“أولاً، تقسيم الأعمال المنزلية، مصاريف المعيشة، النشاط الاقتصادي.”
أخذ سيريس يعدد واحداً تلو الآخر ما كانت ديارين قد ذكرته.
“العيش في القصر الإمبراطوري لن يجعل هذه الأمور شيئاً نهتم به، لكن لو فرضنا أننا سنضطر لعمل كل هذا بأنفسنا…”
رغم أنه لا يبدو أن ذلك الموقف سيأتي.
“ديارين، يكفي أن تقومي فقط بما ترغبين به. سأهتم أنا بكل الباقي.”
لم يكن هذا نوعاً من الضغط المغلف باسم اللطف، بل كان جاداً تماماً.
“كل ما أردته من الزواج هو أن تبقي معي فقط، هذا وحده يكفيني.”
عند التفكير بالأمر، عندما كانا يعيشان في القصر، لم تكن ديارين تفعل شيئاً أساساً. في البداية شعرت أنها تساعد سيريس وتدعمه، لكن مع مرور الوقت، سواء في الطبخ أو التنظيف، انتقلت كل الأمور إلى يديه. الفترة التي تحملت فيها ديارين هذه المسؤوليات كانت قصيرة جداً في البداية فقط.
“… فهمت.”
“التالي، تقسيم الممتلكات في حال الطلاق؟”
“هذا أمر يحدده الناس مسبقاً أيضاً…”
“إذا كنا سننفصل، اقتليني.”
“… أرجوك!”
أبدى سيريس رفضاً قاطعاً.
“إذا مت، فكل ممتلكاتي ستكون ملكاً لديكِ، ولا أظن أن هناك حاجة لمزيد من الحديث حول هذا. لا، ربما الأفضل أن أعطيكِ كل شيء مسبقاً حتى لا يكون هناك أي إزعاج لاحقاً.”
“اهدأ.”
“آه، صحيح. قد يكون قتلي أمراً مزعجاً أو يثير غضبكِ، لذا فقط قولي الكلمة وسأقتل نفسي بنفسي.”
لم يكن هذا مجرد تهديد، بل كان قادراً فعلاً على فعل ذلك.
فأمسكت ديارين رأس سيريس وضربته بخفة.
“كم مرة قلت لك ألا تقول مثل هذا الكلام.”
“لكن الطلاق!”
“إن قلت هذا مرة أخرى فسأقتل نفسي أنا أيضاً.”
“!”
اتسعت عينا سيريس بصدمة من تهديد ديارين.
“آ… آسف…”
انكمش سيريس فوراً.
رغم أنه قال ذلك بدافع من شعور مفاجئ عند ذكر الطلاق، إلا أن ديارين كانت ترى فكرة أن يصيب سيريس أي مكروه أمراً مروعاً، ولم ترغب حتى في التفكير فيه.
وبينما كانت ديارين ما تزال غاضبة وتتنفس بسرعة، مدّ سيريس يده بخجل وأمسك بيدها.
كانت يده باردة، وحين نظرت إليها وجدت أنها ترتجف قليلاً أيضاً.
“… أوف.”
جذبت ديارين يده ووضعتها على كتفها، فاستسلم سيريس ووضع وجهه على كتفها.
كان جسده الكبير يرتجف مثل يده.
“لن أرحل. وأنت أيضاً، لا تفكر أبداً في الرحيل قبلي. عليك أن تتحمل المسؤولية حتى آخر يوم في حياتي.”
“… آسف.”
“نعم، أنت مخطئ.”
كاد سيريس أن يترك ديارين مرة، وكان هذا خطأً حقيقياً.
ضم سيريس جسد ديارين إلى صدره، وعندها فقط أدركت ديارين أنها هي الأخرى كانت ترتجف.
كيف يمكن أن يفكر أي منهما بالانفصال، وهما بالفعل لا يستطيعان العيش دون بعضهما، وكأنهما جسد واحد؟
أسندت ديارين وجهها إلى صدره، وأصغت لدقات قلبه لفترة.
ومع صوت قلبه، بدأ القلق الذي شعرت به يهدأ، ويبدو أن الأمر نفسه حدث مع سيريس، إذ عادت الحرارة إلى أصابعه التي كانت ترتجف.
“حسناً، التالي.”
دفعت ديارين صدره جانباً وفتحت عينيها بعزم، محاولة التخلص من المشاعر الثقيلة.
وكان سيريس هو الآخر قد تمالك نفسه سريعاً، وكأن لديه الكثير ليقوله عن شروط الزواج التي ذكرتها ديارين.
“ثم الحمل، والولادة، وتربية الأطفال.”
“عادةً ما يتزوج الناس من أجل هذا.”
“أنا لا.”
قال سيريس ذلك بحزم.
“الحمل والولادة هما ما تقوم به ديارين، أليس كذلك؟”
“هـ… هذا صحيح، لكن… عند الزواج، نحن… يعني، قد يكون هناك أطفال…”
“العلاقة الزوجية قد تؤدي إلى الحمل، لكن يمكننا استخدام وسائل منع الحمل.”
كانت هذه إجابة واضحة جداً، حتى أنها بدت ككلام عالم في الأحياء.
كانت تعرف أن سيريس ليس غبياً، لكنها لم تتوقع أن يكون بهذا القدر من الذكاء والمنطقية.
وفجأة وجدت نفسها وحدها تحمر خجلاً وهي تفكر في “ذلك”.
“نعم، هذا صحيح، لكن…”
“لذلك، أنا بالتأكيد أريد أن أفعل ذلك معك.”
ورغم أنه استخدم نفس الكلمة الملطّفة التي قالتها، إلا أن عينيه لم تكونا بريئتين، بل كانتا تشتعلان بالنار.
“مـ… مهلاً… يجب أن نتحدث أكثر…”
بدأت ديارين تتراجع إلى الوراء بخطوات صغيرة، شاعرة أن وقوعها في يديه الآن سيكون نهاية الأمر.
“قلتِ إننا سنتحدث. لا تهربي، ديارين.”
اقترب منها سيريس زاحفاً على أربع مثل الوحش.
لم يكن الأمر مزاحاً، بل بدا مخيفاً حقاً.
“مـ… مهلاً. نحن نتحدث…”
“ونحن نتحدث الآن.”
“لكن لا تهاجمني.”
دفعت ديارين وجه سيريس بوجهها المحمر وهي تحاول منعه من الاقتراب أكثر.
“… حتى القبلة غير مسموح بها؟”
“لو قبّلتني! فسيؤدي ذلك إلى ما بعد ذلك مباشرة!”
“أهذا ممنوع؟”
سألها سيريس بعينين جادتين.
“لا… أعني، هـ… هذا…”
ديارين تلعثمت بكلمات غير مترابطة، وعيناها تهتزان بلا حول ولا قوة.
لم يكن الأمر أنها لا تملك رغبات، فكلما رأت جسد سيريس الصلب، شعرت بحرارة ترتفع في جسدها. عندما تنظر إليه، ترغب بلمسه، والاقتراب منه جسديًا.
لكن نظراته التي تشبه نظرات الوحش كانت تخيفها. شعرت أنها قد تفقد إنسانيتها وتصبح مثله حيوانًا.
قال سيريس بهدوء:
“إن لم تريدي، فلن أفعل.”
“هذا…”
“لكنني أريد… أريدك بشدة.”
كانت تعرف في أعماقها أن سيريس الذي تظاهر طوال الوقت بأنه كالجرو البريء، ما كان إلا ذئبًا يخفي أنيابه. لكنها لم تتوقع أن يبدأ بالزئير محاولًا نهشها بهذه الجدية.
“… ألا يمكن؟”
همس سيريس بشفتيه الملتصقتين بشفتيها.
شعرت بأسنانه المسمومة تلامس عنقها، وكأن أي حركة صغيرة ستجعله يغرسها فيها. ومع ذلك، لم تستطع مقاومة الانجذاب إلى تلك الرائحة الحلوة.
“… يمكن…”
في النهاية، منحت ديارين الإذن.
