داعب باسيلي ذقنه عدة مرات و أومأ برأسه.

“يبدو أن هذا ليس موضوعًا سيُحل في يوم أو يومين ، لذا سنحتاج إلى وقت للتفكير. سيتم إلغاء اجتماع الغد أيضًا”

في الحقيقة ، كان الحديث اليوم قد رُفض عمليًا.  

“دع وفد فرنسا يعيد تنظيم الأمور و يطلب لقاءً منفصلاً. ريفر بيانكي ، من الآن فصاعدًا ، سيقيم في القصر الملكي بدلاً من هيستر. سيتم تجهيز غرفته على الفور”

“حسنًا ، سيدي”

“الوقت تأخر ، لذا لننهِ الاجتماع”

نهض باسيلي من مقعده. تبعته أنتونيا على الفور ، و عمّ الصمت في الغرفة لفترة.

كان فريدي أول من كسر الصمت.

“يبدو أن عليّ العودة الآن. تأخر الوقت أكثر مما توقعت”

نهض فريدي من مقعده ، و تبعه ريفر.

“آمل ألا أكون قد أضعت وقتك بسبب مرافقتي”

“لا ، ليس الأمر كذلك. كنت أفكر في العودة الآن …”

“أود مرافقتك في طريق عودتك لأطمئن ، إذا سمحت ، سمو الأمير”

نظر سيار إلى ريفر ثم لوّح بيده موافقًا بحماس. نهض أندرو ، الذي كان يراقبهم ، من مقعده أيضًا.

“صحيح ، يجب أن نأخذ وقت العودة في الاعتبار. ربما أبقيناكم طويلاً”

“لا ، كان حوارًا ضروريًا”

ألقى فريدي نظرة على سيار ، الذي كان لا يزال يحمل تعبيرًا غامضًا ، ثم رتّب ملابسه و وقف أمامه.

“إذن ، سأعود أولاً ، سمو الأمير. آمل أن تتفهم مغادرتي المبكرة بسبب تأخر الوقت”

ابتسم سيار كما لو أنه لم يتأثر برفض اقتراحاته ، و أومأ برأسه.

نظر أندرو إلى فايفيل و مدّ يده إليها و سأل: “فايفيل ، هل ترغبين في مرافقة الدوق هيستر؟”

“لا ، إذا غادرتُ أنا أيضًا ، سيبقى الأمير الثاني بمفرده. سأتأكد من مغادرته. اذهب و ودّع الدوق بسرعة”

“إذن ، أترك الأمر لكِ”

أومأ أندرو نحو فايفيل و سيار ، ثم غادر قاعة الاجتماع مع فريدي و ريفر.

مع صوت إغلاق الباب ، عاد الصمت إلى الغرفة. نهضت فايفيل من مقعدها و وقفت أمام سيار.

“يمكنني العودة بمفردي ، فلا داعي للقلق سمو الأميرة. تفضلي بالمغادرة أولاً”

على الرغم من كلام سيار ، لم تتحرك فايفيل و ظلّت تنظر إليه من الأعلى. بدا ذلك غريبًا ، فرفع نظره إليها أخيرًا.

“ماذا تفعلين؟”

أعطت فايفيل منديلها له على الفور.

“بعد ساعة ، في المكان المعتاد. إلا إذا كنت لا تريدني أن أبحث عنك”

غادرت قبل أن يرد سيار. بقي سيار وحيدًا ، يضحك بسخرية على المنديل الذي في يده.

***

في طريق توديع فريدي ، تلقى أندرو استدعاءً عاجلاً من باسيلي و اضطر للمغادرة أولاً.

بقي فريدي مع ريفر ، يسيران ببطء. لم يتبادلا أي حديث حتى فتح فريدي فمه.

“أخشى أن يكون نقاش اليوم قد وضع صهري في موقف صعب”

“لا داعي للقلق. طلب الأمير الثاني كان مبالغًا فيه ، و من الطبيعي أن ترفضه سيلفستر”

“و مع ذلك ، قد تتجه الأسهم إليك ، لذا كن حذرًا”

تذكر فريدي سلوك سيار المزعج و حذّر ريفر.

“لن يحدث ذلك ، لكن سأكون حذرًا”

وصل فريدي إلى العربة المجهزة ، و أومأ نحو ريفر و هو يهم بركوبها.

في تلك اللحظة ، تمتم ريفر بهدوء. استدار فريدي و سأله: “قبل مجيئنا إلى هنا ، قالت فيا شيئًا مشابهًا”

“السيدة؟”

“نعم. قالت إنه يجب الحذر من الأمير. ليست من النوع الذي يتحدث بلا داعٍ ، لذا تذكرتُ ذلك الآن”

فكر فريدي للحظة عند كلام ريفر.

في اليوم الذي أخبرته أوليفيا بكل شيء ، قالت إنها ستوضح الأمور لريفر بشكل موجز.

لكن بما أن ريفر جاء إلى القصر ، لم تتمكن من إخباره بما حدث ذلك اليوم.

