“لكن، هذه مجرد غلطة، أليس كذلك؟ فهل إذا ثبت أنها خطأ، سأظل محترقة إلى الأبد؟”
رد بولين بنبرة جادة:
“هذا هو عقاب الحاكم. لذا يجب أن تكوني حذرة.”
“آه… أتذكر الآن. عندما دخلت القصر الإمبراطوري في البداية، خضعت لتجربة تعويذة مرتبطة بالذاكرة من النائب ماريان، وقد مضى وقت طويل ونسيت الأمر… لكنه حدث بالفعل. أليس كذلك، النائب ماريان؟”
تفاجأ النائب ماريان من ذكر اسمه لكنه أومأ برأسه دون تفكير.
لم تكن ديارين وحدها، وكان هناك جمع من الناس، فلم يكن بإمكانه أن ينكر.
حين أومأ، ركزت ديارين طاقتها المقدسة على يدها المحترقة.
عقاب الحاكم، متى نزل، لا يُرفع أبدًا. ولهذا يُعد كتاب الحكم رمزًا للرعب والهيبة.
فما الذي حدث إذًا؟
ابتسمت ديارين وقالت وهي تنظر له بعينين صافيتين:
“يبدو أن الحاكم يغفر الخطأ لمرة واحدة على الأقل.”
بولين لم يبتسم.
“…ما الذي فعلتهِ؟”
“هل هذا سؤال أيضًا؟”
أجابت بسؤال، متذكرة أن يدها لا تزال على كتاب الحكم.
قال بخفوت:
“…كيف أزلتِ عقوبة الحاكم؟”
لم يكن قادرًا حتى على إتمام جملته.
ورغم أن هذا لم يكن سؤالًا مكتملًا، إلا أن ديارين أجابت:
“أظنها نفس فكرة الحليب الأبيض عندما يصبح شفافًا.”
نظرت إلى الحشد.
أولئك الذين تزعزع إيمانهم، عادوا يؤمنون حين رأوا أن الحاكم أزال عقوبته.
“الحاكم يعلم الحقيقة أفضل من الجميع.”
“واااه! إنها إرادة الحاكم!”
“الحاكم برّأها!”
ثم نظرت مجددًا إلى بولين بابتسامة.
“خادمة المعجزات!”
“الأمير الأول، معجزة حية!”
الحشد انفجر حماسًا.
وسط صيحاتهم، لم يكن يُسمع شيء.
تنفست ديارين الصعداء.
لو أن عقاب الحاكم لا يُقاوَم، لكان عليها الحذر الشديد في كل حرف. لكنها الآن تعلم أنه يمكنها المراوغة إلى حدٍ ما.
قال بولين:
“يبدو أن الكونتيسة معتادة جدًا على القوة المقدسة، أليس كذلك؟”
“بعد سنوات طويلة في ساحة الحرب… كان من الطبيعي أن ألتقي بمن يملكونها.”
كان جوابها موفقًا. لم يتحرك كتاب الحكم.
بدأ التحقيق مجددًا، واستعاد الناس هدوءهم، وبدأوا بالاستماع من جديد.
عاد بولين للهجوم.
“هل تعلمت استخدام القوة المقدسة من أولئك الأشخاص؟”
“لكن، حسب علمي، القوة المقدسة لا تُتعلَّم. إنها هبة إلهية، أليس كذلك؟”
قال بولين مؤكدًا:
“بالضبط. لا يمكن تعلمها. فقط من يمنحهم الحاكم هذه الهبة يمكنهم استخدامها.”
كل كلمة من بولين كانت مصيدة. وعندما أجابت ديارين، بدت عليه علامات الرضا.
‘ما الأمر؟ لم أقل شيئًا خاطئًا…’
توترت ديارين، مستعدة لأي هجوم.
قال بولين:
“لهذا، فإن المعبد هو من يدير هذه القوة بحذر. لأن القوة التي لا تُدار من قِبل المعبد، يمكن أن تستغلها الشرور.”
كانت نبرة بولين واضحة، وركز على كلمة “الشر”.
“وأحيانًا، قد يرتكب المرء خطيئة دون أن يدرك أن ما يفعله شر. لذلك نبحث نحن، لجنة التحقيق المقدسة، عن من يستخدم القوة المقدسة دون أن يعرف حتى أنها كذلك.”
“……”
“نُعتقد أنها ’معجزة‘، لكن في معظم الحالات، يتبين بعد التحقيق أن الأمر كان مجرد تجلٍّ غير واعٍ للقوة المقدسة.”
