عندما توقّفت ضحكة ديف تدريجيًّا، سألته أوليفيا، كأنّها تذكّرت شيئًا فجأة: “بالمناسبة، هل يُفترض أن أعرف كلّ هذا؟”
كان سؤالًا متأخّرًا.
فأجابها دايف مطمئنًا: “لا داعي للقلق. إذا أردتِ نسيان كلّ شيء، يمكنني محو هذه المحادثة وكلّ ما مررتِ به من ذاكرتكِ.”
أومأ برأسه قليلًا.
“هل هذا ما تريدينه؟”
“لا.”
هزّت أوليفيا رأسها بحزم ردًا على كلام ديف.
“كنتُ أعلم أنّكِ ستقولين هذا.”
أغلق ديف عينيه وأومأ برأسه. ثم تنهّد تنهيدة قصيرة وقال: “الآن، اذهبي.”
نظرت أوليفيا حولها وسألته: “إلى أين؟”
“إلى نصفكِ الآخر.”
“هل فريدي هنا أيضًا؟”
“بما أنّه أحد أطراف هذه القضيّة، يجب أن يعرف كلّ شيء.”
بما أنّ فريدي كان شبيهًا بأوليفيا في هذا الوضع، يبدو أنّ ديف أخبره بكلّ التفاصيل.
أشار ديف إلى جهة معيّنة.
“إذا مشيتِ في هذا الاتّجاه، ستجدين فريدي ينتظركِ. عودا معًا.”
“أخبرني بدقّة. أنا سيّئة في إيجاد الطّريق، كما تعلم.”
ضحك ديف وهزّ كتفيه مرّة واحدة ردًا على كلام أوليفيا، ثم بدأ يبتعد عنها تدريجيًّا.
أرادت متابعته، لكنّ جسدها لم يتحرّك لسبب ما. عندما ابتعد عنها بمسافة كافية، التفت إليها وقال: “آه، وستقابلين ‘ليري’ قريبًا. لقد انتظرتكما طويلًا. لديها شعر أشقر جميل وعينان بلون الكاكاو الدّافئ.”
ظلّت أوليفيا تُرمش بعينيها للحظات وهي تحاول فهم كلام دايف.
كم مرّ من الوقت؟ أدركت أخيرًا معنى كلامه.
“ها، ها.”
هل كان ذلك بسبب سماعها لخبر يشبه هديّة غير متوقّعة؟
بدت عيناها تلمعان.
***
رمش فريدي بعينيه وهو ينظر حوله.
عندما رأى يده الفارغة، امتقع وجهه.
“سيّدتي.”
كان يعانقها حتّى لحظة مضت، أم أنّ ذلك كان وهمًا؟ عبس وحاول جاهدًا البحث عن أوليفيا.
كم من الوقت بحث عنها؟ أدرك فريدي أخيرًا أنّه في مكان غريب.
كان مكانًا تزهر فيه أزهار الرّبيع بغزارة.
هل أنا أحلم؟
في سيلفستر، كان الآن فصل الشّتاء، فلا يُفترض أن تتفتّح مثل هذه الأزهار. وبما أنّ الجوّ دافئ، فلا بدّ أنّه حلم.
في اللحظة التي أدرك فيها هذه الحقيقة، تخلّت ساقاه عنه وانهار.
جلس على الأرض ودفن وجهه بيديه.
“هاه.”
حاول التّفكير بهدوء، فلم يكن الأمر صعبًا.
لقد أنقذ أوليفيا، وعلى الأرجح أخضع العملاء السرّيون سيار، لذا لا شيء سيّء سيحدث.
كان يحلم الآن، وسيعود إلى الواقع حالما يفتح عينيه.
لذلك، لم يفكّر كثيرًا. كلّ ما كان مهمًّا بالنّسبة له هو فتح عينيه والتأكّد من أنّ أوليفيا بخير.
تنهّد وهو جالس على الأرض وأغلق عينيه.
في تلك اللحظة، بدأت الرّياح تهبّ بقوّة، كأنّها تحاول إيقاظه.
كانت الرّيح شديدة لدرجة أنّه شعر بوجهه يؤلمه رغم أنّه حلم.
استجاب فريدي للرّيح التي بدت وكأنّها تقوده إلى مكان ما، فقام من مكانه. ثم اتّجه نحو مبنى ما.
اكتشف أمام نافذة كبيرة كومة من الرّسائل مكدّسة.
كانت رسائل مألوفة.
لم يفهم لماذا كانت هذه الرّسائل هنا. أدرك أنّه كان حذرًا كما كان عندما تلقّى الرّسائل لأوّل مرّة، فضحك بهدوء.
عندما أستيقظ من الحلم، سأسأل أوليفيا هذه المرّة بالتأكيد.
لن أتجنّبها خوفًا ممّا قد تقوله. مع هذا التّفكير، فتح فريدي إحدى الرّسائل.
في تلك اللحظة، سمع ضحكة مرحة.
توقّف عن قراءة الرّسالة ونظر حوله، لكنّه لم يرَ شيئًا.
رفع يده ليعود إلى قراءة الرّسالة، لكنّ الرّسالة التي كان يمسكها اختفت فجأة.
لم يستطع فريدي، حتّى في حلم، التّخلّص من شعوره بالغرابة، فتمايل وهو يمسك بالنّافذة.
في تلك اللحظة، بدأت صورة “السيّد المجهول”، التي لم يتذكّرها من قبل، تتكشّف أمام عيني فريدي.
***
لم يتذكّر فريدي جيّدًا ما شعر به في لقائهما الأوّل.
كلّ ما فعله هو التحديق ببلاهة في الشّخص ذي الشّعر الذّهبيّ المتطاير.
