– أنا في علاقة سرية مع الإمبراطور لكنني لا اعلم عنها. 

الفصل الرابع عشر

مرت أربعة أيام منذ زيارتي لكوني في السجن. كانت هذه المدة كافية لإعادة إشعال شرارة النميمة التي هدأت مؤقتًا بفضل نفوذ عائلة رينكلز. بدأت الهمسات تعود إلى أروقة العمل، محمّلة بالافتراءات والتكهنات.

“يا لها من وقاحة! لو كنت مكانها، لكنت قدمت استقالتي وعدت إلى مسقط رأسي”، قال أحدهم بنبرة مليئة بالازدراء.

“بالضبط، كيف لها أن تستمر في الحضور إلى العمل يوميًا بوجه هادئ؟”، أضاف آخر، وكأنني ارتكبت جريمة لا تُغتفر. 

‘إذا ركزوا هجومهم عليّ فقط، فلن أخاف’، فكرت، وأنا أحاول الحفاظ على رباطة جأشي. حتى الشخص الوحيد الذي بدا أنه يدافع عني قال: “ليس بالضرورة أن تكون كارولينا مذنبة لمجرد أنها صديقة كوني!”، لكنه بذلك أكد أن كوني هي المذنبة بلا شك. 

‘أراضي دوق كاميلوت تبعد أسبوعًا ذهابًا وإيابًا باستخدام دائرة النقل السحري’، حسبت في ذهني. كنت أعلم أن نتائج التحقيق ستظهر قريبًا. 

‘قليل من الصبر، كارولينا’، همست لنفسي، وأنا أعض شفتي السفلى وأشد قبضتي. 

كنت مستعدة لتجاهل أولئك الذين انضموا إلى النميمة عن جهل، لكن أولئك الذين ينشرون الشائعات بقصد خبيث، مثل ثلاثي العصافير الثرثارة، لم أكن لأتركهم دون حساب.

‘خاصة أنتم، ثلاثي العصافير!’، فكرت، وأنا أتخيل نفسي أواجههم بقوة بعد انتهاء هذه القضية.

‘ربما لو خسرتم أسنانكم الأمامية، ستتعلمون الصمت!’، تخيلت، وأنا أشحذ سكين الانتقام في ذهني.

لحسن الحظ، لم يطل الانتظار. بعد أسبوع، انتشرت شائعة أن عددًا كبيرًا من النبلاء التابعين لدوق كاميلوت قد أُلقي القبض عليهم. في اليوم التالي، أُطلق سراح كوني، مصحوبةً بكلمات تعزية عن الظلم الذي تعرضت له. لتخفيف الضرر، أُشيع أن احتجاز كوني كان مجرد حيلة من السلطات العليا. 

تحول ثلاثي العصافير إلى جبناء يفرون عندما يلتقون بعينيّ، بينما بدأ الذين كانوا يتملقون دونوفان يحاولون كسب ودي وود كوني، ظنًا منهم أننا أصبحنا ذوي نفوذ.

‘كوني أُطلق سراحها، ودونوفان سُجن بدلاً منها’، فكرت، وأنا أشعر بنشوة النصر. 

كان دونوفان، الذي يُعتبر تابعًا تافهًا، محتجزًا في سجن مؤقت بالقصر، لكن إذا أُدين دوق كاميلوت، فإن مصيره سيكون مشابهًا.

‘لن يكون سجنه مثل إجازة كوني المريحة’، فكرت بسخرية. ‘استمتع الآن، لأنك بعد المحاكمة قد تُرسل إلى منجم للعمل القسري.’

كانت فرصة إدانة دوق كاميلوت شبه مؤكدة. على الرغم من أنه تمكن من الإفلات جزئيًا بقطع ذيله، إلا أن مصادرة أراضيه الغنية وفرض غرامات باهظة ستجعل عائلته تترنح. اتهامات التهرب الضريبي، الرشوة، وتكوين أموال غير مشروعة جعلت هيبة الدوق تنهار بسرعة.

