الفصل 1 – اليوم الأول (10/17)

كانت لعبة Dear Mine مبنيّة على هيكل يشبه لعبة المافيا.

الآن، الأشخاص المحبوسون في قصر إيرنست، بمن فيهم أنا وتشيستر، عددهم ثمانية. ومن المقرّر أن ينضمّ أربعة آخرون لاحقًا.

كانت فيفيان تقتل الشهود، أولئك الذين يعرفون حقيقتها كجانية، كل ليلة وذلك لتخفي جريمتها.

و هل يعني هذا أنّ ألبرتو كان يحمل ضغينة شخصية تجاهها؟

لا. لم يكن الأمر كذلك على حدّ علمي.

لأنّ ألبرتو نفسه أدخل أيضًا “شهود زور” إلى القصر لتشويش الحقيقة.

وفوق ذلك، كان هناك جاسوس في صف فيفيان. ربما كان أحد السبعة الموجودين الآن جاسوسًا، لكن لم يكن لديّ أي وسيلة لمعرفة من هو ألبرتو حقًا، ولا من سيكون حليفي من بينهم.

لقد لعبت Dear Mine قبل زمن بعيد، وحتى في ذلك الوقت لم ألعبها بجدية.

فهي لعبة ركّزت أكثر على الرومانسية من على الاستنتاج والتحقيق، ولم تكن على ذوقي. لذلك، تركتها في بدايتها لشدة الملل.

والنتيجة أنّي بالكاد أتذكّر أسماء الشخصيات.

لو كنت أعرف أن الأمور ستسير إلى هذا الحد، لكنت لعبتها حتى النهاية بجدية…

على الأقل، لكنت أدركت بسرعة أنّ هذا العالم هو داخل لعبة Dear Mine.

لقد جُذبت إلى داخل هذا العالم منذ عام كامل بالفعل، لكنّي ظللت طوال ذلك الوقت غافلة عن حقيقة أنّي أعيش داخل اللعبة.

بدأت اللعبة داخل قصر إيرنست. أما عن فيفيان قبل دخولها القصر، فلم أكن أعرف عنها شيئًا.

كنت غافلة، لا أعرف حتى أسماء الشخصيات، فكيف لي أن أكتشف من اسم فيفيان وحده أنّ هذا هو عالم اللعبة؟

وفوق ذلك… في ذلك الوقت لم يكن لديّ ترف التفكير أو التدقيق في هذا العالم أصلًا.

حين أدركتُ الحقيقة أخيرًا، كان الأوان قد فات بعد أن وقعت أحداث كثيرة.

لكن لحسن حظّي، ما إن بدأت أتذكّر أنّ هذا هو عالم Dear Mine، حتى بدأت ذاكرتي عن تفاصيل اللعبة تعود إليّ شيئًا فشيئًا.

صحيح أنّ موقفي لم يكن مثاليًا بما أنّي الجانية، لكن المعلومات التي أملكها لم تكن بالقليلة أيضًا.

وهذا يعني أنّ أمامي فرصة للبقاء.

الأهم الآن هو ألا يعرف أحد أنّ فيفيان هي القاتلة.

لأنّ نهاية فيفيان في اللعبة كانت شخصًا بشعًا.

صحيح أني تركت اللعبة في منتصفها، لكنّي على الأقل بحثت عن النهايات ورأيت الرسومات الختامية قبل أن أتوقف.

حينها صُدمت بشدة.

لأن جميع الرسومات المعلنة للنهايات كانت دموية وقاسية.

في ذلك الوقت ندمت على أنني رأيتها، لكن الآن… أعتبرها نعمة، لأنها بقيت عالقة في ذهني بوضوح.

ومن بين كل النهايات، كانت الصدمة الأكبر بالنسبة لي “النهاية الحقيقية”.

فيها يُكشف أنّ فيفيان لوبيز هي القاتلة.

ونهايتها… الموت.

جثة فيفيان مُعلّقة على الجدار، بينما ينال الجميع سواها “النهاية السعيدة”.

… لو أنّي جئت إلى جسدها قبل بداية كل هذه المآسي، لما حدث شيء من هذا.

لكن سوء الحظ أنّي دخلت جسدها بعد وقوع كل الجرائم.

لقد ارتكبت فيفيان جريمة قتل، وكانت جريمة كاملة.

حتى أنا، بعدما أصبحت في جسدها، لم أكن أعلم أنّها ارتكبت القتل.

في البداية كنت في حالة شك، لكن بما أننا جميعًا محبوسون في قصر إيرنست، بات هناك حقيقة مؤكدة واحدة.

فيفيان قتلت شخصًا.

… أجل، هذا ما يجب أن أركّز عليه الآن.

دفعتُ عني الهواجس وسرتُ في الممر الغربي.

“… الغرف كثيرة حقًا.”

كان في الممر الغربي اثنتا عشرة غرفة.

ست على الجهة اليسرى، وست على الجهة اليمنى.

يبدو أنها الغرف المخصّصة لإقامتنا طيلة فترة حبسنا.

“بطاقات أسماء؟”

تمتم تشيستر وهو يلمس البطاقات المعلقة على أبواب الغرف.

على الجهة اليسرى: “لوغان، آرييل، تشيستر، لوكاس”.

وعلى الجهة اليمنى: “جاك، كيفن، فيفيان، إيان”.

أما الغرف الأربع عند نهاية الممر فلم تُعلّق عليها أسماء بعد، ويبدو أنها مخصّصة للشخصيات التي ستنضم لاحقًا.

بحثتُ بعيني عن غرفتي. كانت غرفتي تقابل غرفة تشيستر تمامًا.

