن السبب.
لم أستطع تحمّل الفضول، فسألتُه مباشرة.
“في اليوم الذي أخذتَ فيه إجازة، هل خرجتَ لترى موكب القديسة في الشارع؟”
“نعم، كنتُ هناك. كان لديّ عملٌ في العاصمة، وبعد أن انتهيت، مررتُ بالموكب.”
نظر إليّ ماسيتيكي وكأنه يتساءل عن سبب سؤالي.
“إذن، ألم ترني ذلك اليوم؟”
“ذلك اليوم؟”
ارتسمت على وجه ماسيتيكي علامات حيرة. ثم هزّ كتفيه كما لو أنه لا يتذكر.
“لا، لم أركِ.”
“حقًا؟”
“نعم، حقًا.”
هل يتجاهل الأمر عمدًا رغم أنه قد التقت أعيننا بوضوح؟
هذا جعلني أكثر ريبةً تجاه ماسيتيكي.
“لكن ربما رأيتكِ.”
“هاه؟”
“بصري لم يعد جيدًا مؤخرًا، لذا لا أستطيع رؤية الأشياء البعيدة بوضوح.”
“حقًا؟”
نظرتُ إلى ماسيتيكي بعينين متشككتين.
ثم تدخّل فيل من الجانب.
“هذا صحيح. في الفترة الأخيرة، كان ماسيتيكي يعبس دائمًا عند قراءة الأوراق لأن الحروف تبدو غير واضحة.”
“ليس بهذا السوء.”
قطع ماسيتيكي كلامه بسرعة.
“بلى، تكاد تصاب بتجاعيد من شدّة التركيز…”
“لا.”
“بلى.”
ضحكتُ عبثًا أمام جدالهما السخيف.
برؤية ماسيتيكي على هذا النحو، كانت كلّ شكوكي حتى الآن سخيفة.
مدّ فيل ورقةً أمام ماسيتيكي.
“اقرأ هذا من فضلك.”
“ما تفعل، فيل…؟”
تراجع ماسيتيكي الذي كان يتفاخر بريية الأشياء بوضوح، عاجزًا عن قراءة الورقة.
“أرأيت؟ لا تستطيع الرؤية.”
“ماذا تفعلان تتصرّفان كالأطفال؟!”
ياللطفولية!
الكبار الذين أفاقوا من غفلتهم باقتراحي تظاهروا بعدم الملاحظة.
سعل ماسيتيكي وأحضر الوثائق التي كان يحملها ووضعها أمامي.
“بالمناسبة، هل يمكنكِ تولّي استشارة اليوم؟”
كانت قائمة بأسماء الأشخاص الذين حصلوا على حجوزات.
“هذا العميل يصرّ على أن تكون الرئيسة هي مَن تستقبله. قال إنه لن يقبل بأحدٍ غيركِ وسينتظر حتى تعودي.”
“حقًا؟”
بينما كنتُ أعبثُ بالوثيقة، لامست يد ماستيكي، التي كانت تعبث باسم الشخص الذي حجز، يدي.
لم أشعر بأيّ شيءٍ غريب.
ربما كان شكّي غير مبرر.
بعد انتهاء الحديث، عاد ماسيتيكي إلى مقعده، التقطتُ الوثيقة ونقرتُ على جانب المكتب.
تحدّث فيل، الذي أصبح أمامي، بهدوء.
“لماذا تفعلين هذا؟”
“ماذا؟”
أشار فيل إلى مكتب ماسيتيكي. وُضع مكتب ماسيتيكي في غرفة الاستشارة لتسهيل الاستشارة.
مع ذلك، تم تركيب الباب الأوسط بين غرفة الاستشارة والمكتب بحيث يكون البابان العلوي والسفلي مفتوحين، مما يسمح بسماع معظم الحديث.
“لا شيء.”
عدّل فيل وقفته بعد سماع إجابتي.
لم تختفِ شكوكي تمامًا، لكن الحقيقة ستظهر يومًا ما.
حينها، يمكنني إخباره بما حدث.
سواء كان شكّي صحيحًا أم أن ماسيتيكي متورّطٌ في السحر الأسود حقًا.
