الندبة القديمة التي أجبرتها على دفنها عميقًا بدأت تؤلم من جديد.
لكن بعدما هدأت قليلًا وفتحت عينيها، بدت ثابتة وقوية.
الآن، تستطيع أن تروي كل شيء دون تردد أو انفعال.
“أولًا، يجب أن أخبركم أنني كنت كاهنة.”
“كنا نعلم ذلك. ونعلم أن لديك قوى مقدسة أيضًا.”
“…آه، كيف؟”
انهارت عزيمة شارلوت مرة أخرى، ولو قليلًا.
فـ سيريس وديارين، كلاهما كانا يتصرفان وكأن الأمر لا يحمل أي ثقل، بينما وحدها كانت تتحدث بجدية قاتمة، وكأنهم كانوا يعلمون كل شيء منذ البداية.
“أذكر أننا تصافحنا في ذلك اليوم.”
تذكرت شارلوت عندما زارت القصر وأمسكت بيد ديارين، لكنها في حينها لم تشعر بأي أثر للقوة المقدسة من طرفها.
“هل شعرتِ بقوتي المقدسة حينها، ديارين؟”
“نعم، كانت قوية جدًا حتى إنني فكرت: يا ترى، من هذه؟”
“آه… إذًا…”
القوة المقدسة يُمكن أن تشعر بها من يملك قوة أعلى، لكن من يمتلك القوة الأضعف لا يستطيع الإحساس بمن هو أقوى منه.
وكان هذا يعني شيئًا واضحًا.
أن ديارين تمتلك قوة مقدسة تفوق شارلوت بكثير.
“لابد أن ديارين الكاهنة تملكين قوة مقدسة عظيمة حقًا.”
نظرت شارلوت إليها بإعجاب ظاهر.
أما ديارين، التي لم تفكر يومًا في التباهي بقوتها المقدسة، فقد شعرت بالحرج. فقد اعتقدت دائمًا أن هذه القوة يجب أن تبقى مخفية، ولم يخطر في بالها أن تكون يومًا محل إعجاب.
“لا أدري حقًا… لا أعرف مدى قوتي حتى الآن.”
“كيف؟ ألا تقارنون بين بعضكم البعض ككهنة؟”
“كنت أُخفيها لأنني لا أحب أن تُستغل قوتي المقدسة.”
“هاه؟”
اتسعت عينا شارلوت دهشة، غير مصدقة ما سمعت.
“كما تعلمين، لا عائلة قوية تساندني من الخلف. ولو عُرفت بقوتي، فسيُستغلوني كالعبد.”
“لكن، إن كانت قوتك أقوى من قوتي، فربما ما كان ليصل الأمر إلى هذا الحد.”
“…حقًا؟”
أومأت شارلوت بجديّة. فليس من سبب للكذب في هذا النوع من الأمور.
“أنا أيضًا كنت كاهنة عادية لم أكن قد فتحت عيني على قوتي المقدسة سوى منذ مدة قصيرة. ومع ذلك، بعد عودتي من الجبهة، كان من المقرر أن أُعيَّن كاهنة أولى.”
“آه… عذرًا، لكن متى انضممتِ إلى المعبد؟”
“تم إرسالي إلى الجبهة في عامي الأول.”
“…”
سنة واحدة فقط.
ألم يكن من المفترض أن الترقيات لا تحدث بتلك السرعة؟
انهارت كل القيم التي آمنت بها ديارين فجأة. لم تعد ترى العالم كما كانت.
“آه… حسنًا، قد تكون الأمور مختلفة في معابد العاصمة، لكن إن كنتِ ترغبين فعلًا في الترقية، لكان بإمكانهم نقلك إلى معبد إقليمي وترقيتك هناك.”
“…”
أن ترى العالم بلونٍ أبيض فقط يجعلك فريسة سهلة. وأن تراه بلونٍ أسود فقط، يجعلك لا تصدق شيئًا، فتضيع الفرص.
وديارين كانت بالضبط من النوع الثاني.
