‘هل زاد وزنه قليلًا؟’
بالتأكيد، كان أثقل ممّا كان عليه من قبل. لدرجة أنّ ذراعها كانت ترتجف من حمله بيد واحدة.
هذا لن يجدي. بدأت شايلا بغمر كاليون في الوعاء ببطء، بدءًا من قدميه المغلقتين بإحكام.
كاليون، الذي كان يراقبها بحذر، أمسك بحافة الوعاء وتلوّى كأنّه سيهرب في أيّ لحظة.
“لا، ابقَ ساكنًا!”
عندما وبّخته بشدّة، بدأ يتذمّر بنبرة تعيسة وكأنّه يستجدي العطف.
“أنت لست فرخًا، فلماذا تصدر أصواتًا كالنّقيق؟”
كان فراؤه كثيفًا لدرجة أنّه حتّى مع تبليله، لم يظهر أيّ تغيير. وفي هذه الأثناء، تحوّل الماء إلى اللّون الأسود تدريجيًّا، ممّا اضطرّها لإعادة ملء الوعاء بالماء الدّافئ عدّة مرّات.
“انظر، هذا كلّه غبار خرج من فرائك. كم أنت قذر؟”
“…”
“الآن، دعنا نعيش بنظافة، ليون. اتفقنا؟”
كانت شايلا قد أعدّت مسبقًا صابون أعشاب خفيف وفركت به ظهر كاليون بقوّة.
‘يبدو أنّه أصبح أقوى أيضًا.’
عندما لمست ساقيه وظهره وهي توزّع الصّابون، شعرت بوضوح بأنّ عضلاته أصبحت أقوى. لم يعد جسده مجرّد عظام هزيلة.
“كيف تشعر؟ هل هو جيّد؟”
“أمم…”
كان وجهه يقول إنّه ليس جيّدًا على الإطلاق.
محاطًا بالرّغوة البيضاء، كان كاليون يتربّص بأيّ فرصة، وعندما استدارت شايلا لتأخذ المزيد من الماء الدّافئ، نفّذ هروبًا معجزيًّا.
“آه!”
حاولت شايلا الإمساك به لكنّها أخطأته، فأمسكت يدها وجلست على الأرض.
“ليون جرحني!”
الفتى، الذي هرب من الحمّام بسرعة البرق، عاد إلى الباب بسرعة عندما سمع ذلك.
“أنا جرحتُ شاشا؟!”
“نعم! حتّى لو كنت تكره الاستحمام، كيف يمكنك أن تعضّني؟ بوو.”
“أنا لم أعضّ…”
“لقد كنت تكرهني من البداية. كلّما سنحت الفرصة، كنت تقول لي ارجعي إلى العاصمة، وابتعدي عنّي لأنّك لا تريد رؤيتي!”
“أنا لم أقل ابتعدي…”
“كنت أحاول غسلك لأنّني قلقة عليك، وأنت لا تقدّر مشاعري! بل وتجرحني!”
“ليس صحيحًا… أنا لم أفعل ذلك…”
“كفى. سأذهب إلى غرفتي. استحم أو لا، لا يهمّني.”
“شاشا…!”
الفتى، الذي كان يتلوّى عند الباب، عاد بقدميه في النّهاية.
“شاشا، أنا آسف. لا تذهبي، حسنًا؟”
كتلة من الرّغوة البيضاء تشبّثت بفستان شايلا وهي تتذمّر.
“سأستحم. سأبقى هادئًا. حسنًا؟”
“هذا وعد بيننا.”
اغتنمت شايلا الفرصة وحملته بسرعة إلى الوعاء.
“سأكون حذرة جدًّا، فإذا شعرت بأيّ إزعاج، أخبرني. حسنا؟ سأحرص ألّا يدخل الماء في عينيك أو أذنيك.”
غالبًا ما تكره الحيوانات الاستحمام بسبب البيئة الغريبة أو دخول الماء إلى أذنيها.
