كان يظن أنّه لن يطمئن قلبه إلا إذا رأى أوليفيا تفتح عينيها في الحال.
فسارع إلى أن يمسك كتفها.
في تلك اللحظة، وقعت عيناه على حركة صدر أوليفيا الصاعدة والهابطة.
توقف يده التي كانت متجهة نحو كتفها.
قبض فريدي على قبضته وارتجف.
حاول جاهدًا تهدئة أنفاسه، ثم أدار رأسه جانبًا وهو يتأمل تنفسها.
حتى لحظة وصولهم إلى هيستر، لم يرجع رأسه عنها.
***
سيار مزّق الرسالة التي وصلته من جيمس.
كان مضمونها أنّ الاستعدادات قد اكتملت.
لكن ما جدوى الاكتمال هناك؟
أتباع فريدي الذين ألحقهم خلفه كانوا يحيطون به إحاطة محكمة.
في البداية لم يكن متأكدًا إن كانوا يراقبونه، لكن متى ما أيقن بذلك لم يعد من الصعب عليه العثور عليهم.
فلقد تمرّس على قراءة آثار الآخرين بفضل تدريبه.
مثل هذا الطوق المحكم لم يكن بمقدور سيار أن يخترقه بسهولة.
فمهما بلغ من مهارة، من المستحيل تقريبًا الإفلات من أعين تفوق الخمسة.
وفوق ذلك، كان عليه أن يتفادى عيون الأسرة المالكة في سيلفستر، فلم يستطع أن يتحرك كما يشاء.
ثارت بداخله فجأة موجة من الضيق، لكنه لم يلبث أن أزاح الستارة ليراقب الوضع في الخارج.
جال ببصره باحثًا عن المراقبين.
قبل دقائق فقط، كان يشعر بأكثر من خمسة آثار، لكن الآن لم يشعر بأيّ شيء.
تساءل إن كانوا قد أدركوا أنّه تمكن من رصدهم، فزادوا من حذرهم وأخفوا أنفسهم أكثر.
“لماذا … لا أرى أحدًا؟”
قطب جبينه وهو يتلفت.
لكن مهما كان الأمر، لم يستطع أن يلتقط أي أثر بشري.
وكأنّ الجميع قد تلاشى.
وقف عند النافذة وراح ينقر الزجاج بأصابعه.
كان يفكر كيف عليه أن يتعامل مع هذا الموقف.
المجازفة بالتحرك الآن محفوفة بالمخاطر.
لكن أن يترك هذه الفرصة بعد أن أُتيحت له لم يكن أمرًا يرضيه.
ربما تكون فخًا نصبه فريدي، أو لعله خلل بين رجاله.
على أيّ حال، لم يكن أمامه الكثير من الخيارات.
‘لأجل ما أصبو إليه، عليّ أن أخاطر ولو قليلًا.’
حين عزم على التحرك نحو هيستر للقاء أوليفيا، تذكّر أنّ أمرًا بعودة الوفد قد صدر منذ وقت قصير.
خبت بريق عينَيه، ولم يبقَ فيهما سوى جمود بارد.
“هاه…”
زفر سيار وهو يحدّق في الفراغ.
عينيه أوحتا وكأنه على وشك أن يُقدم على أمر جلل.
“ليس معنى أنّ موعد العودة قد تحدد أنّ كل شيء قد انتهى.”
كان لا يزال في وسعه أن يلتقي أوليفيا سرًّا ويهرب معها.
صحيح أنه لم يكن متأكدًا من موافقتها، لكن ما دام يمكنه أن يضع يده عليها، فما حاجته لأكثر من ذلك؟
قهقه فجأة بخفوت.
“لا بد أن أراكِ قبل أن أعود، فأنا لا أسمح لكِ أن تنسيني.”
لكن إن قبض عليه وهو يهرب برفقتها فستكون مشكلة.
الأجدر أن يعود أولًا إلى فرنسا ، ثم يعيد صياغة خطته لينالها بأمان.
إلى ذلك الحين، كان يأمل أن تعاني أوليفيا أشد العناء في سيلفستر.
حتى إذا ما التقيا مجددًا، يصبح هو وحده خلاصها.
“كلما عظمت المحن، قويت المحبة.”
زاد بريق التوق في عينيه.
وكان يؤمن بلا شك أنّ أوليفيا ستحبه.
ارتدى ثيابًا داكنة وغادر غرفته في سرية.
بسبب حادثة محاولة اغتيال الأميرة، كانت القوات مركّزة حول مقرها، فلم يواجه صعوبة تُذكر في مغادرة القصر.
وكان ذلك بعد ساعتين من خروج أوليفيا وفريدي من القصر.
***
طوال طريق العودة إلى هيستر، لم تنطق أوليفيا بكلمة.
كانت تحاول جاهدًة أن تفهم فريدي.
