لو كان قد رآه أو سمعه من مكان ما، لكان بإمكانها أن تمنعه من مشاهدته، وتنتهي القصة. لكنه يقول إنه وُلِد بهذه الطريقة… ما العمل إذًا؟ الاستياء الذي ارتسم على وجه ديارين ازداد اشتعالًا.
“التالي… هو ذاك، الدجاج المشوي.”
بعد أن فقدت ما تقول، ركزت ديارين اهتمامها على اختيار الطبق التالي.
سيريس لم يعلق أو يضيف شيئًا، بل تبعها بهدوء في الاتجاه الذي أرادته هي.
وأثناء تجوالهما وشرائهما الطعام وتناوله، عبرا منطقة مخصصة للطعام، ووصلا إلى قسم يُباع فيه الملابس والإكسسوارات والزهور.
عندما كانت صغيرة، كانت تتوق حتى لدبوس شعر رخيص. لكن بعد أن أصبحت كاهنة، لم تكن تفكر أبدًا في مثل هذه الأشياء، إذ لم يكن لها علاقة بها.
أما الآن، فلم تعد تلك الأشياء تلفت انتباهها من الأساس.
يكفي بيع دبوس الشعر الذي تضعه على رأسها لشراء كل المعروضات على تلك الطاولات، والحصول على الباقي.
مرت ديارين على تلك الأكشاك بلا أي اهتمام. ولم يحاول سيريس أن يشتري لها شيئًا منها.
كلاهما قد تغيّر منذ أن كانا حبيسين في القصر.
سيريس أصبح ولي العهد، وديارين أصبحت نبيلة بكل ما للكلمة من معنى.
“… آه، ذلك الشيء.”
مرت على باقي المعروضات بلا اهتمام، لكن عينيها توقفتا عند وشاح معين.
وشاح كان قد اشتراه لها سيريس بعد أن اختاره بعناية.
كانت قد فقدته يوم طاردهم القتلة، ولم يعد بحوزتها منذ ذلك اليوم. رغم أنه لم يكن شيئًا ذا قيمة، إلا أنها ظلت تفكر فيه.
نظرات سيريس توقفت أيضًا عند نفس الوشاح.
“واحد من هذا، من فضلك.”
ربما كان يفكر في الشيء ذاته أيضًا.
اختار وشاحًا يشبه إلى حد بعيد ذلك الذي اشتراه لها في الماضي.
“ديارين.”
خفق قلبها بقوة عند سماع اسمها.
اقترب منها سيريس وهو يحمل الوشاح في يده.
فاحت منه رائحة طيبة. فهو، بعد كل شيء، يتلقى خدمة الحمام والعناية الجسدية يوميًا من خادمات القصر، ويُدهن بزيوت عطرية باهظة الثمن، لذا كان من الطبيعي أن تفوح منه تلك الرائحة الطيبة. رائحة الرفاهية. رائحة تناسب سيريس أكثر من أي شيء آخر.
فتح سيريس ذراعيه ورفعهما ليضع الوشاح حول عنق ديارين، كما لو كان يحتضنها.
“هممم…”
“ما رأيك؟”
لم يكن مناسبًا لها.
الملابس التي ترتديها الآن من قماش نُسج بروح فنان، وخيطت بخيوط حياة خياط بارع. كيف لوشاح يمكن شراؤه بقطعة نقدية أن يناسبها؟
ولا شك أن سيريس رأى ذلك أيضًا.
“لا أرى سوى ديارين. أما الوشاح… فيبدو كغبار على بتلة زهرة.”
حتى في هذا الموقف، لم تختلف تعليقاته عن العادة.
“لو واصلت قول أشياء كهذه، سأبدأ فعلًا بالاعتقاد أنني أجمل امرأة في العالم.”
“ديارين هي أجمل امرأة في العالم.”
كرر سيريس العبارة نفسها مجددًا.
“كل شيء شُفي لديك ما عدا نظرك، على ما يبدو…”
لم يكن يبدو عليه أي خلل في البصر. فكيف نصلح هذا الخلل في الذوق الجمالي؟
“نظري سليم.”
“إن كنت ترى أنني الأجمل، فربما لا يكون سليمًا تمامًا.”
“الجمال مسألة ذاتية.”
“… آه.”
سقطت ديارين في الحجة. لكن القبول بأنها “أجمل امرأة في العالم” كان لا يزال صعبًا.
صحيح أن الجمال أمرٌ شخصي، لكن لا يمكن تجاهل المعايير الموضوعية تمامًا. لم تكن ترى نفسها بتلك الجمال الفائق.
“يبدو أنني كنت طيبة جدًا معك، أليس كذلك؟”
“حتى لو لم تفعلي، ستظلين جميلة.”
“… ربما لأنني أول شخص رأيته بوضوح بعد أن فقدت ذاكرتك، فطبعت صورتي في ذاكرتك هكذا.”
سيريس أخذ كلامها على محمل الجد وفكر فيه بعمق. ثم هزّ رأسه.
“لا، حتى لو وُلدت من جديد، سأراك الأجمل دومًا.”
“… ولماذا؟”
“لا أعرف السبب. هكذا أراك فحسب.”
“يا إلهي…”
كيف يمكن مجابهة كلمة “فقط”؟ استسلمت ديارين. سواء رآها الأجمل أو أبغضها، ستبقى إلى جانبه.
“ألا أبدو جميلة لك، ديارين؟”
“أنت جميل.”
سيريس، سواء بمعايير الجمال الشخصية أو العامة، كان جميلًا. فقول الحقيقة هنا لم يكن صعبًا.
“ردك بلا إحساس.”
“وهل يحتاج قول الحقيقة إلى إحساس؟”
“الأهم أن تكون جميل في عين القلب أيضًا.”
“أوه، حسنًا حسنًا… دعني أرى…”
نظرت ديارين إلى سيريس مطولًا، وهي تعقد حاجبيها وكأنها تحاول اختراقه بعينيها.
سيريس فرد صدره وابتسم بثقة.
وجهه، الجميل أصلًا، أصبح أكثر إشراقًا بابتسامته، حتى أنه بدا كزهرة تتفتح في لحظة نور.
تجمدت ديارين، مأخوذة بجماله، ولم تستطع أن تُبعد عينيها عن وجهه.
“هل أبدو جميلًا؟”
“… أ… أجل…”
“إذن، أحبيني.”
“… ماذا؟”
رمشت ديارين بعينيها بدهشة.
نظرات سيريس لم تكن كالمعتاد. لم يكن الأمر شيئًا يمكن حله بربتة على رأسه وانتهى.
“كيف تريدني… أن أحبك؟”
همست ديارين، مترددة، ونكست عينيها إلى الأسفل.
في الحقيقة، لم يسبق لها أن نالت حبًا من أحد، ولا هي منحت الحب لأحد. لذا لم تكن تعرف كيف تتعامل مع هذا النوع من الدلال، وشعرت بالحيرة.
“كما يمليه عليكِ قلبكِ، يا ديارين.”
“… لا أعلم كيف.”
“سأنتظر… حتى تعرفي.”
كان سيريس هادئًا وواثقًا.
لطالما كان هو المتلهف، المتعلق بها دائمًا… أما الآن، فالوضع معكوس. ذلك التبدل أدهش ديارين وأغضبها قليلًا.
وحين رفعت رأسها وحدجته بنظرة جانبية، ابتسم وكأن حتى تلك النظرة تعجبه.
وفي تلك اللحظة، بدأ عازف شارع بعزف لحن راقص. فتجمعت بعض الأزواج في الساحة، يمسكون بأيدي بعضهم ويبدؤون بالرقص.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 148"