لم يستغرق الأمر حتى يومٍ كامل حتى انتشرت شائعة في أرجاء قلعة سيورو الملكية مفادها أن حفل زفاف الأمير يوستار ولايلا كريسـراد قد تم إلغاؤه بأمرٍ من الملك نفسه.
أصابت هذه الأنباء المسؤولين في الديوان الملكي الذين كانوا منشغلين بتحضيرات حفل زفاف ولي العهد، فقد فقدوا القدرة على الكلام من الدهشة.
أما الذين كانوا يترقبون مواجهة الساحرة—التي عادةً ما كانوا يفضلون وصفها بـ«المرأة الجريئة»— فلقد أغلقوا أفواههم أمام هذه الأخبار المذهلة بعدة معانٍ
وكان سوي، ماركيزه هيميرد، هي الأشد اعتراضًا على تصرفات الملك أود، لكنه كان ممنوعًا من دخول القصر، لذا لم يكن بوسعه فعل شيء.
حتى في المناسبة التي قدّمت فيها لايلا نفسها رسميًا بصفتها زوجة الأمير يوستار وتلقت تحية من النبلاء، لم يُسمح لماركيز بحضورها.
في ذلك الصباح، اضطرت لايلا للاستيقاظ قبل طلوع الشمس بسبب إلحاح ميل فعلى الرغم من أن لايلا لم تتعافَ بعد من الإرهاق الذي أصابها قبل أيام عندما ذهبت إلى فرع أدياك، لم تبدُ ميل مستعدة لإظهار أي رحمة.
“آنسة لايلا… لا، أقصد السيدة كريسـراد، لا وقت للنوم الآن! الأمور مستعجلة!”
ثم رمقت الخدم الآخرين الذين كانوا مصطفين ويديهم مضمومة أمامهم بنظرة صارمة.
“ما الذي تفعلونه واقفين هكذا؟ عند دق الجرس في السابعة صباحًا، سيبدأ المسؤولون والنبلاء بالقدوم لمقابلة سمو الأمير والسيدة كريسـراد!”
في الحقيقة، لم يكن أولئك الخدم يعرفون تمامًا كيف ينبغي لهم التعامل مع لايلا.
فهي، رغم أنها أصبحت زوجة الأمير، تبقى في نظرهم ساحرة بل وأكثر من ذلك، امرأة من العامة لا تعرف شيئًا عن آداب البلاط الملكي…
وعلى الرغم من أن الأمير نفسه قد أحضرها، إلا أن وجودها، التي لم تأتِ من أصول نبيلة، كان مزعجًا ومحيرًا لهم.
كانت مثل زهرة خشخاش نبتت فجأة في وسط حديقة مليئة بالخزامى وشجر الكاميليا تجذب الأنظار، وتثير القلق.
ربما كان السبب شعرها الأسود كلون الليل، أو عيناها الحمراوان، أو حتى طريقتها الباردة والحادة في الحديث، التي كانت تختلف تمامًا عن باقي سيدات القصر.
أيا كان السبب، لم يكن الخدم مرتاحين لها، وكانت لايلا تدرك ذلك جيدًا.
لكن ميل لم تكن تهتم بتلك الأمور فقد أُمرت من قبل ماركيزه هيميرد، ومن الأمير يوستار نفسه، أن تعتني بلايلا جيدًا.
رغم أنها مجرد خادمة، إلا أنها كانت تتصرف كأنها خادمة قديمة مخلصة لسيدها، لا تتردد في تنفيذ الأوامر مهما كانت وهو ما جعلها مثالية للعمل في البلاط الملكي.
“ما زلتو لا تدركون الأمر؟ أسرعو بالتحرك! إن تأخرتِ عن موعد مع النبلاء، فسوف يُطرد الجميع من القصر بلا أجر!”
عندها بدأ الخدم بالتحرك بسرعة وكأنهم تذكروا فجأة ما يجب عليهم فعله أما لايلا فقد ظلت مستلقية، متظاهرة بالنوم، ثم فتحت عينيها ونظرت إلى ميل بنظرة هادئة.
