في تلك اللّحظة، شعرت بإحساس غريب يتصاعد من أخمص قدميها. انتابتها القشعريرة.
كان شعورًا مشابهًا لما شعرت به عندما جاءها سيار من قبل، شعورًا مقلقًا وغريبًا. فتحت أوليفيا الباب فجأة بناءً على غريزتها.
ما رأته عيناها كان سيار يصوّب مسدسًا نحو قلب فريدي.
التقت عينا أوليفيا بفريدي.
كان ينظر إليها بوجه يبدو وكأنّه لا يمكن أن يكون أكثر يأسًا.
أدارت أوليفيا رقبتها المتيبّسة بصعوبة، والتقت عيناها بسيار الذي كان يهدّد فريدي.
كانت عيناه البنيّتان اللامعتان مملوءتين بسعادة خبيثة ومقزّزة.
“فيا، لقد جئتِ لترافقيني، أليس كذلك؟”
كانت كلماته مقزّزة لدرجة تجعلها تريد أن تتقيّأ.
كبحت أوليفيا اشمئزازها بصعوبة، وشدّت على ساقيها بقوّة.
كانت ساقاها ترتجفان من الرّكض حتّى هنا.
مع ذلك، كان عليها أن تركض إلى حيث فريدي.
كأنّه أدرك ما تفكّر به، عبس فريدي بعينيه وهزّ رأسه.
“لم يكن عليكِ أن تبحثي عني. كنتُ سأعود إليكِ بهذا الشّكل. كنتُ أشكّ في صدق مشاعركِ.”
ابتسم سيار ابتسامة طفوليّة مشرقة.
عندها، بدأت تساؤلات تتشكّل في ذهن أوليفيا.
هل كان سيار موجودًا في هذا الموقف أصلاً؟
على الرّغم من أنّ ذكرياتها كـ”ليف” لم تكن واضحة تمامًا، إلّا أنّها تذكّرت أنّ الشّخص الذي كان يصوّب المسدس في لحظة النّهاية لم يكن سيار، بل جيمس.
فلماذا إذن …
“كلّ هذا خطأي. أنا آسف، فيا. دعينا ننهي هذا ونغادر من أجل سعادتنا.”
لم تستطع أوليفيا مواصلة التّفكير، لأنّ سيار بدأ يضغط بقوّة على المسدس.
“انتظري لحظة، سأنهي الأمر قريبًا …”
عندما رأت أوليفيا إصبعه، اندفعت نحو فريدي على الفور.
توسّعت حدقة عيني سيار بسبب حركتها المفاجئة. في تلك اللّحظة، أدار فوهة المسدس التي كانت تستهدف قلب فريدي.
احتضن فريدي أوليفيا التي اندفعت إليه بكامل جسده، واحتضنته هي أيضًا.
بعد لحظات قليلة، رنّت طلقة نارية.
تهاوى الجسدان المتشابكان إلى الأرض.
توقّف الزّمن كما لو أنّ أيّ صوت لم يعد موجودًا.
أوّل من استعاد وعيه كان سيار.
أدرك من كاد أن يقتله. لا، لم يكن متأكّدًا من الشّخص الذي أطلق عليه النّار.
كان يصوّب على فريدي بوضوح، لكن أوليفيا وقفت في مكانه.
هل من الممكن أن تكون قد تلقّت الرّصاصة بدلاً منه؟
“فيـ، فيا.”
سقط المسدس من يده المرتجفة.
شعر سيار بدوخة في مواجهة احتمال موت أوليفيا.
ظلّ واقفًا في مكانه لفترة طويلة.
أصبح المكان الهادئ صاخبًا عندما ظهر الجواسيس والخدم.
هرعوا لتقييد سيار. بدا وكأنّه لا يدرك ما يحدث حوله.
للحظات، حاول سيار الوصول إلى أوليفيا ليتأكّد من حالتها، لكنّه، وذراعاه مقيّدتان وهو ملقى على الأرض، لم يكن بإمكانه الوصول إليها.
استعاد فريدي وعيه وسط الضّجيج. بفضل تحويل سيار لفوهة المسدس، مرّت الرّصاصة مسيحة فقط.
كانت أوليفيا في أحضانه، لذا لم تكن هي من تلقّت الرّصاصة. ومع ذلك، جعلته رائحة الدّم التي تنبعث من ذراعه يشعر وكأنّ الكابوس الذي رآه قد تحقّق.
رفع فريدي ذراعه المؤلمة ومسح خدّ أوليفيا.
كانت يده ترتجف.
في تلك اللّحظة، زفرت أوليفيا نفسًا بطيئًا. استعاد فريدي وعيه تمامًا وبدأ يفحص جسدها. بدا أنّها فقدت وعيها بسبب الصّدمة من السّقوط، لكن لم تكن هناك إصابات خطيرة.