لكنّ شايلا تعلّمت مبكّرًا كيفيّة الاستحمام بحذر دون السماح بدخول الماء إلى الأذنين.
كان هذا الفتى يثير الضّجة، لكن بالمقارنة مع استحمام الأرانب، لم يكن شيئًا.
حتّى لايلا الهادئة عادةً، كانت تتصرّف كأميرة متعجرفة بمجرّد دخولها الماء.
بالطّبع، يُمنع غسل الأرانب بالماء، لكن لايلا كانت تريد تجربة كلّ ما يفعله البشر. لذا، كانت تتحدّى غرائزها وتصرّ على الاستحمام بالماء مرّة أسبوعيًّا.
على الرّغم من أنّها هي من أرادت ذلك، كانت تثير ضجّة كبيرة. حتّى إلارا لم تستطع تحمّلها، فأصبح الاستحمام من نصيب شايلا دائمًا.
خارجيًّا، هي ابنة كونت متأنّقة، لكن عندما يتعلّق الأمر بأختها، كانت كخادمة، لذا لم تجد شايلا أيّ صعوبة في التعامل مع هذا الجرو العنيد.
“الماء، ليس ساخنًا، أليس كذلك؟”
“لا.”
منذ عودته بمحض إرادته، لم ينطق كاليون بكلمة. أصبح هادئًا جدًّا، يبقى ساكنًا كدمية بغضّ النّظر عن الجزء الذي تغسله شايلا.
فركت شايلا ظهره وساقيه وبطنه ورقبته بعناية.
مع كلّ لمسة دقيقة، كان الماء الملوّث يتدفّق.
‘الآن، قليل فقط وينتهي. قليل فقط…’
كلّما خفّ لون الماء الملوّث، شعرت شايلا بالنشوة. أخيرًا، سيكون لهذا الفتى رائحة زكيّة!
في تلك اللحظة، سمعت صوتًا خافتًا…
“يدك؟”
“ماذا؟”
“شاشا، هل يدك بخير؟”
“آه، الآن بخير.”
“دعيني أرى.”
فجأة، بدأ يصرّ على رؤية يدها بعناد.
ربّما… لاحظ أنّها تظاهرت بالإصابة.
ركّزت شايلا على غسل الصّابون كأنّ شيئًا لم يكن.
“فرك هذا المكان يجعله منعشًا، أليس كذلك؟”
معظم الحيوانات رباعيّة الأرجل تنهار عند استهداف مؤخّرة العنق. ولم يكن كاليون استثناءً. ضغطت شايلا بأطراف أصابعها وقامت بتدليك رقبته ورأسه.
“أرني يدك.”
“قلت إنّها بخير.”
“شاشا، بسرعة أرني. حسنًا؟”
هذا الفتى يصبح عنيدًا بشكل لا يصدّق أحيانًا.
‘لا عجب أنّه ذئب.’
لقد أدركت ذلك منذ الوقت الذي تجاهلها فيه لمدّة شهر تقريبًا وتصرّف ببرود، لكنّ هذا العناد كان حقًّا لا يُطاق.
تنهّدت شايلا بهدوء ومدّت يدها السليمة.
“حسنًا، في الحقيقة لم أصب. لقد كذبت.”
“ماذا، كنتِ تكذبين؟!”
رفع الفتى، الذي كان يتفحّص يدها بعناية، رأسه بسرعة.
“هذا جيّد.”
“…”
“ظننت أنّني جرحتُ شاشا… لقد أفزعني ذلك.”
في اللحظة التي رأت فيها وجهه المشرق، شعرت شايلا بوخز في قلبها.
كم مرّة خدعت هذا الفتى الطيّب. عينا كاليون البريئتان والخاليتان من أيّ ضرر استقرّتا في قلبها.
“لن أتحرّك بعنف بعد الآن وسأكون حذرًا. شاشا ناعمة وهشّة، قد تتأذّى بسهولة، ولم أكن أعرف.”
“…”
“لا تكرهينني، حسنًا؟ استمرّي بالبقاء معي، شاشا.”
شعرت شايلا بألم في صدرها بسبب هذا الذّئب الصّغير الذي يلعق ظهر يدها.
‘الأشياء اللطيفة تؤلم قلبي.’
لماذا؟ لأنّها تبدو هشّة؟ لأنّني أخشى أن أبكي دون أن أدرك؟
رغبةً في حماية هذه الكتلة القطنيّة الصّغيرة، أصبحت لمسات شايلا أكثر حذرًا.
***
بالنّسبة لكلّ تلك الضّجة التي أثارها في البداية، انتهى الاستحمام بسهولة أكبر ممّا كانت تتوقّع.
“هل تشعر بالضّيق؟ تحمّل قليلًا فقط. يجب تجفيف فرائك جيّدًا حتّى لا تصاب بالبرد.”
لفّت شايلا منشفة سميكة حوله بحنان، وفركت جسده بحماس.
كره الاستحمام لمدّة خمس سنوات، لكنّه تحمّل حتّى النّهاية.
لم تستطع شايلا أن تشعر بمزيد من الفخر بهذا الفتى الصّغير الذي كان يطلّ بوجهه الجميل من المنشفة.
لم تستطع المقاومة، فقامت بتقبيل وجه كاليون المبلّل بعاصفة من القبلات.
“لقد كنت رائعًا! تحمّلت جيّدًا!”
الفتى، الملفوف بالمنشفة، شعر ببعض الإزعاج لعدم قدرته على الحركة، لكنّه لم يرفض قبلات شايلا.
“الآن لا تفوح منّي رائحة كريهة، أليس كذلك؟”
كان هناك ثقة غريبة في صوت الفتى وهو يسأل.
يبدو أنّه شعر بالفخر داخليًّا لإكماله الاستحمام. يبدو أنّ كلام الرّائحة الكريهة صدمه حقًّا.
“رائحتك الآن زكيّة. جروي اللطيف!”
“أنا لست جروًا…”
“في عينيّ، أنت أجمل وألطف جرو في العالم.”
“لست كذلك…”
تجاهلت شايلا احتجاجه بهدوء، وحملته إلى جانب المدفأة.
“أعلم أنّك لا تحبّ لمس ذيلك، لكن يجب تجفيفه…”
“لا بأس.”
“ماذا؟”
“يمكنك لمس ذيلي.”
نظر إليها بعينيه الصّافيتين المميّزتين.
“كلّ شيء على ما يرام مع شاشا.”
“حقًّا؟ ليون…!”
منبهرة، فركت شايلا أنفها بأنفه الأسود المبلّل وهو جالس على ركبتيها.
عندما كانت شايلا أرنبًا، لو لمس أحدهم ذيلها، لكانت ركلته في مقتل بقدميها الخلفيّتين على الفور.
كان هذا الجزء حسّاسًا للغاية.
لكن أن يسمح بمس ذيله بهذه السهولة…!
‘كيف يمكن أن يكون هذا الفتى طيّبًا وبريئًا هكذا؟’
صورة كاليون الأولى وهو يصرخ ويزمجر بعنف اختفت تمامًا من ذهن شايلا.
الذّئب الصّغير ذو الأنياب الحادّة والطّبع السيّء تحوّل إلى جرو لطيف ومحبوب، يستلقي بهدوء في حضن شايلا.
في إحدى ليالي هاملوك الثّلجيّة.
مع صوت احتراق الحطب، احتضنت شايلا الكتلة الفرائيّة الصّغيرة التي أرادت حمايتها، مستمتعة بلحظات السّعادة.
شعرت بأن تلك اللحظات السّعيدة وكأنّها ستدوم إلى الأبد.
******
نهاية المجلد الثاني <كاليون غرايوولف>
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 15"