1
قراءة ممتعة~~~
الفصل الأول.
كان كابوسًا لم تستطع أن تستيقظ منه، مهما علا صراخها.
هذا الكابوس البائس تسلل أخيرًا إلى واقع إيفلين شيروود.
نفضة رماد غير مبالية، ابتسامة متمردة جعلت قلبها يخفق بجنون؛ كل شيء فيه كان هو نفسه قبل عشر سنوات، ولكنه في الوقت ذاته مختلف تمامًا.
لقد اختفى طالب الكلية ذو العيون المشرقة الذي حلم ذات يوم بمستقبل باهر.
وحل محله ولي عهد العالم السفلي.
منذ اليوم الذي حطم فيه قلبها واختفى، دعت ألا تراه أبدًا ما دامت حية.
لكنه كان هناك، يقف أمام قاعة زفافها.
لكن ها هو يقف أمام قاعة زفافها.
إيثان فيرتشايلد.
لقد تخلّيت عنا، فلماذا عدت؟
“إيف، من هذا الجندي الشقي؟”
مزق الصوت البريء الزمن المتجمد من حولها.
قبضت إيف بالفطرة على اليد الصغيرة إلى جوارها.
في تلك اللحظة تحولت نظرة الرجل الحادة نحو الطفل.
“أيها الطفل المشاغب، ومن قد تكون أنت؟”
تضرعت إيف إلى الإله بيأس.
رجاءًا لا تدعه يدرك أن هذا الطفل ابننا.
***
السيدة إيفلين شيروود.
النبيـلة الفخورة من كانتريل وأخت الدوق الصغير.
الدعامة الوحيدة المتبقية التي تسند دوقية كانتريل، البيت نفسه الذي أمضى إيثان عشر سنوات يدفعه إلى حافة الخراب.
وحبه الأول الملعون.
المرأة التي تركته يتعفن في السجن ظهرت مجددًا، مرتدية فستان زفاف أبيض ناصع، مستعدة لتصبح زوجة لرجل آخر، جمالها قاس لا يُحتمل.
نعم.
لقد جاء إلى الزفاف الثاني للمرأة التي كانت زوجته ذات يوم.
كان هناك لإكمال الفصل الأخير من انتقامه.
والسبب الوحيد الذي منعه من قتلها فور رؤيتها هو أنها كانت ضرورية لهذا المخطط الكبير.
لكن أكبر عائق له جاء على شكل صبي، في التاسعة من عمره، متغطرس بطريقة لا يمكن أن تكون إلا سمة من سمات آل شيروود.
“كيف تجرؤ على مناداة دوق كانتريل بـ ‘طفل’! يا لها من وقاحة!”
“آه، الدوق شخصيًا؟”
إذا قتلتك، ستكون دوقية كانتريل ملكي.
ما لم يكن يعلمه إيثان فيرتشايلد في ذلك اليوم…
هو أنه في سعيه لإكمال انتقامه البائس، كان يخطط لقتل ابنه.
***
القطار الذي غادر ريتشموند قبل الفجر لم يتوقف إلا بعد أن تسابقت الشمس إلى أعلى نقطة في السماء، وتوقف عند الحافة القصوى للأرض.
عندما التقت نظرة الشاب الجالس بجوار النافذة بعين طائر أبيض جاثم على لوحة المحطة، التوت شفتاه قليلاً.
نورس بدلاً من حمامة… ذلك المنظر انتزع منه ضحكة صغيرة جافة.
أي شخص ينظر إلى هذا الشاب الأنيق، ذي الأخلاق الراقية وهيئة الباحث الجامعي، سيعتقد أنه لا علاقة له ببلدة الميناء الخشنة هذه.
لكنه سيكون مخطئًا.
نعم، هكذا ينبغي أن يبدو المنزل.
لم تمر سوى بضعة أشهر منذ عيد الفصح؛ لم يتغير الكثير.
لم يطل إيثان الوقوف، فألقى نظرة سريعة حوله قبل أن يتجه للخارج.
“انظروا من هنا!”
