4
الفصل 04
「إلى إينوك الذي يظن أن بإمكانه حل كل شيء بسحر وجهه.
ألا تُخطط للظهور هنا فجأةً، أليس كذلك؟ بالطبع، لن أمانع لو قررت، لكن إن كنتَ جادًا بشأن عرض وجهك، فقط أرسل صورة! أليست لديك القدرة على سرقة الأشياء الصغيرة؟ لا ينبغي أن يكون التقاط كاميرا مهمة صعبة عليك، أليس كذلك؟
هنا، حيث يعمل رؤساؤنا بصرامة، لن يسعدهم تجوّل المدنيين بلا إذن. تذكر، لا تغضبهم أبدًا! إذا صادف أن كان هذا ‘المدني’ وسيمًا للغاية، فالأمر سيُصبح أسوأُ.
هل ترغب بأن أحكي قصتي؟ ربما ستكون مملة، لكن بما أنني لم أشارك أبدًا في هذا المهرجان، لا أملك إلا أن أنقل لك ما سمعته من الآخرين.
لكن إن كنتَ تريد سماعها، فسأرويها لك. الكتابة ليست مشكلة بالنسبة ليّ.
عندما كانت جدتي فيكتور صغيرة، كان الأشخاص يعبدون القمر كإله. بالطبع، هذا لم يعد موجودًا الآن، لكنهم كانوا يعتقدون أن القمر يحمي الليل المظلم ويرعى الأشخاص.
كانوا، في الماضي، يعيشون في الليل، ومع ذلك كانوا يخافونه؛ كانوا يظنون أن الشياطين والأرواح الشريرة تتسلل من الظلام بعد غياب الشمس. لذا، كان القمر المضيء يُعتبر حارسهم الإلهي.
لهذا السبب نشأ مهرجان مرتبط بالقمر.
كل ما أعرفه يأتي مما حكت ليّ جدتي فيكتور، التي يبدو أنها كانت تؤمن بالقمر بصدق. لم تكن تسميه ‘القمر’، بل كانت تقول ‘مون’ بإصرار، كأنها تراه لغة مقدسة. لم تكن تجهل لغة الإمبراطورية، لكنها كانت ترى أن أستعمال تلك اللغة لا يليق بإلهها.
أما إختفاء المهرجان فلم يكن مفاجئًا؛ فهنا، في الإمبراطورية، يُنظر إلى القمر بإعتباره مشؤومًا. الأشخاص الذين يخافون القمر لا يمكن أن يسعدوا بمهرجان يحتفل به.
هذه كانت قصة ‘القمر إينكويول’. أليس الأمر مملًا؟ لكنني أحيانًا أتخيل كيف كان يمكن أن يبدو هذا المهرجان. يبدو ليّ شبيهًا بمهرجان القمر الذهبي في عالمك. ألا تعتقد أن تكرار مثل هذا المهرجان في عالم السحر أمر مذهل؟
أظن أن جدتي فيكتور كانت ستحب قصتك أيضًا.
— هـ. أ」
「إلى الآنسة هيلين أتويل العزيزة.
إذن، أنتِ من نسل الذين يعبدون القمر! يبدو أن لدينا قواسم مشتركة، فهل أنتِ متأكدة أنكِ لستِ ساحرة؟
أشعر بسعادة غامرة لعثوري على شيء يربط بيننا. حتى أنني أكتبُ هذه الرسالة بأفضل ريشة لديّ! في الواقع، قد يكون من الصعب تمييز النتيجة النهائية عن غيرها، ولكن الإحساس عند الكتابة بها لا يقارن بأي ريشة أخرى.
إضافةً إلى ذلك، لقد تناولتُ اليوم وجبتي المفضلة على العشاء. حساء لحم بقر مطبوخ مع الخضار، مزيج يدفئ القلب! ماذا تناولتِ أنتِ؟ ربما كعكة بالقرفة أو حلوى بالكريمة؟ لا تخبريني أنكِ لم تختمي وجبتكِ بشيء لذيذ!
ليلة هانئة ومليئة بالنعاس، إينوك غرير.」
「يا إينوك، هل تسخر مني؟
اليوم تناولتُ حساء طماطم لا يستحق وصفه ‘حساء’. مجرد عصير طماطم حامض. أشعر بالشبع، لكنه يغضبني. لا بد أنهم أضافوا شيئًا غريبًا.
كذلك، خبز أسود قاسٍ يكاد يكسر أسناني. وضعنا الحالي جعلنا نقبل بهذا الطعام بسبب نقص الإمدادات.
ثم تجرؤ على الحديث عن حساء اللحم والخضروات؟ وعن كعكة بالقرفة؟ حتى في الحياة المدنية، الحصول على هذه الكعكة كان حلمًا، فكيف تتوقع أن أجدها هنا؟
كل ما أريده هو طبق حساء لائق. فقط ملعقة واحدة. هل أستمتعت بطعم حسائك بمفردك؟ في المرة القادمة، تذكرني حين تتناول طعامك.
بما أنك أرهقتني بالجوع، سأنتقم بذكر أطعمة أتمنى تناولها الآن. سأبدأ بحساء كريمي مليء بالفطر، وأغمره بالفلفل! ثم طبق معكرونة بصلصة الروزينيت الحارة واللحم. أخيرًا، سأستمتع بتلك الكعكة اللـ*ـينة.
ثم سأشتري غزل البنات من بائع الشارع. لطالما كنتُ أتوق إلى طعمه منذُ صغري. غزل البنات! لا أظن أن لديكم شيئًا مشابهًا. الشتاء معه رائع.
