توقفت نظرة كلوي على النار التي تتراجع ، ثُمَ عادت إلى تاهيز .
” إذا تشتت تركيزُك ، قد تتأذين . سأحميكِ ، فوجهيّ انتباهكِ إلى الفينيق “
فهمت كلوي كلمات تاهيز ، لكنها لم تفهم دوافِعه فقد تساءلت في داخِلها .
” لماذا ؟“
لم يكُن هُناك سبب يدفعه لتحمل مثل هذا الخطر . أم أن هناك بندًا في العقد قد فاتها ؟
رمشت كلوي بِعينين مُرتبكتين ، وفقدت توازنها حين هزّت الأرض . كان تاهيز أسرعَ في الإمساك بِها من قدرتها على تثبيت نفسها بِقدمها المائلة قليلاً .
لامسَ درعهُ الصُلب ظهرها . فشعرت بِذراعيّه تُحيّطان بِخصرها بأمان ، وأنفاسهُ تهبط قرب أذنها . سمِعت صوت الحصى الصغيرة تتساقط بجانب وجهها .
استمر صوت تاهيز كأنَ شيئًا لم يكُن .
” كلوي “
كان نداءً بسيطًا ينتظر ردًا لكن كلوي ، التي فوجئت دونَ سبب واضح ، قد تلعثمت .
” شـ.. شكرًا “
” أجل ، كلوي “
أخذت الساحِرة نفسًا عميقًا وأخرجته .
كانت اللحظة حرجة ، لا مجال فيها لتشتُتِها بشيء غريب .
سرعان ما تسربت المانا المصفاة حديثًا عبرَ دائرتها السحرية إلى الجحر ودرعِ الجليد .
” أرض تصلبي . الجليد تمسكي “
تعويذتان عنصريتان . لعقت كلوي شفتيها الجافتين بعد أن أعدت جهاز أمان بِتعويذتين مزدوجتيّن . كان الجزء الأصعب على وشكِ أن يبدأ .
” نار “
عند التعويذة الثالثة عبست كلوي وهيَ تصب قوتها في السمة المتناقضة .
استهلاك حجريّ مانا عاليّ الجودة لتعزيز القوة جعلها تشعرُ بالغثيان . وفي المُقابل ، تلقت قوة هائلة تتجسّد في إرادتها.
” أرتفعي ، أحترقي ، أغليّ ، أفيضي “
تصوريّ الصورة .
ثُمَ انبثقت النيران الحمراء الزاهيّة مِن السحر المُتعدد الطبقات .
اندفعت الحُمم النارية مباشرةً نحوَ الفينيق خلف جِدار الجليد . و ملأت الفضاء ، ممزقةً النيران الرقيقة نسبيًا .
” ها …”
كتم تاهيز أنفاسه دونَ وعيّ .
حتى مع الجليد السميّك كحاجز ، اندفعت الحرارة إليّه . اخترقَ الهواء الساخن ، المحمى بِالحُمم المصبوبة بِاستمرار ، رئتيه .
” لماذا تُهاجمه الفينيق ؟“
ألم تقل إنها ستنقذه ؟
كان مُتحيرًا لكنهُ لم يسأل . بدلًا من ذلك ، استعد لانتزاع كلوي والفِرار إذا ذاب الجليد بِسرعة كبيرة .
كلوي ، المُركزة على الفينيق ، بدت غير مدركة أن الأرض بدأت تهتز مُجددًا .
” نار “
استحضرت كلوي النار مرة أُخرى . تحولت الأحرف السحرية ذاتها إلى حُمم وانسكبت على الفينيق . تكسر حجر مانا آخر بِسرعة ليؤدي غرضه .
أغمضت عينيّها المُتعبتيّن .
ما كانت تفعله الآن لم يكُن مجرد صدى لمانا لِعُنصر موجود . بدءًا من تحويل سمة المانا ، كان الأمر أصعب بِأضعاف بسبب التصفية في ، التعزيز ، والتكديس .
من خلال تلك العمليّة الشاقة ، كانت تهدف إلى شيئيّن .
شفاء الفينيق وفقسه .
” أليسَ بعد ؟“
وسعت كلوي حواسها لفهم الوضع داخل بحر النيران .
للوهلة الأولى، بدا وكأنها تهاجم الفينيق، لكن الحقيقة عكس ذلك . كان عليّها مواصلة إلقاء التعاويذ لأنهُ كانَ يلتهم الحِمم بشراهة .
