بدأت يدا ريفر تتعرقان، فأمسك قبضتيه بقوة. لكن، على عكس توقعاته، لم يحدث شيء غير عادي حتى انتهاء الوجبة.

نظر إلى وجه سيار الجالس بجانبه.

كان يبتسم بهدوء كعادته، لكن ريفر لاحظ صدعًا غريبًا في تعبيره على الفور.

ومع ذلك، حتى عندما جاءت الحلوى بعد انتهاء الوجبة، لم يحدث شيء. اعتقد ريفر أنه كان حساسًا زيادة عن اللزوم وحاول تهدئة قلقه.

عندما قرر التركيز على المحادثة ، 

“كح!”

سعلت أنتونيا ، التي كانت تجلس أمام سيار.

التفت الجميع إليها. أنتونيا ، التي كانت تتقيأ دمًا أسود، رمشة بعينيها عدة مرات ثم سقطت جانبًا.

تجمد ريفر في مكانه، يحاول استيعاب الموقف، ثم أدار رأسه نحو سيار.

عند رؤية زاوية فمه المرتفعة بشكل غريب، زفر ريفر أخيرًا.

في تلك اللحظة، أدرك أن سيار قد فعل شيئًا خطيرًا.

***

فتح فريدي عينيه فجأة، وكأن شعورًا مخيفًا قد طرد النعاس. فرك رقبته المتيبسة ونظر إلى الساعة.

يبدو أنه نام لمدة ثلاثين دقيقة تقريبًا.

“ها.”

كان الوقت قد اقترب لدخول القصر. 

ضغط فريدي على عينيه وقام من مقعده. في تلك اللحظة، لاحظ رسالة في يده.

كانت رسالة مألوفة بلون وردي باهت.

حاول فريدي فتحها لفحصها كعادته، لكن دخول سايمون المفاجئ جعله يضع الرسالة على المكتب.

“سمو الدوق!”

نظر فريدي إلى سايمون، الذي كان مشغولًا بالتحضيرات للذهاب إلى القصر، بنظرة متسائلة.

قبل أن يسأل فريدي عن السبب، نقل سايمون الأخبار التي وصلت للتو من القصر: “الأميرة أنتونيا تقيأت دمًا وسقطت خلال الإفطار اليوم. يبدو أنها تسممت.”

اتسعت عينا فريدي. حرك شفتيه للحظات كأنه لا يصدق، وواصل سايمون تقريره: “الأطباء الملكيون يتكتمون بشأن توقعات حالتها.”

في الوقت الذي كان فيه التحالف مع فرنسا على وشك الانتهاء، أربكه هذا الحدث المفاجئ. لكنه، واثقًا من سوء حالة ابنة عمه أنتونيا، بدأ التحضير للذهاب إلى القصر على عجل.

“لنذهب إلى القصر بسرعة.”

بعد أن جمع ملابسه وخطا بضع خطوات، تابع سايمون مترددًا: “وأيضًا، تم احتجاز ريفر بيانشي في غرفته كمشتبه به في هذه القضية.”

“ماذا؟ هذا هراء!”

“تم العثور على سائل مشابه للسم الذي وُجد في جسد الأميرة في غرفته. بما أنه ضيف من فرنسا والوضع غير مؤكد، تم احتجازه في غرفته فقط.”

أدرك فريدي خطة سيار أخيرًا.

لم يكن لديه نية للزواج أو مواصلة التحالف منذ البداية.

كان من الواضح أيضًا لماذا أُدخل ريفر في هذا الأمر. لم يكن هناك ظرف أفضل لتدمير سمعة أوليفيا في سيلفستر.

لو لم يكن لدى سيار خطة مكتوبة بخط يد ريفر ، لكان فريدي متأكدًا من أن هذا كله خطة واهية.

“لقد خُدعنا تمامًا.”

لكن كان لدى سيار خطة مكتوبة بخط يد ريفر.

على الرغم من أنه لم يسلمها إلى العائلة الملكية في سيلفستر بعد، كان من الواضح حتى لصبي في الخامسة أنه سيفعل ذلك قريبًا.

كانت خطة واضحة لجعل ريفر المذنب، ووقع فريدي في الفخ تمامًا.

“الأمير الثاني ينوي إنهاء هذا التحالف نهائيًا.”

“ماذا؟”

“عائلة أحد أتباع ولية العهد، التي نشرت إشاعات خبيثة عن زوجتي، دخلت سيلفستر بشكل غير قانوني. يبدو أنهم يخططون لربط قضية صهري بزوجتي لتدمير سمعتها في سيلفستر.”

إذا حدث ذلك، ستنشأ مقاومة طبيعية ضد التحالف مع فرنسا في سيلفستر.

لن تواصل العائلة الملكية تحالفًا يسبب مشاكل. 

في مثل هذه الظروف، ستصبح العائلة الملكية وحزب الملكيين في موقف صعب، لذا سيكون من الطبيعي أن تختار العائلة الملكية إلغاء التحالف لتقليل الضرر.

