استمتعوا 

 

كان من المدهش بما فيه الكفاية وجود أوغر عند المدخل، لكن الأنباء عن تجمع ثلاثة أنواع كبيرة تعمل بمفردها كانت أكثر جدية. بهذا، يمكن القول بأمان إنه نذير بموجة وحوش، وتجهم وجه تاهيز.

 

“سنسقطهم هنا. كلوي، هل يمكنكِ المساعدة؟“

 

كانت الوحوش في المنطقة المحظورة أصعب بكثير في القبض عليها من نظيراتها في أماكن أخرى. ذلك لأنها تكيفت مع الطبيعة الخاصة واكتسبت صفات متفوقة.

 

في حالة غابة الشتاء، كانت جميع الأسطح الخارجية سميكة وقاسية للغاية لتجنب التقطيع بالريح الحادة. وإن كان خبيرًا من الطراز الأول في السيف، لم يكن عاجزًا عن التعامل معها كلها، لكن إذا وقعت إصابات بين الفرسان أثناء التعامل معهم واحدًا تلو الآخر، ستكون خسارة في القتال.

 

“حسنًا… سيكون ذلك بمثابة تمرين.”

 

أجابت كلوي بعد أن ألقت نظرة حولها. بفضل الدائرة السحرية التي لا تزال محافظة عليها، لم تكن بحاجة إلى التحكم بالريح الهائجة وكانت مسترخية.

 

من المفاهيم الخاطئة الشائعة بين شعوب القارة أن السحرة السود متفوقون في السحر الهجومي.

 

‘لماذا نهتم بالدم ونحن نستطيع دفنهم أحياء؟‘

 

يا له من إهدار للمواد.

 

لعقت كلوي شفتيها وهي تؤكد رأس الأوغر في المسافة.

 

تاهيز، الذي شاهد ذلك، انتفض متسائلاً إن كانت قد تذوقت أوغر من قبل، لكنه لم يُظهر ذلك.

 

“سننظف المقاصة قبل وصولهم. سأتولى الواحد في الوسط حال دخوله المحيط، لذا الفريق الأول سيتولى الواحد على اليسار. الفريق الثالث سيساعد الساحرة ويتولى الواحد على اليمين، بينما الفريق الثاني سينسحب مع وحدة الرقباء ويراقب الوحوش القريبة. نفذوا!”

 

“نعم، سموك!”

 

تبع الرد المنضبط صيحة تاهيز وهو يسحب سيفه ويتحرك.

 

بين الفرسان الذين نظفوا الخيام بسرعة وانتقلوا إلى مواقعهم المحددة، توجهت كلوي بهدوء إلى اليمين.

 

‘يبدو أنني بحاجة فقط لإسقاط واحد. سأنتهي بسرعة وأراقب.’

 

كانت قد رأت تاهيز يقاتل في القصر الإمبراطوري، لكن التعامل مع الوحوش كان مختلفًا. كانت فضولية حول كيف سيتعامل الفرسان مع الأوغر، الذين يتجاوز متوسط طولهم 10 أمتار، وانتظرت حتى يقتربوا.

 

مع اقتراب الوحوش الكبيرة الثلاثة، حدثت هزة خفيفة في الأرض مع كل دَوْسَة. كانت خطواتهم المتسارعة تلوح خلف الأشجار الطويلة.

 

“انتظروا.”

 

بأمر تاهيز، كتم الجميع أنفاسهم وانتظروا الهجوم. كان نطاق دائرة سحر الريح يغطي المخيم فقط، لذا سيستغرق الأوغر وقتًا أطول قليلاً للدخول. لكن الضغط الواضح بالفعل جعل بعض أعضاء الفريق يبتلعون ريقهم.

 

للقبض على نوع كبير نمطي دون ضرر، يجب أن يكون المرء على الأقل خبيرًا متوسطًا. الوحوش المحظورة تُصنف بمستوى أو اثنين أعلى، لذا فقط شخص مثل برين، خبير عالي المستوى على الأقل، يمكنه التعامل معها.

 

الفريق الأول مع قائد الفرسان على اليسار، الدوق الأكبر في الوسط، والساحرة مع الفريق الثالث على اليمين. المجموعات، المقسمة بطريقة متوازنة إلى حد ما، استهدفت كل منها الوحوش وهي تغزو المنطقة.

 

“هاجموا!”

 

عند الكلمة، اندفع تاهيز أولاً، مطلقًا هالة كثيفة. قطع إصبع قدم الأوغر المركزي الكبير بأناقة وانزلق بين ساقيه، جاذبًا المفترس الغاضب بعيدًا عن المجموعة.

 

بينما أخذ الدوق الأكبر، الأكثر حركية في غابة الشتاء، واحدًا بعيدًا، تحرك الفريقان المتبقيان في المنطقة الفسيحة الآن.

 

“اتبعوا الخطة! الفرقة أ، اجذبوا الانتباه، والفرقة ب، استهدفوا الكاحلين فقط!”

 

“نعم!”