بمجرد أن صعد إلى الترام خارج المحطة، استقبلته وجه مألوف.
لقد كان صديق والده القديم؛ السائق، الذي مد يده للمصافحة.
“إيثان فيرتشايلد! فخر كليفهافن وطالب جامعة كينغزبريدج المتفوق!”
لو كان لا يزال الصبي الذي اعتاد الخجل من مناداته بمثل هذه الأسماء، لاحمرت وجنتاه.
لكن إيثان اعتاد على الإهانة.
فأجاب ببساطة بنبرة غير مبالية:
“لست بالضبط الأفضل في الفصل.”
“إذا استبعدت أولئك الذين اشتروا درجاتهم بالمال والمكانة، فأنت كذلك.”
ربما خوفًا من أن يصل هذا الطعن إلى “أعلى الجرف”، خفض السائق صوته متآمرًا، ثم سعل وكأنه لم يقل شيئًا.
عندها فقط بدأ الترام يتحرك ببطء على طول القضبان المحززة في الطريق.
“عدت لقضاء العطلة؟”
“نعم.”
“ألم يأتِ السيد روبنسون أو بيكي لاصطحابك؟”
منزل إيثان كان بعيدًا عن المحطة، بعيدًا لدرجة أنه لا يصل إليه ترام أو حافلة.
أي شخص يذهب إلى المدينة أو يعود منها يحتاج إما إلى عربة أو دراجة نارية.
“جدي لا يزال نائمًا، وبيكي في العمل. أخبرتهما بوقت وصول مختلف حتى لا يندفعا إلى هنا.”
“يا لك من فتى جيد. أنت لا تشبه جاك على الإطلاق. الشكر للإله على ذلك.”
نعم، كان هذا هو المنزل.
حيث حلت طيور النورس محل الحمام، وحيث سقطت سمعة والده السيئة مثل فضلات الطيور أينما ذهب.
“سأل عنك جاك، أراد أن يعرف ما كنت تفعله. لم أخبره بشيء، فقط قلت إنك كنت تساعد السيد روبنسون.”
“شكرًا لك.”
“لا تذكرها. كيف يمكنني أن أشاهد طفلاً لامعًا مثلك، وُلد ليضيء في الأعالي، يُسحب إلى الظلام؟”
أشار السائق نحو القلعة الشاهقة فوق الجبل وهو يتحدث عن “الأعالي”.
لم تعد مرئية الآن، مما يعني أنهم أصبحوا قريبين.
“المحطة القادمة، تل القلعة،” أعلن عبر الميكروفون، ثم التفت إلى إيثان. “ستنزل هنا، صحيح؟”
أومأ إيثان برأسه. ربت السائق على كتفه.
“بلغ تحياتي لجدك وبيكي. لنتناول مشروبًا من الخمر في الوايت هورس في المرة القادمة.”
كان إيثان بحاجة إلى ذلك الكأس الآن لا لاحقًا.
توهجت الشمس كشفرة من السماء، تقطع كل ظل.
لم يكن هناك راحة، ولا حتى الظل القصير تحت قدميه.
تسلق التل تحت حرارة منتصف الصيف لم يكن فكرة حكيمة.
إذا نظرت فقط إلى القمة، فلن تصل إليها أبدًا. ستستسلم، مسحوقًا بالهدف نفسه.
لم يكن متأكدًا لماذا خطرت على باله مقولة جده القديمة في تلك اللحظة بالذات، وهو على الطريق الذي اعتاد تسلقه كل يوم.
عندما بدأت خصلات شعره الذهبية المبللة بالعرق تلسع عينيه، رفع إيثان رأسه، ووجد نفسه يحدق في جدار حجري شاهق.
توهجت القلعة بلمعان نحاسي تحت الشمس، ومع ذلك بدت باردة بلا نهاية.
تماثلها الصارم، المجرد من أي ليونة، جعلها تبدو غير بشرية.
لائق، ربما، لأنها لم تُبنَ لحماية البشر مثله.