لو كان بيدي، لملأتُ الصفحات بالكلام عن الطعام، لكن إن رآني المقدم مورتون، ربما يجد سببًا لانتقادي. (هناك مقدم يُدعى القائد مورتون. هذا القائد ذو الهواية الغريبة في جولات التفتيش. يبدو بوجه كئيب وكأن النوم هو عدوّه. رغم كآبته، أظنه الأكثر جاذبية هنا، إلا أنني لستُ مغرمة بالتقرب من رجل تجتاحه الكآبة كلمّا سار.)
لكن مع ذلك، رسالتك لم تكن سيئة بالكامل؛ صحيح أنها كانت مجرد أوهام، لكنها أعادت إلى ذاكرتي بعض الأطباق التي أفتقدها. إذا أنتهت الحرب، سأكرّس حياتي لتذوق كل طعام أشتهيه حتى أصبح مثل خنزير صغير يمشي على قدمين. أقسم أنني سأعيش حياة الفخامة بالطعام، إن توفر المال بالطبع.
بالمناسبة، هل عثرت على الكاميرا أخيرًا؟
— هـ. أ」
「إلى الآنسة هيلين أتويل، التي تعشق المال والطعام والرجال الوسيمين.
حديثكِ عن الطعام كان مأدبة بحد ذاتها! دعيني أقترح عليكِ، جرّبي نقع خبز طري في حساء كريمي بالفطر مغطى بكمية سخية من الفلفل. امسكي بقطعة الخبز بين يديكِ، وضعيها في الحساء الساخن. بمجرد تذوقها، ستشعرين بطعم الخبز الدافئ والحساء المنساب في فمكِ.
أما بالنسبة ليّ، عندما أتناول شريحة لحم مع معكرونة، أمسك الشوكة كأنها فنٌّ. أقطع اللحم بحرص إلى قطع صغيرة، وألف المعكرونة حول الشوكة حتى تمتزج النكهات في لقمة مثالية. ألا يبدو لكِ الأمر ممتعًا؟
بالمناسبة، ما هو ‘غزل البنات’؟ هل هي حلوى تشبه القطن؟ لطالما راودني فضول حول مذاق القطن، لكن لا أستطيع تذوقه حقيقة! مع ذلك، فكرة صنع حلوى مشابهة للقطن تبدو فكرة مدهشة.
أنتِ حقًا خبيرة في فن الأطعمة الشهية، كما يبدو من وصفكِ الرائع. أشعر بالغيرة من الأيام التي قضيتيها في الاستمتاع بها! أما بالنسبة ليّ، فأقصى ما أستطيع فعله هو إعداد حساء بسيط. غريب كيف أن عالم السحرة يخلو من المطاعم، لكن ربما لأن لا أحد هنا يهتم ببيع الطعام، فنحن جميعًا نطبخ في منازلنا بأنفسنا.
ربما يومًا، خذيني إلى مكان يُدعى ‘مطعم’! سأدفع الثمن. كم تعتقدين أن تكلفة وليمة مماثلة قد تكون؟ حجر ياقوت كبير ربما؟
ليلة يسرق فيها الغراب الدجاج، إينوك غرير.
ملاحظة : سأحاول الحصول على الكاميرا قريبًا……فاصبري! يتطلب الأمر وقتًا لاستعارة شيء ما.」
「إلى إينوك غرير، الذي يبدو وكأنه مهووس بإغاظتي.
هل يمكنك الكف عن هذا الوصف المفصّل؟ الوقت ليل وأنا جائعة! تخيل؟ اليوم أيضًا قدموا ليّ ذلك العصير الحمضي الذي يطلقون عليه ‘حساء طماطم’!
بصراحةٍ، لا حاجة لأن تشرح ليّ بتلك الدقة، لأنه في يوم من الأيام، سأستمتع بوجبة فاخرة. هل ترغب بدعوة؟ سأقرر بناءًا على تصرفاتك. بالمناسبة، أنا أميل للرجال الذين يجيدون إبهاري.
أجل، لقد تذوقتُ طعامًا يفوق ما ذكرته بكثير، وسأواصل ذلك. عندما تنتهي الحرب وأفرّ من هذا الجحيم، سأعرفك على عالم الطعام الحقيقي. ستتذوق كل ما يفوق ذلك الحساء البسيط.
لكن حقًا، الكتابة لا تنقل الشعور بالكامل. يجب أن تأتي وتشارك الطاولة معي. الطعم يُفهم بالتجربة لا بالحروف.
أما عن الياقوت، أرسله ليّ، وسأضمن لك وجبة تُشبعك تمامًا.
سأشتري لك غزل البنات أيضًا، لذا أعطني الياقوت، هل فهمت؟
أتمنى أنتهاء الحرب قريبًا. أخيرًا، هناك شيء أتطلع للقيام به بعد عودتي، شيء لم يكن لديّ رغبة فيه من قبل.
بالمناسبة، أنا جادة. أريد حساء كريمي بالفطر والمعكرونة الآن……رغم أن هناك أطعمة كثيرة، لماذا نحن دومًا نعود لأبسط الأشياء؟ بعد رسالتك، زادت شهيتي، فكيف ستعوّضني عن ذلك؟
— هـ. أ」
يُتبع….
Chapters
Comments
- 4 - السحر والقمر (2) منذ يومين
- 3 - السحر والقمر (1) منذ يومين
- 2 - رسائلُ الساحرِ (2) منذ يومين
- 1 - رسائلُ الساحرِ (1) منذ يومين
التعليقات على الفصل " 4"