تردد فريدي فيما إذا كان يجب أن يخبره بنفسه. 

بعد تردد طويل ، تحدث بحذر: “السبب في إغماء السيدة في القصر سابقًا كان بسبب الأمير. كانت تنوي إخبارك بالتفاصيل ، لكن الجدول تعقد فجأة ، لذا ربما أعطتك تلميحًا فقط”

توقف ريفر للحظة عند كلام فريدي المنتقى بعناية ، ثم أومأ مرتين.

“هذا يكفي. لا داعي لقول المزيد. سأسمع الباقي من فيا لاحقًا”

أومأ فريدي لتفهم ريفر.

“سأكون حذرًا مع علمنا أنا و فيا بالقلق ، لذا لا تقلق كثيرًا”

“إذا حدث أي شيء ، تواصل مع هيستر على الفور”

أجاب ريفر بـ”حسنًا” ، و بعد تأكيد ذلك ، ركب فريدي العربة.

***

غادرت فايفيل قاعة الاجتماع و عادت إلى غرفتها ، ثم ارتدت رداءً و خرجت خلسة.

وصلت إلى القصر المنفصل حيث تلتقي بسيار عادة، و تجولت بتوتر في انتظار وصوله.

بعد قليل ، دخل سيار الغرفة بنزق.

“ما الأمر؟ ألم أخبركِ بوضوح أن نكون حذرين؟ كيف تتصرفين بلا مبالاة هكذا؟”

ألقى منديل فايفيل على الأرض و هو يتحدث. ارتجفت فايفيل للحظة عند تصرفه ، ثم رفعت صوتها: “ما الذي يحدث؟ لم يكن من المفترض أن يحضر فريدي الاجتماع!”

“سمو الأميرة ، من الأفضل أن تخفضي صوتك”

حاول سيار ضبط نفسه و هو يتحدث إليها و هو يعض أسنانه.

“لا أحد يأتي إلى هنا على أي حال ، لذا لا يهم إن رفعت صوتي أم لا”

نقر سيار بلسانه و مرر يده على شعره. تمتم بلعنة بصوت منخفض لا تسمعه فايفيل.

تمتمت فايفيل لفترة ثم أمسكت بمعصم سيار و قالت: “ألن يتم كشفنا؟ ربما يجب أن نتوقف الآن”

انتزع سيار يده بعنف و عبس. كان تصرفه وقحًا ، لكن فايفيل ، التي كانت ملفوفة بالقلق ، لم تهتم بذلك.

كانت تريد فريدي ، لكن الانخراط في أمر خطير كهذا لأول مرة جعلها متوترة بشكل طبيعي.

قرأ سيار تعبيرها ، فابتسم بلطف و حاول تهدئتها.

“ما يقلق سموكِ سيكون على ما يرام”

“….”

“حضور الدوق للاجتماع اليوم لا يعني أنه يعرف عن صفقتنا ، و حتى إذا عرف ، فسيكون ذلك بعد وقوع الأمر”

خفت حدة عيني فايفيل عند كلام سيار.

“لن يستطيع فعل شيء حيال ذلك. لذا ، لا تقلقي و كوني أكثر حذرًا من الآن فصاعدًا ، من أجل هدفكِ أيضًا”

تنفست فايفيل عدة مرات بسرعة. نظر إليها سيار و ذكّرها بما يجب أن تفعله.

“إذا أعطيتِ الأميرة أنتونيا الدواء الذي أعطيتكِ إياه خلال وقت الشاي ، ستحصلين على دوق هيستر الذي تتوقين إليه”

“هل هذا آمن حقًا؟ ماذا لو ماتت أثناء تناول الشاي معي؟”

“ألم أخبرك؟ يصبح الأمر سمًا فقط عندما يختلط ما لديكِ بما لدي. إذا قمنا بدورنا بشكل صحيح ، لن يحدث شيء”

تحدث سيار إليها دون أن يمحو الابتسامة من وجهه.

أدركت فايفيل أخيرًا ما فعلته و أن تصرفاتها قد تعرقل الأمور.

بعد أن شحب وجهها للحظة ، ضغطت على ردائها و قالت: “… أعتذر عن الإزعاج في وقت متأخر. إذا كنت قلقًا من أن يكتشف أحد لقاء اليوم ، فلا داعي لذلك”

“إذن ، أنتِ تعلمين أنكِ ارتكبتِ خطأ”

عبست فايفيل عند كلام سيار لكنها عادت إلى تعبيرها الطبيعي. على أي حال ، هي من تصرفت بوقاحة و بسرعة اليوم.

“الجميع مشغول بتوديع فريدي ، و الوقت متأخر الآن”

“و مع ذلك ، كوني حذرة قدر الإمكان حتى نبدأ العمل بعد أسبوع”

“إذن ، سأغادر أولاً”

لم تعطِ فايفيل ردًا واضحًا على كلامه و غادرت القصر المنفصل بسرعة.