كانت أبواب ماركيزية كولينس مغلقةً بإحكامٍ بسبب هجوم الوحش.
“ما هو طلبكم؟”
“سيأخذ الفرسان، المنهكون من تصفية الوحوش، قليلًا من الراحة قبل المغادرة.”
“همم…”
“صاحب السمو ولي العهد حاضرٌ أيضًا.”
“حسنًا…”
في إمبراطورية كينتري، تُعتبر الإقطاعيات كياناتٍ مستقلةً تمامًا.
لذلك ففتح أو إغلاق أبواب الإقطاعية يعتمد على رغبة الماركيز.
حتى لو جاء الإمبراطور نفسه وطلب فتح الأبواب، فبإمكان الماركيز رفض ذلك دون عواقب.
كان الماركيز مضطربًا
هل يفتح الباب للفرسان الإمبراطوريين أم لا؟
“كما أن قائد فرسان أستريا والدوقة أستريا هنا أيضًا.”
توقّفت أصابع الماركيز التي كانت تقرع الطاولة عند سماع هذين الاسمين غير المتوقعين.
رفع رأسه لينظر إلى الفارس الواقف أمامه.
يمكن القول إن ماركيز كيولينس كان له تاريخٌ مع دوق ودوقة أستريا. فقد كان هو المالِك الحقيقي لدار المزادات غير القانونية، التي كانت مشروعه الذهبي، بينما كان هما السبب الرئيسي في تدميره.
لقد أرسلا الكونت نين، شقيق الماركيز، الذي كان يتظاهر بملكية المزاد، إلى السجن، وأعدما ابن أخيه بالمقصلة.
لم يكن يشعر بالشفقة على شقيقه الأصغر. كل ذلك بسبب غبائه الذي دفعهم للقبض عليه.
“ادخِلوهم إلى الإقطاعية.”
ارتجف الفارس من الصوت المفاجئ.
على أريكة المكتب التي كانت خاليةً قبل لحظات، جلس رجلٌ يرتدي رداءً واسعًا يصب الشاي بهدوءٍ وكأنه يملك المكان.
“هل هذا مناسب؟”
رحّب ماركيز كولين بالمتسلّل المُفاجِئ كما لو كان معتادًا على ذلك دون أيّ تعبير دهشة.
كان من الشائع أن يظهر الرجل بهذه الطريقة، لذا لم يكن الأمر مفاجئًا.
ابتسم الرجل لسؤال الماركيز كما لو أنه لا يعرف ما لا يستطيع فعله.
“الإقطاعية في قبضتي. إذا أزعجوني، سأقتلهم ببساطة.”
أن يتحدث عن الموت بكل هذه السهولة.
عرف الماركيز أن الرجل لا يمزح، فقد تخلّص بهذه الطريقة من كل مَن تجرّأ على الشك في عائلته.
كان الرجل ساحرًا أسود، الظل الذي يدعم عائلة كولينس من الخفاء.
لم يكن هناك شيءٌ أسهل له من قتل الناس وإخفاء الجثث.
“بما أنهم يدخلون عرين النمر طواعية، فلنستقبلهم كما يستحقون.”
“لكنهم ولي العهد وقائد فرسانه. لا ضرر من الحذر.”
“لا يهم. إنهم أصدقاءٌ قُدامى.”
تألّقت عيناه الحمراوتان من تحت الرداء.
لم يحاول الماركيز إثناءه أكثر، طلب منه فقط ألّا يتسبب بأضرارٍ للماركيزية.
كان الساحر الأسود يشعر بالملل مؤخرًا. كانت هذه الفرصة للترفيه عن نفسه ثمينةً جدًا بالنسبة له.
***
“لماذا؟”
نظرتُ إلى حارس البوابة وسألتُه بحدّة.
عبس حارس البوابة وكأنه منزعج.
“أخبرتُكِ. هناك حالة طوارئ بسبب الوحوش، لذا يُمنع علينا إدخال أحد.”
“إذن، هل تعتبرنا وحوشًا؟”
“لا… ولكن قد تدخل الوحوش أثناء فتح الباب…”
“هل أنتَ أصم؟ ألم أقل لكَ للتو؟ لقد قضى الفرسان الإمبراطوريون على كلّ الوحوش؟”
ليس تمامًا، ولكن على الأقل لم يعد هناك ما يهدّد الماركيزية.
نظرتُ إلى الباب المُغلَق باستياء.
