* * *
أحسستُ بشخصٍ ما يداعب شعري وأنا بين النوم واليقظة.
كانت يده حذرةً للغاية بينما يمشط خصلات شعري ويدغدغ جبيني.
حتى في نومي، شعرتُ بالدغدغة وضحكتُ دون وعي.
يبدو أن الشخص الآخر ضحك بدوره، وكان صوته الخافت ممتعًا للاستماع إليه.
اليد التي كانت تداعب رأسي برّدت أيضًا وجهي المحموم.
كانت اللمسة دافئة ومريحة لدرجة أنني تمنيتُ ألّا تبتعد أبدًا.
* * *
يبدو أنني غفوتُ بعد أن غادرت أختي.
عندما استيقظتُ مرّةً أخرى، كانت الشمس قد غربت بالفعل.
‘هل زارني أحد؟’
ما زلتُ أشعر بدغدغةٍ باقية على جبيني. شعرتُ كما لو أنني كنتُ أحلم بحلمٍ لا أريد الاستيقاظ منه.
نظرتُ إلى الجانب بقلقٍ ورأيتُ أورغون نائمًا منحنياً على الكرسي بجانب السرير.
‘أكان أورغون هو مَن فعل ذلك؟’
“هاي، أورغون، لماذا تنام بهذه الوضعية؟”
عندما هززتُه ليستيقظ، تذمّر وفتح عينيه. ربما بسبب وضعية نومه غير المريحة، جلس وبدأ بفرك ظهره.
“سمعتُ أنكِ استيقظتِ، لكنكِ عُدتِ للنوم، لكن يبدو أنني نمتُ أيضًا لأنني كنتُ متعبًا جدًا. بالمناسبة، هل أنتِ بخير؟”
“نعم، أنا بخير.”
باستثناء أن ظهري يؤلمني من الاستلقاء طويلًا وجوعي الشديد.
“أنا جائع. سأطلب منهم إحضار الطعام.”
“لا، لنذهب إلى غرفة الطعام. لقد بقيتُ مستلقيةً لفترةٍ طويلةٍ وأشعر بالخمول.”
نهضتُ من السرير وتمططت.
“حسنًا، إذن. آه، بالمناسبة، جلالتُه زاركِ بينما كنتِ نائمة.”
“حقًا؟”
فركتُ جبيني دون سبب.
“وإذا كنتِ تريدين الذهاب لغرفة الطعام، غيّري ملابسكِ أولًا.”
“لماذا؟”
كنتُ أرتدي قميصًا قصيرًا كبيجامة. إنه فستانٌ أنيقٌ يمكن ارتداؤه كبيجامة وملابس يومية لأنه ليس شفافًا.
“ساقيكِ مكشوفتان. غيّري ملابسكِ وسأنتظركِ أمام الغرفة.”
ما المشكلة في أن تكون ساقاي مكشوفتين؟
كان الأمر مزعجًا، لكني شعرتُ أنه سيجبرني على تناول الطعام في الغرفة إذا لم أغيّر ملابسي، فارتديَتُ فستانًا طويلًا عاديًا.
“لقد غيّرتُ ملابسي.”
عندما خرجتُ إلى الرواق، فحص أورغون ملابسي بدقة.
هل الفستان غير ملفتٍ للنظر؟ هل الطول مناسب؟
بعد فحصه لبعض الوقت، أومأ برأسه بعلامة رضا.
“تتدخل حتى في هذا الأمر.”
“هل تعتقدين أننا الوحيدون في قصر ولي العهد؟ أنا من العائلة فلا مشكلة، لكن هذا لا يعني أنه يمكنكِ التصرف كما تشائين أمامي. على أي حال، السيد الشاب بروك هنا، وقائد فرسان إيشيد أيضًا، لذا يجب أن تكوني حذرة.”
“أوه، متذمّر!”
‘نعم، نعم.’
آه! خرجت كلماتي عكس ما كنتُ أفكر.
تجاهلت أورغون الذي فتح عينيه مندهشًا واتجهت إلى غرفة الطعام.
