انتشرت رسالة ميلر، وريث ماركيز آرتوريتو، على الفور بين النبلاء.
وعندما قرأ النبلاء محتوى الرسالة، اشتعلت ضجّةٌ كبيرة.
ليس بسبب الإحراج من خطأٍ في ترتيب خطوبة، بل بسبب التساؤل عن هوية المالِك الحقيقي لمتجر الحلويات.
بينما كان جميع النبلاء في حيرة، تحدّث أحدهم.
“في الواقع، رأيتُ دوقة أستريا في متجر الحلويات يوم الفيضان.”
“دوقة أستريا؟”
أمال الجميع رؤوسهم في حيرةٍ تجاه هذه الشخصية التي ظهرت فجأة.
“نعم، بدا أنها كانت تفعل شيئًا داخل المتجر… وكانت تبدو ودودةً للغاية مع طاهي الحلويات في المتجر واللورد سِيد.”
كلمة ‘ودودة’ لم تتناسب أبدًا مع صورة شاتريان التي يعرفونها.
“ماذا كانت تفعل الدوقة هناك؟”
“بدا أنها كانت تتذوق شيئًا… لكن الأهم ليس ذلك. بدت علاقة الأشخاص الذين كانوا مع الدوقة وكأنها علاقة رئيسٍ بمرؤوس.”
“أوه… مَن كان الرئيس؟”
“بالطبع كانت الدوقة.”
“……”
كان واجهة متجر الحلويات مصنوعةً بالكامل من الزجاج، لذا كان من السهل رؤية ما بداخله.
لذلك كان من غير المحتمل أن يكونوا قد أخطأوا في رؤية ما حدث داخله.
“إذن، هل دوقة أستريا هي مالِكة متجر الحلويات؟”
“ذلك ليس مستحيلًا. ألم يبدأ اللورد سِيد فجأةً في دخول القصر الإمبراطوري عندما كان في العاصمة؟”
عزّزت هذه الحقيقة التكهّنات بأن شاتيريان قد تكون مالِكة متجر الحلويات.
“إذن يبدو أن الدوقة هي حقًا مالِكة متجر الحلويات…”
مَن كان يعلم أن مهارات الدوقة التجارية بهذا المستوى؟
بالإضافة إلى ذلك، فقد أجرت تبرّعاتٍ كريمةٍ باسم المتجر، مما جعل سمعة متجر الحلويات في ذروتها في الإمبراطورية حاليًا.
“يبدو أنها تغيّرت حقًا.”
على الرغم من أن النبلاء أنكروا الواقع غير مُصدقين، إلّا أن ردّ فعل العامة كان مختلفًا.
منذ حفل زفاف إيشيد وشاتيريان، أبدى العامة تعاطفًا خفيًا تجاههما.
وعندما اكتشفوا مؤخّرًا أن شاتيريان كانت أوّل مَن اقترح إنشاء وزارة الرعاية الاجتماعية، أصبحوا تابعين مخلصين لها. نبلاءٌ يهتمّون بهم إلى هذا الحد!
بعد ذلك، أصبحت شاتيريان تُبجّل كفاعلة خيرٍ بين العامة.
لذا كان حادث انفجار الساحة كافيًا لإثارة غضبهم.
وأضاف البطء في تعامل القصر الإمبراطوري الوقود للنار، ومع حزن أولئك الذين فقدوا أفراد أسرهم، نهض العامة للمرّة الأولى ضد القصر الإمبراطوري.
ثم، خلال الكارثة التي تلت ذلك، ساعدت مواد الإغاثة التي قدّمها متجر الحلويات كثيرًا، ممّا عزّز مكانة شاتيريان أكثر.
وكان للتعويضات المالية من وزارة الرعاية الاجتماعية دورٌ كبيرٌ في ذلك.
كان مبلغ التعويضات المُرسَل كبيرًا جدًا، لأن عائلة أستريا تبرّعت بمبلغٍ ضخم.
بعرفان الجميل لشاتيريان التي ساعدتهم بكلّ إخلاص، دعا العامة من كلّ قلوبهم لعودة دوق أستريا بأمان إلى زوجته بعد مغادرته العاصمة.
***
تأخّرت أعمال الإصلاح بسبب تقلّبات الطقس الشديدة.
ومع ذلك، مع انحسار السحب الداكنة في غضون أيامٍ قليلة، توقّعوا أن المطر سيتوقّف قريبًا.