في تلك اللحظة، فُتِح باب غرفة الاستشارات.
“فيل، هل يمكنكَ …”
تبًا!
التقت عيناي بـعيني إيشيد الذي فتح الباب وكان يتحدّث مع فيل. تجمّد في مكانه فجأةً وحدّق بي دون حراك.
“… هل من خطب؟”
سأله فيل بفضول بسبب توقّفه المفاجئ.
عندها فقط أغلق إيشيد الباب أخيرًا ودخل، وسلّم فيل الوثائق التي أحضرها.
“يجب أن تتحقّق من هذه الأرقام، هناك خطأٌ ما.”
“أوه، حسنًا، سأراجعها.”
عندما عاد فيل إلى مقعده، واجهتُ نظرة إيشيد الباردة.
“شاتيريان، لماذا أنتِ هنا؟”
“لأنه يوم عمل؟”
أجبته ببرود.
“أنتِ مريضةٌ الآن. في هذه الحالة، يجب أن ترتاحي في المنزل حتى تتعافي …”
آه، هذه المحاضرات المملة!
قاطعتُه وناديتُه.
“إيشيد، لا أريد أن أتشاجر معكَ مجددًا. هل تريد ذلك؟”
حقًا؟
نظرت إليه بعينين واسعتين بريئتين.
“……”
ثم أطبق إيشيد شفتيه بإحكام. بعد صمتٍ طويل، وكأنه يختار كلماته، قال أخيرًا على مضض.
“لا ترهقي نفسكِ.”
“حسنًا.”
“إذا شعرتِ بالتعب، تعالي إليّ.”
“حسنًا.”
نجحتُ من إقناع إيشيد، الذي كان يبالغ في قلقه، وإخراجه من الغرفة.
بعد هذه الأزمة، قضيتُ الصباح في معالجة الأوراق المتراكمة.
بما أن إيشيد تولّى مهامي أثناء غيابي، كان العمل خفيفًا.
قالوا إنه بقي بجانبي يعتني بي عندما كنتُ طريحة الفراش، تسائلتُ كيف وجد الوقت للقيام بمهام الاستشارات أيضًا.
إنه حقًا شخصٌ استثنائي.
“رئيسة، هل لديكِ وقتٌ الآن؟ العميل الذي ذكره ماسيتيكي قد وصل.”
“نعم، أدخِله إلى غرفة الاستشارات.”
ذهبتُ إلى غرفة الاستشارة وجلستُ مقابل الشخص الذي حجز الموعد.
كان رجلاً في منتصف الثلاثينيات بشعرٍ بني.
عندما قدّمتُ له الشاي، أخرج زفيرًا عميقًا كما يفعل معظم العملاء.
“مرحبًا، رئيسة الاستشارات.”
أومأتُ برأسي، ونظرتُ إلى معلوماته الشخصية التي دوّنها.
اسم العميل بيراموسو، يعمل حاليًا في محكمة القصر الملكي.
بعد تردّد، بدأ حديثه.
“لديّ أخٌ أكبر مني بفارق عمرٍ كبير. عائلتنا تعمل في التجارة منذ أجيال، وبما أنه الابن الأكبر، فقد ورث كلّ الأعمال.”
بما أن العالم يقدّر الابن الأكبر، كان هذا طبيعيًا.
“لكن … يبدو أنه وقع تحت تأثير بعض الأشخاص المشبوهين…”
تنهّد بيراموسو بعمقٍ مرّةً أخرى.
أملتُ رأسي.
“ماذا تقصد بمشبوهين؟”
“في البداية، لم أكن أعلم. بالطبع، جميع الأعمال التجارية مِلكٌ لأخي، لذا لا أعرف أين تذهب الأموال. لكن منذ فترة، اكتشفتُ أنه كان يدفع مبالغ ضخمة لشخصٍ ما با
نتظام.”
“هل اختلس أموال الشركة؟”
أومأ برأسه قليلاً.
ولكن للأسف، المشكلة لم تتوقّف عند هذا الحد.
“المشكلة الأكبر هي … أنه بالإضافة إلى المبلغ الكبير، نقل جميع سندات العائلة والأراضي وصكوك مُلكيّتها إلى ذلك الشخص.”
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 86"