كان صوته رتيبًا كالورقة التي تتحرّك ببطء.
في إمبراطورية كنتري، كان هناك أيامٌ تصبح باردةً فجأةً خلال الصيف، وتُسمى تلك الفترة ‘مهرجان المياه’.
لم يتبقَّ سوى شهرٍ واحدٍ حتى المهرجان.
رمشتُ عيناي تلقائيًا عند سماع الكلام المفاجئ.
“حفل زفاف، لمَن…”
اختنق صوتي ولم أستطع إكمال الجملة.
ولكن ما الفائدة من السؤال؟ بالطبع كان يقصد زفافي أنا وإيشيد.
في نهاية الأسبوع، سمعتُ الإشاعات عن الزفاف من السير ثالتوس، لذا فهمتُ الموقف بسرعة.
طرح جلالته عدّة أسبابٍ لرغبته في زواجنا. بسبب نظرة الناس وتأثيرنا على النبلاء العازبين.
كانت النتيجة أنه إذا غادرتُ منزل دوق أستريا، فلن أضطر للزواج.
‘لكني وعدتُ أن أبقى بجانبه حتى يتم القبض على الساحر الذي يستخدم السحر الأسود.’
لم يحرز التحقيق أيّ تقدم. ربما كان مصدر معلومات أورغون يجوب السهول الزرقاء الآن.
“سأفكّر … سأفكّر في الأمر.”
نظر إليّ جلالته وكأنه يقول ‘ماذا هناك لتفكّري فيه؟’ لكنه يكلّف نفسه عناء إضافة أيّ شيء.
“نعم، إنه زفافكِ. عندما تقرّرين، أخبريني. سنقيم حفل زفافٍ فاخرٍ يثير حسد الجميع.”
كانت كلماته خدمةً أردتُ رفضها بشدّة.
غادرتُ المكتب بوجهٍ عابس.
‘الزواج، الزواج… ‘
كان لديّ أسبابٌ واضحةٌ للرفض، وطريقةٌ للرفض، وحلٌّ بسيطٌ لكبح الإشاعات.
‘لكن لماذا لا أرغب في الرفض؟’
لا يمكن أن يكون ذلك فقط بسبب الوعد في الليلة المقمرة. وجهه الذي ظلّ يخطر في ذهني جعل مشاعري مضطربة.
«أصبحتُ جسداً لا يستطيع العيش دونكِ.»
كيف يمكنه قول كلماتٍ مُحرِجةٍ كهذه بكلّ برود؟
«تصبحين على خير.»
كان دائمًا يهمس بها قبل النوم، مما يجعلني أرتجف من حلاوتها.
الأهم من ذلك، إذا غادرتُ منزل الدوق، سأفتقد غرفة نوم إيشيد أكثر من أيّ شيء.
غرفته، التي تشبه الاستلقاء في حقلٍ تحت أشعة الشمس الدافئة، كانت المكان المفضّل لي في القصر.
كما أن وجود شخصٍ بجانبي كان مريحًا.
“آه… حقًا…”
تنهّدت. من السخيف أن أجد كلّ هذه الأسباب للبقاء.
كل هذا بسبب إيشيد الذي يقلب مشاعري رأسًا على عقب.
ومع ذلك، لم أستطع كرهه، بل شعرتُ أنني أقع تحت سحره شيئًا فشيئًا.
وفي هذه اللحظة، ظهر إيشيد أمامي الآن. نظرتُ إليه باستياء، بدا أنه عائدٌ من ساحة التدريب.
“شاتيريان؟”
ارتفع حاجباه المرتّبان عند رؤية نظريتي غير الوديّة. هززتُ رأسي.
“هل تريد التنزّه قليلاً؟”
“بالتأكيد.”
اتّجهنا معًا إلى الحديقة. كانت الحديقة، التي يتمّ العناية بها في الصيف، مشهدًا جميلاً يستحق المشاهدة.
لم أستغرق وقتًا طويلاً في التفكير. كنتُ قد اتخذتُ قراري بالفعل.
زواجٌ تعاقديٌّ بدافع الضرورة.
بعد تردّدٍ بسيط، قلتُ.
“إيشيد، أعتقد أنني سأتزوّجك.”