استحضرت طبيعته المعتادة، وتذكرت الملامح التي أحبتها فيه، لكن كل ما ازدادت مشاعرها غليانًا، كلما صعُب عليها قراءة أفكاره.
حاولت أن تكبح عواطفها وتعامله كما كانت تفعل عادة، لكن قلبها لم يهدأ.
الخيانة في كونه لم يمنحها سببًا ولا تفسيرًا.
المرارة من أنه اتفق مع ريفر بشأن مسكنها ثم أعلمها فقط بالأمر.
والإحباط من أنّها ليست “ليف”، وأنها لا تنال حبه.
امتلأ ذهنها بمشاعر متشابكة لم تُحل.
حتى وصولها إلى مقر الدوقية، ظلت تضغط قبضتها وتتحكم في أنفاسها.
ولما توقفت العربة، حاولت النزول قبل فريدي، لكن يده أمسكت بمعصمها بلطف مانعًا إياها.
التفتت فرأت وجهه الصارم وهو يثبت نظره عليها.
“زوجتي.”
جاء صوته الناعم رقيقًا، لكنه بدا لها مزعجًا حد الكراهية.
“سأنزل.”
انفلتت كلماتها حادة كالإبر.
أغمضت عينيها سريعًا أكثر من المعتاد علّ دموعها تجف قبل أن تسقط.
نزعت يدها من قبضته وأمسكت المقبض.
لكن صوته اللاحق أجبرها على الالتفات.
“أعلم أنّكِ ارتعبتِ كثيرًا.”
“…….”
“لم أتوقع أن تتضايقي لهذا الحد.”
‘ارتباك…؟’
هل بدا له الأمر مجرد ارتباك؟
شعرت أوليفيا وكأن دموعها تجف فجأة.
على العكس، صار صوتها أكثر هدوءًا وهي تقول: “فريدي، لنتحدث لاحقًا. أنا مرهقة جدًّا اليوم.”
منذ أن جاءت إلى هذا العالم، وهي تسعى دومًا لأن تفهمه من زاويته.
لأنها، بخلاف “ليف”، تعرف من يكون حقًا.
لو كانت أوليفيا الأصلية، لكان صعبًا عليها فهم كثير من أفعاله.
لكنها، لأنّه “السيد الغريب” فريدي، حاولت أن تتفهم كل شيء.
غير أنّها الآن لم تستطع.
على الأقل، تحتاج بعض الوقت لتستعيد رباطة جأشها، حتى لا تسيء فهم جوهر كلماته.
“لا أظنني قادرة الآن على محادثتك كالمعتاد.”
أجبرت شفتيها على ابتسامة ضعيفة وهي تربّت على ظاهر كفه.
فريدي، الذي كان يراقبها، حرّك شفتيه قبل أن يتحدث بحذر: “أدرك أنّكِ غاضبة، لكن …”
لكن محاولتها لكظم مشاعرها تحطمت فجأة.
“قلتُ لكَ … دعنا ننهي هذا الحديث!”
ارتفع صوتها على غير عادتها.
وبعينين تكادان تفيض بالدموع، توسلت: “أخبرتُك، لا أستطيع الآن … فلنتحدث لاحقًا.”
ارتجف صوتها.
فقط عندها، لاحظ فريدي رعشة صوتها، واهتزّت عيناه بشدة.
ارتبك أمام دموعها التي بدت على وشك الانفجار، واندفع يبرر: “لم يكن لدي وقت. الشاب بيانكي سيغادر إلى فرنسا خلال يومين على الأكثر، ووفق الخطة فستخرجين أنتِ أيضًا في غضون نصف شهر.”
لكن كلما مضى بكلامه، ازداد وجهها تصلبًا.
“ولماذا وُضعت هذه الخطة من دوني؟”
صمت فريدي.
“على الأقل كان ينبغي أن تسألني. أن تمنحني يومًا، ساعة واحدة لأفكر.”
سرعان ما تصاعدت مشاعرها المكبوتة.
“ثم أنت تدرك أنّ ما تقوله الآن متناقض تمامًا، أليس كذلك؟”
أشارت إلى موضع التناقض وهي تحدّق فيه: “تقول إن فرنسا قد تتعرض للهجوم، وأنّنا في ذروة مباحثات التحالف، وأنني أنا مركز هذا التحالف … ثم تدفعني للذهاب بطمأنينة لألتقي عائلتي؟ هل هذا منطقي؟”
قبل وقت قصير فقط، كانت في غاية السعادة بلحظات قربهما معًا.
“ثم هل أنا أصلاً طلبتُ هذا؟”
“…….”
“حين سألني جلالته إن كنتُ قد علمت بالأمر مسبقًا … ماذا كان بوسعي أن أقول؟ أنني لم أسمع به من قبل؟ أنني لا أنوي ذلك؟”
خلال حديثها مع باسيلي، لم تفارقها المرارة.
كرهت فريدي لأنه أبلغها بالأمر وكأنه أمر مفروغ منه.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 83"