إذا كان تقصد تلك القصة، فقد سمعتُها للتوّ من فيل. يبدو أن قائد الوسان جاء إلى غرفة الاستشارات بسبب مشكلة الشبح.
كيف يكون توقيتكَ بهذا الدقة؟
هززتُ كتفي وأجبتُه.
“أعرف الأمر… لكن ما سبب تلك الإشاعة؟”
“فرقتنا بأكملها في اضطرابٍ شديدٍ بسبب تلك الإشاعة مؤخرًا.”
كان تعبير وجهه يحمل حقًا ملامح الحيرة.
“نعم، سمعتُ أن بعض الجنود استقالوا بسبب ذلك الأمر…”
لكن ما السبب؟ هززتُ كتفي مرّةً أخرى. تنهد القائد بعمق.
“نعم، جميعهم استقالوا. جنود الفرقة الأولى، والثالثة، وحتى جنود الفرقة الثانية. لذلك، الجنود الآن يرفضون القيام بدوريات المساء.”
“يمكنكَ معاقبتهم بتهمة إهمال الواجب.”
بغض النظر عن مدى خوفهم من الشبح، لا يجوز لهم التخلّي عن واجباتهم.
عند سماع كلامي، أطلق القائد تنهّدًا عميقًا مرّةً أخرى.
“إذا فعلنا ذلك، فلن يتبقّى أحدٌ في فِرَق الحرس الإمبراطوري. حتى أنا وقائد الفرقة الأولى والثالثة نرفض القيام بدوريات المساء.”
بدأت أتساءل حقًا ما مدى قوة ذلك الشبح حتى يخيف الفرقة بأكملها؟
“إذن، هل يمكنكَ التحدّث مع أوسمة الفرسان الإمبراطورية ونقل مسؤولية الدوريات المسائية لهم مؤقتًا؟”
“يمكننا فعل ذلك … لكنه ليس حلًّا جذريًا. حتى إذا قام الفرسان بالدوريات، الشبح لن يختفي.”
“الشبح…”
بدأ الأمر يبدو غير واقعيٍّ بعض الشيء، أن نناقش مشكلة شبحٍ كأنه أمرٌ حقيقي.
“لكن هل الشبح موجودٌ حقًا في هذا العالم؟”
بغض النظر عن كيفية النظر إليه، الشبح هو مجرّد ظاهرةٍ خارقةٍ بلا جسد، أليس كذلك؟
إذا آمنتَ به، ستخاف، وإذا لم تؤمن، فلن تهتم.
“إنه… موجودٌ حقًا. كل الجنود الذين خرجوا للدوريات المسائية مؤخّرًا شاهدوا الشبح، ثم مرضوا واستقالوا.”
“مرضوا؟”
“نعم. بعد سماع صوت الشبح، يتعبون ثم عندما يستيقظون، يعانون من قشعريرةٍ وهلوساتٍ لمدٌة ثلاثة أيامٍ كاملة.”
حتى أنهم يمرضون … الآن فقط أدركتُ خطورة الموقف.
“إذن، هل تريد حلًّا جذريًا لمشكلة الشبح؟”
“نعم. إذا تركنا الأمر هكذا، فسنواجه استقالاتٍ جماعيةٍ ستُغضِب جلالة الإمبراطور.”
بالطبع. إذا استقالوا جميعًا، ستنقص قوات القصر الإمبراطوري، وهذا أمرٌ خطيرٌ قد يُعتبر تمردًا.
“لذلك جئتُ إليك، رئيسة غرفة الاستشارات. يُقال أن غرفة الشكاوى تحلّ أيّ مشكلة تُعرَض عليها … هل هناك حل؟”
بالطبع، كان هذا هو هدف غرفة الشكاوى مؤخرًا.
قبل أن أدرك مؤخرًا أن هذا خطأٌ ناتجٌ عن الانشغال بالإنجازات.
كنتُ عازمةً على ألّا تصبح الغرفة مكانًا للحلول بعد الآن … لكنني لم أستطع تجاهل قائد الحرس الذي يمسك بذراعي بوجهٍ يائسٍ يكاد يبكي.
ومع ذلك، شبح … بغض النظر عن التفكير، لم أكن كاهنة، ولم يخطر ببالي أيّ طريقةٍ لاصطياد شبح.