كان عرض زواجٍ مفاجئًا، بلا رومانسيّةٍ أو أجواء مناسبة.
توقّف إيشيد فجأة، فتوقّفتُ أنا أيضًا ونظرتُ إليه.
“لكن بشرط؛ عندما أطلب الطلاق، ستوافق على الفور. أو عندما نُلقي القبض على الساحر الأسود ونُزيل اللعنة، سننفصل. زواجٌ مؤقت. عندما تنتهي غايتنا، سننفصل.”
بعد أن ينتهي كلّ شيء، لن يكون هذا الزواج سوى عقدٍ لم يعد ضروريًا، قيدٌ على بعضنا البعض.
إذا رفض إيشيد، فلا مشكلة. سأشاركه قوّتي المقدّسة بطريقةٍ غير مريحةٍ أكثر من الآن.
سأضطرّ لزيارة مكتب قائد الفرسان يوميًا، وسينتشر الكلام، وستتعقّد الأمور …
ماذا سأفعل في ليالي اكتمال القمر؟
بينما كنتُ أفكر، ابتسم إيشيد ابتسامةً نادرة.
“أنا موافق.”
كنتُ أعرف أنه لن يرفض. فهو الذي أعلن أنه سيجعلني أرغب في الزواج منه.
“لكن لي شرطٌ أيضًا.”
“ما هو؟”
“ألّا تغادري دون إخباري.”
“ماذا؟”
كان شرطًا غريبًا. كنتُ أتوقع أن يقول أنه لن يقبل الطلاق أبدًا، لكنه فاجأني.
“بالنسبة لي، الزواج بين البشر ليس ذا معنًى كبير. إنه فقط ذريعةٌ لأكون بجانبكِ أكثر. لذا إذا قرّرتِ المغادرة في المستقبل، يجب أن تخبريني.”
‘آه… لقد تورّطت.’
سال عرقٌ باردٌ على ظهري. لقد قرأ خططي المستقبلية وأمسكَ بي بسهولة.
لم يكن هناك مفرّ، واضطررتُ للقبول بينما أنا على وشك البكاء.
‘يا له من إحساسٍ مزعجٍ بالمسؤولية.’
ندمتُ على عدم تجاهل الأمر، لكن الفرصة قد فاتت.
انتقلنا إلى مكانٍ آخر لوضع عقدٍ مفصّلٍ لحياةٍ أكثر رفاهية.
اتفقنا على إضافة شروطٍ لكلٍّ منا، وعندما تبادلنا الأوراق، كانت شروط إيشيد فقط ما ذكره سابقًا.
على عكس قائمتي التي احتوت على أكثر من عشر نقاط.
“هاه؟ لماذا لم تكتب المزيد؟”
“لأني مستعدٌّ لتلبية أيّ شيءٍ تريدينه.”
“……”
حاولتُ إخفاء وجهي المحمرّ قليلاً وتصرّفتُ بفظاظة.
دفعتُ الورقة نحو إيشيد، الذي كان يتحدّث هراءً، وقلتُ له أن يكفّ عن الكلام الفارغ وأن ينظر إلى شروطي.
كانت شروطي بسيطةً للغاية، لكنها كانت سخيفةً أيضًا.
الالتزام بموعد الطلاق، منع الاتصال الجسدي إلّا بالإمساك بالأيدي، عدم التدخّل في الحياة الخاصّة، عدم التظاهر بالحميمية في الأماكن العامة، إلخ …
وبينما كان يقرأ، أضاف بندًا جديدًا.
2. ممنوعٌ النوم في غرفٍ منفصلةٍ تحت أيّ ظرفٍ كان.
“سأقبل بكلّ شروطكِ، لذا فهذا ليس شيئًا كثيرًا.”
“حسنًا… موافقة.”
كنّا نستخدم نفس السرير بالفعل، لذا لم يكن هذا شرطاً سيئًا. هززتُ كتفيّ ووافقت.
‘لم أتخيّل أبدًا أنني سأتزوّج إيشيد.’
حتى لو كان زواجًا تعاقديًا بلا حب.
“ولنُضِف شيئًا أخيرًا. كلّ هذه الشروط قابلةٌ للتعديل حسب الظروف.”
“حسنًا.”