 

على عكس الفريق الأول، الذي اندفع فورًا نحو الأوغر على اليسار، نظر الفريق الثالث إلى كلوي. دورهم كان مساعدة الساحرة، لذا دون أوامر محددة، حافظوا فقط على حمايتها وجذبوا انتباه الأوغر.

 

‘سيسقطونه منفصلين.’

 

كنتُ أظن أنني سأرى مهارة ما.

 

دون أي شعور بالأزمة، نظرت كلوي إلى حيث اختفى تاهيز ثم ألقت نظرة على الأوغر الموكل إليها. كان الدوق الأكبر قد ضمن مساحة القتال، مما جعل من السهل على الفرسان تشتيت الوحش.

 

“الجميع، تراجعوا.”

 

“هل أنتِ متأكدة؟“

 

أومأت لرئيس الفريق المتردد، ومدت يدها بلا مبالاة. استنشقت بعمق، وواجهت كفها للأمام وحدقت مباشرة في الأوغر.

 

“أيتها رياح، اهدئي.”

 

اختنق هواء الأوغر تحت تأثيرها. حاول الوحش، الذي لم يعد قادرًا على التنفس فجأة، أن يستنشق بقوة، لكن مع قبضة يد الساحرة، شعر بضغط أكبر فقط.

 

الوحش، عاجزًا عن استيعاب الموقف، تقلب ملفوفًا بالريح. وإن أبطأت الحركات، لم توقفها، وضيقت كلوي عينيها وهي تسحب سحريًا فارسًا كاد يُسحق تحت القدم الضخمة.

 

‘إنه أقوى مما ظننت.’

 

يبدو أن الرياح وحدها لا تكفي.

 

تركت قبضتها مشدودة كما لو كانت تعصر حلق الأوغر، ومدت كلوي يدها الأخرى للأعلى، ساحبة مانا من قرطها. الإرادة، المصفاة والمعززة عبر دائرتها، غرست الأرض.

 

“أيتها أرض، ارتفعي وقيّدي.”

 

استجابت الأرض تحت الثلج الأبيض للتعويذة المزدوجة، وقيدت ساقي الوحش. أمسكت الأرض بجسد العملاق المائل وذراعيه، حاصرته وهو يسقط.

 

───!!

 

“امتصي. قيدي. غطي. صلبي.”

 

قاوم الأوغر بشراسة، لكن مع كل تموج في الرون، خضع بلا حول ولا قوة. عاجزًا عن الصراخ بسبب انسداد الهواء، جعلت مقاومته، المسحوبة إلى الأرض، المحيط يرتجف كما لو حدث زلزال.

 

‘مزعج.’

 

بعبوس خفيف، دوست كلوي الأرض بلا مبالاة بقدم واحدة. تابعة إرادتها، استقرت الأرض الضاغطة على الأوغر بسرعة.

 

دَوْسَة!

 

“أوغ!!”

 

“نيل!”

 

تشتت انتباه أحد فرسان الفريق الأول بسبب صيد الساحرة الأحادي، فأصابته يد أكبر من جسده وأُرسل طائرًا. على الرغم من حماية نفسه بالهالة قدر استطاعته، تكسرت عظامه في عدة أماكن، مما منعه من النهوض، وهرع رفيقه لملاحقته.

 

“يا أحمق…”

 

التفت الفارس، الذي دعم الرجل بسرعة للتراجع إلى مكان آمن، عند شعوره بإحساس بارد. وفي اللحظة التي كادت شجرة مقتلعة أن تسقط عليهما، قُطعت إلى نصفين بصوت “هَوَس“.

 

“يبدو أن تدريبك كان ناقصًا.”

 

“سموك! “

 

تاهيز، الذي تدخل في الوقت المناسب، قيّم الموقف. الأوغر، الذي قُطعت أوتاره، زأر غاضبًا، متدحرجًا على الأرض وكنس المنطقة.

 

“أين الآخر؟“

 

“دفنته الساحرة في الأرض.”

 

ظنًا منه خطأً أنها جثة، تمتم تاهيز متعجبًا.

 

“لم أتوقع أن تتخلى كلوي عن مادة ثمينة كهذه.”

 

“آه، حسنًا… دفنته حيًا. قد تسترده لاحقًا.”

 

“همم.”

 

قبل ذلك بسرعة، ألقى نظرة على المنطقة الخالية من الثلج حيث بدا أن الأرض انقلبت. دفنه حيًا كان أسلوبًا عدوانيًا إلى حد ما، لكنه لم يكن في موقف يسمح له بالتعليق، وهو مغطى بدم الأوغر بنفسه.

 

‘يبدو أن الفريق الثالث لم يُصب بأذى.’

 

مسح تاهيز المقاصة بنظره، والتقى بعيني كلوي من بعيد. رؤيتها تبتسم وتلوح له منذ ظهوره، أومأ لها شكرًا باختصار. كان واضحًا أنه بدون مساعدتها لكانت هناك خسائر، وخطط للتعبير عن امتنانه بشكل لائق بمجرد استقرار الأمور.

 

‘أولاً، لننهِ هذا.’

