استمتعوا 

 

“إذا كان الأمر كذلك، سأكتفي بإرشادكِ إلى الاتجاه الصحيح.”

 

“رائع. لا تتوتر كثيرًا، فقط استرخِ.”

 

باستخدام تعويذة ريح مألوفة، رفعت كلوي كليهما في الهواء وطارت بسرعة نحو الوجهة التي كانا يتجهان إليها.

 

وإذ كان كايشان يكافح للحفاظ على توازنه في الجو، صرخ فجأة في منتصف الطريق.

 

“يسارًا من هنا! إنه اليسار!”

 

“إلى أي مدى؟“

 

“عند المبنى التالي، انعطفي يمينًا…! يسارًا! سيظهر بعد عبور الحديقة المركزية.”

 

تغيرت الكلمات بسرعة بسبب السرعة غير المتوقعة. في الحقيقة، لم تكن هناك حاجة لتغيير الاتجاهات في كل مرة؛ كان بإمكانهما التوجه مباشرة نحو النقطة المستهدفة. لكنه كان مشتتًا جدًا بتجربته الأولى في الطيران ليدرك ذلك.

 

“ها نحن قد وصلنا.”

 

“لم يكن ذلك بعيدًا.”

 

بعد الوصول إلى المخزن بسرعة، تعثر كايشان قليلاً قبل أن يقف بثبات. لو كان يتنقل بهذه الطريقة بانتظام، لكان المشي محبطًا بالفعل.

 

“حقًا، الساحرة عالية المستوى مختلفة… تطير بحرية دون حتى تعويذة.”

 

“أنا مميزة بعض الشيء.”

 

“هاها، يبدو ذلك بالتأكيد.”

 

فكر كايشان في السحرة القلائل الذين جندتهم العائلة الإمبراطورية وأقرّ بذلك. حتى أولئك الذين خضعوا تمامًا أثناء العقد، والذين نادرًا ما يلتقي بهم كولي عهد، كان ينقصهم الكثير مقارنة بقدرات كلوي.

 

‘يقولون إنها تقترب من مرتبة الساحر الكبير، إذ تستطيع استعادة قصر بأكمله دفعة واحدة.’

 

التدمير سهل. لكن عكس الزمن يقع ضمن نطاق المعجزات.

 

لا عجب أن يوصف السحرة بأنهم من يتحدون قوانين الطبيعة.

 

‘ومما سمعت، إنها التلميذة المفضلة لسيد برج السحرة.’

 

ألقى ولي العهد نظرة على كلوي ثم مرّ بجانب الحراس ليفتح المخزن الضخم.

 

إنها موهبة مرغوبة بشدة. إذا كانت ساحرة تفهم الحب، فلا بد أن هناك طريقة لكسب ودها، أليس كذلك؟

 

… على الرغم من أنه استعد لهذا الأمل بأفضل ما يستطيع، شعر أن ذلك لا يزال ناقصًا.

 

“استغرق الأمر وقتًا طويلاً لتحديد مستوى الكنوز التي سأقدمها. تمكنت من رفع مستوى الوصول إلى أقصى حدود سلطتي، لذا آمل أن يرضيكِ ذلك، آنسة كلوي.”

 

“أنا ممتنة. هل يمكنني التجول قليلاً؟“

 

“تفضلي، ادخلي أكثر.”

 

مثل إسكالانتي، كان للمخزن الإمبراطوري أيضًا نظام قفل مزدوج، فتحرك الاثنان إلى الزاوية. عندما لمس ولي العهد إصبعه في الأخدود المجوف في الأرض، أضاءت دائرة سحرية ببريق. في لحظة، رُفع السحر الأمني متعدد الطبقات، وانفتح الباب المكشوف إلى الجانبين.

 

ظهر سلم يؤدي إلى تحت الأرض، لكن انتباه كلوي كان منصبًا بالكامل على بقايا السحر.

 

“كما توقعت… يبدو أنه مصمم ليُفتح فقط من قبل العائلة الإمبراطورية؟“

 

“تعرفتِ عليه بالفعل. سمعت أن إمبراطورًا سابقًا، قبل عدة أجيال، كلف سيد برج السحرة خصيصًا بذلك.”

 

بينما سحب كايشان إصبعه النازف قليلاً، لمعت عينا كلوي. الدوائر السحرية التي تُفعّل بالدم نادرة للغاية، ولم ترَ الكثير منها بنفسها. إذا كانت من النوع الذي يستجيب فقط لسلالة معينة، فهي ذات قيمة بحثية عالية بطبيعة الحال.

 

“هل يمكنني تفكيكها؟“

 

“عذرًا؟“

 

هزت الساحرة كتفيها لصوت ولي العهد الذي لم يستطع إخفاء دهشته. أدركت أن طلبها كان غير معقول إلى حد ما، فتجاهلته كما لو لم تقل شيئًا.

 

“لا عليك. لننزل بسرعة.”