تصنعت ديارين الهدوء وهي تصغي لكلمات بولين، لكن قلبها كان ينبض بعنف.
كانت تعرف ما الذي سيقوله بولين تاليًا، لكن حتى مع هذه المعرفة، لم يكن من السهل مواجهة اللحظة.
«سأتابع بالأسئلة. إن لم تكونِ قد ’تعلمت‘ استخدام القوة المقدسة، فهل يا تُرى، الكونتيسة أريانيتي…»
تعمد بولين إطالة كلامه ليخلق تأثيرًا دراميًا.
وعندما بلغت الترقب ذروته بين الحشد، ألقى بالسؤال:
«هل تمتلك القوة المقدسة؟»
ها هو يطرح السؤال أخيرًا. أخذت ديارين شهيقًا عميقًا وزفيرًا أطول.
قول “نعم” يعني أنها إما شيطان أو كاهنة، لا خيار ثالث.
وقول “لا” سيجعلها تتلقى عقاب الحاكم في الحال.
هل يمكنها قول “نعم” ثم النجاة بطريقة ما؟
هل تستطيع قول “لا” وتخفي العقاب الإلهي كما فعلت سابقًا؟
أي الطريقين أكثر أمانًا؟
لم يكن هناك وقت للتفكير طويلًا.
«…نعم.»
أجابت بكلمة قصيرة ثم أطبقت شفتيها.
“هاه…!”
“الكونتيسة أريانيتي؟!”
الصدمة التي سببتها إجابة ديارين كانت عنيفة.
“ماذا يعني هذا؟ هل يجب أن تتخلى عن لقب الكونتيسة وتنضم إلى المعبد؟”
“وإلا ستكون شيطانًا!”
“مهلاً، هل كانت تخفي أنها تملك القوة المقدسة؟ إذًا هي شيطانة فعلًا!”
مرة أخرى، تمايلت مشاعر الناس كأوراق في عاصفة، لا قرار لها.
ابتسمت ديارين بمرارة، فهي لم تضحك من كلامهم عنها، بل من اسم سيريس الذي بدأ يُذكر بينهم.
“هل كان الأمير الأول يعرف هذا وبقي إلى جانبها؟”
“ألم تكن بينهما علاقة مشبوهة؟”
“ماذا؟ إذًا، الأمير الأول تواطأ مع شيطانة؟”
“هشش!”
رفع بولين يده، فسكت الحشد في لحظة.
ونظراته التي وجهها إلى ديارين كانت مملوءة بنشوة النصر. فهي قد أقرت بامتلاكها للقوة المقدسة، ولا مهرب لها الآن.
“الكونتيسة آريانتي. سؤال أخير.”
“نعم.”
“هل كنتِ كاهنة قبل دخول القصر الإمبراطوري؟”
كان هذا السؤال الأخير بمثابة فرصة النجاة بشروط.
إن اعترفت وكانت قد خدمت في المعبد، فربما يُبقى على حياتها، لكن سيكون عليها أن تُحبس في المعبد إلى الأبد.
رفعت ديارين نظرها نحو السماء، ثم نحو سيريس.
هل عليها أن تتراجع هكذا؟
إن حُبست في المعبد، فسيحاول سيريس إنقاذها. لكنه سيقضي حياته هاربًا، من الأمير الثاني، والآن من المعبد أيضًا.
لم ترد أن تجرّه إلى هذا المصير.
فقررت ديارين. رغم الخوف، شعرت بغريزة باهتة تخبرها أنها قادرة على النجاح.
“لم أكن كاهنة.”
كذبة حمراء فاقعة.
وفورًا، اندلعت نيران العقاب الإلهي بعنف. لكنها لم تكن قد ظهرت بعد لعيني الناس حتى كانت ديارين قد طوقتها بقوتها المقدسة وأخفتها.
لقد نجحت.
حتى هي بالكاد صدّقت أنها فعلتها، وعرق بارد سال على ظهرها وهي تفتح فمها مذهولة.
لكن الأمر لم ينتهِ بعد.
لو اكتفت بقول إنها ليست كاهنة، فذلك يعني أنها ستُعامل كشيطانة أو تُسحب إلى المعبد.
وكان هناك سبيل واحد فقط للحصول على القوة المقدسة، والبقاء حرة، دون أن يجرؤ أحد على المساس بها.
شدّت ديارين جسدها، وفتحت فمها من جديد.
“أنا… ابنة الحاكم.”
الانستغرام: zh_hima14
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 164"