كانت أوليفيا، التي خرجت مع فريدي لأول مرة منذ فترة، تبدو سعيدة وهي تُغنّي بصوت خافت وتتفحّص الأغراض التي قدّمها البوتيك. بدا أنّ شيئًا ما أعجبها، فالتقطته.
كانت منغمسة في الزينة التي أمسكتها، ولم تستطع أن ترفع عينيها عنها، وسألت فريدي: “إذًا، يا فريدي، هل انتهيتَ من كلّ الأمور المشغلة؟”
لم يجبها على الفور، بل نظر إليها بابتسامة ماكرة.
كان يبدو وكأنّه يفكّر في كيفيّة جذب انتباهها إليه.
“نعم، تقريبًا. لا يزال هناك بعض الوثائق التي يجب مراجعتها، لكن الأمور شبه منتهية. ماذا عن زيارة فرنسا؟”
عند سماع ذلك، التفتت أوليفيا، التي كانت تنظر إلى الزينة في يدها، إلى فريدي.
عندما التقت عيناها الخضراوان المتلألئتان بعينيه، ارتفعت زاوية فم فريدي بارتياح.
“يا إلهي، أحقًا؟”
“قلتِ إنّنا لم نتمكّن من التّحية بشكل صحيح في ذلك الوقت. وبعد ذلك، حدثت أمور كثيرة منعتنا من الذّهاب إلى بيانكي.”
“فريدي، كما أقول دائمًا، ألا يمكنكَ التّوقف عن قول أشياء مدهشة بهذا الهدوء!”
وضعت أوليفيا الزينة جانبًا، وأمسكت بكلتا يدي فريدي، وابتسمت وهي تُغنّي بحماس.
عند رؤية حالتها، أطلق هو أيضًا ضحكة خافتة وسأل: “هل هذا يُسعدكِ لهذه الدرجة؟”
“ألا يُفترض أن يُسعدني؟”
“إذا كنتِ سعيدة، فكلّ شيء يُسعدني.”
اتّسعت عينا أوليفيا، ونظرت إلى موظّفي البوتيك الذين كانوا ينتظرون حولهم.
ثم وبّخته بصوت خافت: “تقول مثل هذه الكلمات المحرجة هنا!”
“ألستِ كذلك؟”
كان فريدي الآن متمرسًا، فأصبحت أوليفيا هي من تشعر بالحرج.
لكن ذلك لم يدم طويلًا، فهمست في أذنه بصوت خافت: “إذا كنتَ سعيدًا، فكلّ شيء يُسعدني أيضًا. هيا، لنذهب بسرعة.”
أمسكت أوليفيا، التي احمرّ وجهها، بيد فريدي وسحبته بسرعة.
بينما كان يتبع خطواتها، التفت إلى الشّخص الذي يتبعهم وأشار بعينيه.
كانت نظرة فريدي موجّهة إلى الزينة التي كانت أوليفيا تتفحّصها للتو.
أدرك موظّفو البوتيك ما يريده، فبدأوا بتغليف كلّ ما لمسته يد أوليفيا.
بعد التأكّد من تحرّكهم النشط، عاد فريدي للتركيز على أوليفيا. كانت شفتاها، على عكس ما كانتا عليه قبل قليل، منتفختين بعبوس.
“ما الخطب؟”
“أعجبني دبوس اللؤلؤ، لكن بسببكَ لم أستطع شراءه.”
“هل نعود لشرائه؟”
“بعد كلّ تلك الكلمات المحرجة التي تبادلناها، تريد العودة إلى هناك؟”
“ما الذي يُحرج في ذلك؟ سيفكّرون فقط أنّ علاقة الدّوق وزوجته رائعة.”
عند كلام فريدي، أغلقت أوليفيا فمها.
نظرت إليه وهي تتخلّى عن الرّد، فأسند رأسه إلى رأسها وقال: “سأتحكّم بنفسي خارجًا من الآن فصاعدًا.”
“هل أصدّقك؟”
“ألا تثقين بي؟”
نظرت أوليفيا إلى عيني فريدي الدّافئتين بلون الكاكاو، ورفعت يديها كعلامة استسلام، كأنّها تقول إنّها هُزمت.
لم يدركا أنّ النّاس حولهما كانوا ينظرون إلى تصرّفات الدّوق وزوجته بعاطفة.
مرّت نسمة ربيعيّة دافئة تهزّهما. بدا شعر أوليفيا وفريدي وكأنّهما متّحدان في واحد.
كما لو كانا شجرتين متشابكتين رأياهما في المعبد، بديا متّحدين بقوّة لن تنفصم أبدًا.
و هكذا.
***
نظر دايف من مكان قريب إلى أوليفيا وفريدي.
كان يحمل في يده روحين على شكل خرزتين.
كانتا ترتعشان كما لو كانتا تقاومانه.
تحوّلت نظرة ديف، التي كانت تراقب أوليفيا وفريدي، إلى الرّوحين.
في تلك اللحظة، أثارت ضحكة طفل أذنيه.
أدرك ديف على الفور ما كانت.
“لا حاجة لتسرّعي. سأغادر خارج هذا العالم الآن.”
كانت السببيّة، وكأنّها تتعامل معه كشيء عجيب، تستمرّ في دفع شعره.
راقب ديف تصرّفاتها، ثم ناداها بصوت حازم: “السببيّة.”
لم يكن في الذّكريات التي أراد ديف إعطاءها لفريدي أيّ شيء متعلّق بما مرّت به أوليفيا.