‘يجب أن يشكر حظه لأنه نجا بحياته’، فكرت. 

ترددت شائعات أن الإمبراطور استدعى الدوق إلى قاعة الاجتماعات الكبرى بنية إعدامه، لكن النبلاء الموالين أقنعوه بالعدول عن ذلك بحجة أن عائلة الدوق من الأسر الموقرة. كادت إحدى العائلات الثلاث الكبرى في الإمبراطورية أن تفقد رأسها دون محاكمة. هذا الحادث جعل وزارة المالية، بل والقصر بأكمله، يعيشان على صفيح ساخن.

‘قسوة الإمبراطور ملموسة الآن’، فكرت، مدركةً أن ولاءه قوة عندما يكون حليفًا، لكنه مخيف عندما يكون عدوًا.

‘لحسن الحظ، أنا والإمبراطور في نفس الجانب الآن’، فكرت، وأنا أشعر بالثقة. 

كنت أنا وكوني نتبختر في أروقة القصر بكل فخر.

“عاش جلالة الإمبراطور!”، هتفت كوني وهي تفتح كيس النقود الذي حصلت عليه كتعويض للمرة المئة والحادية والعشرين، وكأنها تؤدي طقسًا مقدسًا. 

“إلى هذا الحد؟”، سألتها بضحكة. 

“نعم، لا أمل من النظر إليه!”، ردت، وهي تهز الكيس بقوة، مستمتعةً بصوت النقود الرنان. أغلقت عينيها، كأنها تستمتع بعلاج بالنقود.

‘علاج بالذهب؟’، فكرت، وأنا أضحك سرًا. كانت مبالغة كوني جزءًا من عرض متعمد لإثارة حسد من أهانوها، لكن نصفها كان فرحًا حقيقيًا. حتى أولئك الذين كانوا يحتقرونها كيتيمة من عامة الشعب بدأوا يحاولون كسب ودها. 

‘النفاق في أوجه’، فكرت، وأنا أشعر أن العمل لم يكن ممتعًا هكذا من قبل. 

نظرت إلى كوني وابتسمت بحماس. فجأة، سألتني: “بالمناسبة، لينا، ماذا ستفعلين في عيد الميلاد؟” 

“هل اقترب عيد الميلاد بالفعل؟”، رددت، مدركةً أن الوقت مر بسرعة.

“هذه المرة، سيكون أول عيد ميلاد بعد عودة جلالة الإمبراطور، لذا سيكون الاحتفال ضخمًا”، قالت كوني، وهي تروي تفاصيل الاحتفالات بحماس. “سيوزعون الطعام على الأحياء الفقيرة، وستُقام صلوات في المعبد، بالإضافة إلى الألعاب النارية وحفل تنكري. يقال إن الألعاب النارية ستكون الأفضل منذ ثلاثين عامًا! وهناك خرافة تقول إن من يشاهد الألعاب النارية مع شخص يلتقيه في الحفل التنكري سيقع في الحب الحقيقي. لهذا، يتوافد النبلاء من الأراضي البعيدة.”

في هذا العصر، يُستخدم السحر لخلق ألعاب نارية مبهرة. خلال السنوات الثماني الماضية، بسبب الحرب ونقص السحرة، كانت الألعاب النارية غائبة عن المهرجانات.

‘يبدو أنهم يبذلون جهدًا كبيرًا لإحياء الأجواء بعد الحرب’، فكرت. 

“حتى في احتفال النصر، كانت الألعاب النارية عادية”، قلت. 

“صحيح! لكن هذه المرة، سيشارك أكثر من ثلاثمئة ساحر!”، ردت كوني، وهي تضغط قبضتيها بحماس. “هل تريدين مشاهدتها معًا؟” 

“بالتأكيد! الألعاب النارية في اليوم الأخير من المهرجان، فلنقضِ اليوم كله معًا”، قلت. 

