كان المكان الذي مكثنا فيه لفترةٍ قصيرةٍ معبدًا لإلهة الرحمة.
في الصباح الباكر، ذهبتُ إلى الكاهن في غرفة الصلاة وتلقّيتُ علاجًا بالقوّة المقدّسة.
بعد أن فحصني الكاهن لفترةٍ باستخدام القوّة المقدسة، رفع يديه المتشابكتين وقال.
“لا يوجد شيءٌ سيئٌ بشكلٍ خاص.”
“بشكلٍ خاص؟ إذن هناك شيءٌ سيئٌ عادي؟”
كان إيشيد هو مَن طرح السؤال، بوجهٍ جادٍّ للغاية، واستفسر عن حالتي بتعمّق.
“حسنًا. … هذا شيءٌ أشعر به لأوّل مرّة، لذا من الصعب أن أشرحه بدقّة.”
وضع الكاهن كفّه فوق ظهر يده مرّةٌ أخرى واستمر.
“عندما أحقن القوّة المقدسة، أشعر فجأةً بحاجزٍ يعترض طريقها. كأن هناك شيئًا يمنع تدفّق القوّة. يشبه ذلك شعور حقن القوّة المقدّسة قسرًا في شخصٍ لا يمتلكها، لكنه مختلف.”
“هل هذا سيئ؟”
“لا، ليس بالضرورة. يعني ذلك أنكِ لا تشبهين مَن يمتلكون القوّة المقدسة، لكنه ليس أمرًا سيئًا. هناك أشخاصٌ نادرون يمتلكون القوّة المقدّسة لكن تقلّ لديهم قابلية الانسجام معها.”
نهض الكاهن وقال.
“لذا، لا يوجد شيءٌ سيئٌ بشكلٍ خاص.”
حسنًا، طالما أنه ليس سيئًا، فلا مشكلة. حتى لو ظهرت فجأة، فلا حاجة لي بالقوّة المقدسة في أيّ مكان.
‘باستثناء مكانٍ واحد.’
نظرتُ إلى إيشيد الذي نهض باتّباع الكاهن. مدّ يده لي وقال.
“لنعُد الآن.”
حتى دون أن يتكلّم، عرفتُ أن وجهتنا هي قصر دوق أستريا.
تمتمتُ بأنني لستُ بحاجةٍ للمساعدة، لكنني أمسكتُ بيده ونهضت. تجاهلتُ ابتسامته الخفيفة وحيّيتُ الكاهن.
“لتكن رحمة الإلهة معك.”
تلقّيتُ بركته وركبتُ العربة متّجهةً إلى قصر دوق أستريا.
حصلنا أنا وإيشيد على إجازةٍ بذريعة النقاهة. أنا بسبب ضعفي الجسدي والنفسي، وإيشيد بسبب جرحٍ في جانبه.
لكن إيشيد الدؤوب قرّر متابعة عمله في القصر، لذا كنتُ الوحيدة التي تتمتّع براحةٍ كاملة.
رفضتُ حتى زيارة أختي المُفاجِئة، وأرسلتُ ردًّا مهذّبًا على رسالة الإمبراطور التي أظهرت ندمه على إرسالي إلى هناك.
لكن لم أستطع تجنّب أورغون الذي كان واقفًا بانتظارنا أمام القصر.
في غرفة الاستقبال الخانقة، كان الجوّ باردًا كنظرات أورغون الجليدية.
وضع أورغون فنجان الشاي بقوّةٍ وزاد من حدّة نظراته الحادة.
“ألهذا طلبتِ مني البقاء في المعبد لفترةٍ أطول؟”
تجمّدتُ في مكاني. حاولتُ أن أدفِّئ نفسي بشايٍ ساخن.
“لو علمتُ ذلك، لما سمحتُ لكِ بالذهاب. وحقيقة أنكِ ذكرتُ أبقى مع أنيلا… يبدو أن الخطة كانت خطف أنيلا، لكن غوستو ظهر فاختطفوكِ بدلًا منها؟”
لقد توصّل إلى الإجابة بسرعةٍ ودقّةٍ دون أيّ تلميحات.
“والسبب وراء خطف أنيلا هو بالتأكيد القوّة المقدسة.”
“آه، يالذكا -… أعتذر.”
تحت نظراته الحادة، انكمشتُ وبترتُ جملتي وعاطفتُه بعينين متوسّلتين.
حتى لو كان هناك الكثير من حاملي القوّة المقدّسة في الإمبراطورية، تظلّ القوّة القويّة والنقيّة نادرة.
كلمةٌ من شخصٍ كهذا تحمل بركة، والأشياء التي يلمسها تكتسب قوّةً غامضة.
أطلق أورغون تنهيدةً وأمطرني بوابلٍ من التوبيخ.
“لماذا تتصرّفين بتهوّرٍ هكذا؟ ماذا لو حدث شيءٌ سيئ؟”
“لم أتوقع ظهور غوستو أڤيديتا….”
“حتى لو لم يظهر، ماذا كنتِ ستفعلين لو ذهبتِ هناك؟”
مع ذلك، كنتُ مفيدة. بفضل تذكّر النص الأصلي، وجدتُ مكان المزاد بسرعةٍ واكتشفتُ الغرفة المخفية.
“لقد أدركتُ الأمر هذه المرّة. ربما أتعلّم فنون القتال … من إيشيد.”
“… من قائد الفرسان؟”
“نعم. لذا قرّرتُ البقاء هنا.”
“… أنتِ؟”
بدا أورغون في صدمة.
حسنًا، هذا متوقّع. فكرة أن أتعلم شيئًا من إيشيد بالذات كانت بعيدةً عن التصوّر.
“ولكن هل تحتاجين للبقاء إلى القصر لتعلّم ذلك؟”
“نعم. أريد التعلّم دون أن يراني الآخرون.”
لديّ كبريائي أيضًا.
بكلّ الأحوال، كلّ هذا تقرّر بشكلٍ عابر، وقصر أستريا كان المكان المثالي لأنه لا يوجد فيه خدمٍ باستثناء كبير الخدم والطاهي وخادمتين.
“إذا كنتِ مُصِرّة…”
بدا أن أورغون قرّر التوقّف عن التوبيخ وأخذ نفسًا عميقًا.
نظر إليّ ثم طرح الموضوع الأهم.
“لقد ظهرت نتائج التحقيق في خلفية غوستو أڤيديتا.”
“أخيرًا؟”
أخذ الأمر وقتًا طويلًا. خاصّةً بعد موت غوستو.
“هل يمكنني سماعها؟”
“نعم، لا مشكلة.”
استندتُ إلى الأريكة لأسمع عمّا فعله بعد ترك الأكاديمية.
“في أراضي عائلة أڤيديتا، لم يكن هناك أحد. عندما ذهبوا إلى القصر، وجدوا هياكل عظمية في كلّ مكان.”
“…!”
“عندما سألوا عن سكّان المنطقة، كانت الإجابات متشابهة ‘بعد أن ترك السيد الشاب الأكاديمية وعاد، أصيب بالجنون وأكل الجميع’.”
“أكلهم؟”
“بعد التحقيق، لم نجد آثارًا لأكل اللحم. ربما كان تخيّلًا من الناس المرعوبين. الأرجح أنه استخدمهم كقرابين للسحر الأسود. لم نكتشف نوع السحر.”
عُدنا إلى نقطة الصفر. بما أن ساحر السحر الأسود مات، لا يمكن سؤاله.
“لم نعثر على شيءٍ هنا. ماذا عن جهتك؟”
أدار أورغون رأسه ناحية إيشيد الذي هزّ رأسه.
“لا يوجد فرقٌ هنا أيضًا. قبضنا على ساحرٍ واحدٍ وأربعةٌ من ممارسي السحر الأسود، لكن لا صلة لهم بغوستو أڤيديتا.”
“إذن ظهور غوستو أڤيديتا هناك كان مجرّد صدفة…”
لكنها صدفةٌ غريبة. في صمت غرفة الاستقبال، التقت عيناي بإيشيد.
نظر إليّ دون أن يرمش، لا أعرف إن كان يفكّر أو يتحدّاني فقط، فعبست.
