بينما كان فريدي وأوليفيا غارقَين في أفكارهما الخاصة، وصلت العربة إلى القصر الملكي.
ناداها فريدي بحذر وهي تستعد للنزول ، “سيّدتي”
اتّسعت عينا أوليفيا بدهشة وهي تلتفت إليه.
“نعم؟”
حرّك فريدي شفتيه دون أن يعرف من أين يبدأ الحديث.
كان يرغب في أن يشرح لها كلّ شيء من البداية إلى النهاية، لكنّه خشي أن تُثقلها الحقيقة بما لا يمكنها احتماله.
الإشاعات المنتشرة، مؤامرات سيار و فايفيل.
لو عرفت كلّ ذلك فستتأذّى بلا شك، وهو لم يكن يريد لها أن تتعرّض لجرحٍ آخر بعد كلّ ما عانته في سبيل قيام هذا التحالف.
وبعد تردّد، قال أخيرًا: “ما رأيكِ أن تبتعدي عن هيستر بعض الوقت؟”
“…ماذا؟”
ظهر الارتباك جليًّا على وجه أوليفيا بعد سماعها كلامًا لم يخطر لها على بال.
فسارع فريدي إلى سرد ما اتّفق عليه مع ريفر: “شقيقكِ أيضًا مرّ بظرفٍ سيّء، ولم ترِ عائلتكِ منذ وقت طويل، أليس كذلك؟”
اهتزّت عيناها بشدّة، وكأنّها لم تفهم قصده.
“بالطبع، السفر إلى فرنسا يحمل مخاطر، لذلك أبحث عن بلدٍ آخر للّقاء. ستبقين هناك لبعض الوقت…”
“أنت… تقصد ذلك حقًّا؟”
“لطالما أردتِ رؤية عائلتكِ. ثمّ إنّكِ مررتِ بمحنة كبيرة مؤخرًا.”
لكن أوليفيا لم تستوعب كلامه.
هي أيضًا تعرف أنّ الوضع سيّء، وأنّ التحالف بين سيلفستر و فرنسا ما زال هشًّا، وأيّ دولة قد تستغل الفرصة للهجوم.
وفي خضمّ ذلك، يطلب منها أن تغادر هيستر؟
هي لم تكن طفلة ساذجة.
كان واضحًا أنّ وراء اقتراحه سببًا آخر منطقيًّا يجب أن يذكره لها.
إلّا إذا … كان يريد ببساطة بعض الوقت بعيدًا عنها.
بدأت الأفكار السوداء تغمرها حتى شعرت بالغثيان. ومع ذلك، تظاهرت بالتماسك وقالت بهدوء: “نعم، أريد رؤية عائلتي… لكنّني أعلم أيضًا أنّ الوقت غير مناسب، فريدي.”
“…”
شَدّت قبضتيها وأردفت: “أعطني السبب الحقيقي لهذا الاقتراح.”
عرفت أوليفيا أنّ فريدي الذي تعرفه دائمًا يقدّم الجواب المناسب. لذلك كانت تثق أنّه سيفعل الآن أيضًا.
كان عليها أن تسمع منه كي تهدأ الهواجس التي تنهشها.
لكنّه قال: “لا سبب محدّد … فقط فكّرت أنّها فرصة مناسبة لزيارتهم لا أكثر.”
سقطت آمالها المعلّقة دفعة واحدة.
“هل تريدني أن أغيب بسبب مشكلة أخي إذًا؟”
“ليس كذلك.”
“أم لأنّك ترى أنّ التحالف لم يعُد ضروريًّا؟”
“أبدًا. على العكس، علينا الحفاظ عليه أكثر من أي وقت.”
لم تعرف أوليفيا بالضبط ما يفكّر فيه، لكن ردّة فعله هذه اختلفت عمّا قبل.
ارتعش وجهها وهي تقول: “قلتَ إنّك ستشرح لي كلّ شيء. فلماذا لا تستمع لي حتى؟”
“ليس الأمر هكذا.”
لكنّ جواب فريدي المتأخّر لم يقنعها.
الأفكار السوداء ازدادت وتوغّلت في قلبها.
‘لماذا؟ لِماذا يتصرّف هكذا؟’
لو كانت هنا “ليف” بدلًا منها، هل كان سيتصرّف بالطريقة نفسها؟
ذلك “الرجل الغريب” كان دائمًا يريد أن يكون قرب “ليف” في أوقات ضعفها، يبقى بجانبها، يشاركها الحزن، ولم يفكّر يومًا بتركها.
لم تكن هناك خيارات مثل “التخلّي” أو “الابتعاد”.
لكن مع أوليفيا … بدا فريدي وكأنّه يتخلّى عنها بسهولة.
وكأنّ هذا يثبت من جديد أنّ “ليف” التي يحبّها فريدي ليست موجودة هنا.
وأنّها، أوليفيا، لن تنال حبّه أبدًا.
***
دخل باسيلي قاعة الاستقبال، فتفاجأ قليلًا من البرود الذي يخيّم على الدوق وزوجته.