نوع أسطوري يُعرف بتجسيّد النار . يُمكن للفينيق امتصاص النار فوق درجة حرارة مُعينة وتحويلها إلى مواد حيوية . يمكِنُها شفاء الجروح وحتى النمو .
لهذا كانت كلوي تدفع نفسها لصب السحر فيه .
” كلوي ، هل ما زال بعيدًا ؟“
” أريد أن أصدق أنهُ … قد انتهى تقريبًا “
كان تصريحًا غير معهود مِن كلوي ، التي كانت دائمًا واثِقة .
مهما تعلمت عن الأنواع الأسطورية أثناء دراسة الجنيّات ، كانت هُناك حدود . لم تغِط الكُتب في هذا الموقف ، لذا لم يكُن أمامها سِوى الاستمرار حتى تظهر النتائج .
” نار “
كان هذهِ المُحاولة العاشرة أو أكثر .
تحطم حجر مانا آخر، و ارتفع لهب كثيّف .
جسدُها ، الذي أصبحَ قناةٍ للمانا المُفرطة في وقت قصير ، ارتجفَ بِرفق . و هزت الأرض معها .
“. احترسي !”
دوى صوت ارتطام .
نقرَ تاهيز بِلسانه على المدخل المُنهار وهوَ يُعانق كلوي لتجنب الصخرة كبيرة .
كانَ جِدار الجليّد قد ذابَ تقريبًا ، وأصبحت النيران المتذبذبة مرئية بِوضوح .
سيطرت فكرك في رأسه بأنه يجب عليه الانسحاب مُبكرًا ، لكنهُ لم يستطع ترك كلوي أو أخذها قسرًا .
وجدَ تاهيز السبب في العقد .
” لأنني وافقت على احترام رأيها “
تجاهل أن ذلِكَ كان بندًا يتعلق بالرومانسية . تجاهل أيضًا أنهُ كان بإمكانه الفرار بِمفرده . بررَ أنهُ كان يتعاون ولن يتراجع عن كلمته .
لأنه لم يرد أن يرها تتأذى .
لأنه لم يرد أن تكرهه .
لم يعتقد أن هذا كان السبب .
” شُـ..شُكرًا . حاولت أن أنهيّ الأمر بسرعة …”
” لا بأس . فحتى لو إنهار الجحر ، يمكننا الفرار ، أليس كذلك ؟“
” بالطبع “
دفعَ كلوي الإرهاق الشديد جانبًا وأعادت إنشاء درع الجليّد . أصبحَ تنفسها ، الذي كان غير مريح في الهواء الساخن ، أكثر سهولة .
أوقفت السقف الذي بدأ ينهار على عجل وتفقدت الفينيق ، الذي التهم كُل النيران .
” على الأقل اختفت الأعراض غير الطبيعية الآن “
تنهدت كلوي بِراحة ، مؤكدة أن الأجزاء المتشققة قد استعادت سلامتها .
كانت بيضة الفينيق. ، التي كادت تسحب نارها المنبعثة ذاتيًا ، أكبر بِكثير من ذي قبل .
على الرغم من أنها أجهدت نفسها لتفقيّسها في المكان الذي بقيت فيه أطولَ وقت ، بدا أن عليها الاستسلام لذلك .
” رُبما تكون هُناك شروط أُخرى مطلوبة “
بعد أن أنهت التنظيف ، رفعت كلوي البيضة مرة أُخرى .
ملفوفة برفق بالريح ، طفت بِحذر دون أي حوادث هذهِ المرة . حلقت بِهدوء ، دونَ أن تصدر الحرارة غير المستقرة بألوان متنوعة كما كانت عندما رأتها أول مرة .
شعرت كلوي بالارتياح ، ابتسمت بِخفة ونظرت إلى تاهيز .
” لِنعُد “
* * *
خرجت كلوي وتاهيز بِسلام من الجحر .
تنهدَ أعضاء البعثة ، الذين فروا أولاً وكانوا يحفرون عِند المدخل المنهار ، براحة عند رؤيتِهما .
انتهت أنشطة اليوم هُن . تحت قيادة تاهيز ، نُصبت الخيام بالقرب من الموقع حيث كان الجُحر .
كان الفينيق مختومًا مع كلوي ، لكن بما أن ذلِكَ المكان كان مصدر الحرارة ، لم تستطع رياح غابة الشتاء التسلل دون سحرٍ واقٍ .