“أورغون، أريدكَ أن تجد … جثة.”
ليس جسد شخصٍ حي، بل جثّة. فقط إيشيد مَن يمكنه أن يطلب مثل هذا الطلب الغريب بهذه البراءة والهدوء.
“من …؟”
“جثّة ساحرٍ أسود مات قبل 500 … لا، 300 عام.”
في تلك اللحظة …
[كانت علاقةً شريرةً استمرّت 500 عام. مرّةً بعد مرّة، عادت هذه العلاقة المعقدّة مع البشر عبر الأجيال.]
«عرفتُ السر ولم أستطع تحمّله… لذا قَبِلتُ روح ساحرٍ مات قبل 300 عام بجسدي كشرط.»
تداخلت كلمات غوستو مع الجمل في ذهني باضطراب.
في النص الأصلي، لم يُذكَر ماضي إيشيد بالتفصيل. بالطبع، فالرواية كانت مشغولةً بقصّة حب أورغون وأنيلا.
‘لهذا لم يكن لديّ ما يفيدني.’
لو لم يكن الأمر كذلك، لكنتُ قد استمتعتُ بحياة الثراء في حياتي السابقة والحالية.
… دعونا نترك الحديث الحزين.
الروح. مثلي كمتناسخةٍ في جسد شاتيريان، ذلك الساحر الأسود مات قبل 500 عام وتناسخ قبل 300 عام. والآن …
‘لا يمكن اعتباره تناسخًا بالكامل.’
قال غوستو إنه قَبِل الروح بجسده كشرط. هذا أقرب إلى التلبّس منه إلى التناسخ، وهو مصطلحٌ يستخدمه وسيطو الحياة السابقة.
يُشار إليه هنا بأنه ‘مسٌّ من الشيطان’. على أيّ حال، هذا لا يحدث فرقًا، فهو روحٌ شريرةٌ متحلّلة.
عندما يتلبس الشيطان أحدًا …
“باسم الحاكم، والإيمان، والنور الذي في الصدور.”
“تيري… منذ متى أصبحتِ مؤمنةً متديّنة؟”
“هذا فقط … إذا آمنت، فربما يحميني شخصٌ ما عندما أكون في خطر.”
بدا أن أورغون لديه الكثير ليقوله، لكن عندما رفعتُ رأسي بوقاحة، أطبق فمه.
على أيّ حال، تابع إيشيد.
“آخر مرّةٍ رأيتُه فيها كانت في صحراء ساها.”
تقع صحراء ساها في شرق دوقية أستريا وهي نهاية إمبراطورية كنتري.
حتى باستخدام بوابة البرج السحري، يستغرق الوصول إليها 25 يومًا على الأقل.
“سيستغرق العثور عليه وقتًا طويلًا. في الصحراء، وقبل 300 عام … لا تتوقّع الكثير.”
“حسنًا.”
شروط البحث صعبةٌ حقًا.
لكن شبكة معلومات أورغون موثوقةٌ أكثر ممّا يتوقّع، لذا يمكن الانتظار.
“الآن، لنتحدّث عن المُحاكمة.”
كأشخاصٍ مشغولين، يتغيٌر موضوع الحديث بسرعة. هذه المرّة، كان موضوع النقاش عن المُحاكمة القادمة.
عندما سمع الإمبراطور عن الجرائم التي حدثت في المزاد، غضب بشدّة.
أمر الإمبراطور بتفتيش العاصمة وإغلاق جميع المزادات غير القانونية واعتقال كلّ النبلاء المتورّطين.
“أحضِرُوا كلّ مَن تورّط في اختطاف شاتيريان الآن!”
في الواقع، كان غضبه موجّهًا بشكلٍ خاطئٍ قليلًا، لكن الهدف النهائي كان نفسه، لذا لم تكن مشكلةً كبي
رة.
بفضل تدخّل الإمبراطور، تم التحقيق بسرعةٍ كبيرة، واعتُقِل المجرمون يوميًا.
حتى الآن، أُغلِقَت عدّة مزادات.
وقريبًا، ستُعقَد مُحاكمةٌ علنيّة.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات لهذا الفصل "35"