“أتفاق!”، ردت كوني، وجلسنا نهمس عن خططنا للمهرجان، متجاهلين العمل لبعض الوقت. بعد وضع خطة مثالية للعب والأكل والشرب، غادرت كوني لإنهاء مهامها، قائلةً: “سأعمل بجد الآن، لا توقفيني!”.

ضحكت ولوحت لها. كنت أعلم أننا إذا أردنا الاستمتاع بالعطلة، يجب أن ننهي عملنا بسرعة. في مواسم المهرجانات، تكون وزارة المالية دائمًا في حالة فوضى.

“إذا أسرعت، قد أحصل على يومين إجازة من أصل ثلاثة’، فكرت، وأنا أشعر أن رغبتي في الاستمتاع تدفعني لتحدي حدودي.

***

بدأ المهرجان، لكن خططي الأولية تعثرت. كنت لا زلت أعمل في اليوم الثاني من المهرجان. “سأنهي كل شيء اليوم”، قررت، مطمئنةً نفسي أنني سأحصل على إجازة غدًا. بعد ساعات من العمل المضني، شعرت بالنعاس، فأخذت كوبًا من الشاي القوي وخرجت إلى حديقة صغيرة خلف المبنى لأستعيد نشاطي.

كان اليوم الثاني من المهرجان يشهد حفلًا تنكريًا يحضره معظم نبلاء العاصمة. كان القصر الخارجي شبه مهجور، لكن أضواء القصر المنفصل كانت تتلألأ من بعيد. ‘يقال إن الإمبراطور والقديسة التقيا في حفل تنكري مشابه’، فكرت، وأنا أتذكر الرواية وأتجول في الممر بين الأشجار. أفرغت كوب الشاي، وتساءلت: ‘عل أعود لأحضر كوبًا آخر؟’.

“آنسة دياز”، نادى صوت من بين ظلال الأشجار. ظهر رجل يرتدي ملابس سوداء بالكامل، وقناعه الأبيض يلمع تحت ضوء المصباح الخافت.

‘هل هو متسلل؟’، فكرت، وأنا أتراجع بخوف، جسدي يتجمد وأفكر في الفرار. لكن قدميّ رفضتا الحركة. 

“تمهلي”، قال الرجل، مقتربًا مني بسرعة أكبر مما تراجعت به.

‘هل سأموت كشخصية ثانوية ترى قاتلًا في القصر؟’، فكرت، وأنا أشعر بالرعب. عندما مد يده نحوي، حاولت الصراخ، لكنه أغلق فمي بسرعة. 

“هش، أنه أنا، آنسة دياز”، همس، ثم أضاف بعد تردد: “إيفريت روغاس.” 

تعرفت على صوته المألوف، وشعرت بجسدي يرتخي من الراحة. “إذا صرختِ الآن، سأكون في ورطة”، قال بهمس. 

أومأت برأسي، فأبعد يده ببطء. 

“أفزعتني!”، قلت بنبرة غاضبة، لكن صوتي كان خافتًا لأنني وعدت بعدم الصراخ. مسحت دمعة صغيرة من عيني، فبدأ إيفريت متفاجئًا.

“آسف، لم أتوقع أن تفزعي هكذا”، قال، وهو يحك رأسه، لكن يده اصطدمت بالقناع.

“أوه، هل هذا السبب؟”، سأل، وهو ينزع القناع الأبيض، كاشفًا عن وجهه. مرر يده في شعره المشعث، وفي تلك اللحظة، تبددت الغيوم، وأضاء ضوء القمر وجهه كمصباح. 

“الآن أفضل؟”، سأل، وتبينت ملابسه السوداء المشبوهة إلى زي أنيق بالكامل. 

~~~

لا تنسوا الاستغفار والصلاة على النبي!

حسابي انستا:  roxana_roxcell

حسابي واتباد: black_dwarf_37_