– أنا في علاقة سرية مع الإمبراطور لكنني لا اعلم عنها.
الفصل الثاني
كان الرجل تحفة فنية، كأنه نُحت بعناية فائقة على يد أستاذ عظيم قضى حياته في صياغة الكمال.
شعره الأسود، الذي يغطي جبهته نصف تغطية، كان أنيقًا ومرتبًا، وبشرته البيضاء النقية كانت تشبه الرخام اللامع في نقاوته.
حاجباه الكثيفان وأنفه ذو الخطوط المنحوتة بدقة بدا وكأن يد إله أبدعتهما بعناية متناهية. شفتاه القرمزيتان كانتا بمثابة اللمسة الأخيرة التي تُنفخ الحياة في تمثال ساحر، تضيف إليه جاذبية لا تُقاوم.
لكن، أكثر ما جذب انتباهي كانت عيناه. عينان ممدودتان قليلاً، تمنحان انطباعًا عميقًا وغامضًا، مع لون بؤبؤيهما الذهبي الخالص الذي يتلألأ برونق سحري. كانتا عينين تضيفان سحرًا ووقارًا لوجه شاب في أوائل العشرينيات، يشع بالجمال.
تحت أضواء السوق الليلي، التي كست عينيه الذهبيتين بلمسة خفيفة من اللون القرمزي، وجدت نفسي أحدق فيهما كالمسحورة. استمر هذا التأمل الطويل، الذي ربما بدا وقحًا، حتى قطعه صوته وهو يسأل الفتاة الصغيرة: “هل هناك تاجر آخر يبيع الفريزيا؟”.
كان في نبرته شيء من الإلحاح، كأن الفريزيا كانت ضرورية له للغاية.
“عذرًا…”. ناديته بحذر، فاستدارت عيناه نحوي مرة أخرى. تقدمت خطوة ومددت باقة الفريزيا نحوه.
“لا أعرف قصتك، لكن يبدو أنك بحاجة إلى هذه الزهور أكثر مني.”
تأمل الرجل الباقة التي قدمتها له لثوانٍ، ثم قبِلها بحذر.
“سأرد لكِ الجميل.”
‘نبيل؟ يتحدث بلهجة متعالية مع شخص غريب!’
لم تعجبني نبرته المتغطرسة، لكنني كنت قد قدمتُ له معروفًا بالفعل. هززت كتفيّ بلامبالاة وقلت: “حسنًا، إذًا اشترِ لي زهورًا أخرى لأضعها في مزهريتي بدلاً من الفريزيا.”
لم أكن أنوي طلب مقابل كبير لباقة زهور لا تساوي سوى بضع عملات.
“هل هذا يكفي؟”. سأل وكأنه يدعوني لاقتراح مقابل أكبر.
“باقة زهور واحدة تكفي تمامًا.”
ابتسمتُ بلطف، فأمر الرجل الفتاة أن تُغلف جميع الباقات المتبقية لديها.
“لا حاجة لكل هذا!”.
لكن عندما رأيت وجه الفتاة الصغيرة يضيء فرحًا بهذا الحظ الغير متوقع، لم أعد أرغب في الاعتراض. “حسنًا، لا بأس بهذا.”
شكرتُ الرجل بينما انتظرتُ بهدوء حتى أنهت الفتاة تغليف الزهور.
“تفضلي، وضعتها في سلة لتكون مريحة لحملها.”
أبدت الفتاة ذكاءً بوضع الزهور في سلة تشبه تلك التي تستخدمها لبيع الزهور في السوق.
“شكرًا.”
كانت السلة ثقيلة بعض الشيء. دفع الرجل ثمن الزهور، أومأ برأسه كتوديع، ثم اختفى بسرعة.
‘يا لتعجرفه! نبرته الجافة تجعلني أظنه جنديًا.’
نظرتُ إلى ظهره وهو يبتعد بسرعة للحظات فقط.
‘سأتأخر إن استمررت هكذا.’
حملتُ سلة الزهور الثقيلة وتوجهتُ نحو الحانة.
***
[ابنتي مريضة، لذا سنغلق المحل مؤقتًا.]
