“جميع ممتلكات عائلة كاسييه تنتمي إلينا.”

“ما هذا الهراء…؟”

من العدم، فجأة أصبحت سادينا وميا جريئتين وتناوبتا على إلقاء الحجج السخيفة.

“هذا ليس هراء، بل هو الحقيقة.”

“بإخفاء صندوق المجوهرات هذا؟ تفعلين نعم. وماذا هل تحاولين سرقة ممتلكات عائلة كاسييه سرًا؟”

أطلقت إيلين ضحكة قصيرة غير مُصدّقة الوضع. كانت علبة المجوهرات هذه شيئًا ملأته والدتها بمقتنيات ثمينة وأورثتها إياه. كان لا يُعوض.

“أهدتني أمي هذا منذ زمن. إنه ليس شيئًا تستطيعان لمسه بسهولة.”

لم تُرِد إيلين أن تنحدر إلى مستواهما، لكن يبدو أنها اضطرّت لتوضيح الأمر لهما. كان من المضحك كيف تصرفتا بلا خجل بعد أن أخذتا سرًا شيئًا ليس مُلكهما.

“قال الأب أنه حتى تصبحي بالغةً، لا يمكنكِ المطالبة بمُلكية أي شيء.”

وهذا كان منطقهما، الاستماع إلى أجزاء من كلمات والديهما وتكرارها بشكل أخرق.

“أنتِ مدينة لعائلتنا بكل شيء. أنتِ تُقيمين في هذا المنزل فقط لأننا سمحنا لكِ بذلك.”

“ثم اطرداني.”

قطع صوت إيلين البارد كلام سادينا في منتصف الجملة.

“هیا، اطرداني. دعوا الشائعات تنتشر. دعوا الجميع يتحدّث عن كيف أن حتى عائلة كاسييه المرموقة قد انهارت. سيكون الأمر مثاليا للثرثرة إذا سمعوا أنكم طردتم حفيدة الإمبراطور.”

أصبح وجه سادينا وميا شاحبًا.

فكرت إيلين: “بالضبط. لهذا السبب لم يُبالغوا في الأمر أبدًا، لأنهم كانوا يخشون الشائعات من هذا النوع. عرفتُ أنهم لن يجرؤوا على تجاوز خط معين. على أي حال، لم أكن أنوي البقاء في هذا المنزل للأبد. كنتُ أنتظر فقط استلام ميراثي والمغادرة.”

“أستطيع تدمير سمعتكم لو شئتُ. احرص ألّا تتزوجا أبدًا من هؤلاء النبلاء المثاليين الذين تحلمان بهم.”

ولكن الآن تغيّرت الأمور…

“من تملك مكانة حقيقية في المجتمع الراقي أنا. لا تنسيا أنا كاسييه، وليس أنتما.”

وبطبيعة الحال، كان جزء من ذلك تهديدًا فارغًا. تمتمت إيلين في نفسها: “أدركتُ في قرارة نفسي أنني لا أستطيع أن أُسيء إلى شرف عائلتي بهذه الطريقة. لم أكن أرغب أبدًا في تشويه سمعة عائلة كاسييه التي توارثتها عن والديّ وجدتي.”

“هل هذا كل ما لديكِ؟ مجرد خطوبة لابن الدوق الأكبر؟”

“هل تعتقدين حقًا أن هذا سيدوم؟ قال أبي ذلك في النهاية….!”

وبينما بدأت ميا في قول شيء مهم، عبست إيلين، مستعدة للاستماع.

“سادينا. ميا.”

فجأة، دوى صوت كونتيسة كاسييه. يبدو أن إحدى الخادمات هرعت لإخبارها بالضجة. دخلت الغرفة وهي تتظاهر بأنها صورة للأناقة.

“حان الوقت للتوجه إلى قاعة الرقص.”

كان صوتها ناعمًا، لدرجة أن أي شخص قد يُخطئ في اعتبارها سيدة لطيفة ومهذبة.

“إذا كنتم تتقاتلون على هذا، فسآخذه وأحتفظ به في مکان آمن. هذا كفيل بحل المشكلة، أليس كذلك؟”

“ماذا…؟”

أمسكت يدها السميكة البدينة المزينة بخاتم ذهبي ضخم يحتوي على حجر كهرمان كبير، بعلبة المجوهرات بشراهة. لقد حدث ذلك بسرعة كبيرة حتى أن إيلين لم يكن لديها الوقت لإيقافها.

“هذا مُلكي.”

“كانت في الأصل مُلكًا لكونتيسة كاسييه. لذا، أنا من يجب أن أحتفظ بها. انظري هذا شعار العائلة هنا.”

“لقد أعطتني أمي ذلك.”

“لكن كما قالت الكونتيسة الراحلة، يجب اتباع قواعد العائلة. بمجرد بلوغكِ ستحصلين رسميًا على نصيبكِ من الميراث.”

عضت إيلين شفتيها ولم تقل شيئًا. سيطرت الكونتيسة تمامًا على الجو.

“هيا الآن. ليس من عادات السيدة النبيلة أن تكون مُلحّة. سادينا ميا هيا بنا، علينا الاستعداد للحفل.”

عندما رأت الكونتيسة إيلين تتراجع إلى الوراء اختتمت الموقف بسلاسة بصوت ناعم ثم رحلت مع بناتها.

وقفت ايلين هناك، وهي تشعر باليأس، فكرت: “لهذا السبب قمتُ بإخفائه بعناية شديدة… كيف تمكنتا من الدخول إلى غرفتي وسرقته؟”

“آنستي…”

ماري، التي كانت تتبع إيلين خارج غرفة سادينا، بدت على وشك البكاء.

