حتى لو كانا عاشقيّن ، أليسَ ذلِكَ مجرد وهم ؟ ما معنى هذا العقد إذن ؟
لم يكونا في علاقة حقيقيّة ، لكنهُ استمر في التصرف على هذا النحو . استمر في إظهار تلك الردود .
“ كأنهُ يُحبني حقًا ”
تاهت عينا كلوي للحظة قبل أن تعودا إلى تاهيز . في ضوء الفجر الخافت كان تاهيز يواجِهها مُباشرة .
لم تعتقد كلوي أنهُ يُحبها . كانت تعلم أنهُ يعاملها بِتميز عن الآخرين ، لكنها رأت أن لِذلك سببًا . أقنعت نفسها أن هذهِ المرة أيضًا ، ربما كان مجرد كلام قالهُ دونَ معنى عميق .
لذا ظنت أن هذا الوخز الذي شعرت به كان مجرد دهشة مِن كلمات غير متوقعة . فهكذا فكرت .
“ أنتَ لطيف حقًا ، هيز . أتساءل لماذا لا يُلاحظ أحد هذا الجانب مِنك ”
فتحت كلوي فمها وتحدثت بخفة .
سرعان ما ارتسمت إبتسامة نقيّة على شفتيّها .
“ بِفضلك ، كانَ الأمر مريحًا . من المؤسف أننا لم نتمكن مِن فقس الفينيق هُنا ، لكننيّ سأُريك إياه عِندما يستيقظ لاحقًا . وبالطبع ، البيري أيضًا ”
“ أتطلع إلى ذلِك ، كلوي ”
شعرَ تاهيز بِمزيج مِن المشاعر الإذاء من رد كلوي العابر ، لكنهُ لم يستطع تحديدها بِدقة .
كان ذلِكَ طبيعيًا ، إذ لم تكُن تعرف نواياهُ الخاصة أو لماذا قال تِلكَ الكلمات .
لذا ، كعادتهِ ، لم يستطع سوى الرد بِهدوء .
“ ما زال هُناك وقت حتى الصباح ، فما رأيُك في الراحة قليلاً ؟ نحن عائدون إلى الدوقية الكُبرى الآن ، أليسَ كذلك ؟”
“ أجل كلوي . بِما أننا قضيّنا على سبب الشذوذ ، نُخطط للعودة ”
“ لو لم يكُن هذا المكان محظورًا ، لكنا استخدمنا دائرة السحر الانتقاليّ ، وهوَ أمر مؤسف ”
كان سحر الفضاء مُعقدًا ، وأنماط المانا غير الطبيعية في غابة الشتاء قد تسبب تداخُلاً . بالنظر إلى الأمور الرهيبة التي قد تحدث إذا فشل الانتقال ، كانَ من الأفضل توخي الحذر .
“ لا مفر من ذلك . مع ذلك ، اعتنِ بنا حتى نُغادر هذا المكان ”
“ اُترك الأمر ليّ . سأذهب الآن ، فلنلتقِ عِند الإفطار ”
“ أجل كلوي . أراكِ بعد أن ترتاحي ”
أومأت كلوي لوداع تاهيز وبدأت بالابتعاد، لكنها توقفت . استدارت إليه للحظة واقتربت دون تردد .
“ تاهيز ”
“ ما الأمر ؟”
تساءل تاهيز إن كان هُناك شيء آخر لمناقشته ، بينما كانت عيناها البُرتقاليتان تنظران إليه بِهدوء . شعرت بِحضور أعضاء البعثة الذين استيقظوا وبدأوا بالتحرك للاستطلاع .
نعم ، لأن هُناك أشخاص آخرين .
وضعت كلوي يدها على صدر تاهيز بِابتسامة رقيّقة . تذكرت سبب تصرفها مرة أُخرى وارتفعت على أطراف أصابِعها .
نعم ، لأن هُناك أشخاص آخرين .
أعطت كلوي قُبلة خفيّفة على أذن تاهيز وغمزت لهُ .
“قبلة صباحيّة . لأنكَ حبيبي ”
ردت بِهذه الكلمات ، ثُمَ غادرت المكان دونَ تردد . تبعت خطواتها الخفيفة نظرات فريق الاستطلاع المُتفاجاة .
خفض تاهيز ذراعهُ المرفوعة بتردد ، التي كان على وشك استخدامها لدعمِها .
ثُم رفعها مُجددًا ليلمسَ عُنقه .
شعر بشيء مألوف ، كما لو كان قد مر بشيء مُشابه من قبل .
“ …… ”
بشفتين مغلقتين بإحكام ، استدارَ بِحدة . ومن ثُمَ من زاوية لا يُمكن لأحد رؤية وجهه منها وقد أمر أمرًا .
“ هذا المسارُ آمن ، انتشروا وافحصوا بقية الجوانب ”
“ نعم ، سمّوك !”
وقفَ تاهيز ساكنًا ، يستمع إلى صوت فريق الاستطلاع وهوَ يتفرق . بقيت حرارة خفيفة على جسده وهوَ واقف دونَ حراك .