يا لسوء الحظ…

توقّف تشيستر فجأة أمام باب غرفتي، حدّق بي قليلًا ثم أمسك مقبض الباب ودخل.

… توقّعت أن يدخل غرفته أولًا.

تملّكني الفضول، فسرتُ خلفه.

كان الداخل عاديًا، سرير، حمّام، مكتب وكرسي…

كانت الغرفة بحجم مناسب لشخص واحد.

لكن ما شدّ الانتباه أنّه على الطاولة وُضع مسدس دوّار (ريڤولفر) مع طلقة واحدة فقط. 

وإلى جانبه مفتاح أزرق بدا وكأنه مفتاح الغرفة.

انعقد حاجبا تشيستر وهو يتأمّل الغرفة، لكنه ما لبث أن استدار وسار نحو غرفته هو، حيث كان اسمه معلّقًا على الباب.

دخلت معه. الغرفة كانت نسخة طبق الأصل من غرفتي، بما فيها الأشياء الموضوعة على المكتب.

الفرق الوحيد أنّ مفتاحه كان ذهبيًا.

أخذ تشيستر المفتاح بيده، غارقًا في التفكير.

“…….”

ثم فجأةً، التفت إليّ. كانت عيناه تقولان إن لديه ما يقوله، لكنه ظلّ صامتًا.

كنت أعلم أنّه، بعد كل هذه المدة، كان في نفسه كلام كثير يودّ أن يقوله لي، لكنّي لم أرغب أن أفتح جروح الماضي.

وبينما الجو يزداد ثقلاً والهواء يضيق، سُمع صوت طرق خفيف على الباب.

-طَرق طَرق.

فتح الباب، فدخل الرجل ذو الملامح المتقدّمة في السن الذي التقيناه قبل قليل.

“… أعتذر لمقاطعة تفتيشكما، لكن هل تسمحان ببعض الوقت؟”

شعر على ما يبدو بثقل الجو داخل الغرفة، فالتفت إليّ متردّدًا.

“هل ربما… أكون قد قطعت عليكما شيئًا مهمًا؟”

أجبته بابتسامة مصطنعة: “لا، لا يوجد شيء. فلنذهب.”

وغادرت معه الغرفة.

***

“الموضوع ليس بالأمر الكبير.” قال الرجل بعد أن تنحنح قليلًا.

“لكنني أظن أنّه من الأفضل أن نتعارف رسميًا الآن.”

تابع بابتسامة هادئة: “اسمي جاك غرين. أبلغ من العمر 56 عامًا، وأملك حاليًا متجرًا صغيرًا للزهور.”

ثم أضاف بنبرة جادّة ممزوجة بالود،

“أعلم أنّ الجميع مشوشون، لكن في مثل هذه الظروف، لا بد أن نتكاتف.”

“… كلامك صحيح.”

ابتسم لوكاس مجيبًا. بدا أنّ التوتر الذي كان يعتريه قبل قليل قد خفّ كثيرًا.

“اسمي كما ذكرتُ سابقًا لوكاس مور، عمري 21 سنة. ليس عندي وظيفة حقيقية، لكني أعمل في نهاية الأسبوع كأمين صندوق في سوبرماركت.”

كان شابًا ذا شعر أحمر مجعّد وعينين خضراوين تلمعان بابتسامة بريئة، حتى ليبدو أقرب إلى مراهق أكثر منه إلى شاب بالغ.

ثم نظر لوكاس إلى الفتاة الجالسة بجانبه، آرييل، لكنه أدرك أنّها ليست في حالة تسمح لها بالكلام، فبادر بالتعريف عنها بدلًا منها.

“هذه هي آرييل هوارد. عمرها 22 عامًا، وهي طالبة جامعية.”

حينها اتجه نظر جاك نحو تشيستر.

فكّ الأخير ذراعيه قليلًا وقال ببرود: “تشيستر كوتين، 25 سنة.”

“… تشيستر؟ كأني سمعت بهذا الاسم من قبل…”

تمتم لوكاس متسائلًا، ثم فجأة اتّسعت عيناه وقد تذكّر شيئًا.

“هل أنت من مكتب كوتين للتحقيقات؟!”

حدّق فيه تشيزاري دون أي انفعال، كأنه يقول: “نعم، وما المشكلة؟”

لكن وجه لوكاس أشرق على الفور.

“لقد قرأت عنك في الصحف! أنت من حلّ قضية سرقة مختبر فِنيل مؤخرًا!”

اتسعت عينا جاك أيضًا بدهشة، ثم ارتسمت ملامح الارتياح على وجهه تدريجيًا.

“لم أتوقع أن يُختطف معنا محقق… هذا يطمئن القلب قليلًا.”

“صحيح!” أجاب لوكاس بحماس، ثم التفت إليّ.

كنتُ أشعر بثقل نظراته، فقلت ببطء: “فيفيان لوبيز، 22 عامًا.”

سألني تشيستر بصوت بارد خالٍ من أي اهتمام: “ومهنتكِ؟”

“… أعمل كممثلة.”

“واو، ممثلة؟!”قال لوكاس بانبهار.

أحسست أنّ الوضع أكثر إحراجًا مما توقعت.

وخاصة حين أطلق جاك صفيرًا وهو يمازحني بمناداتي بلقب “الممثلة الكبيرة”، مما جعل وجنتيّ تحمرّان أكثر.

بحثت بعيني بسرعة لأحوّل الأنظار إلى التالي في الدور، لأكتشف أنه لم يبقَ كثيرون لتقديم أنفسهم…