“لا داعي لأن تضغطي عليهم بسببي، ميل.”
ردّت ميل بنبرة حازمة
“من اليوم، أنتي السيدة كريسـراد، زوجة الأمير رسميًا وعليكِ أن تخاطبي جميع العاملين في القصر بنبرة عالية، كما يليق بمكانتك.”
“هل هذا ضروري؟”
“نعم، ضروري للغاية.”
كانت ميل، رغم قصر المدة التي عرفتها فيها، قد فهمت لايلا جيدًا.
فإذا أرادت أن تجعلها تفعل شيئًا، فعليها أن تقول لها ببساطة: “يجب أن تفعلي ذلك” لا حاجة لتبرير أو طرح احتمالات.
قد لا تختفي تساؤلات لايلا من داخلها، لكن ميل لم تكن تملك وقتًا للقلق بشأن ذلك.
“سأخبرك الآن بجدول هذا الصباح، فاستمعي جيدًا أولاً، بعد أن يجهزوا ماء الاستحمام، ستغتسلين جيدًا بعد ذلك، سيأخذونكِ إلى غرفة التزيين فستانكِ اليوم محدد مسبقًا، وكذلك المجوهرات المناسبة للمناسبة لقد تأكدتُ منها بنفسي، لذا استخدمي فقط ما هو موجود على طاولة التزيين والرفوف وإن حاول أحد أن يعطيك شيئًا آخر، فاطرديه فورًا.”
رمشت لايلا بعينيها.
بدا وجهها في تلك اللحظة كطفلة صغيرة تسمع كلام الكبار لأول مرة، مما جعل ميل تشعر بغرابة.
“هل يمكن أن يحصل هذا حقًا؟”
ثم عضّت شفتها السفلى كأنها قالت شيئًا خاطئًا، وأعادت نظرها إلى ميل.
“أقصد، هل من الممكن أن يحصل ذلك، ميل؟”
“نعم، هذا ممكن اختبارات الدخول للعمل في القصر صعبة للغاية، لكنها لا تكشف كل شيء عن الناس هناك الكثير من الأشخاص السيئين، لذا إن حاول أحد إيذاءكِ، فلن يكون ذلك مستغربًا لهذا السبب، استخدمي فقط ما تم إعداده مسبقًا هذا هو القانون… على الأقل لليوم.”
صمتت لايلا لوهلة، ثم ابتسمت من جانب واحد بدا وكأنها تسخر، لكن ميل كانت تعرف أنها مجرد عادة لديها.
عندما أدركت ميل ذلك لأول مرة، شعرت بحزن فقد بدا أن لايلا عاشت حياتها كلها دون أن تبتسم من قلبها أبدًا.
“إذن، هناك أشخاص سيئون، لكنكِ، ميل، شخص يمكنني الوثوق به دون تردد هذا ما فهمته.”
أجابتها ميل بوجه جاد خالٍ من الابتسامة
“أنا مخلصة لجلالة الملك، وللأمير يوستار وكل من ينتمي للعائلة الملكية، أخلص له لذا، سأكون مخلصة لكِ أيضًا، يا سيدة كريسـراد.”
لم تكن لايلا تفهم تمامًا معنى هذا النوع من الولاء، لكنها قررت احترام ميل على طريقتها.
وبينما كان صوت الخدم يُعلن أن ماء الاستحمام قد أصبح جاهزًا، رافقتها ميل حتى باب الحمام
“سآتي لأرافقكِ حينما تنتهين من تغيير ملابسكِ.”
“حسنًا… حسنًا، ميل.”
كان من الغريب عليها أن تخاطب الآخرين بنبرة آمرة رغم أنها بالكاد تعرفهم، وكانت هذه أصعب الأمور عليها حتى الآن.
خلال فترة الاستحمام، كانت لايلا تشعر بالتوتر الشديد، تراقب الزيت العطري وهو يقطر في الماء، كأنهم يسكبون فيه سمًا.