“الرئيسة! سمعتُ أنكِ استيقظتِ. هل أنتِ بخير؟”
“أوه، بروك! نعم، أنا بخير. بالمناسبة، رغم أننا نعيش في نفس المنزل، إلّا أنني أشعر أنني لم أركَ منذ وقتٍ طويل. هل ساقكَ بخير؟”
“أنا سعيدٌ لأنكِ بخير. لقد تعافيتُ وسأتمكن من العودة للعمل غدًا.”
“العمل…”
عندما تذكّرتُ الإجازة التي ضاعت مني، امتلأت عيناي بالدموع مرّةً أخرى.
“ألم تشعر بالملل وأنتَ في القصر فقط؟”
“أنا…”
ظهر احمرارٌ خفيفٌ على وجهه.
نعم، لقد كانت فترة نقاهةٍ سعيدة.
أشارت له ليقترب برأسه قليلاً.
همستُ في أذن بروك بصوتٍ منخفض.
“كيف ستكافئني على ما فعلت؟”
“سأُقوم بأفضل ما لديّ بكلّ إخلاص.”
“جيد. يعجبني ذلك.”
ابتسمتُ برضًا ثم ذهبتُ إلى مقعدي.
سأتناول العشاء بشراهة ثم أنام نومًا عميقًا مرّةً أخرى.
حيّى بروك أورغون الذي دخل غرفة الطعام. رد أورغون على التحية وجلس في مكانه.
“أنتِ هنا؟”
“المتذمّر هنا..”
كان وجهه متجهمًا.
“أغه، أحمق.”
“ماذا؟”
“أوه، هل سمعت؟ كنتُ أتحدّث مع نفسي مجددًا.”
أخرجتُ لساني وابتسمتُ بخبث.
بينما كنتُ أنشر المنديل على ركبتي استعدادًا للعشاء، لاحظتُ غياب أحدهم.
نظرتُ حولي فقال أورغون.
“ذهب قائد الفرسان إلى المعبد مع أنيلا.”
“آه، هل أرسلته كحارسٍ لها؟”
“نعم.”
“هل القديسة بخير؟ سمعتُ أنها سقطت من الشرفة.”
“آه، التقطتُها عند سقوطها، لذا لم تُصَب بأذى.”
“ألم تكن معك؟”
“كانت معي.”
لكنني لم أسأل كيف التقطها وهي تسقط.
‘فمي فقط هو الذي سيتألم …’
عاد إيشيد وأنيلا عندما كنا على وشك الانتهاء من العشاء.
بدت أنيلا متعبة، لكنها ابتسمت فَرِحةً عندما رأتنا.
“لقد أحضرتُها!”
رفعت الصندوق الذي كانت تحمله وفتحته.
“جهاز قياس القوة المقدسة!”
كان بداخله كرة بلورية تستخدم لقياس القوة المقدسة.
يتغيّر لون الكرة وفقًا لمقدار القوة المقدسة.
“لنقيس قوّتكِ المقدسة الآن، آنسة شاتيريان!”
لماذا تقولين ذلك بكلّ هذا الحماس؟
شعرتُ ببعض الإحراج، فنظفتُ فمي بالمنديل ونهضت.
“ما الهدف من قياس قوتي المقدسة؟”
“ماذا؟”
“ما الذي ستفعلينه بالنتيجة؟”
“هـ هذا …”
توسعت حدقات أنيلا بشكلٍ ملحوظ.
لم أقصد إحراجها…
أضفتُ محاولةً الاعتذار.
“عادةً ما يقيسها أولئك الذين سيكونون كهنة، لذا سألت.”
“آه، فهمت.”
أومأت أنيلا بفهم ثم ابتسمت مرّةً أخرى بحماس.
“لكن هذه الأيام توجد وظائف متنوعة. مثلاً، إذا اجتزتِ الامتحان الوطني، يمكنكِ الحصول على ترخيصٍ لتصبحي طبيبةً بالقوة المقدسة.”