دفن سيريس وجهه في عنقها وكأنه كان ينتظر ذلك اللحظة.
“آه…!”
انهار جسدها على بساط الأزهار، وجسد سيريس يطبق عليها بثقله.
“…آه؟”
حدقت ديارين في ذهول نحو أسفل جسدها.
“م- مهلًا!”
“لماذا؟”
“أظن أنني بحاجة إلى استعداد نفسي.”
“حسنًا. كم تحتاجين من وقت؟”
انتظرها سيريس بصبر، لكنه لم يتوقف عن تقبيل خدها، وأذنها، وعنقها كما لو كان يستعجلها.
“آه، أنا… أقصد…”
كان جسدها يغلي بدوره. في داخلها، كان صراع محتدم بين “لنفعلها الآن” و”لا، ما زلت خائفة”.
لكن هذا الصراع لم يدم طويلًا.
“متى إذاً؟”
“ذلك…”
“ديارين. متى؟”
وبما أن رغباته كانت صادقة ومباشرة، ولم تكن هي تفتقر للرغبة، فقد اتفق الاثنان سريعًا.
“الآن…”
أجابت بصوت مليء بالحرارة.
ابتسم سيريس وكأنه حصل على الدنيا كلها، وطبع قبلات متتالية على شفتيها.
“في الأصل، كنت قد أعددت كوخًا خاصًا لقضاء ليلة الزفاف…”
كوخ؟! حتى هذا كان قد خطط له؟
يا لهذا الذئب الماكر.
لابد أنه بناه لتجنب أنظار الناس في القصر. أي أن ذلك كان إعلانًا مسبقًا عن نية قضاء وقت طويل معها هناك.
“هل هو بعيد؟”
“أعمق قليلًا في الغابة، علينا أن نذهب بالخيول.”
لكن جسديهما كان مشتعلًا، ولم يحتمل الانتظار.
لم تكن تتخيل أن تقضي ليلة زفافها تحت السماء الزرقاء فوق بساط العشب، لكنها رأت أن الأمر ليس سيئًا: مشرق، وجميل، ومنعش.
أعطت نفسها عذرًا داخليًا: “سنكمل في الكوخ لاحقًا.”
بهذا حسمت ديارين تردد سيريس.
دفن سيريس وجهه في صدرها بلا صبر، وشعرت هي بقشعريرة لذيذة من العضة.
“آه…!”
كانت وخزة حادة تثير القشعريرة، لكنها في الوقت نفسه تبعث دفئًا يجعل جسدها يرخو. السماء الزرقاء وبساط الأزهار البيضاء أخذتا تدوران وتتداخلان في عينيها.
تنفست ديارين بلهاث وهي تغرس أظافرها في ساعده.
وبينما كان سيريس يدفن أنفه في جسدها متشممًا كما يفعل المفترس، رفع فجأة رأسه ونظر لما وراء الأعشاب.
“…هاه؟ لماذا؟”
“شخص يقترب.”
“…!”
عاد وعيها فجأة.
“قاتل مأجور؟”
“أكثر من واحد.”
“مجموعة من القتلة؟”
“… ربما.”
آه، لن يتركونا في سلام!
حتى لو ركضا بسرعة، فالمكان مكشوف، ومن السهل تتبعهما.
وقف سيريس وأمسك بسيفه وأسلحته المعلقة على الحصان.
وأصلحت ديارين ملابسها المبعثرة واقتربت منه.
“… هل نحرقهم؟”
كان من العدل أن يُحرق من يقطع لحظة كهذه.
ويبدو أن غضب سيريس لم يكن أقل من غضبها، فأومأ موافقًا.
“حين يقتربون أكثر قليلًا.”
رفعت ديارين قواها المقدسة، وحدقت مع سيريس في نفس الاتجاه. كانت عيناها تقولان: “بمجرد أن تقتربوا… ستحترقون بالكامل.”
لكن فرائسهم كانت ذكية. قبل أن تطلق ديارين النار، باغتوها بالهجوم أولًا.
الانستغرام: zh_hima14
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 179"