“لقد أبلغنا المركيز، سنحصل على ردٍّ قريبًا.”
“لقد سمعتُ نفس العبارة هذه منذ نصف ساعة!”
قبل ساعة، وساعةٍ ونصفٍ قبلها.
أدار الحارس نظره بعيدًا.
كان من المُثير للشك أنهم قد أرسلوا التقرير حتى. ألا يبدو عدم فتحهم للباب كأنهم يُخفون شيئًا؟
“تيري، توقّفي عن إرهاق نفسكِ وتعالي إلى هنا.”
سمعتُ صوت أورغون الضعيف من الخلف.
لم يكن وحده، كان كل الفرسان الإمبراطوريين منهارين على الأرض من الإعياء.
ما يحتاجونه الآن ليس التراب، بل وجبةٌ دافئةٌ وسريرٌ مريح.
أشرتُ إلى أورغون. بما أن تكتيك “ولي العهد هنا!” الذي استخدمتُه من قبل لم ينجح، حان وقت خطةٍ بديلة.
“صاحب السمو ولي العهد مريض! إذا سقط ميتًا هنا، فهل ستتحمّل المسؤولية؟!”
“ماذا؟”
نظر حارس البوابة إلى أورغون بدهشة.
أشرتُ إلى أورغون. فتظاهر بالمرض.
“تيري….”
تظاهر أورغون بالمرض بسهولةٍ وأمسك جبهته فجأةً كما لو أنه على وشك الانهيار، مع أنه نظر إليّ كما لو أنه لا يستطيع إيقافي في مثل هذا اليوم. بينما سانده إيشيد، الذي كان يقف بجانبه، وهو ينهار بضغف.
كان حارس البوابة مرتبكًا.
حتى لو لم تُفتَح البوابة فورًا، كان هذا كفيلًا بتسريع الأمور.
لكن المفاجأة أن الباب فُتح فجأةً دون مقاومة. كان الشقّ فارغًا لدرجة أن إغلاقها بإحكامٍ جعل الباب يبدو بلا معنى.
خرج فارسٌ مدرّعٌ ونظر إلينا، مجموعةٌ من المشرّدين المتّسخين، بتقزّزٍ واضحٍ قبل أن يعود إلى لا مبالاته.
“سمح الماركيز بدخول الفرسان.”
“أخيرًا…”
“سيتم إرشادكم إلى فندقٍ للإقامة أثناء زيارتكم.”
تصرّف الفارس بعدائيةٍ غريبةٍ رغم أننا لم نسبّب أيّ مشكلة.
عبرنا الباب إلى نفقٍ مقوّسٍ يؤدي إلى مدينةٍ نابضةٍ بالحياة.
بدا وكأنهم لم يسمعوا حتى بوجود الوحوش، ناهيكَ عن أن يتضرّروا بها.
“يبدو أن الويفرن لم يصل إلى هنا، أليس كذلك؟”
“نعم، بالفعل.”
بدا الفارس الذي أجاب بفتور منزعجًا للغاية.
تَبِعنا الفارس في الشارع بصمت.
لكن الغريب أنني شعرتُ بنظرات الناس تتّجه نحوي.
“ألا تعتقد أنهم يحدّقون با كثيرًا؟”
همستُ لإيشيد، الذي كان بجانبي.
“همم.”
أدركتُ أنني اخترتُ الشخص الخطأ لأسأله وأنا أُصدر تأوهًا عميقًا، ولمستُ أورغون، الذي كان أمامي.
“أعتقد ذلك.”
لا بد أنه سمعني، لأنه أجاب على الفور.
أمال إيشيد، الذي نظر حوله، أمال رأسه.
“لا أسمع أيّ شيءٍ مثيرٍ للريبة.”
هذا الرجل ذو السمع الحاد.
ثم تساءلتُ إن كان الأمر مجرّد أنهم يحدّقون بنا بدافع الفضولٍ عند دخول أشخاصٍ غرباء.
ففي النهاية، تعني العباءات التي يرتديها الفرسان أنهم أعضاءٌ في فرسان الإمبراطورية، لذا فإن أيّ شخصٍ من إمبراطورية كينتري سيتعرّف عليهم.
توقف الفارس الذي كان يرشدنا سريعًا أمام فندقٍ فاخر.
“هذا أفضل فندقٍ في الماركيزية، لذا لن تواجهوا أيّ إزعاجٍ أثناء إقامتكم. ولديّ طلبٌ واحدٌ لكم، لا تفعلوا أيّ شيءٍ من شأنه أن يُزعج الماركيز.”