لاحظت إحدى الخادمات تعبيرها القلق وسألتها بخفّة
“سيدتي كريسـراد… هل هناك ما يزعجكِ؟”
نظرت لايلا إليها فجأة كانت فتاة صغيرة، جميلة، على أنفها بعض النمش، وعيناها بريئتان ربما في السادسة عشرة أو السابعة عشرة من عمرها.
“لا، لا شيء… فقط، كان الأمر غريبًا بالنسبة لي، لذلك كنت أحدّق فيه.”
بدأت الخادمات يتهامسن فيما بينهن، ثم أكملن عملهن بصمت.
لم تكن لايلا قد اعتادت بعد على الجلوس عارية تقريبًا، بجسدها المغطى بثوب رقيق بالكاد يُرى، بينما يقوم الآخرون بغسل جسدها كانت تجربة مزعجة.
لكنها جلست بصمت شعرت أن هذا هو عملهن، مثلما عليها هي أن تتظاهر بأنها زوجة يوستار.
وهكذا، أنهت ليلى صباحها الطويل والشاق، واستعدت ليومها الأول في القصر الملكي.
عندما دخلت إلى غرفة التواليت، وجدت كل شيء مُعدًّا حقًا، من الفستان إلى الحلي، والحجاب الذي يوضع على الرأس، وحتى الزينة الرقيقة من الدانتيل التي تُلف حول المعصم كانت لايلا تخشى أن يُعرض عليها شيء آخر، لكنها شعرت بالارتياح حين لم يحدث ذلك.
عندما عادت ميل كانت لايلا قد انتهت تمامًا من التزيّن من رأسها حتى أخمص قدميها كانت ترتدي فستانًا كحليًّا داكنًا، وتتزين بالألماس المتلألئ، وتضع تاج الياقوت الأزرق الذي يرمز إلى العائلة المالكة في سيوراو، ويتدلى منه الحجاب الجميل.
قامت ميل بتعديل زينة الدانتيل الرقيقة التي تغطي ظهر كف لايلا ، ثم أسدلت الحجاب على وجهها ليغطيه جزئيًا.
“المراسم نفسها بسيطة سيشرحها لك سمو الأمير مسبقًا، لكن لأوضح لكِ، كل ما عليكِ فعله هو الجلوس فقط.”
رمشت عينا لايلا خلف الحجاب حتى الحجاب نفسه كان يعكس مسحة زرقاء باهتة، فبدت عيناها أقل احمرارًا من المعتاد.
حدّقت بها ميل للحظة وكأنها لا تستطيع تحديد ما إذا كان ذلك أمرًا جيدًا أم لا.
“وماذا أفعل أثناء جلوسي؟”
“سيتقدم النبلاء واحدًا تلو الآخر لتحية السيد كريسيراد وسمو الأمير سيتم وضع خاتم في يدكِ اليسرى، وسيقبلون الخاتم ويلقون كلمات تهنئة قصيرة حينها، يكفي أن توميء برأسكِ أو تردّي بكلمة بسيطة.”
كانت لايلا تريد أن تسأل المزيد، لكن ميل كانت مستعجلة فلم تجد وقتًا لذلك.
تبعها بعض الخدم وهم يمسكون بطرف فستانها، وكانت ميل تمشي خلفها مباشرة، كما كانت تفعل حين كانت ترافق الماركيزه هيميرد
ورغم أن لايلا أدركت أن هذا المكان كان يومًا ما يعود للماركيزه ، إلا أن وجودها فيه الآن لا زال يبدو غريبًا لها…
وعندما رأت يوستار واقفًا أمام قاعة المقابلات، شعرت بنسمة هواء عليلة ومنعشة وكأنها هبت فجأة.
كان ذلك الشعور عابرًا، وسرعان ما أدركت أنه مجرد وهم، لكن ابتسامته المضيئة، وشعره الطويل المتلألئ بلون البلاتين، وزيه الرسمي، بدوا لها كضوء مصباح يسطع فجأة في نفق مظلم.
“أنتِ رائعة الجمال.”
فثبتت لايلا نظرها على وجهه، الذي بدا ضبابيًا بعض الشيء من خلف الحجاب، ثم خفضت عينيها.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات