كانت قد شعرت أن الخاتم الضخم المرصع بالجواهر الذي أهداه لها ليس عاديًا، لكن يبدو أن ما في رأس سيريس من خطط كان بلا حدود.
لتفادي أن يتعرف عليهما أحد، غيّرت ديارين لون شعرهما وعينيهما.
تحوّل سيريس بسرعة إلى شعر أسود وعيون سوداء كما كان حين عاش في القصر. كان كجروهما القديم، ولم تستطع ديارين منع ابتسامة الرضا وهي ترى ذلك، حتى نسيت أنها كانت “مخطوفة”.
“سمعت أن هناك أنواعًا كثيرة من حفلات الزفاف.”
“…ماذا؟”
كان الحصان يشق طريقه عبر شوارع المدينة. بدا أنهما على وشك مغادرة العاصمة.
وبينما تجاوزا الشوارع المزدحمة، أصبح لدى سيريس وقت أكبر للحديث.
“بما أن ديارين قبلت عرض الزواج، فكرت أن عليّ إقامة الزفاف بأسرع وقت ممكن، لذلك بدأت أجهز لكل نوع من حفلات الزفاف.”
“…ماذا؟”
“لأني لا أعرف أي نوع من حفلات الزفاف تريده ديارين.”
أتمنى لو كان إما مجنونًا أو دقيق التخطيط، واحدًا منهما فقط، لا كليهما.
أما إذا كان مجنونًا ودقيقًا في التخطيط في الوقت نفسه، فالأمر يصبح مخيفًا قليلًا.
“إذا استغرق التحضير وقتًا طويلًا، فقد يحدث شيء في هذه الأثناء، أو قد يتدخل أحد لعرقلتنا، أو قد يتغير قلب ديارين.”
“هل تظن أنني قبلت عرض الزواج وأنا بهذا القدر من التردد؟”
ضحكت ديارين باستهزاء من آخر جملة أضافها، لكن سيريس كان ينظر إليها بجدية.
“قبل قليل أنتِ التي قلتِ إن الزواج لن يكون هو النهاية.”
“…آه.”
“فإذا كان حتى بعد الزواج الأمر ليس مضمونًا، فكيف قبل الزواج؟ لا أحد يعرف ما قد يحدث.”
“…صحيح، لكن… لا أظن.”
“لا أحد يعرف. لنفترض أنني اضطررت للزواج السياسي من شخص آخر، هل ستمنعينني؟”
“…زواج سياسي؟”
كان شيئًا قد نسيته منذ مدة. في البداية، كان هدفها أن تجعل “جروها” فتى رائعًا وتزوجه. لو كانت ديارين القديمة، لصفقت وهي تودعه.
حتى عندما دخلت القصر، كانت تفكر أولًا في تزويجه بفتاة جميلة ومن عائلة جيدة.
لكن متى تغيّر الأمر؟ متى توقفت عن تخيل سيريس واقفًا بجانب امرأة أخرى؟
تخيلت سيريس ممسكًا بيد امرأة غريبة وهو يدخل قاعة الزفاف، يمسكان الأيدي، ويتبادلان النظرات الدافئة، ويقبّلان بعضهما… ويبتسمان.
عندما تخيلت ذلك، انحبس نفسها فجأة.
لكن إن كان ذلك من أجل مصلحة حياة سيريس؟
“…هل ستفعلها يا سيريس؟”
رفعت ديارين رأسها تنظر إليه بعينين دامعتين.
مجرد التفكير جعل شعر رأسها يقف، ولم تكن تريد حتى أن تتخيل الأمر.
“لن أفعل. حتى لو دفعتني ديارين لفعلها.”
أجاب سيريس بوضوح، مثل جرو مطيع.
كان الجواب متوقعًا، لكنها أرادت أن تسمعه. فكما أن الطعم المألوف هو الألذ، والكتاب الممتع نقرأه أكثر من مرة، كذلك هذه الإجابة.
ابتسمت ديارين وسألته ممازحة:
“وإذا كان عدم فعلها يعني سقوط المملكة؟”
“فسقوطها سيكون أفضل.”
لكن إجابته كانت صادقة تمامًا.
سيريس، رغم كونه أميرًا، لم يكن لديه أي تعلق بلقب “لاكلِيون”. كانت تلك البلاد هي التي آذت والدته، وطفولته كانت مليئة بالمعاناة بسبب المنافسة، وحياته في الوحدة الثامنة كانت تضحية مستمرة.
