كانت شجرة العالم تأمل في زوال السحر الأسود تمامًا. ولكن ما هو العالم الأصلي إذن؟
قبل أن أتمكّن حتى من طرح السؤال، اهتزّت شجرة العالم بأغصانها وكأنها تضحك، وتبعتها الأرواح المحيطة بها.
لكن شجرة العالم لم تُجِب على تساؤلي في النهاية.
بعد أن أنهت مهمتها، طردتني بلا رحمة.
اختفى الضوء، ووجدتُ نفسي واقفةً مرّةً أخرى في ذلك الكهف المظلم.
شعرتُ وكأنني كنتُ أحلم بعينين مفتوحتين.
لكن السيف الذي لا يزال في يدي أثبت لي أن هذا كان حقيقيًا.
على الرغم من تسميته بالسيف المقدس، إلّا أنه كان في الواقع سيفًا خشبيًا مصنوعًا من غصن شجرة العالم.
بدا أضعف بكثيرٍ من سيفٍ حديديٍّ عادي.
لكن بما أنه مصنوعٌ من غصن شجرة العالم التي تطهّر كلّ شيء، فلا شك في قوته.
مع هذا السلاح الذي منحني ثقةً لم أكن أمتلكها من قبل، بدأتُ أفكّر في كيفية الخروج من هذه الغابة.
لم تكن الوحوش التي واجهتها خلال الأيام القليلة الماضية سوى جزءٍ ضئيلٍ من وحوش غابة هالتونيا.
لابد أن تكون هناك وحوشٌ أقوى بكثير مما أستطيع تخيّله. د لكن التردد لن يفيدني في أيّ شيء.
لذا أسرعتُ بالخروج من الكهف، وأخيرًا رأيتُ الغابة الحقيقية لأوّل مرّة.
كانت الغابة، التي لم تمسّها يد البشر، في حالتها الطبيعية بالكامل.
انتشرت جذور الأشجار الضخمة في الأرض، وتناثرت آثار الحفر وآثار أقدام الوحوش في كلّ مكان. حجب ضبابٌ خفيفٌ الرؤية في الأفق، وجعل الهواء البارد جسدي يرتعش.
أولًا، كنتُ بحاجةٍ إلى العثور على أرضٍ مرتفعةٍ لمعرفة مكاني بالضبط.
من المستحيل أن تكون هناك لافتاتٌ في غابة الوحوش، ولم يكن لديّ حاسةٌ قويّةٌ بالاتجاهات مثل إيشيد.
كان عليّ أولًا الخروج من هذه المنطقة المسطحة.
بينما كنتُ أسير بحثًا عن أرضٍ مرتفعة، واجهتُ بالطبع بعض الوحوش.
لكن التعامل معها كان أسهل بكثيرٍ مما توقعت.
فقط بمجرٌد لمسها بالسيف الخشبي، احترقت أجسادها.
كان أكبر تحدٍّ عندما واجهتُ ليندورم، تنينٌ بلا أجنحة.
كان ليندوورم، الذي كان بحجم جاموس الماء، ينفث نارًا شرسة.
ظننتُ أنني سأُهزَم دون قتال، لكن النار لم تصل إليّ. حجب السيف النار عني.
فكّرتُ في تفسي بينما كنتُ أشاهد اللهيب ينقسم حول السيف.
هذا شيءٌ رائعٌ حقًا.
شعرتُ بالامتنان لشجرة العالم التي منحتني هذا السيف المفيد. حتى لو كان ذلك لتحقيق غرضها الخاص، فما المشكلة؟
بمساعدة السيف، تمكّنتُ حتى من هزيمي ليندورم بضربةٍ واحدة.
الآن فهمت لماذا كان الفرسان يتحدّثون دائمًا عن أهمية الخبرة.
بعد نصف يومٍ فقط من قتال الوحوش بمفردي، تعلّمتُ كيفية التعامل معها.
مع أن بعض الوحوش كانت ذكية، إلّا أن معظمها كان غبيًا بنمط هجومٍ متشابه.
بمجرد أن فهمتُ ذلك، أصبح التعامل معها أسهل، وكان جسدي يتحرّك بسلاسةٍ أكبر بفضل الأدرينالين.
“الليلة ستكون الأصعب.”
كانت الشمس قد مالت أكثر مما كانت عليه عندما خرجتُ من الكهف.
على الرغم من أن الليل لم يحن بعد، كان عليّ أن أجد مكانًا آمنًا قبل حلول الظلام.
بعد المشي قليلاً، وقبل غروب الشمس تمامًا، وجدتُ شجرةً ضخمة.
كانت فروعها متشابكةً مع أشجارٍ أخرى صغيرة، مما جعلها مكانًا مثاليًا للتسلّق والوصول إلى ارتفاعٍ جيد.
لذا قرّرتُ تسلّق الشجرة.
على الرغم من صعوبة التسلق بيدٍ واحدة، حيث كنتُ أحمل السيف بلا غمد، تمكّنتُ من الصعود إلى ارتفاعٍ يسمح لي برؤية الغابة بوضوح.
هبت الرياح.
تمايل شعري، الذي نما لدرجة أنه يغطي ظهري، مع الهواء.
غابة، غابة، بحيرة، جبال.
كانت غابة هالتونيا شاسعةً جدًا، لذا حتى من هذا الارتفاع، لم أستطع رؤية أكثر من ذلك.
لكنني كنتُ محظوظةً لأنني استطعتُ رؤية سلسلة جبال سورون.
بعد أن قرّرتُ وجهتي عند الفجر، استقرّيتُ على أحد فروع الشجرة الكبيرة.
بسبب حجم الشجرة الضخم، حتى الفروع كانت واسعةً بما يكفي لقضاء الليل دون مشاكل.
كانت الأوراق الكثيفة المتشابكة كافيةً لإخفاء جسدي.
بعد التأكّد من عدم وجود وحوشٍ حولي، استطعتُ أخيرًا الجلوس بسلام.
الشيء الجيد الوحيد في هذا الوضع القاحل هو أن حقيبة الظهر التي كنتُ أحملها على ظهري لم تسقط.
أخرجتُ بعض البسكويت الجاف من الحقيبة وأكلتُه لأشبع جوع معدتي.
في الوقت الحالي، كنتُ سعيدةً لأنني لم أكن مضطرًا للقلق بشأن الطعام.
“لكن عليّ أن أدخر قدر الإمكان تحسبًا لأيّ طارئ.”
لم أكن أعرف كم يومًا سأمضي تائهةً هنا.
ماذا سيفعل الآن إيشيد، الذي أخبرني أن تجديد طاقتي هي استراتيجيةٌ للبقاء؟
لو أنه جاء حقًا إلى غابة هالتونيا ليجدني، لتساءلتُ إن كان سينام ويأكل. حتى وأنا أفكّر في ذلك، كانت عيناي ضبابيتين من التعب الذي يتلفحني.
لففتُ ردائي حولي كبطانيةٍ وأغمضتُ عيني، عازمةً على أخذ قيلولةٍ سريعة.
عاد إليّ وعيي، الذي كان معتمًا لفترةٍ طويلة، ببطءٍ مع نداءٍ صغير
“شاتيريان…”
ذلك الصوت الذي ينادي باسمي من مكان بعيد. فتحتُ عينيّ على الصوت الذي كنتُ أتوق لسماعه.
ثم صُدمت.
كان إيشيد مستلقيًا أمامي مباشرةً، ينزف.
كان جسد إيشيد في حالةٍ يرثى لها لدرجة أنه استحال عليّ تمييز شكله، كما لو أنه عضّه وحش.
أمسكتُ بجسد إيشيد بإحكام. كان باردًا.
“إيشيد…؟”
هززتُه برفق، لكن عينيه المغلقتين لم تُظهر أيّ علامةٍ على الحياة.
أدرتُ عيني هنا وهنا، مرتبكةً بسبب هذا الموقف المفاجئ.
إيشيد مات.
هذا البرد لا يمكن تفسيره إلّا بالموت…
لكن، لماذا لا تخرج دموعي؟
“آه…”
خرجت تنهيدةٌ خفيفة. حاولتُ تهدئة قلبي المضطرب.
تذكرتُ ببطءٍ ما فعلتُه اليوم.
فتحتُ عينيّ تحت الأرض، تلقّيتُ سيفًا من شجرة العالم، قاتلتُ وحوشًا، وجدتُ شجرةً طويلة، وأغمضتُ عينيّ للحظة. إذن، جثة إيشيد التي ظهرت أمامي فجأةً لم تكن حقيقية على الأرجح.
إذًا، هذا الموقف بحدّ ذاته.
إذا كان الأمر كذلك، فهذا كابوس.
لا بد أنه يُظهر لي أكثر ما أخشاه.
عندما أدركتُ أن هذا كابوس، اختفت جثة إيشيد فجأةً دون أثر.
بدلاً من ذلك، شعرتُ بثقلٍ يضغط على صدري.
فتحت عينيّ. ثم التقيتُ بعينين برتقاليتين تحدّقان بي من الأعلى.
جاثوم، كان وحشًا يجلس على صدور النائمين ويسبّب لهم الكوابيس.
عندما أدرك الوحش أنني استيقظت، هرب.
ما زلتُ متعبةً حتى بعدما كنتُ نائمة.
بينما كنتُ أدير كتفي المتصلّبة، لاحظت عينين تتلألآن في الظلام.
كان الجاثوم الذي هرب للتوّ يراقبني من بعيد.
هذا الوحش من الدرجة الدنيا ولا يملك قدراتٍ قتالية لأنه يعتمد فقط على امتصاص طاقة الضحية عبر الكوابيس.
لذت كان ينتظر أن أعود للنوم.
لكنني لم أرغب في رؤية ذلك الكابوس مرّةً أخرى.
حلم موت إيشيد.
لكن إذا بقيتُ هنا، سأنام مجددًا.
تنفّستُ بعمق، ثم تأكّدتُ من أن المنطقة آمنة ونزلتُ من الشجرة.
كان القمر ساطعًا بشكلٍ غير عاديٍّ هذه الليلة، لذا قررتُ الاستفادة من الرؤية الجيدة والمشي قليلاً.
بينما كنتُ أسير تحت ضوء القمر، وصلتُ إلى البحيرة التي رأيتُها من أعلى الشجرة.
كان سطح الماء الهادئ يتلألأ بشكلٍ جميلٍ تحت ضوء القمر. كان المشهد هادئًا وسلميًا لدرجة أنه من الصعب تصديق أن هذه غابة وحوش.
رؤية الماء جعلتني أشعر بعدم الارتياح فجأة.
لكنني لم أستطع الاقتراب من الشاطئ بسهولة.
تذكّرت نيكسيدا التي رأيتُها في جبال سورون.
مثل البخيل الذي يأكل الأرز فقط ويعلّق السمك على السقف، اكتفيتُ بالتحديق في البحيرة وحاولتُ كبح إحساسي بالأسف.
بينما كنتُ أحدّق في البحيرة بشرود، سمعتُ صوت حفيفٍ خلفي.
التفتُّ على الفور ووجّهت السيف نحو مصدر الصوت.
ظهر مَن تحرّك ببطٍ من بين الظلام الكثيف تحت الأشجار.
“إيشـ… إيشيد؟”
رمشتُ بعينيّ غير مصدقة.
‘هل ما زلتُ عالقةً في كابوس الجاثوم؟’
كما في تلك القصص الشائعة عن الأشخاص الذين يستيقظون من كابوس، لكنهم يدركون لاحقًا أنهم ما زالوا يحلمون داخل الكابوس.
غمرتُ سيفي بهدوءٍ بقوّةٍ مقدسةٍ خفيفة.
ولأنه كان وحشًا من مستوىً منخفض، لكان قد هرب ولو بقدرٍ ضئيلٍ من القوّة المقدّسة.
ولكن مع ذلك، لم يختفِ إيشيد الواقفُ أمامي. بل خرج من الظلام وكشف عن نفسه لي.
ما زلتُ غير متأكدة، لذا حافظتُ على حذري.
هناك العديد من الوحوش التي يمكنها اتخاذ شكل البشر.
حوريات الماء (نيمف) التي تغوي البشر كنّ من هذا النوع، وحتى النيكسيدا.
حتى أن بعض التنانين مثل زيمور بارعين
في التحوّل.
إنهم أذكياء بما يكفي لخداع البشر بسهولةٍ إذا أرادوا.
اقترب مني إيشيد بخطوة.
شددتُ قبضتي على السيف وقلت.
“لا تقترب أكثر. ما هي هويتكَ الحقيقية؟”
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 109"