كان ينوي إعطاء تلميح عن الرّسائل، لكنّه لم يرد أن يُظهر موت أوليفيا.
والأهمّ، اعتقد أنّه إذا أخبره بكلّ شيء، قد تتدخّل السببيّة مرّة أخرى، لذا أراد أن يمنحه ذكريات محدّدة فقط.
لكن، لسبب ما، نقلت السببيّة كلّ الذّكريات إلى فريدي.
لحسن الحظ، ظهرت أوليفيا في الوقت المناسب لتعزّي فريدي.
“لم يعودا صغيرين أو ضعفاء ليتأثّرا بحيلكِ، لذا توقّفي.”
كان الرّنين المتذبذب يبدو وكأنّه يشتكي أو يشعر بالظلم.
لكن ديف هزّ رأسه بحزم.
“كما أنّني لن أهزّ هذا العالم بعد الآن، عليكِ أنتِ أيضًا أن تبقي في مكانكِ. توقّفي عن الاهتمام بهما وقومي بدوركِ.”
عند كلامه، عبثت السببيّة بشعر ديف بشدّة. ثم، كما لو أنّها شعرت بالفضول، نقرت على روحي سيار و فايفيل في يده.
“تسألين ماذا سأفعل بهما؟”
توقّف ديف للحظة، ثم نظر إلى الرّوحين في يده بنظرة باردة.
لم يكن هناك داعٍ لإبقاء أرواح ستُدمّر هذا العالم وتُسبّب الفوضى في أيّ عالم كانا فيه.
كان من الأفضل محوهما تمامًا.
ضغط بقوّة على يده.
كانت روحا سيار و فايفيل ترتعشان وتصرخان، كما لو كانتا تشعران بالظلم.
لكن صوتهما الصّغير لم يصل إلى أذني الحاكم. تحطّمت القطع في يد ديف بصوت خافت ولم تُصدر صوتًا بعد ذلك.
بدا أنّ السببيّة استمتعت بالحركة الحاسمة لديف، فاختفت مع ضحكة متحمّسة.
بقي ديف وحيدًا في مكانه لفترة طويلة.
كانت نظرته متّجهة إلى أوليفيا وفريدي، اللذين كانا ينظران إلى بعضهما ويبتسمان بسعادة. بعد رؤية وجهيهما المشرقين، استطاع ديف أخيرًا أن يتحرّك.
***
كان فريدي مشغولًا لفترة بالاستعداد للذّهاب إلى فرنسا.
على الرّغم من أنّه أنهى معظم الأمور المعقّدة، كان عليه إتمام الأمور المحتملة ليتمكّن من الغياب لفترة طويلة.
على النّقيض، كانت أوليفيا، التي أنهت كلّ مهامها، تستمتع بوقت فراغها.
بينما كان يحاول مواءمة جدوله مع جدولها، أصبح من الصّعب تذكّر متى رأى أوليفيا بشكل صحيح آخر مرّة.
متى كان آخر مرّة عانقها ولمسها ونام إلى جانبها؟
على الرّغم من أنّ نهايتهما كانت سعيدة، لماذا كان يشعر بهذا الحزن؟
أطلق فريدي تنهيدة قصيرة. ثم، مع عزيمة على إنهاء كلّ شيء اليوم، ركّز.
رت-!
كان صوت تقليب الأوراق يملأ مكتبه. بعد أن تناول وجبة غداء سريعة، تحقّق من الوثائق المتبقّية، التي لم يبقَ منها سوى القليل.
ربّما لأنّه قضى وقتًا طويلًا في النظر إلى الوثائق، شعر أنّ الحروف تطفو في الهواء. هزّ رأسه عدّة مرّات ليستعيد تركيزه، لكن كان هناك حدّ لرفع تركيزه بهذه الطّريقة.
بعد أن أدرك حالته، قرّر فريدي أنّ من الأفضل إغلاق عينيه لمدّة عشر دقائق.
وضع الوثائق من يده، وأسند ظهره إلى الكرسيّ، وأغلق عينيه.
وميض-!
فتح فريدي عينيه ببطء.
عندما تحقّق من السّاعة، بدا أنّه نام لمدّة ثلاثين دقيقة تقريبًا.
ضغط على عينيه بقوّة، ثم أدرك رائحة الأزهار التي تملأ غرفته بلطف. يبدو أنّ أحدهم زار مكتبه أثناء نومه.
أدرك فريدي على الفور من هو.
لم يستطع إلّا أن يضحك ضحكة خفيفة عند تخيّله لأوليفيا وهي تحثّه على إنهاء العمل بسرعة.
هزّ فريدي رأسه ورفع الوثائق ليستعيد تركيزه.
في تلك اللحظة، مع صوت خافت، سقطت رسالة ورديّة مألوفة من بين الوثائق. ارتجف جسد فريدي مرّة واحدة.
بعد لحظة من الدّهشة، لاحظ الزينة الموضوعة على المكتب، فأدرك أنّ هذا لم يكن مزحة من أحد.
كانت أوليفيا هي من وضعت الرّسالة بنفسها.
لم يفهم لماذا فعلت ذلك، لكنّ التساؤل لم يدم طويلًا.
فتح فريدي الرّسالة بحذر.
أثارت رائحة مألوفة أنفه من المغلّف المفتوح.
فرد ورقة الرّسالة بالكامل وبدأ يقرأ المحتوى بهدوء.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 109"