الأب، الإخوة، الجد البعيد من جهة الأم، الأقارب… ظاهريًا لديه عائلة كثيرة، لكن في الحقيقة لم يكن لديه أي أحد. تمامًا مثل ديارين.
شعرا من جديد أنهما الوحيدين لبعضهما، فشددت ديارين ذراعيها حول كتفي سيريس.
✦✦✦
انطلق سيريس حتى خرج من شوارع المدينة، ووصل إلى مكان خالٍ من البشر، ثم خرج من الطريق تمامًا ودخل إلى أرض عشبية لا طرق فيها.
ومن هناك، أصبح الركض بالحصان خطيرًا، فخفف من سرعته.
تنفست ديارين الصعداء، وأرخَت قبضتها عن جسده بعد أن كانت تمسك به خوفًا من السقوط.
“لا يزال الأمر خطرًا.”
لكن سيريس أعاد إحكام ذراعيه حول خصرها، فأعادها إلى الوضع السابق.
كان الأمر يبدو كمحاولة للتحرش قليلًا، لكنها قررت أن تكون متسامحة، بما أنها وافقت على الزواج أصلًا.
كان الحصان يشق طريقه بين الأعشاب الطويلة، وكلما تقدما ازدادت كثافة النباتات، حتى لم يعد يُرى أي شيء أمامهما.
“ألا يكفي هذا؟”
لا أحد هنا، فقط هما الاثنين. شروط الزفاف التي ذكرتها ديارين تحققت.
لكن سيريس لم يوقف الحصان، واستمر في التقدم.
“المكان الذي أعددته لم نصل إليه بعد.”
“أنت لم تحدد المكان فقط… بل حضرت شيئًا أيضًا؟”
“بالطبع.”
نظر سيريس إلى ديارين باستغراب وكأن سؤالها غريب.
(لا، أنت الغريب! من الذي يحضّر كل أنواع حفلات الزفاف دون أن يعرف أيها سنستخدم؟!) شعرت ديارين بالظلم.
وأثناء ذلك، انخفض طول الأعشاب فجأة من مستوى الرأس إلى ما دون الخصر.
“…آه!”
أطلقت ديارين شهقة صغيرة عند رؤية “قاعة زفافهما الخاصة” أمامها.
خلف الأعشاب الطويلة ظهرت مساحة واسعة مغطاة بعشب قصير كالحديقة. ورغم أنه “زفاف خاص”، إلا أن المساحة كانت تكفي لمئة ضيف على الأقل لو وُجدوا.
وفي وسطها… كانت هناك أزهار بيضاء متفتحة.
أنفاق من الكروم البيضاء، وأعمدة ومنصة، كلها متشابكة مع الزهور، تتألق بشكل يفوق أفخم قاعة زفاف مغطاة بأفخر الأقمشة.
كانت الأزهار مزروعة بجذور ثابتة في الأرض، مما يعني أنها لم تُزرع على عجل قبل يوم أو يومين.
“واو…”
ترجّل سيريس من الحصان وهو يحمل ديارين بين ذراعيه.
بدأت ديارين تتأمل المكان بفم مفتوح من الدهشة.
كانت تتوقع أن يكون التحضير مجرد خيمة صغيرة، لكن هذا المكان كان جاهزًا لإقامة حفل رسمي مع كاهن.
“منذ متى وأنت…”
“منذ فترة.”
“وكيف عرفت… أو بالأحرى، كيف خطرت لك فكرة صنع شيء كهذا؟”
اقتربت أكثر، فاكتشفت أن أنواع الأزهار لم تكن واحدة، كلها بيضاء لكن أشكالها مختلفة. كان واضحًا أن هناك جهدًا واعتناءً كبيرين.
“بحثت عن حفلات الزفاف التي يحلم بها الناس.”
“يا إلهي…”
وضعت ديارين يدها على فمها.
(متى كبر جروُنا وأصبح شابًا رائعًا يعرف كيف يؤثر في الناس هكذا؟)
رأت في هذا المكان شدة إصرار سيريس على الزواج، ومدى اهتمامه بها.
“أي حفل زفاف كان أصعب في التحضير؟ بما أن تحضيراتك لا تذهب هباءً، فلنقم به لاحقًا… لاحقًا جدًا، إذا سنحت الفرصة.”
اقترحت ديارين بحماس.
وافق سيريس فورًا:
“الأصعب كان تجهيز حفل زفاف تحت الماء في البحيرة بجانب القصر.”
“…”
‘فلنُعِد التفكير في الموضوع.’
الانستغرام: zh_hima14
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 177"