تلاشى النهار الساطع . بعد ليّل عميق ، و حل الفجر .
” عِندما نعود إلى برج السحرة ، سأُنشى بيئة مُناسبة لك “
تحدثت كلوي بِلطف إلى الفينيق . و بالطبع ، لم يكُن هناك رد .
كانت البيضة ، التي تطفو بِهدوء فوق دائرة سحرية متعددة الطبقات ، تبدو هادئة ضمن نطاق الحرارة العالية المحدد .
” كيف انتهى بي الأمر مع بيضتيّن ؟“
و كانتا لبيري وفينيق . أنواع أسطورية لا تُرى حتى في جُزر السماء .
تساءلت كلوي عن سبب وجود الفينيق في غابة الشتاء ، ففكرت في إسريون . كان الشخص الوحيد الذي خطرَ بِبالها ، لكن لو رأى الفينيق ، لكانَ هوَ الساحر الذي يأخذه ويرعاهُ بنفسه .
” تنهيدة …”
كان يومًا طويلًا . استلقت كلوي في كيس نومها ونظرت إلى السقف .
بعد أن نامت واستيقظت ، لم تغمض عينيها فورًا .
وهي ترمش بلا أي هدف عادت أحداث اليوم تتردد في عقلها .
لم يكُن الخروج من الجحر صعبًا بشكل خاص .
كانت تُحرك الأرض التي كانت تتحكم بها طوال الوقت .
لكن ، بما أنها كانت مرهقة بالفعل ، خرجت في أحضان تاهيز بدلًا من استخدام سحر الطيران .
بمجرد أن بنت دائرة سحرية للفينيق احتياطيًا ، غفت كما لو أُغمي عليها واستيقظت للتو .
” ….. “
شعرت كلوي بخصرها دون تفكير .
كانت المرة الأولى التي يحتضنها فيها شخص آخر لوقت طويل ، وكان ذلك الشعور الغريب بالطفو يترنح في عقلها .
كانت غير مُعتادة على أن تُحمى . جعلها ذلك تشعر بأنها مدينة دون داعٍ .
شعرت بذلك أكثر لأنه شيء لم تطلبهُ مِنه .
شعرت كلوي بالقلق ، فقامت وغادرت الخيمة . كانت قد نامت بما فيه الكفاية وتحتاج إلى مراقبة التغيرات في غابة الشتاء .
” الهواء لا يزال جيدًا “
عبرت المخيم ببطء ، فكانت تقيس المانا في الجو . كانت رياح غابة الشتاء تتحرر تدريجيًا من تأثير الفينيق ، لكنها لم تكُن حادة كالحجاب .
تبادلت تحيات خفيفة مع العضو في نوبة الليلة وتجولت في المنطقة كما لو كانت تتمشى .
في هذهِ المنطقة ، ذاب الثلج وسُمع صوت حفيف مع كل خطوة .
ماتت العديد من نباتات الشتاء بسبب الفينيق .
كنست كلوي الأعشاب تحت شجرة بيدها بأسف ، ثم استدارت عِندما شعرت باقتراب حضور .
” استيقظتِ مُبكرًا “
” تيس “
استقامت مِن انحنائها وسلمت على تاهيز . بدا أنهُ عاد من استطلاع بعيد ، فقد كان الثلج على ملابسه .
” نمتُ كثيرًا . هل استراحت ؟“
” استرحتُ بما فيه الكفاية “
على الرغم من أنه لم يبدُ أنه أخذَ قسطًا كبيرًا من الراحة ، أومأت كلوي برأسها .
الأهم من ذلك ، كان لديها ما تقوله له .
” لم أستطع شكرك بشكل لائق أمس لأننيّ كنتُ مشغولة . شُكرًا على مساعدتِك “
” أنهُلاشيء …”
” لكننيّ كنتُ بخير بمفردي “
قاطعت كلوي كلام تاهيز .
إذا كان قد عرض حمايتها لأنهُ رآها ضعيفة ، فكانت سترفض .
كان ذلك يجرح كبرياءها كساحرة ، ولم ترد أن يتأذى محاولًا مساعدتها دون ضرورة بسبب سوء فهم .
كانت الأمور قد مُررت في الميدان ، لكن حان الوقت لمعالجتها الآن .
” لم يكُن عليك البقاء هُناك عمدًا . كنت سأكون أكثر حذرًا لوحديّ ، لذا لم أكن لأتأذى …”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات