كان من المؤكّد أنّه يحلم، لذا يجب أن يكون هذا جزءًا من الحلم، فلماذا يبدو الأمر حقيقيًّا إلى هذا الحدّ؟
عندما مسح الدّموع التي كانت تحجب رؤيته، بدأ يرى، هذه المرّة، ليس نفسه بل أوليفيا.
كانت تبدو أصغر سنًا قليلًا مما هي عليه الآن، بوجه مشرق خالٍ تمامًا من أيّ ظلال. تلقّت، مثل فريدي، رسائل بلا مرسل.
شعرت أوليفيا بالدّهشة والارتباك عند رؤية الرّسائل، لكنّها في النّهاية قرأتها بفرح.
عندما رأى فريدي محتوى الرّسائل، لم يكن من الصّعب عليه أن يعرف من أين بدأت الرّسائل التي كانت تصله.
كتبت أوليفيا، على مدى أيّام وأوقات طويلة، ردودًا على رسائل لا تعرف مصدرها.
كانت سعيدة بصدق، وتمنّت السّعادة للطرف الآخر.
كان مجرّد رؤيتها يُدفئ القلب.
لكن السّلام لم يدم طويلًا.
على الرّغم من أنّ الشّخص الذي يُفترض أنّه أرسل الرّسائل قد مات، إلّا أنّ الرّسائل استمرّت في الوصول إلى أوليفيا.
كان من السهل على فريدي أن يرى مدى ارتباكها.
بدا أوليفيا هشّة. كانت تؤمن بقصّة قد يعتبرها الجميع هراءً، وكأنّها تأمل أن تمرّ هذه الحالة.
كانت تبتسم، لكن لم تكن تلك الابتسامة الخالية من القلق كما كانت عندما تلقّت الرّسائل أوّل مرّة. بدا وكأنّها تحاول قمع مشاعر لا تدركها وتتجنّب مواجهة الواقع بجهد.
انهارت أوليفيا تدريجيًّا، لكن لم يلاحظ أحد، واستمرّت الأيّام على هذا النّحو.
بدأ انهيارها يلفت انتباه الآخرين عندما تحطّمت أمنيتها العظيمة بأن يعيش “السيّد المجهول”. عندما رأى فريدي تعبير اليأس على وجهها، شعر وكأنّ قلبه يهوي.
توقّفت أوليفيا عن كتابة الرّسائل، وحاولت جاهدة ألّا تتذكّر “السيّد المجهول فريدي”.
بدا وكأنّها تتأقلم وتعيش حياتها.
لكن في اليوم الذي كانت متّجهة فيه إلى سيلفستر، تعرّضت لحادث، وعلى الرّغم من نجاتها بعد عمليّة جراحيّة طويلة، واجهت بعدها مباشرة حقيقة موت فريدي.
لم تعد تبدو راغبة في الحركة.
شعر فريدي أنّه يفهم قلب أوليفيا. لكنّه تمنّى أن تتخلّص من الشّعور بالذنب والثّقل وتعيش حياة جيّدة.
لكن العالم، وسيار، لم يتركاها وشأنها.
سارت أوليفيا، بجسدها الذي لم يكن فيه قوّة، إلى المكتب وجلست. ثم كتبت، حرفًا بحرف، بضغط قويّ.
عندما رأى فريدي محتوى الرّسالة التي كتبتها أوليفيا، استطاع أن يتوقّع ما سيحدث بعد ذلك بسهولة. كان من السهل تخمينه عندما تذكّر آخر رسالة تلقّاها فعليًّا.
مدّ فريدي يده ليمسك بأوليفيا التي كانت تحمل مسدّسًا.
“لا تفعلي ذلك.”
لكن، بالطّبع، لم يكن بإمكانه الإمساك بوهم.
“سيّدتي.”
لم يكن مهمًّا بالنّسبة لفريدي ما سيحدث بعد ذلك. لم يلاحظ أحدًا يهرع إلى الدّاخل، ولا حتّى الشّخص الذي قاد أوليفيا إلى الهاوية.
كلّ ما فعله هو التحديق بها وهي تبتسم ببريق وتمسك بالمسدّس.
اشتدّت قبضة أوليفيا على المسدّس.
حتّى في مواجهة هذا الوضع المروّع، تسبّب شعوره بأنّه لا يستطيع فعل شيء في إحساس قويّ بالعجز.
اهتزّت حدقتا فريدي بعنف. لم يرد أن يرى المزيد، لكنّه لم يستطع ألّا ينظر.
في تلك اللحظة، هبّت ريح مصحوبة بضحكة مرحة، وجرف كلّ ما كان يراه أمام عينيه واختفى.
كأنّ الرّيح تقول إنّ رؤية ما حدث حتّى هذه النّقطة كافية.
على الرّغم من اختفاء المشهد أمام عينيه، لم تتوقّف الدّموع عن ترطيب وجه فريدي.
تكشّفت كلّ الألغاز.
بدأت القطع تتجمّع، وشكّلت تدريجيًّا صورة واضحة.
لم يكن من الصّعب على فريدي ترتيب تسلسل الأحداث.
بعد أن ماتت أوليفيا بدلًا عنه، أرسل هو الرّسائل. بعد إرسال الرّسالة الأخيرة، تبعها، ووصلت تلك الرّسالة إلى أوليفيا التي كانت تعيش في مكان ما.
أحبّته أوليفيا التي تلقّت تلك الرّسائل، وعانت بسبب الرّسائل التي أرسلها، وفي النّهاية اتّخذت خيارًا مروّعًا.
الآن، فهم كلّ شيء.
أوليفيا التي تغيّرت بين ليلة وضحاها، والرّسائل التي كانت تصله.
من أين بدأت تصرفاته وخطاياه.
الآن، عرف كلّ شيء.
بدأت الدّموع التي سالت من عينيه تُبلّل الأرض. حاول فريدي جاهدًا إعطاء قوّة لجسده الذي ظلّ يهوي للأسفل.
أزّ صوت خطوات خفيفة في أذنيه.
رفع فريدي رأسه المبلّل بالدّموع.
استدار ببطء.
رأى فريدي، عبر الدّموع المتلألئة، لمعانًا ذهبيًّا يتطاير.
سرعان ما أدرك أنّ الشّخص الذي يهرع نحوه هو أوليفيا.
***
كم مشت أوليفيا؟ أخيرًا، رأت فريدي في مجال رؤيتها.
كان يقف متجذّرًا في مكانه، ممسكًا بشيء ما بيده.
ارتفعت زاوية فم أوليفيا تلقائيًّا.
“وجدته.”
بدأت تتحرّك نحوه ببطء.
شعرت وكأنّها سلكت طريقًا طويلًا، طويلًا جدًا.
تحوّلت خطواتها البطيئة إلى ركض. على الرّغم من أنّها كانت تلهث، لم تختفِ الابتسامة من وجهها.
عندما سمع فريدي صوت خطواتها، استدار.
كانت عينا فريدي اللتين تنظران إلى أوليفيا تلمعان بشكل خاصّ. لكنّها لم تستطع التّفكير في ذلك بعمق.
كان فريدي، الذي اشتاقت لرؤيته كثيرًا، يقف هناك أمامها.
عندما رآها فريدي ، هرع إليها و أمسك خصرها بعناق.
عانقت أوليفيا رقبته.
عندما التقيا عينًا بعين ، أدركت أنّه كان يبكي.
“لماذا تبكي؟”
“سيّدتي”
أثّر صوت فريدي المبحوح في أذنيها.
اختفت الابتسامة من وجه أوليفيا و حاولت التّفكير في سبب بكائه.
هل كان ذلك بسبب ارتباك وخوف من الذّكريات المفاجئة؟
كانت هي سعيدة لأنّها تستطيع تذكّر كلّ لحظة قضتها مع فريدي، لكن هل كان ذلك ثقيلًا عليه؟
ربّما يجب أن تعود الآن إلى المعلّم وتطلب منه محو كلّ الذّكريات …
حاولت أوليفيا إبعاد يديها عن رقبة فريدي وخلق مسافة بينهما. لكنّه أمسك بها بقوّة ولم يتركها.
“فريدي، لحظة فقط.”
“سيّدتي.”
“أعتقد أنّني اتّخذت قرارًا بأنانيّة دون التّفكير إلّا بنفسي.”
“أوليفيا.”
“سأعود بسرعة. إذا مُحيت الذّكريات، سيكون كلّ شيء على ما يرام.”
“ليف.”
توقّفت حركات أوليفيا المضطربة.
“هل ستتركينني مرّة أخرى؟”
“… أنا …”
“لا تفعلي ذلك.”
سقطت دموعه على وجه أوليفيا قطرة قطرة.
“لا تفعلي.”
كان فريدي يتوسّل إلى أوليفيا.
“أنا من أخطأ، كلّ شيء خطأي.”
“أنت …”
مسحت أوليفيا الدّموع التي كانت تنهمر من عينيه.
شعرت أنّها فهمت سبب بكائه.
استمرّ فريدي في الاعتذار، وظلّت أوليفيا تستمع إليه لفترة طويلة وهي تمسح خدّيه.
عبس فريدي بشدّة وهو يمسح جبينها. كان في عينيه الكثير من الكلام، فلم تستطع أوليفيا فتح فمها.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 107"