“يا إلهي، لا شيء يسير على ما يرام اليوم.”
تنهدتُ وأنا أقرأ الإشعار المعلق على باب الحانة. ارتجفت من الإحباط، ثم شددت قبضتي متمنية الشفاء لابنة صاحب الحانة، واستدرتُ عائدة بخطوات متثاقلة.
‘سأعود إلى المنزل.’
لم يكن لدي طاقة للبحث عن حانة أخرى.
‘سأنام مبكرًا.’
كانت المسافة من شارع ريسيل إلى منزلي بعيدة بعض الشيء، لكنها مناسبة للمشي.
‘على أي حال، لن أجد عربة مشتركة في هذا الزحام.’
سرتُ عكس تيار الحشود التي ملأت الشارع. بدا وكأن كل سكان الإمبراطورية خرجوا للاحتفال. لكن عندما وصلتُ إلى مدخل شارع إندار، حيث أعيش، خفت الزحام بشكل ملحوظ.
‘لا أحد يزور مقبرة الحديقة في مثل هذه الأيام.’
كان شارع إندار يتكون أساسًا من حديقة غريزيل الضخمة، مع بعض البيوت المتواضعة. كان بعيدًا عن صخب الاحتفالات. من بعيد، بدأت أرى المنزل ذو السقف الأخضر الذي أستأجره.
‘أولاً، سأستحم فور وصولي…’.
كانت الإيجارات رخيصة بسبب إطلالة المنزل على المقبرة، لكن المشكلة أن الماء يصبح شحيحًا إذا تزامن استحمامي مع استحمام ساكن آخر. بينما كنتُ أتحقق من ساعتي وأحسب توقيت عودة السكان الآخرين، لمحتُ من زاوية عيني رجلاً مألوفًا يخرج من زقاق جانبي.
‘صاحب الفريزيا؟’.
كان الرجل نفسه الذي قابلته عند كشك الزهور.
‘يبدو أنه متجه إلى حديقة غريزيل.’
كان يحمل باقة الفريزيا وصندوقًا مغلفًا من متجر ألعاب. على ما يبدو، بينما كنتُ أحاول زيارة الحانة دون جدوى، ذهب هو إلى متجر الألعاب، مما جعل توقيت وصولنا متقاربًا.
‘لكنه يتجه في الاتجاه الخاطئ.’
كان يسير نحو البوابة الرئيسية لحديقة غريزيل، التي كانت تحت الصيانة.
‘سيضيع وقته.’
بما أن الحديقة تشغل شارعًا بأكمله تقريبًا، فإن الذهاب إلى البوابة الرئيسية ثم العودة إلى البوابة الغربية المفتوحة مؤقتًا سيستغرق وقتًا طويلاً.
‘لم يتبقَ الكثير من الوقت لدخول الحديقة.’
بعد أن تنازلتُ عن الفريزيا له، لم أرد أن يضيع مجهوده سدى.
‘حسنًا، سأتدخل مرة أخرى.’
بينما كنتُ أفكر، اقتربت المسافة بيننا.
“عذرًا!”
ركضتُ نحوه وحاولتُ لمس طرف ردائه بحذر. لكن قبل أن تصل يدي، أمسك بمعصمي بقوة.
“آه!”.
تجمدتُ وأنا أنظر إليه مذهولة، معصمي محصور في قبضته القوية. شعرتُ وكأنني ضفدع أمام أفعى، عاجزة عن الحركة.
“أنتِ.”
بعد أن تأمل وجهي للحظة، أطلق سراح معصمي. فركتُ معصمي بحذر باليد الأخرى.
‘هذا مؤلم جدًا.’
لم يبدُ أنه استخدم قوة كبيرة، لكنه ترك علامة حمراء على شكل يده على معصمي.
‘سيصبح كدمة بالتأكيد.’
كنتُ أنا من حاولتُ لمسه فجأة، لذا لم أستطع لومه تمامًا. سحبتُ كمي لأغطي معصمي وابتسمتُ: “لقد تقابلنا في شارع ريسيل، أتذكر؟”
شعرتُ بالحرج من كلامي، وكأنني مثيرة للمشاكل، لكن السكوت كان سيجعل الأجواء أكثر حرجًا. أجاب الرجل: “أنتِ من أعطتني باقة الفريزيا.”