كانت الحرارة ارتفعت من استطلاع بعيد في وقت مبكر .
على الأقل ، فهكذا ظن .
* * *
كانت الرحلة من غابة الشتاء إلى أراضي ديراهين هادئة .
تحركوا بِسرعة ، يشهدون انخفاض سلوك الوحوش الغير الطبيعي في الوقت الحالي .
بما أنهم كانوا يعيدون تتبع خطواتهم ، تقلصَ وقت الوصول إلى وجهتِهم بشكل كبير .
عاد فريق البعثة ، بعد أسبوع من استرجاع الفينيق ، رافضين دعوة الفيكونت ديراهين للمأدبة ، وتوجهوا إلى الدوقية الكبرى .
“ أراكَ لاحقًا ، هيز ”
“ تعبتِ كثيرًا يا كلوي . لنبقَ على تواصل ”
انفصلت كلوي عن تاهيز عند بوابة الانتقال واتجهت مباشرة إلى برج السحرة . رافقتها بيضة الفينيق ، ملفوفة بجلد ترول الثلج .
وقفت على دائرة الانتقال بين الطوابق في برج السحرة ، وانتقلت إلى الطابق العلوي بدلًا من غرفتها الخاصة أو مختبرها .
تجاوزت الإجراءات الرسمية بنمط المانا الذي يسمح بالدخول الحُر ، ودخلت غرفة الانتظار دونَ إعلان ، حيث استقبلها إسريون .
بدا وكأنهُ توقع وصولها ، إذ كان الشاي لشخصين جاهزًا .
قاطعت كلوي إسريون مُباشرةً ، فهو الذي ابتسمَ بحرارة . فإذا خفضت حذرها ، قد تُغادر بعد مناقشة مواضيع غير مُهمه مع هذا الرجُل الماكر .
على الرغم من أن العادة بين السحرة تقتضي على الخوض في صلبِ الموضوع عند اللقاء ، تظاهر إسريون بالحزن ، مُنحنيًا كتفيه . تنهد بعمق وحركَ نصف ملعقة عسل في شايه .
“ هل أصبحتُ عجوزًا لدرجة أنكِ لن تحييّنيّ حتى ؟ كلوي التي عرفتُها مُنذ أن كانت طفلة …”
“ لقد عُدت يا أستاذي . هل كُنتَ بخير ؟”
“ أوه ، بالطبع . اجلسيّ وجربي هذا الشاي . إنه مزيج جديد طورتُه ، فأود سماع رأيُكِ ”
تراجعت كلوي على مضض وجلست مُقابل إسريون .
استقرت بيضة الفينيق ، التي كانت تطفو ، على الكرسيّ الفارغ بجانبها .
لحسن الحظ ، كان الحديث العابر قصيرًا .
بعد تبادل الآراء الطفيفة حول الشاي الجديد ، انتقل الأستاذ والتلميذة بسرعة إلى الموضوع الرئيسي .
“ هل تركت الفينيق في غابة الشتاء ، أُستاذي ؟”
“ لماذا سأفعل هذا ؟”
لم تجد كلوي ردًا على صوت إسريون المُتفاجئ . فكرت أن هذا لا يبدو منطقيًا أيضًا .
فمجرد أن فكرت أنَ قلة فقط قادرون على فعل هذا الأمر ، فجاءت إليه أولًا .
ساحر عالي المستوى فقط يمكنه وضع بيضة فينيق في منطقة محظورة مع فلاجما .
“ المُشكلة أنهُ لا يوجد سبب لساحر لفعل هذا ”
ما لم ينوِ أخذها لتربيتها .
نظرت كلوي إلى البيضة بجانبها بتعبير مضطرب . مُغطاة بجلد أبيض ، كانت تتمدد وتنكمش باستمرار .
بدت الحرارة التي أطلقتها في غابة الشتاء محاولة يائسة لرفع درجة حرارة المُحيط ، وبمجرد أن تم ضخ مانا النار بثبات ، هدأت وتنفست بهدوء .
“ إذن، ألم تعلم أننيّ سأصادف فينيقًا هُناك ؟”
“ رأيتُ أنكِ ستربين فينيقًا في مثل هذا الوقت تقريبًا كلوي . لكن من المُدهش أن تكون هذهِ الصلة قد حدثت في غابة الشتاء ”
أجابَ إسريون بابتسامة لطيفة . قبلت كلوي ذلك ، مُدركة أنهُ ليسَ لديه سبب للكذب . لا فائدة من الشك في الساحرِ الأعظم .
“ بِالمناسبة ، هل تعرف كيفَ أفقس فينيقًا ؟ حسب ما أعرف ، كان يجب أن يفقس الآن ، لكن لا علامات لذلك. ”
“ حسنًا … ألا يبدو الأطفال دائمًا كما هم ثم ينمونَ فجأة بين ليلة وضُحاها ؟ مثلكِ تمامًا يا كلوي . هاهاها .”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 32"