كان يتوقّع أنّ لقاءهما بعد طول غياب سيكون حافلًا بالشوق، لكن لم يرَ شيئًا من ذلك.
أخفى دهشته سريعًا وبادر بتحيّة أوليفيا: “مرّ وقت طويل، كيف حالك؟ لا بدّ أنّكِ عانيتِ وسط كلّ هذا الاضطراب.”
ابتسمت أوليفيا ابتسامة خفيفة وأجابت أنّها بخير ولا داعي للقلق.
قال باسيلي: “لقد دعوتُ أيضًا ريفر، سيصل قريبًا.”
تفاجأت أوليفيا بذكره المفاجئ لريفر، لكنّها ما لبثت أن رتّبت ملامحها وأجابت بابتسامة.
وبعد قليل، فُتح باب القاعة ودخل ريفر.
كان أنحف قليلًا ممّا اعتادته، فأرسلت له نظراتٍ قلقة، لكنّه ابتسم مطمئنًا كأنّ الأمر لا يستحق.
حاولت أوليفيا كبح مشاعرها وأصغت إلى كلام باسيلي.
جلس الجميع، ثم قال الأخير: “قبل كلّ شيء، عليّ أن أقدّم اعتذاري للماركيز بيانكي و للماركيز الشاب.”
“لا داعي، فقد كانت الظروف مبرّرة تمامًا.”
وتبادل باسيلي وريفـر الحديث حول حادثة محاولة تسميم الأميرة، كما اعتذر له لأنّه اتُّهم ظلمًا وسُجن رغم مكانته الرفيعة في البعثة.
قال باسيلي: “أطلب ما شئت من تعويض، وستتكفّل الأسرة المالكة في سيلفستر به.”
تردّد ريفر قليلًا وهو يفكّر، ممّا أثار استغراب أوليفيا، فهي تعرف أنّه لا يتصرّف هكذا إلا إن كان في نفسه مطلب محدّد.
قال أخيرًا: “أريد إذنًا بمغادرة سيلفستر قبل انتهاء جدول البعثة.”
قطّبت أوليفيا حاجبيها. لم تفهم لِمَ يطلب شيئًا كهذا.
وفوق ذلك، لم يكن الأمر بيد ملك سيلفستر وحده، بل يحتاج أيضًا إلى موافقة فرنسا.
أجاب باسيلي وهو متردّد: “هذا أمر لا نقرّره وحدنا. الأمر يتوقّف على موقف البلاط الفرنسي.”
فقال ريفر: “سترفع أسرة بيانكي الطلب مباشرة إلى الملك، فلا داعي لأن تقلقوا بشأن ذلك.”
هزّ باسيلي رأسه وقال: “لكن هل يُعَدّ هذا تعويضًا حقًّا؟ اطلب شيئًا آخر.”
تروّى ريفر لحظة ثم قال بهدوء: “إذن … أيمكنني زيارة والديّ برفقة دوقة الدوق الأكبر؟”
اتّسعت عينا ياسيلي وأوليفيا دهشة.
وفي تلك اللحظة، عادت إلى ذهن أوليفيا المحادثة التي جرت في العربة مع فريدي.
التفتت ببطء إلى زوجها الجالس بجانبها، فرآه وكأنّه كان يتوقّع طلب ريفر تمامًا، بل بدا هادئًا.
سعل باسيلي قليلًا وهو ينظر إلى أوليفيا وسألها: “هل تحدّثتما في هذا الأمر من قبل؟”
أجابت أوليفيا وهي ما تزال مضطربة: “أشار إليّ قليلًا، لكن لم أتوقّع أن يطرحه فجأة هكذا.”
أدار ريفر بصره بعيدًا ليتفادى نظراتها، فيما قبضت أوليفيا يديها بشدّة حتى ابيضّت مفاصلها.
وفريدي لم يختلف عن ريفر كثيرًا، ممّا جعلها تفهم أخيرًا أنّ اقتراحه في العربة لم يكن طلبًا … بل قرارًا.
قال ريفر: “لا أعني أنّني سأذهب الآن مباشرة، بل أرجو أن تسمح لي أولًا بالعودة إلى فرنسا وإخبار والدينا، ثمّ أعود لنذهب معًا.”
ردّ باسيلي: “تعني أنّك ترغب في دخول سيلفستر مجددًا بشكل غير رسمي لتغادر مع الدوقة؟”
بدا الارتباك على وجهه، فالأمر محفوف بالمخاطر.
لكن فريدي تكلّم بدوره: “لو أنّ التحالف تمّ كما كان مُقرّرًا، لرافقتُ زوجتي إلى فرنسا منذ البداية. لكن بما أنّه فشل، فقد سقط ذلك الخيار. وفوق ذلك، تعرّضت أسرة بيانكي لافتراء.”
ثم أضاف بصوت هادئ: “لا بدّ أنّ حماي و حماتي قلقان كثيرًا.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 81"