“هل يمكنك أن تغادر سيلفستر مع زوجتي لفترة من الوقت؟”
تصلّبت ملامح ريفر بوضوح بعد سماع كلمات فريدي.
ضيّق عينيه يحدّق به، محاولًا استشفاف مقصده.
“لماذا تقول شيئًا كهذا فجأة؟”
“هناك عدة أمور مريبة في أفعال الأمير الثاني، وحتى أتأكد من حقيقتها أودّ أن أضع زوجتي في مكان آمن. هيستر لا يبدو آمنًا الآن، لذا فكّرت مليًّا قبل أن أطلب هذا.”
لم يكن في شرح فريدي أيّ تردّد، وكأنه قرار اتّخذه بعد تفكير طويل.
“من الأفضل أن تتواصل مع بيانكي، وتقضوا بعض الوقت في مكان لا تصل إليه سلطة فرنسا ولا سيلفستر. سيكون أكثر أمانًا من وجوه عدّة.”
“…….”
“كنت أودّ التحرّك بنفسي، لكنّ العيون مسلّطة عليّ كثيرًا في الآونة الأخيرة. خططي ستنكشف بسرعة، لذلك لا مفرّ من أن أطلب منك ومن بيانكي هذه المساعدة.”
وبينما كان ريفر يفتح فمه ليجيب، أسرع فريدي يتابع: “اليوم، حين يُفرج عنك من السجن، يمكنك أن تقول إنك ستغادر قبل البعثة وتعود إلى فرنسا مباشرة، ثم تستعدّ بعد ذلك. أيمكنك فعل ذلك؟”
” …ليس أمرًا صعبًا، لكن، هل اتفقت على هذا مع فيا؟”
تردّد فريدي لحظة ثم هزّ رأسه.
“لا، أفضّل ألا تعرف تفاصيل الأمر … قد تشعر بالذنب.”
كان واثقًا أن أوليفيا ستجلد نفسها اعتقادًا بأن ما يحدث بسببها. كما أنها، عندما وُضعت بيانكي في مأزق، ضحّت بنفسها. فلعلّها تتّخذ القرار نفسه هذه المرة أيضًا.
لذلك أراد فريدي أن يبعد أوليفيا عن كل ذلك قدر المستطاع.
وأكثر من أي شيء آخر، لم يرد أن يرى الواقع يشبه كابوسه المروّع.
نظر ريفر إلى وجه فريدي، الذي كان يتشنّج وينبسط مرارًا، ثم أومأ برفق.
“مفهوم.”
“أوكل إليك الأمر إذن.”
وبعد أن أنهى تحيّته الرسمية، توجّه فريدي إلى هيستر ليصطحب أوليفيا.
ظلّ ريفر يحدّق طويلًا في الباب الذي غادر منه فريدي.
ملامحه حين قال إن البُعد عن أوليفيا لبعض الوقت هو الأفضل، حُفِرَت في ذهن ريفر ولم تفارقه.
***
وصل إلى أوليفيا خبر عودة فريدي من القصر.
كما عرفت بما حدث بخصوص الأميرة و ريفر.
لم تستطع حتى أن تتذكّر آخر مرة رأت فيها وجه فريدي، و كأن الزمن محا ملامحه من ذاكرتها. وزاد من ارتباكها أنها ستقابله لأول مرة بعد أن أرسلت تلك الرسالة.
لم تعلم كم ارتجفت خوفًا خلال هذه الأيام. لكنّها فكّرت أنه ربما لو باحت له بكل ما عانته، سيهدأ اضطرابها أخيرًا.
نظرت أنجيلا إليها، فهمهمة شفتيها تدلّ على القلق، ووجهها كان يفيض همًّا. أشارت أوليفيا بيدها لتؤكد أنه لا شيء، لكن في نظر أنجيلا بدت على حافة الانهيار.
لم تدرك أوليفيا قلق وصيفتها، بل انشغلت بقراءة الأوراق بسرعة أكبر قبل أن يصل فريدي.
وما هي إلا لحظات حتى جاءها خبر وصوله.
وضعت الأوراق جانبًا، وأسرعت إلى الطابق الأول.
فتحت الباب الأمامي، فوجدت فريدي يتحدث مع سايمون.
“… حتى أعود، ابقَ هنا وراقب الوضع.”
“وماذا عن الجواسيس داخل القصر؟”
“دَعهم في مواقعهم. حتى نغادر سيلفستر تمامًا، لا تتحركوا.”
وأثناء مواصلة حديثه، التفت فريدي حين شعر بنظرات أوليفيا. ربت على كتف سايمون، وأمره بأن يتعامل مع الأمور البسيطة بنفسه، ثم تقدّم نحوها.
