لذا، رغم أنني فهمتُ مشاعره، إلّا أنني لم أستطع استيعاب كيف وصل الأمر إلى هذا الحد.
“أتفهّم شعوركَ بالخسارة تمامًا. لكن لا يتّخذ الجميع خياراتٍ متطرّفةٍ مثلك. لذا، توقّف عن هذا، ماسيتيكي.”
لا يزال هناك أمل. كان علينا إيقافه قبل أن يستعيد الساحر الأسود جسده بالكامل.
ليس من الضروري أن يسير الجميع نحو الدمار.
“ليس عليكَ تدمير العالم. لذا…”
“آه… الأمر ليس فقط لإحياء الساحر الأسود. لقد وعدني بأنه إذا ساعدتُه في العودة، سيُعيد عائلتي إلى الحياة. كما وعدني بقتل الوغد إيشيد.”
“…..!”
تفاجأتُ عندما ذكر وعده بإحياء عائلته الميتة.
فكرتُ مليًا فيما سأقوله، وقلتُ أخيرًا.
“هل تعتقد حقًا أن العائلة التي ستعود بهذه الطريقة ستكون عائلتك الحقيقية؟”
“….!”
اجتاحت البرودة نظرات ماسيتيكي.
“الأجساد التي سيتم إعادة إحيائهم فيها لن تكون أجسادهم الأصلية، وكيف ستتأكد أن الأرواح التي ستعود هي حقًا أرواح عائلتك؟ أرواح عائلتكَ كانت عادية. مثل تلك الأرواح عادةً ما تُعاد ولادتها من جديد.”
مثلي تمامًا.
“لذا، ربما هم الآن يعيشون حياةً جديدة، ناسين كلّ ذكرياتهم، بين أحضان عائلةٍ أخرى.”
ارتجفت عينا ماسيتيكي قليلاً، كما لو أنه اهتزّ من فكرة أن عائلته ربما تكون قد تناسخت.
“أنتِ، ماذا تعرفين؟”
“أنتَ تعرف ذلك بالفعل، أليس كذلك؟ أنني متناسخة، وأن لي تاريخًا مظلمًا مع الساحر الأسود.”
الساحر الأسود الذي قُتل قبل 500 عام على يد إيشيد، الشينسو. ونحن الذين ارتبطنا بهذا الساحر الأسود بطريقةٍ ملعونة.
“وحتى إذا عادوا، هل حقًا سيشكرونكَ على إعادتهم؟ ربما لن يكون لهم حياةٌ أخرى بعد ذلك، لأن هذا خروجٌ عن نظام العالم الطبيعي.”
“كفى…”
“لذا، ماسيتيكي، لا تفعل…”
“توقفي!”
في الوقت الذي صرخ فيه، شعرتُ بشيءٍ يمرّ بجانب خدي. تدفّق الدم.
تألّم ماسيتيكي من مواجهة الحقيقة.
ازدادت طاقة السحر الأسود كثافة، وبدأت الدائرة السحرية تحت قدميه بالتوهّج.
“انتهى وقت النقاش.”
“إذا استيقظ الساحر الأسود، لن ينقذ عائلتك. بل سيكون مشغولًا بتدمير هذا العالم.”
“حقًا؟ لكنكِ قلتِ إن العائلة التي ستعود قد لا تكون عائلتي الحقيقية. إذًا… لا بأس بتدمير هذا العالم.”
“ماسيتيكي!”
أردتُ إيقافه، لكن قدميّ لم تتحرّكان. بدأت طاقة السحر الأسود التي ملأت المذبح تخنق أنفاسي.
“هذه النهاية. كل شيءٍ سينتهي هنا.”
“يجب… أن يكون هناك طريقةٌ أخرى.”
“طريقة؟ لا يوجد. لكن… ربما لو قتلتِ إيشيد بيديكِ، قد أشعر ببعض الراحة.”
أن أقتل إيشيد بيدي؟
نظرتُ إلى إيشيد، الذي كان منعارًا على الأرض، بوجهٍ شاحب.
“هذه فرصتكِ الأخيرة. اقطعي مجرى تنفّس هذا الرجل الآن.”
كان يتحدث كما لو كان يمنحني معروفًا.
“ألستِ متعبةًمن تكرار الموت والولادة؟ لذا، أنهي هذا هنا.”
بسرعة.
اقترب الجسد، الذي لم يكن يتحرّك، من ماسيتيكي، مدفوعًا بالسحر الأسود.
ظلّ أحدهم يهمس في أذني لقتل إيشيد.
إنه صاخب، مزعج …
أثارت الضجة ارتباكي.