عندما أدرك ذلك، استطاع فريدي أن يتنفّس أخيرًا.
شعر وكأنّ دمه قد نضب من جسده، لكنّه بدأ يشعر أنّه عاد إلى الحياة.
بدأ التّوتّر يتلاشى.
استمرّ الدّم ينزف من ذراعه، وشعر فريدي بأنّ رؤيته تتضبّب.
لاحظ أنّ الذين أنهوا تقييد سيار كانوا يركضون نحوه ونحو أوليفيا، ثمّ فقد وعيه.
***
استفاقت أوليفيا وهي تلهث.
أربكها أنّ فريدي، الذي كانت تحتضنه، وسيار، الذي كان يهدّدهم، لم يكونا موجودين.
عندما نهضت بحذر من الأرض، انكشف أمام عينيها مشهد لم تتوقّعه.
كما رأت في الكنيسة من قبل، كانت شجرة ذهبيّة وشجرة سوداء متشابكتان.
كان المشهد غريبًا، وظلّت أوليفيا واقفة تنظر إليه.
كانت الشّجرتان متشابكتين بقوّة أكبر ممّا رأته في الكنيسة، كأنّ كلّ واحدة لا تملك سوى الأخرى.
كم من الوقت ظلّت هكذا؟ ناداها أحدهم: “أوليفيا.”
كان صوتًا مألوفًا. أدارت رأسها ببطء نحو مصدر الصّوت ونظرت إلى الشّخص.
في اللحظة التي رأته فيها، عبست بعينيها.
دون أن تجد وقتًا لفهم الموقف، نادته أوليفيا بوجه متجهّم: “أستاذي.”
كانت نبرتها حادّة نوعًا ما.
“آه، هل أناديك ديف؟”
اقترب ديف منها ببطء، كما لو أنّه توقّع ردّة فعلها.
حدّقت أوليفيا فيه بعينين متّقدتين وأضافت كلمة أخيرة: “أم الحاكم؟”
“عادةً لا يتفاعل النّاس هكذا عندما يعرفون أنّني حاكم.”
“يا إلهي، هل هذا وقت مناقشة هذا؟”
أمسكت أوليفيا قبضتها بقوّة بينما قالت كلّ ما تريد.
ابتسم ديف ابتسامة مريرة. عند رؤية موقفه، خفت حدّة نظرتها قليلًا.
عندما واجهت أستاذها، شعرت أنّ عودتها إلى فريدي واندفاعها لحمايته لم يكونا خيارين خاطئين.
رأى ديف هدوءها، فأضاف كلمة قصيرة: “أنا آسف.”
ربّما لأنّ كلمته حملت معانٍ كثيرة، انفجرت أوليفيا بالبكاء بدلاً من التّفكير أو الجدل.
“لا تعتقد أنّك ستفلت بكلمة آسف. هذه المرّة، أنا غاضبة جدًا.”
“أعرف.”
“كيف يمكنك ألّا تخبرني بكلمة واحدة عن هذا كلّه؟”
ارتجفت أوليفيا وهي تتذكّر الأيّام التي كانت مليئة بالقلق والحزن.
“هل تعرف كم كنتُ خائفة؟”
بالإضافة إلى ذلك، كان استحضار الذّكريات المنسيّة واحدة تلو الأخرى أمرًا شاقًا للغاية.
لم يكن لديها حتّى المجال للتّفكير بإيجابيّة كالمعتاد.
جعلها ذلك أكثر ألمًا وصعوبة.
“أن أُلقى في عالم غريب، أن أفكّر أنّني ربّما متّ، وأن أعيش كلّ يوم في قلق من أنّني قد أختفي من هنا في أيّ لحظة.”
استمع ديف بهدوء لكلّ كلماتها، مواسيًا إيّاها بين الحين والآخر.
بعد أن أفرغت أوليفيا كلّ ما في جعبتها من كلام، شعرت بالحرج فجأة، فهدّأت صوتها وسألت: “هـم، أعني …”
بعد أن قالت كلّ ما أرادت، نظرت إلى تعبير وجه أستاذها.
“هل هذا مكاني الصّحيح؟”
على الرّغم من ثقتها، بدت وكأنّها تسعى لتأكيد من ديف.
يبدو أنّ هذا كان الأهمّ بالنّسبة لها.
كان السّؤال يعكس شخصيّة أوليفيا تمامًا، فاسترخى تعبير ديف.
ضحك ضحكة خفيفة وأومأ برأسه. عند رؤية ردّة فعله، أشرق وجه أوليفيا.
نظر ديف إلى مظهرها و سأل: “هل هذا مهمّ إلى هذا الحدّ؟ أليس من الأهمّ معرفة كيف وصلتِ إلى هنا، أو لماذا حدث كلّ هذا؟”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 103"