لحسن الحظ، كان متعاونًا في الحديث.
***
كان إدوين يتفحص معصم لينا بعناية، مدركًا أنه سيترك كدمة قريبًا.
‘لقد كنتُ متشددًا أكثر من اللازم.’
عاتب نفسه بصمت. بعد ثماني سنوات من الحرب التي بدأت فور تتويجه إمبراطورًا، انتهت بفوز إمبراطورية ريجينسيا. لم يعد مضطرًا لعيش حياة مليئة بالحذر والتوتر كما في السابق، لكن عاداته القديمة لم تتلاشَ بسهولة. عندما شعر بحركة في زاوية رؤيته، تصرف غرائزيًا كما لو كان يواجه قاتلاً.
في اللحظة التي أمسك فيها بمعصمها، أدرك أنها ليست عدوًا. كان معصمها نحيفًا، يناسب من يحمل القلم لا السيف. أرخى قبضته فورًا، لكن الضرر كان قد وقع.
‘صاحبة الفريزيا؟’.
تذكرها على الفور. نظراتها المسحورة بوجهه كانت لا تُنسى. لاحظ أنها تفرك معصمها، ربما من الألم. على الرغم من أنه خفف قبضته بسرعة، كان يعلم أنه قادر على كسر العظام بيديه العاريتين. تساءل عما إذا كان قد تسبب في إصابة خطيرة. لم تكن عدوة، ولا حتى فارسًا قويًا يمكنه تحمل معاملته القاسية. بل كانت شخصًا يجب عليه حمايته.
بينما كان يفكر في كيفية تعويضها، سألته وهي تخفي معصمها بكمها: “لقد تقابلنا في شارع ريسيل، أتذكر؟”.
“أنتِ من أعطتني باقة الفريزيا.”
أجاب بلامبالاة، فابتسمت بخفة ونظرت إليه بنظرات مترددة.
“ليس أمرًا كبيرًا، لكن هل أنت متجه إلى حديقة غريزيل؟”.
عبس قليلاً عندما خمنت وجهته بدقة. في أيام صعوده إلى العرش، كان جماله الشاب عرضة للسخرية في ساحات المعركة. لتعويض ذلك، قاتل بشراسة أكبر، وتصرف بقسوة ليثبت قوته. كان ذلك مرهقًا. لذلك، لم يكن يحب أولئك الذين يرمقونه بنظرات معجبة بسبب مظهره.
بدأ يزن بين معروفها وانزعاجه. لاحظت توتره، فأضافت بسرعة: “هذا الطريق يؤدي إلى البوابة الرئيسية لحديقة غريزيل، لكنها تحت الصيانة. كنتُ سأخبرك بذلك.”
خفت صوتها تدريجيًا، وتحولت نظراتها إلى الأرض.
“إذا كنتَ ذاهبًا إلى حديقة غريزيل الآن، عليك استخدام البوابة الغربية.”
مالت كفة الميزان في صالح معروفها الجديد.
“شكرًا.”
أومأت بنفيها، محرجة: “لا شيء يُذكر. حسنًا، لقد. اخبرتك، لذا سأذهب الآن.”
رفعت سلة الزهور التي كانت قد وضعتها جانبًا، وأومأت له تحية قبل أن تستدير للمغادرة.
“لحظة.”
اعترض طريقها.
“معصمك.”
“معصمي؟”.
“دعيني أراه.”
أشار برأسه، لكنها أخفت يدها خلف ظهرها.
“إنه بخير.”
“هل تريدين أن تجعليني أبدو كمعتدٍ؟”.
بعد إلحاحه، مدّت معصمها بتردد. بدا سليمًا، لم يكن مكسورًا.
“عندما يطلع النهار، اذهبي إلى المعبد القريب. اذكري اسم إيفريت روغاس، وسيهتمون بكِ.”
أخبرها باسم نائبه واستدار ليغادر. لم يكن يعلم حينها أنها ستظن أن اسمه هو إيفريت روغاس، ولا التداعيات التي سيجلبها هذا الخطأ.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 2"