“طبيبةٌ بالقوة المقدسة؟ هل تقصدين العلاج بالقوة المقدسة؟”
“نعم. في السابق، كان العلاج متاحًا فقط في المعبد، لكن الآن الكثيرون يمتلكون القوة المقدسة دون أن يكونوا كهنة، وبسبب تنوّع الوظائف، أصبح ذلك ممكنًا. يقال إنها مربحةٌ جدًا. ربما أترك منصبي كقديسة وأفتح عيادة.”
أضافت أنيلا ذلك بطريقةٍ مرحة.
إذا فتحت القديسة عيادة، فستكون ناجحةً جدًا.
‘سمعتُ أنها كنزٌ من المال!’
ربما، فقط ربما …
إذا كانت لديّ قوّةٌ مقدسةٌ مثل أنيلا؟
ستكون تلك فرصة لتأمين مستقبلي والعيش في الريف بسلام!
“سأحاول.”
قدّمت أنيلا الكرة البلورية بسرعة.
أخذتُ نفسًا عميقًا ووضعتُ يدي عليها.
لكن لون الكرة بقي أزرقًا داكنًا.
هل هناك طريقةٌ أخرى؟
رفعتُ رأسي ونظرتُ إلى أنيلا.
“كيف أُدخِل القوة المقدسة؟”
كانت أنيلا تحدّق بي بعيونٍ متلألئةٍ ثم ارتعشت.
ارتجفت عيناها قليلاً.
“آه… هذا، يقال أنها مجرد شعور. مثل، فجأة، تشعرين أن القوة المقدسة تتدفق!”
“……”
ما هذا الكلام الغريب؟
يبدو أنها لا تعرف بالضبط.
“كيف كنتِ تستخدمين القوة المقدسة، أيتها القديسة أنيلا؟”
“أنا فقط … غريزة؟”
نعم. أيتها العبقرية، ابتعدي عني.
نظرتُ إلى أورغون.
“أنا فقط أستخدمها.”
لم يكن مختلفًا.
أما إيشيد… فقد وُلِد وهو يمتلكها، لذا لم أُزِعج نفسي بالنظر إليه.
في النهاية، كان عليّ أن أتعلم بنفسي.
‘تتدفّق القوة المقدسة؟ من أين تتدفق؟’
لا أفهم.
حتى لو كانت لدي قوةٌ مقدسة، لا أعرف كيف أستخدمها.
استمررتُ في العبث بالكرة البلورية حتى غمرني العرق.
“آه، لن أفعل ذلك!”
“انتظري، آنسة شاتيريان! يبدو أن لون الكرة تغيّر قليلاً!”
“ماذا؟”
نظرتُ داخل الكرة بناءً على كلام أنيلا.
لكن لونها كان لا يزال أزرقًا داكنًا.
“هل هذا يعمل حقًا؟”
“نعم!”
“إذن أريني كيف تفعلينها.”
عندما أمسكت أنيلا بالكرة، انبعث منها ضوءٌ أبيض ثم أصبحت شفافة.
يبدو أن القديسة المتدربة مختلفةٌ حقًا …
عندما أزالت يدها، عادت الكرة إلى لونها الأزرق الداكن.
“هكذا تفعلينها!”
‘أسلوبها مزعجٌ بعض الشيء…’
أخذتُ الكرة ببرود.
بعد عناءٍ طويل، لم يتغيّر لون الكرة.
أبعدتُ يدي عنها ورفضتُ الاستمرار.
أنيلا، التي كانت تفكر للحظة وهي تنظر إلي بهذه الطريقة، صاحت فجأة “آه!” وقالت هذا.
“إنها طريقةٌ مؤقتةٌ لاكتشافها … لكن هناك طريقةٌ أخرى لقياس القوة المقدسة.”
“ما هي؟”
“اسمحي لي للحظة، آنسة شاتيريان.”
أمسكت أنيلا وجهي بيديها ونظرت في عيني.
كانت عيناها بنيتين مائلتين إلى الذهب. وشعرها الكثيف يصل إلى خصرها بلونٍ مائي.
