سار باتجاهي بخطواتٍ ثابتة، غير مبالٍ بالسيف الذي أمسكتُه، مستمرًا في تقليل المسافة بيننا.
أنا مَن شعر بالذعر.
“ا-اقتربتَ كثيرًا…!”
في لحظة، تخطّى السيف وأحاطني بين ذراعيه بعنف.
كانت تنبعث منه رائحة عشب الفجر القوية. حتى عندما لامس نصل السيف جنبه، لم أسمع أيّ أنين ألم. علاوةً على ذلك، على عكس الجسد الذي احتضنتُه في الكابوس، شعرتُ بدفءٍ حيّْ ينبعث منه.
“شاتيريان.”
بدا اسمي الذي نطقه بنَفَسٍ مليء بالارتياح حلوًا بشكلٍ لا يوصف.
“آه…”
أدرتُ عينيّ.
دون وعي، مرّرتُ يدي اليسرى على عضلات ظهره المتوترة. من خلال لمس جسده الحقيقي، استطعتُ أن أتأكد أن الشخص الذي أمامي هو إيشيد الحقيقي.
“إيشيد.”
دفعتُه بخفة، فتراجع بسهولة، لكنه لم يبتعد تمامًا.
كان هذا جيدًا؛ لأن كلّ ما أردتُه هو بعض المساحة.
نظرتُ إلى وجهه بتمعّن. بصراحة، لم تكن حالته جيدة.
سواء كان وجهه أو جسده أو ملابسه، لم يبقَ جزءٌ سليم. بدا وكأنه ضلّ طريقه في الغابة لوقتٍ طويل. كتمتُ غضبي الذي اندفع بقوة.
“لماذا أنتَ هنا؟”
“بالطبع، جئتُ لأبحث عنكِ…”
“منذ متى؟”
نظر إلى السماء المظلمة للحظة ثم أجاب.
“اليوم هو اليوم الرابع…”
“أربعة أيام؟ كل هذا الوقت؟”
كنتُ قد استيقظتُ للتوّ هذا الصباح، لم أتوقع أن يكون قد مرّ كل ذلك الوقت. لم أكن متأكدةً ما إذا كنتُ غائبةً طويلًا أو أن لقائي بشجرة العالم استغرق كل تلك المدة.
“هاه…”
فجأة، انهار إيشيد على ركبتيه، يتنفس بعمق.
“إيشيد؟”
فزعتُ وتبعتُه إلى الأرض.
كان يجلس على ركبةٍ واحدة، ويهزّ رأسه كما لو كان يشعر بالدوار.
مددتُ يدي نحوه، ولمستُ جلده مباشرة.
“ما الذي يؤلمك … أيها الأحمق!”
استطعتُ تمييز حالة إيشيد على الفور.
نقص القوة المقدسة.
كان يعاني بسبب استنزاف قوته.
قبل أن نفترق، منحته كميةً كبيرةً من القوة، لكنه قضى الأيام الأربعة الماضية يتجوّل في الغابة ويقاتل الوحوش، فمن الطبيعي أن ينفد ما لديه.
‘ليس هناك خيار آخر.’
وضعتُ السيف الخشبي جانبًا وركعتُ على العشب.
بدا إيشيد منشغلًا بتحمّل الألم ليهتم بي. شعرتُ بقليل من الإحراج، لكن ليس بيدي حيلة. هذا جزءٌ من العلاج.
“إيشيد.”
رفع إيشيد رأسه ببطءٍ ونظر إليّ. كانت محاجر عينيه متوترة من الألم.
حاولتُ أن أقبّله لنقل القوة المقدسة بسرعة، لكنه منعني.
“قد تسقطين مرة أخرى…”
“هذا صحيح.”
بدا أنه لا يثق بقدرته على التحكّم هذه المرة. صحّح وضعية جسده ببطء. رغم أنني عرفتُ سبب رفضه، إلّا أن الإحراج كان واضحًا.
“إذن، هاتِ يدك.”
مع ذلك، تردّد قليلًا.
أمسكت بيد إيشيد بقوةٍ وشبكتُ أصابعنا حتى لا يتمكّن من سحبها. بدأت القوة تتدفّق إليه.
كما توقعت، بما أنه سقط من الألم، شعرتُ أن كمية القوة التي يحتاجها أكبر من المعتاد.
“لا تبالغي.”
“هاه. لو لم أفعل، كنتَ ستستمر في المعاناة. أليس كذلك؟”
إنه لا يعترف بالألم حتى لو كان يعاني، لذا كان فقط ينظر إلى أيدينا المتشابكة بصمت.
“إذا كنتَ تتألم، فقُل لي ذلك.”
“أنتِ تفعلين الشيء نفسه.”
لم أُخفِ ألمي قط!
رفع عينيه عن يدي وفحصني بدقة، كما فعلتُ معه.
“هل لديكِ أي جروح؟ أيّ ألم؟ لماذا جئتِ إلى مكانٍ خطيرٍ مثل هذا وحدكِ؟”
“لستَ في وضعٍ يسمح لكَ بالقلق عليّ.”
كان من الغريب أنه يهتمّ بي بينما يهمل نفسه.
“كما أنكَ تبالغ في رد فعلك.”
ليس هو فقط، بل عائلتي بأكملها تبالغ في القلق عليّ. لستُ زهرةً الهندباء التي تكير إذا نفختَ عليها، أنا شخصٌ قويٌّ الآن.