“هل نشأت وأنت ترى قلعة كانتريل كل يوم؟”
تذكر صوت زميله في السكن المذهول، وهو طالب تخصص تاريخ يحلم بدراسة الحُصون القديمة.
“قلعة كانتريل هي الوحيدة التي جعلتني أشعر بالضآلة على الإطلاق،” قال زميله.
حقا؟ لم يشعر إيثان بالضآلة أبدًا وهو ينظر إليها.
الحُصن الذي كان يهدف ذات يوم للدفاع عن سيده فقد غرضه منذ زمن بعيد، منذ أن أنهت المدافع العصور الوسطى.
الآن يمكن لأي شخص التجول فيه مقابل ثمن أربعة أكواب من البيرة.
بالكاد يبعث على الرهبة، ما لم تكن تختبئ خلف أسواره.
باتباع المسار على طول جدار القلعة، انكشف مرج واسع فوق المنحدرات البيضاء.
لم يعد سيد هذه القلعة القديمة التي لا فائدة منها يعيش فيها.
في منتصف المرج المفتوح انتصب القصر الكبير،المسمى بقلعة الجرف الأبيض، مقر إقامة دوق كانتريل.
من فوق التل، نظر إيثان إليه.
جميل بما يكفي لسرقة الأنفاس، ولكنه طاغٍ عند النظر إليه.
حتى من الأعلى، بدا القصر وكأنه يسود عليه.
جنة لا يمكن المساس بها.
خلف أسوار أشجار السرو التي تحميه من رياح البحر القاسية، انتهت الطبيعة البرية وبدأت جنة خصبة.
الجنة.
هكذا سمى إيثان قصر الجرف الأبيض سرًا.
لأن إيف عاشت هناك.
الشيء الوحيد الذي يمكن أن يجعل هذا الجحيم يبدو وكأنه فردوس.
هذه الفكرة آي مزحته الصغيرة السخيفة جعلته يضغط بيده على جبهته.
ضربته موجة من الدوار، أقوى من ضوء الشمس نفسه.
“أعتقد أنني يمكن أن أقضي حياتي كلها أرسم وجهك ولن أتعب منه أبدًا.”
صدى صوت الفتاة اللامبالي بوحشية في رأسه.
عبس إيثان وهو يقف في منتصف الطريق، مغمض العينين بإحكام.
“نيد، اسرع!”
“وَاو! انظر إلى هذا المنظر!”
زأرت المحركات خلفه.
مجرد سماع الأصوات الصاخبة كان كافيًا لمعرفة من هم.
هؤلاء الأوغاد اللعناء.
نظر حوله، لا أشجار، لا مكان للاختباء.
ثم تدارك نفسه.
لماذا يجب أن أختبئ؟
لم يرتكب شيئًا خاطئًا.
كونه عاميًا فقيرًا في نفس الجامعة التي يدرس بها ابن دوق لم يكن جريمة.
ابتعد إيثان للسماح للسيارة بالمرور، وسار بهدوء على جانب الطريق.
“نيد، توقف!”
صرير.
تمامًا كما توقع، لقد لاحظوا وجوده.
“حسنًا، انظروا من هنا.”
أربعة وجوه مألوفة نظرت إليه من السيارة الكابريوليه اللامعة، المصقولة بلمعان مبهر.
لقد كانوا من نوع الشبان من الطبقة العليا الذين يمتلكون كل شيء قبل أن يطلبوه حتى،
شعروا بالملل من حياتهم المثالية لدرجة أنهم اصطادوا ألعابًا جديدة للتسلية.
وأي لعبة أفضل من زميلهم في الجامعة الذي يعيش على بقايا عقاراتهم؟
أضاءت عيونهم، مبتهجين بالفريسة السهلة التي عثروا عليها.
يتبع^^
ترجمة نينا @justninaae
Chapters
Comments
- 3 - الفصل الثالث منذ 10 ساعات
- 2 - الفصل الثاني. منذ يوم واحد
- 1 - الفصل الأول. منذ يوم واحد
التعليقات لهذا الفصل " 1"