***
“جلالتك، معدل الطلاق بين النبلاء قد ارتفع بنسبة 40% بالفعل.”
“الزواج بين النبلاء هو اتفاقٌ بين العائلات، كيف ينفصلون بهذه السهولة بسبب مشاعر شخصية؟ تسك تسك.”
“جلالتك، معظم العائلات النبيلة التي تمّ الطلاق بينهما تلقّوا استشارةً من ‘غرفة استشارات الشكاوى’ قبل اتخاذ ذلك القرار.”
“ماذا! أليس ذلك المكان هو المشكلة؟ ألا يشجّعون على الطلاق بهذا الشكل؟!”
انتشرت أصوات الغضب من كلّ مكان، وتجعّد جبين الإمبراطور كما لو كان يعاني من صداع.
عندما ظهر أن المسؤول عن تلك الغرفة هو شاتيريان ميليس، بدأ الهمس ينتشر “أهي الأميرة مرّةً أخرى؟”
“هل هذا كلّ شيء؟ هل تعلمون أن الشباب والفتيات في الإمبراطورية بدأوا يتّخذون اتجاه العيش معًا قبل الزواج هذه الأيام؟”
“بحق خالق السماء! كيف يجرؤون على فعل شيءٍ بهذه الوقاحة!”
“من سيكون السبب غير النبلاء الذين يجب أن يكونوا قدوةً للآخرين! خصوصًا عندما تكون فتاةٌ تدخل وتخرج من مقر الدوق دون مراعاةٍ للمظهر اللائق…!”
“صمتًا!”
هزّ صراخ الامبراطور قاعة الاجتماعات. أغلق النبلاء الذين كانوا يثرثرون أفواههم تحت ضغط غضب الإمبراطور.
“كيف يكون هذا خطأ الأميرة وحدها؟! حتى التصفيق يحتاج ليدين اثنتين! هذا هو السبب في أنكم تسمعون كلامًا عن الشيخوخة! اخرجوا من هنا! لا أريد رؤيتكم حتى في الاجتماعات القادمة!”
ثم أمر بطردهم مباشرة. لم يستطع الوزير الذي تلقّى الأمر حتى الرد قبل أن يُجَرّ خارجًا من قبل الفرسان.
“ماركيز، ما هي أسباب الطلاق؟”
سأل الإمبراطور وهو يفرك صدغيه. أبلغه ماركيز ليشيست، الذي كان يشغل منصب رئيس البلاط الإمبراطوري.
خيانةٌ زوجيّة، إهمالٌ عائلي، إساءةٌ لفظية، اعتداء، نزاعٌ عائلي. حياة الزوج أو موته مجهولة، خلافٌ مع أسلافه المباشرين، وأسبابٌ أخرى.
بوم!
ضرب الإمبراطور ذراع الكرسي بقوّة.
“أترون أن هذه ليست أسبابًا مشروعةً للطلاق؟ إذن، هل تقولون إن المحكمة الملكية والمعبد أصدرا أحكامًا خاطئة؟!”
“لـ لا… بالطبع لا…”
تحت وطأة الصوت العالي، بدأ الوزراء الذين كانوا يتحدّثون بكثرةٍ يرتجفون ويلتفّتون حولهم بحذر.
“حسنًا، جلالتك، بغض النظر عن المشكلات الأخرى، فإن كون الأميرة شاتيريان ميليس، التي لم تتزوّج بعد، تتردّد يوميًا على مقرّ دوق أستريا، هو أمرٌ غير لائقٍ وفقًا للتقاليد الإمبراطورية.”
لم يكن هناك شخصٌ في الإمبراطورية لا يعرف عن علاقتهما، لكن التردّد اليومي على مقرّ الدوق والعيش هناك كان قضيةً مختلفة.
لم يستطع الإمبراطور الاعتراض، فقد كان يشعر بهذه المشكلة أيضًا، فأومأ موافقًا.
“سأتولّى الأمر بنفسي.”
لم يكن هناك وقتٌ للتأجيل أو التردّد. كان يجب على العائلتين التوصّل إلى اتفاقٍ سريع.
