بالطبع، لم يكن من السهل فهم كيف أنّ أوليفيا، التي استعادت عافيتها، عادت فجأة إلى هذه الحالة. لكن ما حدث لها لم يكن حادثًا بسيطًا، وربما ظهرت الأعراض المتأخرة الآن.
إلا أنّ ما سمعوه لاحقًا من الطبيب المكلّف كان في غاية القسوة.
“العملية الجراحية نجحت نجاحًا كاملًا. لا يوجد أيّ خلل في العضلات أو الجسد.”
“إذن، ما السبب؟”
“لا يمكننا إهمال احتمال أن تكون المشكلة نفسية. فقد مرّت الآنسة بمحنة عظيمة.”
وفي أثناء ذلك، بلع المركيز بيانكي ريقه المتحشرج وهو يراقب زوجته، وسأل الطبيب بصوتٍ مبحوح: “المشكلات النفسية … كيف يمكن معالجتها؟”
“الأطباء مختلفون في هذه النقطة، يا سيدي. غالبًا نلجأ إلى جلسات الاستشارة لنراقب الحالة، لكن بما أنّ الآنسة ترفض الكلام أصلًا، فلا سبيل سوى أن نرجو أن ينفتح قلبها قليلًا مع الوقت.”
ما إن سمع المركيز ذلك حتى ترنّح وكادت قدماه تخوران، فأخفى الطبيب دهشته؛ إذ لم يكن معتادًا أن يرى هذا الرجل، الذي بدا دومًا صارمًا أمام الآخرين، في حالة ضعف.
لكنه في الوقت نفسه شعر بشفقةٍ عميقة عليهما.
تردّد قليلًا ثم قال: “مع ذلك … سمعت أنّ الآنسة كانت تتكلّم وتتحرك حتى قبل أسبوعٍ واحد من قدومها إلى فرنسا. لذا قد يكون الأمر عابرًا.”
كان يعلم أنّ تقديم الأمل بلا يقين قد يُجرح قلب الأهل أكثر.
لكنّه هو نفسه أب، فلم يستطع أن يمنع نفسه من محاولة أن يمنحهما بصيص رجاء ليتحمّلا.
“الأفضل أن نراقب تطوّر حالتها أولًا. وسأبحث بدوري عن حالات مشابهة.”
أومأ الزوجان ببطء، ثم انحنى الطبيب وغادر الغرفة.
وفور خروجه، غمر الصمت المكان.
لم يتفوّه أحد بكلمة، ولا حتى أوليفيا التي لم تفتح عينيها.
مضت ثلاثة أيام، ولم تتحسّن حالتها قيد أنملة.
ازدادت نحولًا، وفقدت عضلاتها بسبب بقائها بلا حراك.
بدت كأنها بالكاد تُبقي على نفسها حيّة.
وما زاد الطين بلّة أنّ الإشاعات عنها انتشرت في كل أرجاء فرنسا.
قالوا إنّها عادت من رحلتها إلى سيلفستر نصف مشلولة.
الصحف في العاصمة امتلأت بمقالات عدائية مليئة بالافتراءات التي تطعنها شخصيًا.
النبلاء انتهزوا الفرصة للانقضاض على آل بيانكي.
لم يأبه والداها ولا شقيقها الأكبر بالهجمات التي طالتهم هم أنفسهم، لكنّ ما أقلقهم هو أن تصل تلك الشائعات إلى مسامع أوليفيا فتمزّق قلبها.
خشوا أنّه عندما تستعيد وعيها وقدرتها على الحركة، ستتألم أكثر حين تعلم بما يُقال عنها.
لكنّ الشائعات كبرت ككرة ثلج لا سبيل لإيقافها.
عندها حاول المركيز إقناع زوجته: “ما رأيكِ لو أرسلنا قيا لفترة نقاهة بعيدًا قليلًا عن العاصمة؟”
“كيف ترسل مريضة إلى مكانٍ آخر؟”
“هناك مكان لا تصل إليه الشائعات. ومخصّص للنساء فقط، فلا خطر يُخشى.”
أدركت أبيغيل في الحال مقصده، فارتعش صوتها وهي تقول: “أتقصد أن نرسل فيا إلى الدير؟”
أومأ المركيز ببطء، وربّت على خدّها بحذر.
صوته كان مخنوقًا: “ليس إلى الأبد، بل حتى تتحسّن فقط. هنا حولها الكثير من الأقاويل.”
انهارت أبيغيل في حضنه باكية، فراح يمسح ظهرها مواسيًا.
“إن قضت بعض الوقت في مكانٍ هادئ، ستتحسّن حالها.”
“وماذا لو لم تتحسّن أبدًا؟”
“ستتحسّن.”
عضّ على أسنانه وقال بإصرار: “الطبيب نفسه قال إنّها قد تتحسّن. نحن فقط علينا الانتظار حتى تعود إلينا، متى كان ذلك.”
كلّ حديثهما وصل إلى مسامع أوليفيا داخل الغرفة.
فانهمرت دموعها الحارّة على وجنتيها.
كانت متأكدة أنّها قد تحطّمت من الداخل.
لو كان في قلبها ذرة شفقة على والديها، لكانت تحرّكت لتقول لهما إنّها بخير. لكنّها لم تستطع.
منذ أن عرفت أنّ فريدي مات بسببها، لا بسبب الالتهاب الرئوي … نسيت كيف تتحرك، كيف تتكلّم، وكيف تفكّر.
كلّ ما تريده الآن هو أن يمضي الوقت حتى يأتي يوم تختفي فيه من هذا العالم.
في الليل، حين خلا المكان، فتحت عينيها ببطء وجلسَت.
بفضل أنّ آنا كانت تدلّك جسدها طوال النهار، لم يكن في الحركة مشقة، لكنها لم تشعر برغبة في النهوض.
جلست شاردة، فطفت أمامها ذكريات سيلفستر.
“لعلّك لم تحتمل رؤية حبيبتك تُباع إلى دولة حليفة، أيها الأمير الثاني …”
كانت تفهم غضب سايمون.
هي نفسها التي لم تراسله إلا أشهر قليلة ما زالت تتألم حتى اليوم، فكيف بخادمٍ كرّس حياته لسيده أن يتحمّل خبر موته عبثًا؟
ومع ذلك، حتى وهو يُلقي اللوم عليها، كان قد اعتذر يوم رحيلها من هيستر، معترفًا بأنّ غضبه كان موجّهًا إلى الشخص الخطأ.
لكن أوليفيا رأت أنّ غضبه من حقه أن يقع عليها.
هزّت رأسها ببطء، تتذكّر سخط سايمون، وحزن أنجيلا.
25 مايو 1818
لم يمضِ يوم على قرار إرسالها إلى الدير، حتى أتمّ آل بيانكي كل الترتيبات.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 87"