بعد التوقيع، شعرتُ بأن الحياة ستحمل مفاجآتٍ غير متوقعة.
“اقترح جلالته إقامة الحفل خلال مهرجان الماء.”
“حسنًا.”
“لنُقِمه بأبسط طريقةٍ ممكنة. لا أحبّ الحشود.”
“لكِ ذلك.”
“وشهر العسل … كبير ..”
فجأة، انفجرتُ ضاحكة. كان من المُضحك كيف كنا نُخطط لحفل زفافنا بشكلٍ طبيعي.
نظر إليّ إيشيد باستغراب، فهززتُ رأسي له.
“لماذا يسير الأمر بهذه البساطة؟”
سارت الأمور بسلاسةٍ دون أيّ عقبات. على الرغم من أن ذلك كان في الغالب بسبب موقف إيشيد ‘افعلي ما تشائين’.
“شهر العسل… إنها إجازةٌ قانونية، لذا دعنا نذهب. سيكون من الخسارة عدم الاستفادة منها.”
“حسنًا.”
“إذن، اعتني بي من فضلك.”
“نعم.”
صافحتُ يد إيشيد الكبيرة.
كنا متوافقين أكثر مما توقعت، لذا ستكون علاقتنا جيدة.
***
خبرٌ عاجل: زواج دوق أستريا والأميرة شاتيريان! الزفاف خلال مهرجان الماء!
كان خبر زواج العائلتين الدوقيّتين هو العناوين الرئيسية في الصحف الصباحية.
بينما كان البعض غير مهتم، كان آخرون متحمّسين، بينما انتقد البعض هذا الزواج المبالغ فيه.
طوّى فيل الصحيفة الصفراء التي أحضرها إلى العمل وألقى بها بعيدًا، وهو يتحدّث إلى المقاوِل الذي أحضره سِيد آرتوريتو.
“المبنى رخيص … لكن أليس بعيدًا جدًا؟”
كان رخيصًا، لكنه مبنًى سأضطرّ لإنفاق كلّ مدخراتي لشرائه.
“لا يهم. سيكون هذا المبنى مخصّصًا بشكلٍ أساسيٍّ للطلبات الخارجية بدلًا من تناول الطعام في المطعم. لذا، سيكون نصف الطابق الأول لعرض المنتجات والتخفيضات، والباقي للاستمتاع بالشاي والحلوى. يجب تزيين الطابق الثاني كمساحةٍ خاصّةٍ وأنيقة.”
“إذن، يجب أن يكون ورق الحائط بهذا اللون، والأرضية هكذا …”
فهم المقاوِل النبيه ما أريده فور أن قلتُه.
على عكس ما كنتُ أتوقع، كان سِيد آرتوريتو سريعًا ودقيقًا في إنجاز العمل. وكان دفتر المصروفات الضرورية دقيقًا أيضًا.
كما هو متوقّع، لا شيء مؤكّدٌ كالأرقام.
“امم… سمّو الأميرة”
كان جالسًا على الطاولة التي غادرها المقاوِل المتحمّس أولًا، قائلًا إنه سيبحث بسرعةٍ عن المواد.
ناداني سِيد، الذي قال إنه سيشرب ما تبقّى من الشاي ويغادر، بهدوءٍ وهو يعبث بفنجان الشاي الذي برد قليلًا.
همم، أعرف ما هي هذه الأجواء. نظرتُ إلى سِيد، الذي كان متردّداً وهو يشرب الشاي.
“هل ستتزوّجين الدوق حقًا؟”
“همم. سِيد آرتوريتو، دعني أسألكَ سؤالاً. هل لديكَ مشاعر تجاهي؟”
جفل سِيد. كانت عيناه ترتعشان بشدّة.
“من الأفضل أن تفكّر جيداً قبل أن تجيب. وإلا فسأطردك.”
بما أنه
قد أُصِبتُ بلسعةٍ بالفعل، فمن الأفضل لصحّتي أن أقطع البراعم الفاسدة مسبقاً.
بعد برهة، هزّ سِيد رأسه ببطء.
“… الأمر ليس كذلك.”
“همم؟ إذن؟”
“أنا أحترمكِ فقط، سموّ الأميرة.”
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات لهذا الفصل " 46"