لطالما قيل لها إن القبلة يجب أن تكون مع من تحب بصدق، ومع من ستقضي حياتك معه فقط.
لكن إذا فكرت بالأمر، فإن سيريس أيضاً عزيز عليها، وهو شخص ستقضي معه حياتها بالفعل.
‘هل هذا هو الصحيح؟’
ربما، لكن الشعور لا يزال ضبابياً.
بدأ العالم يدور من حولها، وقلبها يخفق كأن الأرض تهتز تحت قدميها. كل ما تراه وتسمعه يذوب في صوت خفقات قلبها، وتدنو الشفاه أكثر فأكثر… حتى أصبح العالم كله يتجسد في شفاه.
“هاه!”
فتحت ديارين عينيها فجأة.
… كان حلماً.
منذ أن قبّلت سيريس في ذلك اليوم، بات هذا الحلم يراودها كل ليلة.
لكن على عكسها، كان سيريس في الواقع يتصرف كعادته، بينما هي وحدها من تعيش في دوامة مشاعر متقلبة.
“ديارين.”
“آه!!”
فزعت ديارين وكادت تطير من سريرها حين سمعت صوت سيريس.
نظرت جانباً، وهناك كانت شفاهه واضحة أمامها.
“يجب أن تستيقظي.”
“…أه؟”
كان سيريس جالساً بجوار السرير ينظر إليها. رغم أن الوقت كان صباحاً، إلا أن مظهره بدا أنيقاً بلا أثر للنعاس.
حين التقت بعينيه الصافيتين، شعرت ديارين بالحرج والخجل الشديد.
‘ما الذي يحدث معي بحق الجحيم…’
لكن لم يكن هناك وقت للتفكير كثيراً، فما إن استوعبت ما يجري حتى تذكرت ما هو اليوم.
إنه صباح يوم مسابقة الصيد.
✦✦✦
تستمر المسابقة لمدة يومين وليلة.
ينطلق المشاركون من العاصمة في الصباح، ليصلوا إلى موقع الصيد قرابة الظهر.
يتناولون الغداء سريعاً، ثم يبدأون التجهيز للخروج للصيد، وبعد ذلك تُعلن النتائج مساءً، ويُكرّم أفضل صيّاد.
ثم تُشوى الغنائم ويُحتفل بها طوال الليل بشرب الخمر.
رغم أن وقت الصيد لا يتجاوز بضع ساعات، إلا أن النشاطات المرافقة تجعله يوماً كاملاً يتضمن التخييم في العراء.
“كم من الأمتعة هذه؟!”
رفعت ديارين حاجبيها بدهشة وهي تنظر إلى صف العربات المحملة بالأمتعة أمام قصر ولي العهد الأول.
بالنسبة للنبلاء، يكفي أن يختاروا ملابسهم فقط، أما الخدم فعليهم تجهيز كل شيء، خصوصاً أن الأمر يتعلق بصاحب السمو.
رغم أنه تخييم، إلا أنه يجب توفير راحة تضاهي الإقامة في القصر، وهو ما يبرر هذه الكمية الهائلة من الأمتعة.
كانت التحضيرات تسير بسلاسة… ما عدا شخص واحد فقط.
“يا إلهي! سمو الأمير! يجب أن أذهب معه بنفسي!”
كانت جيان، خادمة ولي العهد، والتي بدأت تتصرف بطريقة طبيعية أخيراً، قد أصيبت بالذعر بسبب فكرة مبيت سيريس خارج القصر. رغم محاولات الجميع لتهدئتها بكونها مجرد ليلة واحدة وأنه سيعود فور انتهاء المسابقة، لم تنجح محاولاتهم.
فقدت الخادمة أعصابها تماماً، عندها تدخلت ديارين.
“أنا من سيرافقه.”
“…آه…”
تراجعت جيان، فهي قد تصرخ بوجه أي شخص، إلا ديارين تحديداً.
“أليس من الأفضل أن أذهب بدلاً منك؟”
“هـ… هذا صحيح… لكن…”
“من التي ساعدت سمو الأمير في أصعب لحظاته؟”
“ديارين…”
كان ذلك اليوم، حين استعاد سيريس ذاكرته، قد انطبع في ذهن جيان بقوة، لدرجة أنها لا تستطيع معارضتها بعد الآن.