عندما ظهرت أنيلا لأول مرة، همس الكهنة.
وكأنهم ينظرون إلى آلهة الرحمة.
حدّقتُ في رموشها الطويلة الكثيفة لفترة.
لكن أليس هذا قريبًا جدًا؟
شعرتُ بالحرج من تنفّسها القريب.
“هذا يكفي.”
تدخّلت يدٌ ترتدي قفازًا أزرق بيننا.
سحبني إيشيد، صاحب اليد، بعيدًا عن أنيلا.
تنفّستُ بعمقٍ بعد أن حبستُ أنفاسي.
‘واه، كاد قلبي يتوقف من الخفقان!’
كنتُ أعرف أنها جميلة، لكن رؤيتها عن قرب جعلتها أكثر جمالاً. هل هذا ما تبدو عليه بطلة الرواية؟
تنهّدتُ نظرتُ إلى الجانب، ولسببٍ ما، كان بروك بأذنين محمرتين، يغطي عينيه.
“ما خطبك؟”
“أنا… أشعر بالخجل…”
نظر إليّ من بين أصابعه ثم غطى وجهه مرة أخرى.
يبدو أن بروك قضى وقتًا طويلاً في قصر ولي العهد. أصبح يشبه أورغون.
‘تسك، تسك. أيّها المسكين، لقد ضحى بحبه وشخصيته.’
“شاتيريان.”
كان صوت إيشيد أعمق من المعتاد. وكان متجهمًا كأنه لا يعجبه شيءٌ ما.
“ماذا؟”
“يجب أن تكوني أكثر حذرًا.”
“أنتَ مَن يحتاج إلى الحذر. جرّب أن تناديني باسمي مجدّدًا.”
“شاتيريان؟”
لم أعني أن تناديني باسمي!
هل سقط هذا الفتى على رأسه في ليلة اكتمال القمر؟
قلتُ، وقد تجعّد.وجعي
“قلتُ لكَ لا تناديني باسمي. نادِني كما تفعل عادة.”
“لكننا تبادلنا القبــ …”
“أرغ!”
قفزتُ على إيشيد في مفاجأة.
اعتقدتُ أنه كان يحاول التحدّث عمّا فعلناه سابقًا، ‘لقد تبادلنا القُبَل حتى’.
“لا تذكُر ذلك مرة أخرى.”
حذّرتُ إيشيد همسًا حتى لا يسمع أحدٌ غيره. بدا عليه الحيرة للحظة، لكنه سرعان ما أومأ برأسه.
“إذن يمكنني مناداتكِ باسمكِ؟”
لقد أخبرتُكَ ألّا تفعل أيًّا منهما …
يبدو أنه فهم أنه يجب اختيار أحدهما.
إذا منعتُه من واحد، فسيقوم بالآخر. كنتُ أكره فكرة ذكره القبلة أكثر من اسمي، لذلك لم يكن أمامي خيارٌ سوى السماح لـإيشيد بمناداة اسمي.
“آه! حسنًا، افعل ما تريد.”
كنتُ منهكةً وأردتُ العودة إلى غرفتي للراحة.
“على أيّ حال، آنسة شاتيريان، شعرتُ أن لديكِ قوّةً مقدسة، لكنها قليلةٌ جدًا.”
ليست قليلةً فحسب، بل قليلةً جدًا.
“إن كنتُ أملك قوّ، فلماذا لا تكون !”
تذمّرتُ من القوة المقدسة غير المفيدة.
“هذا قياسٌ مؤقت… إذا أردتِ معرفة المزيد، هل ترغبين في الذهاب إلى المعبد معي؟”
“آه… لا بأس.”
لا داعي لإهدار طاقتي على قوةٍ قليلة.
“في العادة، يكفي لمس الكرة لتعمل، لكن هذا غريب.”
ربما لأن طاقتي ‘قليلةٌ جدًا’ ولم تستطع الكرة التقاطها.
تجاهلتُ تعليق أنيلا بأنني مختلفة.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات لهذا الفصل "22"