<عالَمي كلّه هو ديارين فقط.>
كان ذلك القصر المهجور حيث رأوا القمر على شكل أرنب.
بينما أعادوا بناء القصر الإمبراطوري الذي احترق، بدأوا أيضًا في ترميم المباني القديمة المتداعية.
على الرغم من أن كل مكان كان قيد الإنشاء، إلا أن هذا المكان لم يُمس بعد.
كما كان الحال في المرة السابقة التي زار فيها، كان هادئًا وخاليًا من الناس.
“حتى في النهار، لا يوجد أحد هنا؟”
العاملون في القصر الإمبراطوري مشغولون جدًا، وليس لديهم سبب للتجول في أماكن بلا ضرورة.
“هل سنهدم هذا المكان يومًا ما ونبنيه من جديد؟”
من المحتمل أن يشهد القصر تغييرات جذرية في عهد سيريس.
وحتى باستثناء القصر الذي أعيد ترتيبه مؤخرًا، هناك الكثير من المباني القديمة التي تحتاج إلى صيانة شاملة.
في ذلك الوقت، ربما سيتغير هذا المكان أيضًا.
“قبل أن يتحول إلى أطلال خطرة أكثر.”
مع أنه كان يعلم أن هذا اليوم سيأتي يومًا ما، شعر بالأسف عند التفكير في أن الذكريات التي جمعها مع سيريس ستتغير.
“دعنا ندخل مرة أخرى قبل الهدم.”
فالذكريات ستتراكم في المستقبل أيضًا. ليس من الضروري التعلق بالماضي، لكن العودة لمرة واحدة للذكريات القديمة لن تضر.
“ديارين، هذا خطر.”
رفعت ديارين يدها التي كانت ممسكة بيده.
بما أنه ممسك بيده، يمكنه الإمساك بها إذا انزلقت أو سقطت في أي لحظة، أليس كذلك؟
الآن يمكنها المشي دون أن تحتضن سيريس.
مثل ديارين، طفل الحاكم الذي تمكن من إيجاد مكانه في القصر دون حماية الأمير الأكبر سيريندياس.
كذلك، لم يعد سيريس بحاجة لوضع وجهه على صدر ديارين، فمجرد شعوره بها من بعيد كان يكفي ليشعر بالطمأنينة.
“يمكنني السير على قدمي.”
قدت ديارين سيريس أمامها بكل ثقة لتوضح ذلك.
في المرة السابقة كانت في الليل، أما الآن فكانت في النهار، وكانت ترتدي حذاءً متينًا بدلًا من النعال.
خطت على المباني المنهارة دون أن تحتضن ذراع سيريس.
مع مشيتها الواثقة، تخلص سيريس من قلقه وتبعها مطمئنًا.
“يبدو مختلفًا في النهار.”
تسلقت ديارين ببطء على التلال الحجرية وتأملت المكان.
كانت أطلالًا جميلة.
الأشياء التي لم تُلاحظ في الليل ظهرت الآن للعيان.
“…نعم، مختلفة فعلاً.”
تفقد سيريس القصر المهجور بعين متجددة.
عندما هرب وحده باكيًا، لم تتح له الفرصة لملاحظة هذا الجمال.
الجمال كان شعورًا فاخرًا لم يتح له التمتع به في حياته.
“…جميل.”
لكن كل مرة كان مع ديارين، كان يشعر بهذا الإحساس.
أومأت ديارين برأسها موافقة وهي تتأمل المكان.
الأوراق الخضراء التي تحيط بالمباني البيضاء، والضوء اللامع المنعكس من تلك الأوراق.
حتى الهواء الهادئ كان مناسبًا لوصفه بالجمال.
“نعم، حقًا جميل…”
ابتسمت ديارين بينما كانت تستدير، وقد انساب الابتسام على شفتيها.
كانت تتحدث عن جمال القصر المهجور، فلماذا كان سيريس ينظر إليها هكذا؟
“أنا لا أعني نفسي، أعني القصر.”
أشارت ديارين إلى الهدف الصحيح للمدح.
أومأ سيريس برأسه، وألقى نظرة سريعة على القصر، ثم عاد ليثبت بصره على ديارين.
“القصر المهجور يبدو أجمل معكِ، ديارين.”
أصر سيريس على إضافة هذا الوصف.
ضيقت ديارين عينيها، لكن عناد سيريس لم ينكسر.
“قبل أن أكون معك، لم أعرف معنى الجمال.”
“…”
توقفت ديارين عن المشي وابتسمت بخجل، فقد كان كلامه يُثيرها.