“هل أتصل بالمعبد إذن؟”
فكّرتُ أن المعبد قد يكون قادرًا على التعامل مع الشبح بنفس طريقة تعامله مع الشياطين.
“لكننا بالفعل تواصلنا مع قسم المعبد الإمبراطوري، وقد زاروا المكان.”
قسم المعبد الإمبراطوري يتكون من أشخاصٍ ممتلئين بالطاقة المقدسة، وعادةً ما يقومون بدعم الفرق الطبية وأطباء القصر.
الطاقة المقدسة هي الأفضل للعلاج، بعد كل شيء.
“لكن بما أنكَ جئتَ إلي، فهذا يعني أن الشبح ما زال موجودًا.”
“نعم… حتى بعد أن أجرى قسم المعبد طقوس طرد الأرواح، لم يختفِ الشبح.”
إذن، حتى طلب إرسال كاهنٍ من المعبد مباشرةً ليس خيارًا.
“إذن، هل هناك أيّ طريقةٍ يمكنني من خلالها المساعدة؟”
“لكن الغريب… أنني أشعر دائمًا أنه إذا جئتُ إليكِ، سيتمّ حلّ المشكلة بطريقةٍ ما…”
ثم بدا مترددًا.
ارتفعت حاجبي بسبب لهجته الغريبة التي تبدو وكأنها تثق بي.
“ماذا تقصد؟”
“حسنًا… انتشرت مؤخرًا إشاعاتٌ عنكِ في القصر الإمبراطوري. يطلقون عليكِ اسم ‘حلّالة المشاكل الشاملة’ …”
“حلّالة المشاكل الشاملة…”
أُصِبت بالصداع بسبب هذا اللقب الجديد.
أمسكتُ رأسي بينما كان الألم يخزّ بقوّة.
كان إيشيد محقًا. كان يجب أن أستمع لنصيحته وأنسحب مبكرًا…
في النهاية، أنا مَن صنعتُ هذه الصورة لغرفة الاستشارات.
الآن، لا يمكنني رفض الأمر فجأة، لذا لم يكن لديّ خيارٌ إلّا أن أومئ برأسي موافقة.
“شكرًا جزيلًا لكِ، سيدتي الرئيسة!”
ابتسم قائد الحرس بوجهٍ منتعشٍ وكأنه نجا من الموت.
“لا أستطيع أن أعدكَ بأنني سأحلّ الأمر، لذا احتفظ بشكركَ لوقتٍ لاحق.”
***
“اعرف عدوك بقدر ما تعرف عن نفسكَ تنتصر في كلّ المعارك.”
كان عليّ أولًا أن أفهم ظاهرة الشبح.
“إذن، الشبح يظهر خلال وقت الدوريات المسائية، بين الساعة التاسعة والعاشرة، بالقرب من سلالم الطابق الأول في القصر الرئيسي، أليس كذلك؟”
“ليس ذلك دقيقًا تمامًا. تم رصده أولًا في تلك المنطقة، فتجنّبها الجنود، لكنه فجأة توسّع نطاق ظهوره.”
هذا جعل الأمر يبدو أكثر رعبًا. شبحٌ يتجوّل باحثًا عن الناس…
“إذا كان في القصر الرئيسي، ألم يره الإمبراطور؟”
عندما طرحتُ السؤال، بدا قائد الحرس خائفًا.
“إذا حدث وسقط جلالته…”
بدا وكأنه لا يريد حتى تخيّل ما سيحدث بعد ذلك.
بالطبع، إمبراطورنا كبيرٌ في السن الآن، وإذا سقط في أيّ مكان، فستكون كارثة. إذا اصطدم رأسه بالخطأ، فسيكون الأمر سيئًا.
“كانت تلك زلّة لسان.”
لكن بما أنه من العائلة، كنتُ قلقةً على سلامة الإمبراطور، لذا تراجعتُ عن كلامي.
وأضفتُ أنه إذا سقط أحدٌ وكُسِر رأسه، فمن الأفضل أن يكون أنا الشابة، وليس هو.
“إذن، الأمر التالي المؤكد هو أن الجنود الذين يتلامسون مع الشبح يعانون من أعراض غريبة لمدة ثلاثة أيام.”
“نعم.”