“طالما لا يمكن قياس القوة المقدسة بالأرقام، فأحيانًا تحدث هذه الأمور. فلا يُعرف الأمر إلا إن شهد من حولك على ذلك. لهذا أحيانًا من يُعتقد أنهم الأقوى يتضح أنهم ليسوا كذلك…”
“لو كنت أعلم، لادّعيت أنني أحد أبناء الآلهة السبعة، وحسمت الأمر!”
“صحيح… لو كنتِ قلتِ ذلك، ربما صدقك الناس فعلاً.”
حاولت شارلوت بكل ما أوتيت من طاقة مواساة ديارين، رغم أن حياتها هي المعرضة للخطر. مما يدل على أنها تحمل قلبًا طيبًا.
لكن، ما الذي قد يدفع شخصًا طيبًا كهذا إلى أن يحمل ضغينة عميقة إلى حد التمني بقتل الأمير الثاني؟
عادت نظرات ديارين إلى شارلوت.
“لكن، قلتِ إنك كنتِ ستصبحين كاهنة أولى، فكيف انتهى بك الأمر إلى الجبهة؟”
“آه… المعهد الذي كنتُ فيه كان قريبًا من الجبهة، وكان علينا إرسال الكثير من الكهنة. وفي اجتماعٍ طارئ، قرر الكاهن الأول أن إرسال شخصٍ قوي واحد أفضل من إرسال عدة ضعفاء، فذهبت وحدي.”
“يا إلهي…”
حتى إن كانت الترقية سهلة، فاستنزاف القوة المقدسة يبقى قدر من يمتلكها.
ويبدو أن التفاخر بها ليس فكرة جيدة، إلا إن كنت من أولئك الذين يقال عنهم أبناء الآلهة السبعة.
“في البداية، كانت مهامي مثل سائر الكهنة – علاج الجرحى، ومساعدة المتعبين…”
“نعم.”
“لكن في اليوم الذي وصل فيه سمو الأمير الثاني إلى الجبهة، قال إنه متعب وطلب كاهنًا ذو قوة مقدسة. وكما تعلمين، عادةً ما يخدم أفراد العائلة المالكة كهنة ذوو نسب رفيع، لكن في ساحة المعركة، لم يكن هناك أحد كهذا. فتم اختياري لأنني كنت الأقوى.”
الطريق نحو النهاية المعروفة كان طويلًا، ولكن إن كانت النهاية مرعبة، فربما من الأفضل أن يطول الطريق.
كل كلمة خرجت من فم شارلوت كانت كسكينٍ مغطى بالزجاج والدم.
حبست ديارين أنفاسها دون وعي، تستمع بقلق متزايد.
“وهناك…”
توقفت شارلوت عن الحديث فجأة.
حتى مجرد استعادة الذكرى كان مؤلمًا.
وثقل الهواء كان انعكاسًا لصمتهم الممتلئ بالتعاطف.
واصلت شارلوت حديثها بصوت مرتجف، كما لو أن أنفاسها توشك أن تنقطع.
“كنت كاهنة مكلفة بخدمة سمو الأمير الثاني أثناء وجوده على الجبهة. لم أكن قادرة على الفرار. وهكذا، كل ليلة… حدث ما حدث. ولم أعلم أنني حامل إلا بعد مغادرته بمدة طويلة.”
كاهنة لا يُسمح لها بالزواج، أصبحت حاملًا. وهذا وحده كان كفيلًا بطردها من المعبد.
وبما أنها أُرسلت حتى إلى الجبهة، فمن المستبعد أن تملك عائلة تحميها بعد ذلك.
وفي عالم يعيب على الكاهنات بمجرد مغادرتهن للمعبد، فإن كاهنة طُردت لأنها حامل، تُعتبر منبوذة اجتماعيًا. حتى عائلتها قد تتخلى عنها.
“رُزقت بالطفل في ظروف عسيرة… لكن ملامحه حملت رموز العائلة الإمبراطورية بوضوح، فحاولت التواصل مع سمو الأمير الثاني مرارًا وتكرارًا.”
“وهل أجابك؟”
“…مرة واحدة. بدلًا من الرد برسالة، أرسل قاتلًا مأجورًا.”
تفجّرت ديارين بشتائم لم يكن ينبغي لكاهنة أن تنطق بها على الإطلاق.
الانستغرام: zh_hima14
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 122"