في هذه الحالة، من المؤكد أن وفد فرنسا سيترك ريفر كمجرم في سيلفستر ويأخذ أوليفيا فقط.

شحب وجه سايمون عند سماع شرح فريدي.

“ماذا نفعل؟ قدراتنا محدودة الآن. لا يوجد دليل واضح لإثبات براءة ريفر بيانكي. إذا حدث ذلك، سينهار التحالف بشكل طبيعي، وسموها …”

أمسك فريدي رأسه الذي يؤلمه وهز شعره بانزعاج.

“سايمون، استعد للمغادرة فورًا.”

“وماذا عن سموك؟”

سأل سايمون وهو يمر بجانب فريدي.

“يجب إخبار زوجتي بهذا الأمر. على الرغم من أن الأمر غير سار، من الأفضل أن أخبرها بنفسي بدلاً من أن تسمع من الآخرين.”

غادر فريدي المكتب بخطوات واسعة بعد هذه الكلمات.

عندما وصل إلى غرفة نومهما، تردد وهو يحرك شفتيه. رفع يده ليطرق الباب، لكنه كان مرتبكًا بشأن كيفية شرح الموقف.

بعد رفع يده وخفضها عدة مرات، طرق الباب ببطء. لكن لم يأتِ رد من الداخل على الفور، فتنفس فريدي بعمق وفتح الباب بحذر.

“سيـ …”

جاء ليطمئنها قبل الذهاب إلى القصر، لكن يبدو أن أخبار ريفر وصلت إليها بالفعل.

كانت أوليفيا تبكي دون أن تلاحظ دخوله.

كانت تضرب صدرها وتدفن وجهها في الأغطية، تصدر أصوات ألم. حاولت كتم صوتها باستمرار.

لو لم يدخل فريدي الغرفة، لما لاحظ بكاءها الخافت.

يبدو أن أخبار أخيها ريفر كانت صادمة. لم يعرف فريدي كيف يواسيها.

أراد أن يركض إليها ويعانقها، يخبرها أن كل شيء سيكون على ما يرام، لكن الكلمات ستكون بلا معنى في موقف لم يُحل فيه شيء. لذلك، كان عليه الذهاب إلى القصر بسرعة لإنهاء الأمور.

أغلق فريدي قبضته بقوة وأغلق الباب بحذر وغادر الغرفة.

“يبدو أن سموها بحاجة إلى الراحة اليوم، لذا اجعل الحد الأدنى من الأشخاص يبقون حولها.”

رن صوته المنخفض في الرواق.

أومأ الخدم تنفيذًا لأوامره، وسرعان ما غادر فريدي.

بعد اختفاء فريدي وبعد مرور بعض الوقت، نهضت أوليفيا من السرير.

على الرغم من أنها استيقظت قبل شروق الشمس، بكت لفترة طويلة بسبب استعادة قطع ذكرياتها المنسية.

كانت هناك أسباب عديدة لدموعها.

صدمة معرفة أن فريدي في العالم السابق مات بسببها.

وأن كل أفعالها بدت كخداع.

بينما تمنت بشدة للسيد المجهول الذي كانت تراسله أن يعيش، كان فريدي في نفس العالم قد قُتل بسببها، وهذا أيضًا جعلها تبكي.

حتى بعد استيقاظها من الحلم، استمرت في البكاء ولهثت، لكن قلبها لم يهدأ بسهولة.

حدقت أوليفيا في النافذة بغياب ذهني. لم تستطع التفكير بوضوح بعد. كانت غضبها وشعورها بالذنب بسبب ذكرياتها المنسية متشابكين.

“ها، ها.”

تسرب ضحك ساخر من بين شفتيها موجهًا إلى نفسها.

في خضم ذلك، كانت لا تزال خائفة لأنها لم تعرف سبب موتها. كانت تخشى أن يكون ذلك صدمة أكبر أو مؤلمًا.

شعرت بالألم لأن خوفها احتل مكان الشعور بالأسف تجاه فريدي.

“غبية.”

مزقها شعور عميق باللوم. مع صعود الإحباط المفاجئ، ضربت أوليفيا صدرها مرة أخرى.

على الرغم من أنها ضربت بقوة كافية لتشعر بالألم، لم تعبس. كررت هذا الفعل عدة مرات كما لو أنها لا تشعر بالألم.

تمنت لو كان لديها يوم واحد على الأقل لتهدأ، لكن أمنيتها تحطمت بعد فترة وجيزة بسبب أخبار الأميرة أنتونيا و أخيها ريفر.

بعد سماع الأخبار، تمكنت أوليفيا بالكاد من التماسك وتوقفت عن البكاء واللوم.

الآن، تغيرت الرسائل والأحداث التي تعرفها تمامًا، فلم يكن لديها وقت للبقاء ساكنة.

أغلقت أوليفيا قبضتها بقوة وأغمضت عينيها.

“لنفكر بعد أن ينتهي كل شيء. سأعتذر لفريدي بعد ذلك. أولاً، يجب إنقاذ فريدي هنا، ثم …”

تمتمت عدة مرات ونهضت من السرير متعثرة.