نظر إليّ الفارس وهو يقول ذلك.
“أنتم ضيوفنا، لذا يرجى التزام الصمت والمغادرة بهدوء.”
اختفى الفارس فجأةً وهو يهزّ رأسه بتحيّةٍ متغطرسة.
شعرنا بالحرج من عدائهم الصارخ.
“هل فرسان الإمبراطورية سيئو السمعة؟”
هل كانوا يضايقون الناس سرًّا دون إبلاغ كبار المسؤولين؟
علاوةً على ذلك، لم أستطع فهم سبب عدائهم الشديد لنا.
على أيّ حال، كنا في موقفٍ لا نستطيع فيه فعل أيّ شيءٍ في الوقت الحالي.
كان الهدف من دخول ماركيزية كولينس تجنّب إثارة المشاكل مع الماركيز قدر الإمكان حتى نقبض على ماسيتيكي.
ولأنها كانت منطقةً مستقلة، كان علينا مغادرة الإقطاعية دون شكوى في حال صدور أمر طرد.
جررنا أجسادنا المتعبة إلى الفندق أولاً.
“أهلاً!”
لحسن الحظ، كان موظفو الفندق ودودين.
بعد أن أُخِذنا إلى غرفنا، اجتمعنا في مطعم الطابق الأول.
بما أنني أخبرتُهم مسبقاً قبل الصعود إلى غرفنا، فقد تم تحضير الوجبات على الفور.
كان الخبز الطازج والحساء الدافئ اللذان لم أتناولهما منذ فترةٍ طويلةٍ مثيرين للإعجاب.
كان طبق الفاصوليا المطبوخ جيداً وطبق السمك المشوي جيداً مثيرين للإعجاب أيضاً.
كانت هناك العديد من الأطباق التي لم تكن دسمة، ولكن يُمكن تناولها بكمياتٍ كبيرة.
كان الفرسان أيضاً متحمّسين للغاية للطعام والشراب اللذين لم يتناولوه منذ فترةٍ طويلة.
بدا عليهم النشاط وكأنهم لم يشعروا بالتعب قط، وجلسوا. مع مرور الوقت، لم يتعبوا، بل ازدادوا نشاطًا.
فالفارس فارسٌ في النهاية. لم أستطع تحمّل صبرهم.
ذهبتُ إلى غرفتي أولًا لأنني كنتُ متعبةً بعد قضاء الوقت مع الفرسان.
تبعني إيشيد أيضًا إلى الغرفة.
“هل تريد أن تغتسل أولًا؟”
سألتُ إيشيد بأدبٍ وأنا أحزم الملابس التي طلبتُ من موظفي الفندق إعطائي إياها.
“اغتسلي أولًا.”
“أجل.”
كنتُ أعرف أن إيشيد سيقول ذلك. لذا ذهبتُ لأغتسل دون أن أسأله مرّةً أخرى، وخرجتُ لأستريح في السرير أولًا.
كان عليّ أن أستعيد طاقتي مُسبقًا لأن غدًا سيكون يومًا حافلًا آخر.
كنتُ راضيةً جدًا عن الطعام والسرير المُريح.
قالوا إنه أفضل فندقٍ في ماركيزية كوليس، وقد كان على قدر اسمه.
وبالطبع، شعرتُ بشعورٍ أكبر لأنه شيءٌ لم أشعر به منذ زمنٍ طويل.
كنتُ متشوّقةً لخروج إيشيد، وانتهى بي الأمر بالنوم أولًا
***
انطلقنا بجهدٍ منذ الصباح.
كان الفرسان سيحققون سرًا في أرجاء الماركيزية متظاهرين بالتجوّل، وكنتُ أنا وإيشيد وأورغون قد توجّهنا بالفعل إلى قصر الماركيز لمقابلته.
كان ماركيز كولينس أوّل مَن دعانا للغداء.
ولكن عندما وصلنا إلى قصر الماركيز، اعتذر الماركيز فجأةً بأنه مشغول، وغيّر موعد غداءنا إل
ى عشاء.
كان ذلك أمرًا جيدًا لنا. فحوّلنا الأزمة إلى فرصة.
ذهبنا إلى مكتبة الماركيز لتمرير الوقت.
وللتحقّق من هويّة الأشخاص الذين انتقلوا إلى ماركيزية كولينس بعد الحادثة التي وقعت قبل عامين.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 113"