***
بعد تأسيس وزارة الرعاية، تم توزيع أوّل منحةٍ على العامة. لم تكن النتائج واضحةً بعد، لكن القليل من المال فتح باب الأمل للفقراء.
بعض الناس لم يعودوا جائعين، أو طُرِدوا من منازلهم، أو أُلقي القبض عليهم بسبب السرقة، أو تعرّضوا للضرب حتى الموت.
لقد أصبحت نقودًا قليلةً تنقذ حياة البعض.
كانت أكبر ميزانيةٍ لوزارة الرعاية مخصّصةً لدار الأيتام.
بمجرّد أن تولّت سيفجي لوتشي منصب وزيرة الرعاية، اشترت قطعة أرضٍ كبيرةٍ بمبنًى قديمٍ وأنشأت دار رعاية.
تم اختيار الموظفين بعناية، وكان هناك الكثير من العمل، لدرجة أن وقت النوم أصبح نادرًا.
رغم ذلك، كانت سيفجي أكثر حيويةً من أيّ وقتٍ مضى. كانت ممتنةً لشاتيريان التي ساعدت في إنشاء هذا المكان.
في حقلٍ صيفيٍ تحرقه شمس الظهيرة، كان الأطفال يجرون دون أن يشعروا بالحرارة.
تحت ظلّ شجرةٍ في زاوية الحقل، كانت شاتيريان تجلس بكل استرخاء.
وضعت سيفجي أمامها كوبًا من الماء البارد وبعض الكعك، ثم سألت.
“سمعتُ أنكِ مشغولةٌ هذه الأيام، شكرًا لتخصيص وقتٍ لزيارتنا، سموّ الاميرة.”
“لقد جئت لأتسكّع فقط.”
كان ردّها متكاسلًا. بينما كانت تشرب الماء، لم تفارق عيناها الأطفال.
“سموّ الاميرة، شكرًا لكِ. بفضلكِ، أصبح لهؤلاء الأطفال مأوًى دافئ.”
“الفضل يعود لكِ أنتِ، وزيرة الرعاية، التي لم تتخلَّ عنهم. الآن يمكنكِ تربيتهم بأموال الإمبراطورية.”
“هاها، لو سمع أحدهم ذلك، لظن أننا نختلس الأموال.”
“إذا كانت الأموال تُسرَق لمكانٍ كهذا، فسأغضّ الطرف عن ذلك بكلّ سرور.”
أضافت بهدوء، قائلةً إن الأموال التي تذهب إلى مكانٍ كهذا مُرَحَّبٌ بها بصدرٍ رحب. ظلت سيفجي تحدّق في الأميرة لفترةٍ طويلة.
كانت شاتيريان هي مَن اقترحت إنشاء وزارة الرعاية، لكن بعد التنفيذ، اختفى اسمها، بينما انتشر اسم عائلة الدوق ميليس التي تبرّعت بأموالٍ ضخمة، واسم دوق أستريا الذي رشّح سيفجي لمنصب الوزيرة.
لم تعترض الأميرة أو تشتكي، وكأنها هي مَن أرادت إخفاء اسمها.
“سيدي الفارس!”
تدحرجت كرةٌ مصنوعةٌ من جلد حيوانٍ محشوٍ بالريش نحو إيشيد، الذي ركلها بقوةٍ تجاه الطفل الذي ناداه.
طارَت الكرة بعيدًا، وتطاير الريش التي خرج منها.
حدّق الجميع في الكرة وهي تبتعد.
‘هل هذا هو كلّ ما يعرفه هذا الأحمق عن اللعب؟’
كانت هذه المرة الثالثة اليوم. ركض ثالتوس لالتقاط الكرة بينما اشتكى الأطفال.
بدا أن إيشيد قد طُرِد من اللعبة، فعاد إلى الطاولة بخطواتٍ بطيئة.
رغم الجري تحت الشمس الحارقة، لم تظهر قطرة عرقٍ واحدةٍ على وجهه النظيف.
شرب الماء بهدوء، بينما تسرّبت قطرةٌ من زاوية فمه إلى حلقه.