“طالما أنا معه، فلا داعي للقلق، أليس كذلك؟”
“نعم… رجاءً اعتني به جيداً…”
رغم ذلك، لم تستطع جيان إخفاء قلقها حتى النهاية.
ابتسمت ديارين وربتت على ظهرها مطمئنة:
“مهما حصل، سأحميه بنفسي.”
رفعت جيان نظرها إليها.
“أعدك بذلك.”
“نعم.”
كأنها تقسم أمام الآلهة، أومأت ديارين برأسها بإصرار.
“مهما حصل، سأكون له درعاً.”
لكن هذه المسابقة لم تكن مجرد مسابقة عادية.
كانت فرصة لاستعادة الحصة التي فقدها سيريس لصالح الأمير الثاني والثالث.
لم يكن الأمر أشبه بلعبة، بل رهان على ثروة ضخمة وشرف لا يقل عن الحرب.
قد تتجاهله شالوت، لكن إندين لن يقف مكتوف اليدين. من المؤكد أنه سيستخدم كل الوسائل الممكنة، مهما كانت قذرة.
من جهته، استعد سيريس بأقصى ما يمكن.
ارتدى دروعاً خفية متعددة الطبقات، وأخفى أسلحة صغيرة في أماكن لا تُرى، حتى الخيمة والسجاد والسرج… كل شيء تم تفخيخه مسبقاً.
استعداداتهم كانت تقترب من تجهيزات حرب.
وكان الأمر كذلك فعلاً.
عندها نظر سيريس نحو ديارين.
“وأنا أيضاً سأحميكِ، ديارين.”
“همم… شكراً.”
في مواقف كهذه، كان من المفترض أن تقول شيئاً مثل “سأحمي نفسي”، لكن أمام قوة سيريس، لم تستطع إلا أن تبتسم بامتنان.
تنفست جيان الصعداء أخيراً، ثم التفتت نحو سيريس قائلة:
“بالمناسبة، ألا ترافقكم سموّ وليّة العهد اليوم؟”
“…”
هل تفعل هذا عمداً؟
بينما كانت ديارين تفكر إن كانت صفعة على مؤخرة رأس جيان ستعيد لها صوابها، اقترب الخادم وأعلن:
“العربة جاهزة، تفضلي بالصعود.”
لقد بدأت الحرب.
✦✦✦
في موقع الصيد، كان الخدم قد وصلوا قبل أيام، فبنوا معسكراً كاملاً أشبه بساحة قتال.
لم يكن مجرد صيد خفيف، بل أجواء أقرب إلى حرب حقيقية.
ما إن وصلوا، حتى قُدّم لهم الغداء فوراً.
طهاة القصر الملكي كانوا قد أعدّوا مئات الوجبات منذ الفجر، وفرشوها في الساحة.
“علينا أن نشحذ عزيمتنا اليوم!”
اقترب هوليان، وقد بدا عليه أثر الشراب كعادته، وقال بحماسة.
رغم أن اليوم يوم صيد، لم تبخل العائلة الإمبراطورية بتقديم المشروبات مع الطعام. وكان هوليان يضع منديلاً أخضر، وهو اللون الذي يرمز إلى ولي العهد الثالث.
“حقاً؟! بعد كل زياراتك المتكررة لقصر ولي العهد الأول، والشراب الذي شربته هناك، تأتي اليوم مرتدياً الأخضر؟”
“أهم، أهم! هذا كله مدروس، له حسابات خاصة!”
“ليس لديك حسابات، أنت فقط تلتهم المأكولات مع الشراب بلا تفكير.”
“حسناً، هذا صحيح… لكن لماذا تصيبينني بهذه الدقة؟! على كل حال، عزيمتي قوية اليوم، وسأُظهر نتائج عظيمة، انتظري فقط.”
“همم… هل لديك خبرة حقيقية أصلاً؟”
حتى لو كان من عائلة عسكرية عظيمة، الخبرة الميدانية مختلفة تماماً.