سيريس لم يعرف الخجل ولا الإحراج.
“ربما جمال أشعة الشمس التي تتخلل أوراق الأشجار هو الجمال نفسه.”
تمامًا كما هو الآن.
تحركت الأوراق مع النسيم، وتدحرجت أشعة الشمس على الأوراق كخرز صغير.
“وجودك، ديارين، هو ما يمنح عالمي ألوانه.”
أصبح للعالم الذي كان مجرد تمييز بين الأشياء ألوان الآن.
كانت هناك أشجار وأعمدة، ومع مرور الوقت أضيفت صفات لكل شيء.
كل هذا بدأ مع ديارين.
الأغصان التي تشبه لون شعرها، والأوراق التي تشبه لون عينيها.
كان يبدو أن العالم كله أصبح جزءًا من ديارين.
وكانت ديارين نفسها مشرقة ودافئة.
أدرك سيريس أخيرًا أن العالم يمكن أن يكون مضيئًا ودافئًا.
“وجودك، ديارين، يجعل عالمي يستمر في التألق.”
أصرت ديارين على تصحيح الأمر بحكة خفيفة في حلقها وتحويل نظرها.
كانت تريد قول شيء جميل كهذا، لكن مهارتها الكلامية عادة لا تظهر إلا أمام رؤسائها أو عند التعامل مع أتباعها.
كيف يمكن أن يقول أحد كلمات بهذه الحلاوة حتى تصل إلى جذور القلب؟
على الرغم من تعابير وجهها الهادئة، إلا أن لون وجنتيها لم يكن خافيًا.
اقتربت شفتا سيريس من وجنتي ديارين الحمراوين.
“حتى هذا الاحمرار الجميل واللطيف، يمكنني فقط أن ألاحظه لأنكِ أنتِ، ديارين…”
“…”
احمرّت وجنتا ديارين أكثر.
لم يتوقف سيريس عند ذلك.
رفع يدهما المتشابكتين، ووضع شفتيه على ظهر يدها.
وقال بصوت مفعم بالصدق:
“لقد عرفت بفضلك، يا ديارين، أنّ لمسة الإنسان لجسدي يمكن أن تكون شعوراً جميلاً.”
ثم أخذ كفها، وأسنده إلى وجنته، يفرك وجهه به بحنان.
وسرعان ما هطلت قبلات أخرى على راحة يدها.
“عالمي كله هو ديارين.”
حتى العرش، من دون ديارين، لم يكن سوى مكانة فارغة بلا معنى.
ما جدوى السلطة إن كانت الحياة نفسها بلا معنى؟
إنه كطعام بلا طعم يوضع في الفم بلا رغبة.
لكن سيريس، قبلاً، قد تذوّق ألذ ما في هذا العالم.
ومن يذق ذلك، يعلم أن المعرفة أخطر من الجهل.
لقد جرّب الجمال الذي تجلبه ديارين إلى حياته، ولن يستطيع بعد الآن أن يتخلى عنه.
“ديارين، هل تبقين بجانبي طوال حياتي؟”
قالها سيريس وهو يشد على يدها بقوة، كأنه يقسم ألا يتركها أبداً.
فأومأت ديارين برأسها من غير تردد:
“نعم.”
(كنت أنوي ذلك منذ البداية. وحتى إن تركني سيريس، فلن أتركه أنا.)
أدخلت أصابعها بين أصابعه كأنها تعاهده، فأصبحت يدهما متشابكة تشابكاً محكماً لا ينفصم.
“لن أتركك أبداً.”
فابتسم سيريس ابتسامة مشرقة، من تلك التي تهز القلوب ببهائها.
“…آه.”
وبينما كانا يتبادلان الضحكات والنظرات، تذكّر سيريس فجأة شيئاً، فاختفت ابتسامته.
تبعته ديارين بملامح جادة على الفور:
“ماذا؟ ما الأمر؟”
كان سيريس جاد الملامح دوماً، لكن أن يتحوّل من ضحك إلى جديّة، فهذا لا بد أنه أمر كبير.
هل نسي مثلاً أن يقتل أحد أعدائه؟ شيء من هذا القبيل؟
“…لقد انقلبت الأولويات.”
“هاه؟”
وأشار بذقنه إلى جيبه بينما ظلّت يدهما متشابكتين:
“تشابكنا بالأصابع قبل أن أعطيك خاتم الخطوبة.”
“…أعطني إياه الآن إذن.”
