في ظل سمعة أوليفيا السيئة، لم يكن تصوّر الناس لهيستر بأفضل حال.
“لم نستطع الرد على المدنيين بالقوة، فتكبدنا الخسائر من طرف واحد.”
“…”
“أُرسل المصابان إلى مستشفى قريب، والناجي الثالث يتابع التحقيق. لكن الأمر سيستغرق وقتًا أطول من المتوقع.”
مسح فريدي وجهه بخشونة، بينما حاول سايمون أن يذكر الجانب المشرق من الموقف.
“لكننا أنهينا التحقيق بخصوص أنجيلا. لم يكن هناك ما يثير القلق بشأنها، ولم يتبقَّ سوى أربعة أشخاص.”
ثم أضاف اقتراحًا للضغط على الخصم: “بما أن مراقبة هيستر أسهل، يمكننا وضع أعين على من تبقى، فلا تحدث مشاكل لحين إتمام التحقيق.”
“رتّب الأمر اليوم، اختر بعض الرجال ليلزموا مراقبتهم.”
أومأ سايمون موافقًا.
فألقى فريدي نظرة نحو جناح غرف النوم وقال بصوت خافت: “وأخبِر أنجيلا أن تهتم أكثر بسيدتي. بدت مرهقة وكأنها لم تنم، بل وأضعف من المعتاد.”
“سأنقل لها ذلك. وإن حدث أي طارئ داخليًا، سأبلغك فورًا.”
“… حسنًا، أعتمد عليك.”
بقي فريدي واقفًا في مكانه، عاجزًا عن تحريك قدميه، وظلّ يحدّق في اتجاه غرفة نومهما.
مع أنه لا يمكن رؤية الغرفة من هناك، إلا أن نظراته كانت ملحّة، وفيها رجاء خفي بأن يرى أوليفيا تظهر أمامه.
لكن الأمر لم يحدث.
“يا دوق، علينا أن نذهب الآن. قالوا إن المطر سيهطل اليوم، وإن لم نغادر بسرعة سنتأخر بسبب الطرق المبتلة.”
أعاد فريدي رأسه مرارًا وكأنه يودّع المكان.
حتى بعدما صعد إلى السيارة ظلّ يحدّق من النافذة، ولم ينقطع ذلك إلا بعدما غادروا قصر هيستر.
***
أما أوليفيا، فما إن دخلت غرفتها وحدها حتى انهارت بالبكاء.
جلست على الأرض قبل أن تخطو بضع خطوات فقط.
فريدي لا يحبها.
ولهذا السبب لم يسألها عن شكوكه، ولم يمنحها فرصة للتفسير، بل اختار أن يقطعها ببساطة.
ذلك جرحها حتى أعماق قلبها.
ومع ذلك، ظل جزء منها يائسًا يتساءل: ‘ألم يفعل هذا من أجلي؟’
وكان هذا الرجاء بحد ذاته مؤلمًا ومُذلًا.
وبعد وقت طويل تمكنت أخيرًا من الوقوف.
جرّت قدميها المثقلة نحو السرير.
كانت تعرف أن ملابسها ليست مناسبة للنوم، لكنها لم ترغب بلقاء أحد، ولا حتى بامتلاك الطاقة لتبديل ثيابها.
الدموع التي انسابت بلا توقف على خديها بدت أثقل من أن تُحتمل، فاستسلمت للنوم وهي مستلقية على طرف السرير.
‘فقط لحظة قصيرة … دعيني أسترح هكذا قليلاً.’
هكذا واصلت تهدئة نفسها.
لم يُسمع سوى أنفاسها، بينما راحت دموعها تبلل الوسادة شيئًا فشيئًا.
***
في السيارة، ظل فريدي مثبتًا نظره على النافذة، حتى بدأ المطر يقرع الزجاج كما قال سائقه.
كان يتابع قطرات الماء وهي تنساب، فيما صورة أوليفيا الأخيرة تطارده بلا رحمة.
قال السائق وهو يراقبه من طرف عينه: “يا دوق، قال مساعدك إنه جهّز الأوراق التي يجب أن تطّلع عليها. إنها بجانبك …”
عندها فقط حرّك فريدي رأسه، محاولًا طرد أفكاره عن أوليفيا.
مدّ يده وأخذ الملف الموضوع بجانبه، لكن رسالة مختومة انزلقت منه وسقطت.
عرف على الفور ما هي.
فترة طويلة كانت الرسائل تتدفق إليه بلا توقف، لكنها انقطعت فجأة عند آخر رسالة. وكانت آخرها تحمل مضمونًا سيئًا، ما جعله يقلق، لكن كثرة الأحداث دفعته لنسيانها.
والآن، ما بين الأوراق والرسالة، تردّد قليلًا، ثم زفر وألقى الملف جانبًا، ومدّ يده إلى الظرف ليفتحه.
كان الظرف أحمر اللون، لكن عتمة السيارة جعلت اللون غير واضح.
مزّقه ببطء، فانبعث منه عبير زهور خفيف اعتاد أن يشمه كلما جاءته رسائلها.
لكن رائحة حديدية مالحة امتزجت معه، ما جعله يقطّب حاجبيه.
شعور غريب من القلق اجتاحه، فسارع إلى قراءة الرسالة.
[ إلى فريدي العزيز ،
لم أعد أجرؤ حتى على أن أفتتح رسائلي بكلمة ‘العزيز’.
أتدري؟
حين ناديتني أول مرة بتلك الكلمة لم أفهم معناها.
من يستخدم مثل هذا التعبير القديم؟
بحثت طويلًا.
لكن حين عرفت معناه، أدركت كم تحمل هذه الكلمة من صدق مشاعرك تجاه ليف.
أن تعتبرني غالية وتحبني … هذا يشبهك تمامًا.
فريدي ، لو أخبرتك الآن كيف أحببتك ، ألا يبدو ذلك إثمًا؟
حتى لو لم يكن لي يد في الأمر، تبقى الحقيقة أن موتك كان بسببي ]
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 84"