 

“نعم… سأرشدكِ.”

 

تعرّق كايشان من سلوك الساحرة غير المتوقع، وقاد الطريق إلى الأسفل. لقد تعامل مع أشخاص كثيرين من قبل، لكنه أقسم أنها المرة الأولى التي يواجه فيها امرأة مثل كلوي.

 

ازداد فضوله حول كيفية تعامل الدوق الأكبر المباشر جدًا معها. كان يعتقد أنهما يتناسبان جيدًا عندما رآهما معًا، لكن عند رؤيتهما منفصلين، لم يكن هناك زوجان أكثر اختلافًا.

 

من كان ليتخيل أنني، ولي العهد الذي يملك كل شيء، سأهتم برومانسية شخص آخر؟

 

ضحك كايشان داخليًا وقادها إلى مكان المواد بدلاً من المنتجات النهائية.

 

“يمكنكِ اختيار اثنين من هنا. كنت أنوي منحكِ ثلاثة في الأصل، لكنها ثمينة جدًا، لذا آمل أن تتفهمي.”

 

“اثنان من الجودة العالية أفضل بكثير من ثلاثة جيدين. سأتجول بشكر.”

 

حتى تلك اللحظة، لم تكن لدى كلوي أفكار محددة. حتى لو كانت الخزينة الإمبراطورية، لم تتوقع أن تحصل على كنوز وطنية فقط لاستعادة مبنى.

 

‘لكن لماذا هذا هنا‘

 

توقفت الساحرة في مكانها بنظرة حائرة. كان عليها أن تعترف أنها قللت من تقدير ما يعنيه ولي العهد بأقصى مستوى من السلطة.

 

الأسماء على ملصقات صناديق الحفظ لم تكن سوى كنوز نادرة. حتى لو كانوا مدينين بدين حياة، فهي نادرة جدًا لمنحها لغريبة.

 

‘ما الذي يفكر فيه بحقّ ليعرض عليّ شيئًا كهذا؟‘

 

بينما كانت تشك في نوايا ولي العهد، التقطت كلوي أحد الصناديق. كان مكتوبًا على الملصق “دم التنين“. حتى لو كان فخًا، كان عنصرًا مغريًا بما يكفي للمخاطرة بالخطر.

 

“لقد اخترتِ جيدًا. كنت أعتقد أنكِ قد تلتقطين هذا.”

 

“لم أتوقع أن تظل غنائم الإمبراطور الأول هنا. هل يمكنني حقًا أخذ هذا؟“

 

آخر قاتل تنانين بشري، ليكاترين هارفون. تقول الشائعات إنه كان صديقًا مقربًا لسيد برج السحرة في عصره بعد أن أسر آخر تنين مسجل وأسس الإمبراطورية.

 

‘بناءً على سحر الحفظ على جميع الصناديق بتقنيات قديمة، يبدو أصليًا.’

 

فحصت كلوي الصندوق السداسي وألقت نظرة على كايشان. كان ولي العهد، المبتسم بلطف وهو يجيبها، صعب القراءة.

 

“هاها، لم يكن هنا بالخطأ، لذا لا بأس. خذيه براحة بال.”

 

“إذا كان الأمر كذلك، سأقبله بسرور، لكن…”

 

 

كان يعرض ليس مادة واحدة فحسب، بل اثنتين من هذا العيار. مهما فكرت في الأمر، جعلتها المكافأة المفرطة تشعر بالقلق، فابتسم كايشان بجاذبية.

 

“نظراً للعقد ورغبتي في بناء علاقة طيبة مع تلميذة سيد برج السحرة وأصغر ساحرة تصبح ساحرًا كبيرًا، رأيت أن هذا المستوى من الصدق ضروري.”

 

بفتحه الخزينة السرية لكلوي، حصل على ثلاث مزايا كبرى.

 

الأولى كانت كسب ود شخصية يمكن أن تصبح حليفاً هائلاً، والثانية كانت إظهار قيمة العائلة الإمبراطورية لساحرة هامة من برج السحرة. كان ذلك أشبه بإظهار مباشر لما يمكن تحقيقه إذا انضمت إلى العائلة الإمبراطورية أو حافظت على علاقة جيدة على الأقل.

 

الميزة الثالثة كانت الإمكانية لتحسين العلاقة المتوترة سابقاً مع إسكالانتي قليلاً.

 

‘أو ربما العكس.’

 

هل سيتوجس الدوق الأكبر، ظاناً أنني أحاول استمالة امرأته؟

 

فكر كايشان في الدوق الأكبر ورد على صوت كلوي.

 

“لقد اكتشفت الكثير. هل أخبرك أحد؟“

 

“إذا أخبرتك، ألن يعني ذلك كشف كل أسراري؟“

 

هذا صحيح.

 

أومأت كلوي لكايشان المبتسم وسارت لتجد مادة أخرى. خمنت نوايا ولي العهد بشكل غامض، لكن لم يكن هناك ما يضرها، فقبلت المكافأة المفرطة عن طيب خاطر.