بعد أن انتقلت أوليفيا من بيانكي إلى هيستر وذهبت مباشرة إلى غرفة الضّيوف، بقي هو مثبتًا في مكانه، يتنفّس بصعوبة كما لو كان يكبح أنفاسه.
لم يكن فريدي في ذلك الوقت يعلم.
لم يكن يعلم أنّه وقع في حبّ أوليفيا، التي ستصبح زوجته، من النّظرة الأولى.
لم يكن فريدي، الذي لم يفهم مشاعره، يعرف سوى تجنّب أوليفيا طوال الوقت بعد حفل زفافهما.
ظنّ أنّها هي أيضًا تريد ذلك، وكان مقتنعًا بأنّه، كشخص يجلب الشّقاء، سيجعلها تعيسة إذا بقي إلى جانبها.
لأنّها امرأة لا تناسبه، اختار أن يحافظ على مسافة بينهما.
لكن الآخرين لم يتركوا الدّوق وزوجته يحافظان على هذه المسافة.
انتشرت إشاعات من مكان ما بأنّ علاقتهما متوترة، و تضخّمت الشّائعات كما لو كان هناك من يتمنّى تفكّك زواجهما.
في سيلفستر و فرنسا، تمّ التّحقيق في هذا الأمر، وأُجبر فريدي، كما لو كان ذلك أمرًا، على بدء العيش مع أوليفيا كزوجين.
لم يكن يعرف ما شعرت به، لكن بالنّسبة لفريدي، كانت اللحظات التي يتشاركان فيها الفراش ثمينة.
لم يرفض أوليفيا، التي طُلب منها أداء واجب الدّوقة في الليلة الأولى، مدّعيًا أنّ ذلك فقط لمنع الإشاعات غير الضّروريّة، مقنعًا نفسه بذلك بينما يعانقها.
استمرّت أيّام يلمسها ويشعر بها بحرّيّة ضمن إطار “الواجب”.
كانت لا تزال تشعر بالانزعاج منه، لكن لم تكن هناك مشكلة كبيرة. فقد ظنّ أنّ أوليفيا لن تتركه أبدًا.
ثم جاء نقطة تحوّل في حياة فريدي.
حملت أوليفيا بطفلهما.
اعتبر ذلك فرصة.
لم يكن يعرف لماذا، لكنّه كان مقتنعًا بأنّها فرصة.
على الرّغم من أنّ الحمل زاد من نوم أوليفيا، إلّا أنّها استمرّت في الخروج لتوديع فريدي وهو ذاهب إلى العمل.
كانت دائمًا تنام كثيرًا في الصّباح، لذا كرّر ملاحظة قديمة: “لا داعي للخروج. لمَ لا تنامين؟”
“أنا…”
“تبدين متعبة.”
يبدو أنّ تعبير أوليفيا تصلّب قليلًا. لكنّها سرعان ما ابتسمت وقالت إنّها تفهم، ولم يفكّر فريدي كثيرًا في الأمر.
عندما ظهرت مشكلة مماثلة لاحقًا، قال لها: “ليس كما لو أنّ عائلة الدّوق تعاني من نقص في المال.”
“أعرف.”
“قولي لسايمون أن يستدعي جميع مصمّمي الأزياء في العاصمة.”
“هل كانت ملابسي غريبة؟”
“لا، أليس من المتواضع جدًا أن ترتديه دوقة؟”
“حسنًا.”
تزايدت الاحتكاكات تدريجيًّا.
ثم، عندما لم تعد أوليفيا تطيق، قالت شيئًا: “كفى، توقّف عن الحديث إليّ.”
“ما المشكلة؟”
“كلّ ما تقوله هو المشكلة.”
“يجب أن تخبريني تحديدًا ما المشكلة حتّى أفهم.”
“غيّر طريقة حديثك، ثم سأتحدّث إليك.”
كانت هذه أوّل مرّة تعبّر فيها أوليفيا عن رأيها له، فشعر فريدي أنّ ذلك جيّد.
لذلك، أمسك يدها.
على الرّغم من أنّهما تبادلا الأجساد وحملت بطفله، كانت هذه أوّل مرّة يشعر فيها بلمسة محرجة كهذه.
شعر بحرارة في وجهه، لكنّه أبقى نظرته ثابتة وقال: “أنا آسف. سأحرص في المستقبل.”
ربّما لأنّه تصرّف بشكل غير معتاد، تجمّدت أوليفيا في مكانها.
نظر إليها فريدي وهي بجانبه، فتمتمت وخدّاها محمرّان: “لو كنتَ تتحدّث هكذا دائمًا، لكان ذلك أفضل بكثير.”
منذ ذلك اليوم، عندما عرف عن غير قصدٍ صدق مشاعرها، بذل فريدي جهودًا كبيرة.
تصرّف وتحدّث كما تريد أوليفيا، لأنّه لم يرد أن يراها حزينة مرّة أخرى كما في تلك اللحظة.
هل كان ذلك بسبب جهود فريدي؟ اقترب من أوليفيا بسرعة كبيرة.
شعر أنّ الجدار الذي كان دائمًا بينهما بدأ ينهار.
“فريدي، إنّها فتاة!”
عبس فريدي وهو يرى أوليفيا تهرع إليه بحماس بعد لقائها بالطّبيب.
كان قلقًا من أن تسقط وتتأذّى.
لكنّه لم يستطع التّعليق على ذلك، لأنّه إذا فعل، قد يفسد مزاجها.
فكّر أنّه إذا بدت وكأنّها ستقع، سيركض ليمسك بها.
ضحك فريدي وهو يرى أوليفيا تجلس على ركبتيه وتنتظر بحماس، وسألها: “هل فكّرتِ باسم؟”
“حسنًا، ماذا عنك؟”
“ماذا عن ‘ليري’؟”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 105"