شدّدت يدي على السيف كما لو كنتُ سأُنهي حياة إيشيد حقًا.
لم أُرِد فعل هذا، لكن جسدي لم يُطِعني. ارتفعت يدي التي تحمل السيف في الهواء.
«السحر الأسود يخدع العقل.»
تذكّرتُ تحذير أورغون لي ذات يوم.
حاولتُ التركيز. فكّرتُ في طريقةٍ للتحرّر من سيطرة السحر الأسود.
«تغيير الإرادة.»
حوّلت اتجاه السيف الذي كان يتأرجح نحو إيشيد وطعنتُ به في فخذي بدلًا منه.
تاك، تاك.
سال الدم من الجرح على الدائرة السحرية مشكّلًا نقاطًا حمراء.
“آه… هذا مؤلم جدًا…”
كنتُ أنوي فقط تخفيف الألم، لكن لأن جسدي كان خارج سيطرتي، كانت الطعنة أعمق مما توقعت.
لكن على الأقل تحرّرتُ من سيطرة السحر الأسود.
“أنتِ متهوّرةٌ حقًا…”
“وقراركَ هذا غبيٌّ للغاية.”
لا داعي للإطالة.
بقي بضع دقائق قبل تفعيل الدائرة السحرية بالكامل.
كان عليّ هزيمة ماسيتيكي وتدمير الدائرة في ذلك الوقت.
تصادمت القوة المقدسة مع السحر الأسود محدثةً انفجارات.
قوّتان متشابهتان لكنهما مختلفتان. من بين الاثنين، كانت القوة المقدسة هي الأكثر هيمنة.
تم تطهير السحر الأسود المتصاعد بشراسةٍ بالسيف. أصبحت سرعة التطهير أسرع عند حقن القوة المقدسة فيه.
“لماذا؟!”
صرخ ماسيتيكي غاضبًا.
“كيف يمكنني الوقوف مكتوفة الأيدي وأنا أشاهد العالم على وشك الانهيار؟”
هناك الكثير في هذا العالم أريد حمايته.
“حتى أنا، الذي أحتفظ بذكريات حياتي الماضية، أُقدّر هذا العالم كثيرًا، ألا يجب عليك أنتَ، مَن وُلِدتَ في هذا العالم في الأصل، أن تحبّه أكثر مني؟”
بسبب الألم في فخذي والقوة المقدسة التي استنزفتني، أصبح تنفّسي متقطعًا.
تشينغ!
هاجمني ماسيتيكي بقوةٍ أكبر كما لو كان يريد إسكاتي.
‘إن حقيقة أنكَ لستَ فارسًا تريحني كثيرًا.’
كانت تحركاته غير متقنة، كشخصٍ لم يخُض معركةً من قبل. سهّل عليّ ذلك، أنا المبارزة، اختراق دفاعاته.
اخترق سيفي طاقة السحر الأسود ووصل إلى صدر ماسيتيكي.
مع إحساسٍ ثقيلٍ باختراق شيءٍ ما، تبعثرت طاقة السحر الأسود وسقط ماسيتيكي على الأرض.
من الجيد أن استخدام السحر الأسود يتطلّب طاقةً هائلة، وإلّا لكانت روح الساحر الأسود قد استيقظت.
غرستُ سيف شجرة العالم في الأرض.
بدأتُ بتطهير طاقة السحر الأسود التي تفوح من الأرض بصبّ القوة المقدسة فيها.
كلّما خرجت المزيد من القوة المقدسة من جسدي، ازداد تنفسي اضطرابًا.
سال الدم من أنفي، وشعرتُ وكأن كلّ ثقوب جسدي تتسع. وبدأت رؤيتي بالتشوش تدريجيًا.
حاولتُ جاهدةً أن أبقى واعية. كان لا يزال من المكبر جداً أن أنهار.
“لا، لا…!”
بصرخةٍ يائسة، امتصّ ماسيتيكي كلٌ السحر الأسود المتناثر.
تركّز السحر الأسود من جديد.
حدث انفجارٌ هائلٌ واهتزّت السماء.
“ماسيتيكي!”
تجمّد الهواء ببرود.
“آه… هل فشلتُ مرّةً أخرى؟ أنتِ دائمًا ما تعترضين طريقي. شيءٌ عديم الفائدة.”
نهض ماسيتيكي ببطء، أو بالأحرى، الساحر الأسود الذي سيطر على جسده، وضحك ضحكةً فارغة.
“اصمت. ألا تعتقد أنكَ مَن يعترض طريقنا؟”
الشخص الذي عرّض أُناسًا يعيشون حياةً طبيعيةً لهذا الخطر لم يكن سوى الساحر الأسود.