“ماذا قال الطبيب؟”
“عندما يُصاب الجنود بعد رؤية الشبح، يُنقلون إلى العيادة، يقول الطبيب إنه لا يعرف السبب. لكن يبدو وكأن طاقة أجسادهم قد استنفدت …”
“طاقة الجسد؟”
بدأتُ أشك في أن هناك شيطانًا حقيقيًا ظهر.
حتى الشياطين عُرِف بأنهم انقرضوا منذ العصور القديمة.
لكن مع وجود إيشيد، الوحش الإلهي، لا يمكنني القول إنهم انقرضوا تمامًا.
‘انتظر، الوحش الإلهي؟’
“هل عرضتم الجنود المصابين على طبيبٍ يمتلك طاقةً مقدسة؟”
“لا. عادةً، الأطباء في العيادة الليلية ليس لديهم طاقةٌ مقدسة. قسم المعبد يكون قد غادر بالفعل.”
في ذلك التوقيت، يكون الجميع قد غادروا، لذا يتم تعيين أطباءٍ يمكنهم تقديم إسعافاتٍ أوليةٍ فقط.
بينما كنا نتحدّث، بدأت خيوط حلّ لغز الشبح تتضح.
أعراض الجنود تشبه إلى حدٍّ ما أعراض استنفاد الطاقة المقدسة. بالطبع، لا تشمل الهلوسة …
لكن الهلوسة قد تكون ناتجةً عن الخوف.
“هل اكتشفتِ شيئًا؟”
“تقريبًا؟”
بسبب إجابتي المرحة، بدا قائد الحرص مندهشًا للغاية.
عندما سألني على الفور ما هو، هززتُ رأسي، قائلةً إن الوقت لم يحن بعد لإخباره.
إذا كان ما أتوقّعه صحيحًا، وإذا كان هذا وحشًا إلهيًا حقًا…
فهذا يعني أن وحشًا إلهيًا جديدًا ظهر، رغم أننا كنا نظن أن هناك واحدًا فقط في العالم.
هذا لم يحدث في القصة الأصلية، لذا كنتُ قلقةً بعض الشيء، لكن تأكيد وجوده كان أولوية.
“فيل.”
“أنا أرفض تمامًا!”
لقد ناديتُه باسمه فقط، لكن فيل الذكي رفض على الفور.
ثم، كأنه خائفٌ من أن أقول المزيد، حمل الأوراق واختفى من غرفة الاستشارات.
ابتسمتُ بشكلٍ ساخرٍ عند رؤيته.
لا بأس. على أيّ حال، لا يمكن الكشف عن وجود الوحش الإلهي لعامة الناس.
إذن، الخيار الوحيد المتبقي هو إيشيد، الذي لا يمانع إذا عُرِف أنه وحشٌ إلهي.
في النهاية، عدنا إلى إيشيد مرّةً أخرى.
لكن في هذه الحالة، لم يكن لديّ خيار، لذا نهضتُ لطلب مساعدة إيشيد.
***
غربت الشمس، وحلّ الظلام الدامس.
دينغ، دينغ.
عندما حانت الساعة التاسعة تمامًا، رن الجرس في قاعة القصر الرئيسي.
انطلقنا أنا وإيشيد للتحقيق في الشبح، متّجهين نحو السلالم اليسرى في الطابق الأول من القصر الرئيسي، كما أخبرنا قائد الحرس.
“إنه مكانٌ موحشٌ حقًا، بيئةٌ مثاليةٌ لظهور شبح.”
“هل تشعرين بالبرد؟”
“الجو باردٌ قليلًا.”
عندها خلع إيشيد سترته ووضعها على كتفي.
كانت دافئةً لأنه كان يرتديها للتوّ، وتحمل حرارة جسمه.
أعجبني أيضًا عطره الخفيف الذي تفوح منه.
وضعتُ أنفي عليها لا إراديًّا واستنشقتُ الرائحة، ثم رفعتُ رأسي فجأة.
‘أرجو أنه لم يرني.’
نظرتُ خلسةً إلى إيشيد، لكنه كان ينظر إلى الأمام. شعرتُ
بالارتياح، وتمسّكتُ بقوّةٍ بمنطقي حتى لا أكرّر هذا السلوك السخيف.
وأخيرًا، عندما وصلنا إلى المكان المشكوك فيه…
[إلى أين أنتَ ذاهب؟]
سمعنا صوت الإشاعة يخاطبنا.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات لهذا الفصل " 71"