“لكنني لا أريد أن أفك تشابك أيدينا…”
فقامت ديارين على الفور بفك أصابعها بلا تردد، ومدّت يدها بأناقة وكأنها تطلب:
“ها قد استعددت. أعطني إياه.”
(سواء أكان مقدماً أم مؤخراً، المهم أن الطعم شهي.)
جهزت نفسها جسداً وروحاً لتلقي الهدية.
“ديارين، سمعت أن خاتم الخطوبة يعني الوعد، وأيضاً يعني أنني أربطك بقلبي.”
“نعم.”
“لذلك… كنت قد أعددته.”
وأخرج سيريس أخيراً الخواتم من جيبه.
“…”
لكنها لم تكن خاتماً واحداً.
بل عشرة خواتم.
حدقت ديارين بدهشة، ثم رفعت نظرها إليه:
“هل عليّ أن أختار واحداً؟”
“بل كلها لك.”
“ماذا؟!”
“كل مشاعري مقيدة بكِ.”
(لكن… هذا لا يبدو مريحاً.)
أمالت ديارين رأسها مترددة:
“أليس هذا إعلاناً بأن حياتي وقلبي وروحي كلها ستُربط بك أنت؟”
“…”
ولمَ يشيح بنظره مرتبكاً عند هذا السؤال؟
النار المتأججة في عينيه لم تكن سوى غيرة وتملك صريح.
“أرجوك، خذيها.”
“هممم…”
“ألن تقبلي؟”
“ممم…”
“أرجوكِ.”
خرجت كلمة “أرجوكِ” من فم سيريس، وكانت شديدة العذوبة والبراءة.
لقد بدا في تلك اللحظة غاية في الجمال، حتى كاد قلبها يذوب.
(أشعر أنني سأظل أخسر أمامه هكذا طوال حياتي… لكن الأمر لا يضايقني.)
“سأقبل.”
قالتها ديارين بدلال، ثم أخذت تلبس خاتماً بعد الآخر حتى امتلأت أصابعها العشرة.
فأضاءت يداها ببريق أخّاذ، كأنهما شعاع يخطف الأبصار.
تماماً مثل سيريس.
✦✦✦
أقيم حفل تتويج الإمبراطور الجديد كما كان مقرراً، لكنّه كان متزامناً مع زفافه.
بل في الحقيقة، لم يكن سوى زفافٍ ضخم أضيفت إليه مراسم التتويج.
كان المشهد عظيماً لدرجة أن الناس تساءلوا: هل هناك إمبراطوران في القاعة؟
“يحيا الإمبراطور سيريندياس!”
“تحيا ابنة الحاكم، ديارين!”
ففي الواقع، لم يختلف الوضع كثيراً، إذ كانت ديارين تشارك في معظم اجتماعات إدارة الدولة.
وقد ظهر أثرها واضحاً حتى في مراسم الزواج، خصوصاً في تلك الحُلِيّ التي زُيّن بها جسد سيريس بالكامل.
“منظر رائع.”
قالت ديارين وهي تبتسم بعينيها المقوّستين كالهلال، متأملة عملها بإعجاب.
كان سيريس متلألئاً بالقلائد والأساور والخلاخل، وخواتم العشرة التي ملأت أصابعه، وهو يبتسم ببراءة كالأطفال ناظراً إليها.
ولم يكن لباس ديارين مختلفاً كثيراً عنه؛ فإصرارهما المتبادل على ملء بعضهما بمشاعر الحب، أدى إلى هذا المظهر الفخم الباذخ.
“وأنتِ أيضاً تبدين رائعة.”
قالها سيريس وهو يبتسم، ثم شدّ أصابعه المتشابكة بأصابعها، والتي لم يعد بالإمكان فصلهما بفعل الخواتم.
كانت نظراتهما مليئة بالحب، لكن من يشاهدهما من بعيد لم يرَ إلا جنوناً صرفاً.
لقد كانا ككلبين مسعورين، اثنان لا واحد.
<النهاية>
هيما: صارلي سنه اترجم بالرواية واكثر من سنه حتى لا اوصل للنهاية احس گلبي يوجعني …. يلا خلصت الدراما ورانا فصول جانبية وقصص خاصة لا تضوجوا (راح ابكي) (・ัω・ั)
المهم تابعوني على الانستغرام هم بطريقكم
الانستغرام: zh_hima14
مو قادرة اقنع حالي انها انتهت تحفة فنية
مو مصدقة انتهت لازمنا واحد عنده ربع مشاعر سيريس والباقي كله بصير