 

بينما كانت تتجول، سرعان ما وجدت عنصراً نادراً آخر لافتاً للنظر. حتى بالنسبة للعائلة الإمبراطورية، كان هناك شيء يصعب فهم سبب امتلاكهم له.

 

‘من المفهوم أن يمتلكوا أشياء التنين لأن أحد أسلافهم أسر واحداً، لكن من أين حصلوا على ورقة من شجرة العالم؟‘

 

هل خدعوا الجان أو شيء من هذا القبيل؟

 

بوجه فضولي، التقطت كلوي الصندوق، وتحدث كايشان بجانبها.

 

“كان عنصراً لم نكن نعرف كيف نستخدمه، لذا أنا سعيد أنه وجد صاحبه الحقيقي.”

 

“لا أعرف كيف أستخدمه أيضاً، لكنه نادر المنال إن لم أحصل عليه الآن. بفضلك، حصلت على مادة بحثية مثيرة للغاية. شكراً لك يا ولي العهد.”

 

“مثل الدوق الأكبر، لا بأس أن تناديني باسمي فقط. إنه كايشان.”

 

رفعت كلوي حاجبيها ثم أنزلتهما لوجه ولي العهد المتلألئ. أطلقت ضحكة صغيرة لمحاولته الصريحة للتقرب منها.

 

‘بعد أن تلقيت أشياء ثمينة كهذه، لا ضرر من الموافقة.’

 

لكن الأمر متروك لها لتقرر من ستكون الصداقة من أجله، وابتسمت من داخل ردائها.

 

“حسناً، كايشان. من فضلك، نادني كلوي أيضاً.”

 

“نعم، كلوي. أتطلع للتعاون معكِ.”

 

تشكل وجهه الوسيم بابتسامة لطيفة. في الخزينة تحت الأرض بلا ريح، حدث وهم بأن شعر ولي العهد الذهبي يتمايل.

 

حتى الساحرة، التي لا تهتم بالمظاهر، أُعجبت داخلياً، لكن ذلك كان كل شيء.

 

‘سيباع جيداً لو صُنع تمثالاً.’

 

كلوي، وهي تضع الصندوق في جيبها وتخفي أفكارها التي كانت ستجعل كايشان يغمى عليه لو سمعها، استدارت.

 

“هل نغادر الآن؟“

 

“قبل ذلك، هناك شيء أود سؤاله.”

 

أدارت جسدها العلوي قليلاً لتنظر إلى ولي العهد.

 

“ما هو؟“

 

“هل تعرفين تعويذة للعثور على شخص؟“

 

“إذا كان قريبًا، فهذا ممكن، لكن خارج مدينة فهو كثير. هل تبحث عن أحد؟“

 

كان سؤالاً خفيفاً وعابرًا، طُرح بدافع المجاملة.

 

لو كانت تعلم أن كايشان سيذكر أمراً إمبراطورياً حساساً، لما سألت أبداً.

 

“الأمير الثاني اختفى…”

 

“سأتظاهر أنني لم أسمع ذلك. حظاً موفقاً.”

 

تبعاً لكلوي وهي تغادر الأسفل بسرعة، ارتدى كايشان تعبيراً مضطرباً.

 

“نحن نبحث سراً في الإمبراطورية بأكملها، لكننا لا نستطيع العثور على أخي. ألا توجد طريقة؟“

 

“إذا كان الأمر يتعلق بمعلمي، فقد يكون ذلك ممكناً، لكنني لا أستطيع التوصية به. سيتعامل مع الأمور كسيد برج السحرة، لكنه لا يقبل الطلبات الشخصية.”

 

“حتى لو طلبت تلميذته؟“

 

عندما استدارت كلوي بسرعة، رفع كايشان يديه في إشارة استسلام. سال العرق على وجهه خلف ابتسامته الجريئة.

 

“مجرد مزحة، كلوي. إنه مخيف عندما تحدقين هكذا.”

 

“توقف عن المبالغة وأنت لا تستطيع حتى الرؤية.”

 

“قد يكون ذلك صحيحاً، لكن.”

 

تنهدت كلوي وهي تعبث بالصندوق في جيبها. عادةً ما كانت ستتجاهله، لكن الهدية كانت كبيرة جداً لتغادر دون فعل شيء.

 

‘هذا على الأرجح ما كان ينويه من البداية.’

 

بغض النظر عن الحديث عن الصداقة، في النهاية، قدم رشوة لأنه يريد شيئاً.

 

راقبت كايشان بعينين متضيقتين، وشبكت ذراعيها بشكل فضفاض. وبعد وزن الأمور للحظة، توصلت إلى استنتاج مباشر.

 

   ( ( 

   („• ֊ •„) ♡ 

━━━━━━O━O━━━━━━

– تَـرجّمـة: ساتورا. 

~~~~~~

End of the chapter