“أيها القائد، هل لديكَ مشاكل … في استخدام جسدكَ بشكلٍ صحيح؟”
“…!”
“آه…!”
كانت تنوي مضايقة إيشيد، لكن سيفجي من أصيبت بالذعر بدلًا منه.
‘هل … هذه تلك النكات الليلية التي يتشاركها الأصدقاء المقرّبون؟’
كانت سيفجي أمًا لطفلين، لكنها لم تكن تمتلك أصدقاء مقرّبين، فأحمرَّ وجهها بينما التفتت حولها خجلًا.
لكن هلّ لا بأس بذكر هذا نوع الحديث أمام شخصٍ آخر؟
‘لماذا احمرّ وجهها؟’
لم تفهم شاتيريان سبب احمرار وجهها. أضافت وهي تنظر إلى سيفجي باستغراب.
“أقصد أنه لا يعرف أيّ رياضةٍ غير المبارزة.”
“آه…”
‘كنتُ أظن…’
تذكّرت سيفجي الإشاعات التي سمعتها في القصر مؤخرًا، ودارت عيناها.
عاد ثالتوس الذي ذهب لإحضار الكرة، وشرب الماء بعطش.
كان عنقه وحلقه كبيرًا بشكلٍ ملحوظ.
كان الفارس ثالتوس ضخمًا في كلّ شيء. طوله، بنيته الجمسية، صوته، وحتى شجاعته.
ابتعدت شاتيريان قليلًا خوفًا من رشقات العرق.
“هااه!”
لعق ثالتوس شفتيه كما لو كان يندم على شرب الماء كالكحول. ولتهدئة ندمه، التقط بسكويتةً ومضغها.
“بالمناسبة، متى سيكون حفل الزفاف؟”
بدت شاتيريان مذهولةً من افتراض أنهما سيتزوّجان.
“ما هذا الهراء؟”
“انتشرن الشائعات بالفعل في أرجاء القصر. يقولون أنكما ستتزوّجان قريبًا. هاها!”
لم يكن الوقت المناسب للضحك. تمنّت سيفجي أن يقرأ الفارس الجاهل الجو قليلًا.
أوقف إيشيد شاتيريان المنفعل بهدوء، بينما ابتعد ثالتوس بسرعة متجنّبًا غضبها.
كانت الإشاعات عن الأميرة مبالغًا فيها، لكنها لم تكن كاذبة تمامًت.
لم تكن شخصيتها سيئةً تمامًا، لكنها لم تكن جيدةً بما يكفي.
علاقتها مع الدوق لم تكن سيئة، لكنها لم تكن جيدةً بما يكفي.
أما إشاعة وقوع الدوق والأميرة في الحب فهي كانت …
حبٌ من طرفٍ واحد. أو ربما توددٌ من طرفٍ واحد.
“بما أنه حفل زفافٍ لشخصٍ ثريٍ في الإمبراطورية، سيكون هناك نبيذٌ فاخرٌ أليس كذلك…”
“لن يكون هناك زفاف! وإذا حدث، فلن تُدعَى إليه!”
“أوه! كيف تقولين شيئًا قاسيًا كهذا! هل نسيتِ كيف تعاونّا معًا في دار المزاد؟”
لم تستطع شاتيريان تحمّل وجهه الضاحك، فثار غضبها وبدأت بالقفز في المكان.
انضم الأطفال إلى مطاردة الكبار، ونسيت شاتيريان حرّ الشمس بينما غرقت في الضحك.
***
عادت أيام العمل الروتينية كعجلة هامستر.
ساد الصمت في مكتب الإمبراطور، الذي استُدعيتُ إليه فور وصولي.
بعد انشغال الإمبراطور في معالجة الأوراق، ألقى قنبلةً موقوتةً
بكلّ هدوء.
“من الأفضل أن تعقدا الزواج في أسرع وقتٍ ممكن. قد يكون الأمر مبكّرًا قليلًا… لكن ماذا عن إقامته خلال مهرجان المياه؟”
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات لهذا الفصل " 45"