“ما هذا السيف؟”
“آه، هذا؟”
نظرتُ إلى السيف الخشبي الذي وضعتُه جانبًا.
“لقد وجدتُ شجرة العالم.”
اتسعت عينا إيشيد عند سماع كلماتي.
‘كم هو لطيف.’
ابتسمتُ وأرخيتُ يدي التي كانت قريبةً من صدري، مع الإبقاء على أصابعنا متشابكة.
أمسكتُ السيف بيدي الأخرى.
أريتُه لإيشيد كما لو كنتُ أتباهى.
“هذا ما أعطتني إياه شجرة العالم. إنه سيفٌ مصنوعٌ من أحد أغصانها.”
كان أكثر عمليةً لأنه كان على شكل سيفٍ وليس غصنًا.
“أعتقد أنه من الأفضل أن تستخدمه أنتَ بدلاً مني، أليس كذلك؟”
حاولتُ أن أعطيه لإيشيد، لكنني لم أستطع.
ليس لأنه رفض.
وعندما حاول إيشيد أخذه، لم يستطع أيضًا
لم يستطع إيشيد الإمساك بمقبض السيف لوجود حاجزٍ حوله.
قال إيشيد بعنادٍ إنه عديم الفائدة على أيّ حال.
“شجرة العالم أعطته لكِ، لذا من المناسب أن تستخدميه أنتِ.”
“همم…”
شعرتُ بإحساسٍ غريب. كلّ فعلٍ من العالم له هدفه.
إذا صنعت شجرة العالم سيفًا لا يمكن لأحدٍ غيري استخدامه، فهذا يعني أن هناك مَهمةٌ لا يمكن أن يقوم بها إلّا أنا.
‘ألم يكن هدف شجرة العالم هو القضاء على الساحر الأسود؟’
أيّ شخصٍ يمكنه هزيمة الساحر، طالما تم القضاء عليه.
لكن إيشيد كان أكثر كفاءةً مني في ذلك. كانت مهاراته القتالية وتعامله مع السيوف لا مثيل لهما.
لكن حتى مع كل هذه الأفكار، لم أستطع فهم نية شجرة العالم.
لنؤجل معرفة نوايا المتحدث إلى وقت لاحق..
“الفجر على وشك أن يبزغ، من الأفضل أن نتحرك قريبًا.”
“قبل أن نتحرك، لمَ لا تنام قليلًا؟”
“أنتِ مَن يجب أن ينام…”
“سأغضب مجددًا. سأكون بإمانٍ إذا كنتَ بصحةٍ جيدة.”
كان لديّ خطة.
“آه…”
أومأ موافقًا، مقتنعًا بحجتي.
رغم أن الطاقة المقدسة خففت من إرهاقه، إلّا أن الراحة الحقيقية لا يمكن تعويضها. استلقى إيشيد واضعًا رأسه على حجري.
‘لو استلقيتَ بهدوءٍ هكذا منذ البداية لكان ذلك أفضل.”
ربتُّ على جبينه مرتين كإشادة. غرق إيشيد في النوم على الفور، يبدو أنه كان مرهقًا حقًا.
بينما كان يغفو، لم يكن لديّ ما أفعله سوى تأمله. جسده الطويل بدا أطول من هذا المنظور، وحتى وهو متعب، كان وسيمًا بطريقةٍ مختلفة.
بعد بضع دقائق، شعرتُ ببعض الندم.
كانت ساقاي مخدرتين. ما كان يجب أن أطلب منه الاستلقاء عليهما.
لو كنتُ بحاجةٍ إلى شيءٍ لوضعه، كان عليّ استخدام حقيبتي أو شيءٍ مشابه. مع أن الوقت بدا طويلًا، إلّا أنه لم يمر كثيرًا في الواقع.
خشيتُ أن يستيقظ إذا حرّكتُ ساقي، لذا حافظتُ على وضعي دون حراك.
سرعان ما شعرتُ بوخزٍ كأن كهرباءً مرّت بقدمي، ثم اختفى الإحساس تمامًا.
ربما لن أستطيع تحريكها لبعض الوقت.
عندما يستيقظ، سأخبره أن ينبهني قبل أن نتحرّك، حتى أكون مستعدةً لتحرير ساقي.
بينما كنتُ أفكر بهذا، نهض فجأة.
تساءلتُ إن كنتُ قد تحرّكتُ عندما شعرتُ بعدم الارتياح وأيقظتُه، لكن إيشيد كان مُركزًا على شيءٍ ما.
في اللحظة التي كنتُ على وشك أن أسأل فيها عن السبب، شعرتُ بالأرض تهتز.
بدأ سطح البحيرة الهادئ يموج، ثم تحول إلى أمواج.
ثم ظهر تنين الماء الضخم.
نيكر، تنين الماء، يشبه ثعبانًا كبيرًا بلا أجنحة.
كان موطن نيكر في الغالب تحت الماء والكهوف، لكنه كان وحشًا يستطيع العيش أيضًا على اليابسة. لذا، إذا كانت المعركة تحت الماء غير مُواتية، فلا خيار سوى إخراج الوحش إلى السطح.
ضرب إيشيد وجه نيكر بسيفه مرارًا وتكرارًا كما لو كان يحاول إغضابه، ثم تراجع.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 110"