تجمّدت أوليفيا في مكانها، عاجزة عن أي رد فعل، بينما فريدي يقترب.
نصفها فرِح لرؤيته بعد طول غياب، ونصفها الآخر مرتعد خوفًا من ردة فعله على رسالتها.
وحين كانت تبحث عن الكلمات، صار أمامها.
“مرّ وقت طويل، سيدتي.”
كان صوته حنونًا دافئًا، كما عهدته دائمًا.
أخذت نفسًا قصيرًا، ورفعت رأسها ببطء لتتمعّن فيه.
لكنّ وجهه كان أكثر كآبة من المعتاد، وظلال عينيه أعمق، وجسده أنحف مما تتذكّر. جعله ذلك يبدو أكثر قسوة.
بادلها النظر بدوره، يتأملها بدقة. ثم مدّ يده يلمس خدّها، فاتّسعت عيناها دهشة. وبعدها، انزلقت أصابعه إلى معصمها، وكأنه يستشفّ شيئًا.
“كيف حالكِ؟ أوصيتُ أنجيلا أن تعتني بكِ، لكن يبدو أنكِ فقدتِ بعض الوزن.”
قطّب جبينه وهو يثبت عينيه على معصمها الناعم.
ولشدّة ما كان يمرر إبهامه عليه، لم تتحمل الدغدغة فانسحبت يدها ببطء. عندها فقط التقت عيناهما.
“… أنت نفسك تبدو متعبًا يا فريدي. لم تنم؟”
“أنا بخير. لم أدخل القصر طلبًا للراحة، فلا تقلقي.”
كان جوابه محكمًا بلا ثغرة.
فتحت أوليفيا فمها لترد، لكن الأفكار السوداء أخذت تقتحم رأسها.
“كنت أفضّل أن تتجنّبي القدوم إلى القصر، لكن هكذا جرت الأمور، فاعذريني.”
رغم أنه بدا كما اعتادت، شعرت أوليفيا أن هناك مسافة يضعها بينهما.
هل لأنها تصرّفت بريبة؟ أو بسبب تلك الرسالة؟ وإن صارحته بالحقيقة، هل سيصدقها أصلًا؟
توالت الأفكار السلبية، وغطّت عقلها.
“سيدتي، هل نتحرّك؟”
“…نعم.”
مدّت يدها لتلاقي يده، وصعدت العربة بمساعدته.
أغلق الباب بعد أن تأكد من جلوسها، ثم لحق بها.
انطلقت العربة، وظلّت أوليفيا تحدّق في النافذة عاجزة عن فتح حديث. لكنه لم يكن ممكنًا أن تظلّ صامتة.
التفتت بخجل لترى فريدي، فوجدته مغمض العينين.
كان صوت العجلات منتظمًا، وهي تحدّق فيه دون حراك.
أهو نائم فعلًا؟ شكّت حتى تكلّم السائق بعد أن نظر في المرآة: “سمعتُ أن سمو الدوق لم يغمض عينيه طَوال وجوده في القصر.”
“… لابد أنه كان مشغولًا جدًا.”
“لكن في الطريق بدا طبيعيًّا، ولعله استرخى بعدما التقى سموّكِ.”
أراد السائق إيصال رسالة أنها مصدر راحته، لكن وجه أوليفيا ازداد كآبة. صحيح أن التفكير في معاناته بالقلعة آلمها، لكنها تساءلت أيضًا: أليس لأنه لا يريد محادثتي؟ أليس لأنه يشكّ بي؟
عقليًا، كانت تدرك أنه ليس كذلك. لكن لم تستطع منع نفسها من تخيّل أسوأ الاحتمالات.
***
وحين اقتربت العربة من القصر، فتح فريدي عينيه. سرّه أنه لم يرَ كابوسًا هذه المرة، لكنه شعر بالندم إذ لم يتبادل مع أوليفيا أي حديث يُذكر.
استدار سريعًا نحوها، فرآها تنظر عبر النافذة. تنحنح قليلًا ثم ناداها بلطف: “سيدتي، عذرًا. كنت مرهقًا.”
“لا بأس. سمعت أنك لم تنم ليلًا في القصر، ومن الجيد أنك استطعت النوم الآن.”
“لكننا التقينا بعد طول غياب، ولم نتحدث.”
“فريدي، أفهم ذلك تمامًا. فلا تحمل همًّا.”
لاحظ أن نبرتها أعلى من المعتاد، كأنها تتظاهر بأنها بخير.
أراد أن يسألها عن السبب، لكنه خشِي أن يجرح مشاعرها أكثر.
خصوصًا وهو ما يزال بحاجة أن يطلب منها الابتعاد عن هيستر لفترة. لذا ، آثر الصمت.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 80"