انفجر الساحر الأسود ضاحكًا من القلب. ثم سعل دمًا من جروحه.
“حسنًا. سأحظى بفرصةٍ أخرى. إذا قتلتُ هذا الرجل تمامًا هذه المرة، سيكون العالم القادم أكثر هدوءًا.”
توجّهت نظرات الساحر الأسود نحو إيشيد الفاقد للوعي.
“لا…!”
قفزتُ بينهما. لم أستطع السماح بقتل إيشيد هكذا.
اخترقت طاقة السحر الأسود قلبي. وفي نفس اللحظة، اخترق سيف شجرة العالم قلب الساحر الأسود.
غمرت دماؤنا الأرض بلونٍ أحمر قاتم.
“كح… كح…!”
تألّم الساحر الأسود المطعون بسيف شجرة العالم. رغم أن رؤيتي كانت ضبابيةً من الألم، إلّا أنني لم أفقد القوة في يدي التي كانت تمسك بالمقبض.
طانت هذه آخر محاولاتي اليائسة. صببتُ كلّ قوتي المقدسة المتبقية في السيف لضمان زوال الساحر الأسود للأبد.
“هذه هي .. كيكك … هذه …هيوككت.. النهاية…”
سقط الساحر الأسود، الذي كان بياض عينيه ظاهرًا، إلى الخلف، ثم تحوّل إلى رماد.
كوكوكونغ-!
تصاعد الغبار واهتزّ السقف. لا، هل كان جسدي هو الذي يرتجف؟
لم أستطع الصمود أكثر وانهرت.
استلقيتُ بجانب إيشيد، الذي كان لا يزال فاقدًا للوعي، وأمسكتُ بيده.
“إيشـ … يد…”
كان إيشيد ضعيفًا ضد السحر الأسود. استنزفتُ روحي لاستخراج ما تبقى من القوة المقدسة. بما أنني سأموتُ قريبًا على أيّ حال، فلا يهم طالما أنقذتُ إيشيد.
«تذكّري جيداً، الوحيد الذي يمكنه إنهاء العقاب هو ذلك الطفل، لكن الوحيدة التي يمكنها إنهاء الوضع هي أنتِ.»
كانت آلهة الرحمة قد تنبّأت هذا الموقف بالفعل.
بموتي، يمكن تصحيح خط الزمن الخاطئ.
تكرّر الولادة من جديدٍ مرّاتٍ لا تحصى.
والشينسو الذي ارتبط ارتباطًا وثيقًا بموتي.
بموتي الكامل، يمكن كسر حلقة هذا المصير المعطوب.
فتح إيشيد عينيه ببطء. نظرتُ إليه مبتسمةً بضعف وأنا مستلقيةٌ بجواره.
ارتعدت عيناه. نهض إيشيد، الذي كان مستلقيًا لفترةٍ طويلة، وعانق جسدي.
“لماذا… لماذا هذا بحق الإله…؟!”
إيشيد، أنا أتألّم، أشعر بالدوار لذا لا تصرخ.
لكنني ممتنّة. لأنني أستطيع رؤية وجه إيشيد وعينيه للمرة الأخيرة قبل رحيلي.
“لا تبكِ …”
سقطت دموع إيشيد على وجهي. أردتُ مسحها، لكن يدي كانت بلا قوة.
“أخبريني. قولي لي أن أنقذكِ مرّةً أخرى.”
“لا.”
“أتوسّل إليكِ. قولي أنكِ تريدين العيش… أن أُنقذكِ!”
“لا. لن أفعل ذلك هذه المرّة.”
“أخبريني، شاتيريان! أسرعي!”
“آسفة.”
“أنا… أنا…”
“الو… عد…”
لا يجب أن تنقذني. إذا أنقذتَني، ستتكرّر هذه الحلقة المفرغة مرّةً أخرى.
آه، لم يعد لديّ قوةٌ الآن.
لكن من المؤسف أن كلمة ‘وعد’ ستكون كلماتي الأخيرة.
كانت لحظة مواجهة الموت أسهل مما ظننت. شعرتُ بقليل من الدوار و
شعرتُ بشعورٍ غامضٍ بأن كل شيءٍ قد انتهى.
إذا… إذا كانت هناك حياةٌ أخرى.
فسأتعرّف عليكَ أولًا. سأجدكَ أولاً.
كان اليوم الذي أغمضتُ فيه عيني، بمحض الصدفة، هو نفس اليوم الذي ماتت فيه شاتيريان الأصلية.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 120"