كلمات ديارين المليئة بالتقليل من شأنه أغضبت هوليان.
“سترين قريباً كم أن عزيمتي ثمينة ومهمة.”
“عزيمة رجل من جانب ولي العهد الثالث، لماذا تهمني أنا؟”
‘ولِمَ هو هنا أصلاً؟ من فريق ولي العهد الثالث، ويتسكع في معسكر ولي العهد الأول!’
حدّقت ديارين فيه بازدراء، لكنه تابع مزاحه دون أن يطرف له جفن.
“سترين لاحقاً.”
“؟”
كان يبدو عليه أنه يكاد يختنق من رغبة في كشف سر ما، لكنه ظل يلف ويدور دون أن يتكلم.
‘ما الذي يحدث؟’
بدأت ديارين تشعر بالقلق، وظنت للحظة أن ولي العهد الثالث ربما عقد تحالفاً سرياً مع ولي العهد الثاني.
بحثت بعينيها عن شارلوت وسيبيان… لم يكونا في المكان، إما لم يصلا بعد أو داخل الخيمة.
‘هيما: شوفوا شباب ملاحظة خفيفة ابن شارلوت سيبيان ومرات بالترجمه ينكتب سيفيان بالكوري الفاء والباء متشابهات فمو مشكلة لو لقيتوا فاء لو باء
لكن وجوهاً أخرى غير مرحّب بها كانت موجودة.
على رأسهم ولي العهد الثاني، إندين.
كان يحدق ناحيتهم بعينين تتوهجان كما لو أنه يقول: (فريسة اليوم أنتم!)
“هممم، هممم.”
شعرت ديارين بقشعريرة وهربت ببصرها عنه.
لو كان مجرد شرير، لكان بإمكانها مواجهته. لكن مجنوناً؟ أفضل حل هو الهروب.
واليوم للأسف، كان من الضروري مواجهته وجهاً لوجه، لذا وجب على الأقل عدم استفزازه.
لكن حين أزاحت نظرها عنه، اصطدمت بعين مجنون آخر.
‘ما الذي يفعله هذا هنا؟!’
كان غريليند حاضراً.
غريليند أمير دولة معادية، رهينة بلا انتماء واضح لأي طرف من أطراف القصر.
وكانت مسابقة اليوم مخصصة فقط للمقارنة بين القوى الثلاث لورثة العرش.
ركزت ديارين نظراتها نحو المنديل المربوط حول عنقه… لونه كان أصفر.
لون يرمز إلى ولي العهد الثاني.
“هـ… هذا الرجل! لماذا يضع منديلاً يرمز لولي العهد الثاني وليس الثالث؟!”
بصفتها أقرب شخص إلى ولي العهد الأول، وجّهت ديارين سؤالها إلى هوليان، أحد رجال قصر ولي العهد الثالث.
المسابقة اليوم لم تكن عدائية جداً. هي مجرد منافسة. لكن أن يشارك أمير من دولة معادية لصالح أحد ورثة العرش؟ أمر غير طبيعي.
“آه… في الحقيقة، هذا له علاقة بما حصل في طقوس تقديم القرابين قبل أيام.”
“وماذا في ذلك؟”
“بدا أنه شعر بالإهانة من الإحراج الذي تعرّض له في تلك الطقوس، وسمعت أن سمو ولي العهد الثاني دعاه ليشارك في مسابقة الصيد كي يعوّض عن كرامته.”
“هاااه…”
إذاً ذلك الرجل بالتحديد سيُحدث فوضى اليوم، هذا أكيد.
سواء أكانت كبيرة أم صغيرة… أو الاثنتين معاً، سيقع شيء بسببه.
“سيريس، لا تقترب من غريليند مهما حصل.”
“حسناً.”
ذلك الرجل أثار شغباً في طقس مقدس، وسط مئات الأشخاص، وهو الآن يحمل سلاحاً.
من يدري ماذا سيفعل!
وإن حصلت كارثة كبيرة اليوم، فسيكون ذلك بلا شك بسببه.
الانستغرام: zh_hima14
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 149"