 

خفض تاهيز سيفه الملطخ بالدم واقترب من الأوغر الذي كان الفريق الأول يتعامل معه. الوحش الضخم، الذي لم يتعرض لأذى ملحوظ إلا من الهالة الكثيفة، هز ذراعه بصوت “ووووش“.

 

قفز في اتجاه الهجوم نفسه، هبط على الذراع العريضة وغرس سيفه العظيم فيها. وبينما ركض إلى الكتف مع تفعيل هالته، انفجر نافورة من الدم على طول المسار.

 

ررروااار!!

 

مخلوق صاخب.

 

فكر تاهيز بلامبالاة، متفاديًا اليد التي تتأرجح نحوه. حتى أثناء تفاديه، قطع أصابعه بمهارة، جاعلاً الأوغر يصرخ.

 

قفز من الذراع ودار في الهواء بانقلاب، لف خصره وهز سيفه بعرض. امتدت الهالة للحظة، موجهة ضربة قاضية بقطع نصف رقبة الوحش.

 

غرغرة، غرغرة…

 

على الرغم من الجرح الذي سيكون قاتلاً لمعظم المخلوقات، هاجمت يد العملاق مرة أخرى.

 

نقر تاهيز بلسانه على صلابته، متجنبًا الهجوم بخطوة جانبية. من خلف الأوغر، الذي كان مركزًا عليه بالكامل، قفز برين وأكمل قطع رقبته. وإن لم تنفصل تمامًا، تتدلى بما يكفي لإخماد حياته الهشة.

 

أخيرًا، سقط الجسد الثقيل بصوت دوي.

 

قبل أن يتمكن الفرسان، الذين تنفسوا الصعداء، من التحدث إلى تاهيز، تدخلت كلوي فجأة.

 

“كما توقعت، كانت مهارة رجولية، هيز.”

 

“أنتِ تبالغين في مدحي كلوي. ليس بقدرك.”

 

على الرغم من أنه لم يرَ ذلك، أثنى عليها.

 

ضحكت كلوي بخفة واستدعت ماءً لغسل الدم. وبينما كان تاهيز ينظر بدهشة إلى الغمر المفاجئ، جففته حتى وتحدثت بعفوية.

 

“دم الوحوش التي تعيش في المنطقة المحظورة غالبًا مضر بالجسم. بالطبع، إذا صُفي جيدًا، فالأمر مختلف، لكننا لا نستطيع ذلك الآن.”

 

“…شكرًا. أنا مدين لكِ بأشياء كثيرة.”

 

“ما الذي بيننا؟“

 

خلف تاهيز، شعر برين، الذي كان مبللاً بالدم أيضًا، بالوحدة. غير مدرك لشوق قائد الفرسان المفاجئ لزوجته، كلف الدوق الأكبر بالتنظيف ونظر إلى المكان الذي افترض أن الأوغر مدفون فيه.

 

“الوحش الذي قبضتِ عليه ملككِ بالكامل، لذا لا يتعين عليكِ التسوية وفقًا لنسبة العقد.”

 

“أقدر المشاعر، لكن لا أستطيع. لقد وصلتُ بالفعل إلى حد الجمع الفردي لهذا العام.”

 

“هناك حد؟“

 

لوحت كلوي بيدها لتكشف عن الأرض حيث دُفن الأوغر. الأرض، التي لا تزال تحت سيطرتها وتتحرك بسهولة، كشفت عن الأوغر الميت، محافظًا على مظهره السليم.

 

مع هدير، دفعت الأرض للأعلى واستخرجت الجثة، مجيبة بصوتها المعتاد.

 

“هناك العديد من الأنواع النادرة التي أدى السحرة إلى انقراضها، لذا وُضع مثل هذا الحد. يتعلق الأمر بتحديد الحدود على مواد البحث التي يمكن الحصول عليها مباشرة.”

 

لهذا السبب بذلت جهدًا في عقد صفقات للحصول على مواد البحث، على الرغم من قدرتها على القبض على معظم الوحوش بمفردها.

 

بسبب أولئك الذين جربوا باستمرار مواد معينة حتى حصلوا على النتائج المرغوبة، انقرضت العديد من الوحوش والنباتات مع مرور الوقت. أصبحت العديد من الأطروحات عديمة الفائدة بسبب أنواع لم تعد موجودة.

 

ونتيجة لذلك، فرض برج السحرة الآن قيودًا على الجمع المباشر للكائنات الحية لمنع مثل هذه الأحداث المؤسفة.

 

“فهمت.”

 

تاهيز، الذي خمن الموقف تقريبًا دون معرفة التفاصيل، أومأ موافقًا. وهو يشاهد الرقيب يجمع جثة الأوغر السليمة، تحدث ببساطة.

 

“لكن يمكنكِ قبول هدية من حبيبكِ، أليس كذلك؟“

 

   ( ( 

   („• ֊ •„) ♡ 

━━━━━━O━O━━━━━━

– تَـرجّمـة: ساتورا. 

~~~~~~

End of the chapter