لكن، وكأنها تسخر من توقعاتهم، هطلت أمطارٌ غزيرةٌ منذ الصباح.
ذهبتُ إلى مكتب أورغون لمناقشة أعمال إصلاح الأضرار الناجمة عن الفيضان التي تأخّرت.
ضغط الهواء الرطب بشدّةٍ على صدري.
تنفّستُ بعمق، كشخصٍ يعاني من صعوبةٍ في التنفس، وسألتُ بصعوبة.
“لا يمكن الاتصال به؟”
أومأ أورغون رأسه بخفة.
كانت تعابير وجهه الغارقة في الجدية تشير إلى أنه منزعجٌ جدًا من هذا الموقف.
لكن هل كان منزعجًا مثلي؟
ما أخبرني به أورغون للتوّ هو أن اتصالات إيشيد قد انقطعت.
بما أن إيشيد كان لديه جهاز اتصالٍ سحري، فإن عدم القدرة على الاتصال به يعني وجود مشكلة.
سواء كان عطلًا في الجهاز أو مشكلةٌ في إيشيد نفسه.
بل إن الانقطاع استمر بالفعل خمسة أيام.
كنتُ مشغولةً جدًا بالتجوّل هنا وهناك بسبب أضرار الفيضان لدرجة أنني لم ألاحظ حدوث ذلك.
“أليس هناك طريقةٌ للاتصال به مرّةً أخرى؟”
“إذا ما اتصل هو أولاً، لكن حاليًا …”
هزّ أورغون رأسه بإشارةٍ إلى عدم وجود أمل.
“لا يوجد خيارٌ سوى الانتظار حتى يتّصل.”
“هاه. لا أعرف حتى إلى أين ذهب، ولا يمكن الاتصال به.”
هذا شيءٌ لا يمكنني تحمّله دون أن أغضب.
لكن بما أن الهدف ليس أمامي، أشعر بإحباطٍ يحرقني من الداخل.
“مع ذلك، لديّ فكرةٌ عامةٌ عن الأماكن التي قد يكون ذهب إليها، لذا أنوي إرسال فرسان القصر الإمبراطوري.”
“أورغون، لديّ شعورٌ سيءٌ جدًا.”
لم تكن دقات قلبي المتسارعة بسبب الغضب فقط.
ضغطتُ على صدري بيدي. شعرتُ بخفقانٍ قويٍّ تحت راحتي.
“لا تقلقي كثيرًا. سيعود قائد الفرسان دائمًا سالمًا.”
نعم، أعرف. أعرف ذلك لكن …
عضضتُ شفتيّ مع شعورٍ غامضٍ بعدم الارتياح مصحوبًا بالقلق.
“شاتيريان.”
“ماذا؟”
رفعتُ نظري والتقيتُ بعيني أورغون.
رأيتُ ضوءًا خفيفًا يلمع في عينيه الذهبيتين.
“إذا كنتِ قلقةً جدًا، هل تريدين الذهاب للبحث عن إيشيد معي؟”
فتحتُ عينيَّ مندهشةً من هذا الاقتراح.
كان اقتراح أورغون، الذي كان دائمًا يظهر قلقه من تعرّضي للأذى، غير مألوف.
هذا الشخص لا يفعل مثل هذه الأشياء عادةً…
نظرتُ إلى أورغون بشك.
“هل أنتَ مريض؟”
مددتُ يدي ولمستُ جبينه. كان دافئًا قليلاً، لكنه لم يبدُ مريضًا.
نظرتُ إليه وهو يبتسم ابتسامةً غامضة.
“هل تعرف أين هو؟”
“هناك طريقةٌ سهلةٌ للعثور عليه.”
“ما هي؟”
“هل تتذكّرين القبو السري حيث تم العثور على الراكون؟”
“نعم.”
“الرسمة على الأرض هناك. ليست مجرّد رسمةٍ عادية، بل هي دائرة نقل.”
“دائرة نقل؟ هل تقصد تلك التي تمكّنكَ من الانتقال بسهولةٍ إلى مكانٍ به دائرةٌ مماثلة؟”
“نعم. تلك التي تسمّى أيضًا البوابة.”
تذكّرتُ الرسمة التي رأيتُها في القبو.
كانت بنفس شكل الرسمة المنقوشة على أعمدة المعبد في أراضي إمبراطورية أستريا.
“لكن عندما فحصها برج السحر والمعبد، لم يجدوا أيّ شيءٍ خاص.”
“نعم. دوائر النقل القديمة لا يمكن اكتشافها إلّا بقوةٍ مقدّسةٍ كبيرة.”
“إذن…”
“فقط أنا والقديسة يمكننا استخدام دائرة النقل هذه.”
“تسك”
كنتُ أعرف أنني لن أكون في هذه المرتبة.
“لكن لماذا تدعو أنيلا بالقديسة؟”
“ماذا؟”
بدا أورغون مرتبكًا بشكلٍ واضحٍ عند ملاحظتي.
‘لماذا هو هكذا؟’
“ما الذي أثار دهشتك؟ من الغريب أن تدعو أنيلا، التي كنتَ تناديها دائمًا باسمها، فجأةً بالقديسة. هل انفصلتُما لهذا السبب؟”
ابتسم أورغون بشكلٍ غير مريحٍ وحاول تجنّب نظري. يبدو أنهما انفصلا.
“يا لكَ من تافه!”
نقرتُ بلساني.
“هل سنذهب معًا حقًا؟”
“نعم.”
“أريد الذهاب الآن، لكن هناك الكثير من الأشياء التي يجب تجهيزها. ماذا عن المغادرة غدًا؟”
“إذن لنغادر غدًا. لا تحملي الكثير.”
“نعم.”
غادرتُ المكتب بعد أن طمأنته.
***
“أعتقد أن هذا يكفي.”
أومأتُ برأسي بينما أنظر إلى حقيبة السفر البسيطة.
كانت كيرين مشغولةً جدًا بتجنّب رؤيتي وأنا أحزم أمتعتي، حتى لا تحاول منعي.
بابتسامةٍ راضية، حملتُ حقيبتي وذهبتُ إلى مكان الاجتماع.
لكن أورغون لم يكن هناك.
كان الوقت المتفق عليه قد مضى بالفعل.
“هل كان يكذب؟”
أهذا الوغد الكاذب؟!
بينما كنتُ أغلي من الغضب وكنتُ على وشك مغادرة المكان والتوجّه إلى مكتب ولي العهد، رأيتُ أورغون يقترب بخطواتٍ بطيئةٍ من بعيد.
“أورغون!”
ناديتُ عليه فورًا.
“كم الساعة الآن حتى تأتي متأخّرًا هكذا؟”
تأخّر خمس دقائق فقط، لكنني عاملتُه كمجرم.
بدا أورغون مرتبكًا.
“هل اتفقنا على الاجتماع هنا اليوم؟”
نظر أورغون حول القاعة الفارغة.
“لماذا هنا بالذات؟”
كان تعبيره يشير إلى أنه لا يفهم حقًا.
جعلني رد فعله أشعر بالحيرة.
هو مَن اقترح الذهاب لإنقاذ إيشيد، والآن يحاول التملّص…
حدّقتُ فيه بعينين ضيّقتين.
“تيري، هل تقومين بشيءٍ خطيرٍ مرّةً أخرى؟”
“خطير؟ لقد اتفقنا على الذهاب معًا…”
حاولتُ أن أشرح له سبب وجودي هنا، لكن خطرت لي فكرةٌ فجأةً فأغلقتُ فمي.
نادى أورغون على أنيلا بالقديسة بالأمس.
وناداني بشاتيريان. بدلاً من اسمي المستعار ‘تيري’.
الآن، أورغون لا يتذكّر حتى ما حدث بالأمس…
“تيري؟ ما الخطب؟”
نظرتُ إلى وجهه البريء وأخرجتُ زفيرًا طويلاً.
بالطبع، أورغون لن يقترح الذهاب إلى مثل هذا المكان.
أورغون بالأمس لم يكن أورغون.
ربما كان أورغون ممسوسًا بشيءٍ ما في ذلك الوقت.
هناك آلهةٌ واحدةٌ فقط يمكنها فعل مثل هذا.
آلهة الرحمة التي كانت ت
ظهر غالبًا في أحلامي.
أخبرتني الآلهة عن دائرة النقل في القبو بالأمس.
كان ذلك بمثابة دعوةٍ لي لاستخدام دائرة النقل.
ما الذي يوجد هناك حتى تحاول الآلهة جذبي إلى ذلك المكان؟
حاولتُ فهم نواياها بينما كان عقلي يعمل بسرعة.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات لهذا الفصل " 101"