“أنا بخير.”

استجمعت إيلين نفسها بسرعة ونفضت الغبار عن فستانها بهدوء.

“هيا بنا علينا التوجه إلى قصر الدوقية. شعري ليس أشعثًا، أليس كذلك؟”

“لا، فقط قليلًا من هذا الجانب. سأُصلحه لكِ.”

لم ترغب إيلين بالعودة إلى غرفتها. لم تعد تطيق رؤية أي شخص في هذا المنزل، فخرجت.

ثم شهقت ماري فجأة ونظرت نحو المدخل.

“آنستي، أعتقد أن الدوق الشاب أرسل لكِ عربة.”

فكرت إيلين: “مستحيل… انتهى لقائنا الأخير بشكل غريب، إذ ظهرت ديانا فجأة. لم ننشئ أي رابط حقيقي بيننا. إذًا عربة، بدون حتى كلمة واحدة؟”

وفي المسافة، كانت تقف عربة تجرّها خيول سوداء كبيرة خلف عربة عائلة كاسييه مباشرة. كان شعار الأيل، الذي يرمز إلى عائلة الدوق الأكبر، واضحًا للعيان حتى من بعيد.

فكرت إيلين: “مستحيل. هل يمكن أن يكون كذلك حقًا؟”

توجهت إيلين نحو العربة. لقد كان لا يزال مبكرًا، لكنها الآن أرادت المغادرة إلى قصر الدوقية في أقرب وقت ممكن.

“تحياتي سيدتي.”

خلع السائق قبعته عندما استقبل إيلين، وكانت الابتسامة بالكاد مخفية على وجهه.

“طلب مني الدوق الأمبر الشاب أن أنقل هذه الرسالة: أُرسل هذه العربة كطريقة للقول لا تفسدي الفستان الذي أعطيتكِ إياه.”

انطلقت ضحكة قصيرة من شفتي إيلين، فكرت: “هل قال سيدريك ذلك؟ لم أستطع أن أقول ما إذا كان ذلك من عدم التصديق أم من التسلية. بصراحة، كنتُ بحاجة ماسة إلى فهم مدى غرابة الأمر عندما يطلب سيدريك من شخص ما أن يُكرّر هذه الكلمات بالضبط.”

ومع ذلك، فإن المزاج الذي شعرت به إيلين وكأنها أُلقيت في الحضيض بدا وكأنه تحسّن قليلاً.

“دعينا ندخل، ماري.”

بمساعدة السائق، صعدت إيلين إلى العربة بسعادة. وبينما كانت تتكئ إلى الخلف وتنظر من النافذة لتستمتع بالمنظر…..

“كيف يمكنكِ الاستغناء حتى عن زوج واحد من الأقراط…؟”

تنهدت ماري، وهي تنظر إلى رقبة إيلين البيضاء المكشوفة وأذنيها.

“لا بأس. على الأقل الفستان جميل.”

“هذا صحيح. الدوق الشاب يتمتع بذوق رفيع. انظري إلى هذا الدانتيل…..”

ثم أطلقت ماري سيلًا متحمسًا من المجاملات حول الفستان، وكأنها شعرت أن إيلين لا تريد الاستمرار في الحديث عما حدث في وقت سابق.

ثم وصلوا إلى قصر دوقية لوييل الكبرى بسرعة. بدا القصر مختلفًا تمامًا عن حالته الفوضوية السابقة، الآن أصبح أنيقًا، وجميلًا.

“ذوقه ليس سيئًا على الإطلاق.”

عندما خرجت إيلين من العربة، أُعجبت بالقصر المغمور بأشعة الشمس الناعمة عند غروب الشمس. في البداية، اعتقدت أن الطوب ذو الألوان الزاهية كان مبهرجًا للغاية بالنسبة لقصر دوقي، ولكن الآن تمكنت من فهم سبب نجاح هذا الاختيار.

وبعد قليل، ظهر سيدريك وهو يمشي مع كاسيل بجانبه. لكن ما إن اقترب بما يكفي ليُرى وجهه، حتى توقف فجأة عن المشي. كان ذلك غريبًا. انتظرت إيلين قليلاً، ولكن عندما أصبح من الواضح أن سيدريك لن يتحرّك، قرّرت الاقتراب منه أولاً. ومع ذلك، لم يتردّد سيدريك في النظر إلى إيلين. كان يُحدّق بها وكأنه متجمد في مكانه.

“مرحبًاً سيدريك بفضلكَ، كانت رحلتي مريحة اليوم.”

استقبلته إيلين، وبعدها فقط بدأ سيدريك بالتحرّك بشكل متيبس، مثل آلة تُصدر صريرًا عند عودتها للحياة.

“لا تخبريني أنكِ كنتِ تخططين للمشي مرة أخرى اليوم.”

قال سيدريك.

“أنا لستُ بهذا القدر من الجهل، سيدريك لوييل.”

على الرغم من أن إيلين ردّت بسهولة، إلّا أن سيدريك ظل يُحدّق بها كما لو كان يراها لأول مرة.

فكرت إيلين: “هل هناك خطب ما؟ لم أرتدي أي إكسسوارات اليوم، إن كان هذا ما يقصده. أتساءل عما إذا كنتُ أبدو عادية جدًا.”

ثم نظرت إيلين إلى نفسها. وفكرت: “ومع ذلك، بدا الفستان خاليًا من العيوب، لا يوجد به أي تجعد أو علامة تلف.”