بينما كان يقرع الباب قرعًا عاجلًا، ساعد هيريوت الدوق كلود بسرعة على ارتداء المعطف الذي كان يحمله وهو يواصل الحديث.
“برأيي، من الأفضل أن تطردها الآن. ماذا لو قتلت أحدهم حقًا؟”
أضاف هيريوت أنه يوافق على رأي السيدة ميلادي. أطلق كلود تنهيدة أخرى، ربما كانت الألف هذا اليوم.
“أو، على الأقل، هذه المرة عليك أن تلقنها درسًا حقيقيًا. فهي لا تظهر أي ندم، أليس كذلك؟”
بينما كان يربط أزرار الأكمام، عبس كلود. هل كانت المشكلة في أنه قد تساهل معها في المرة السابقة؟
حتى مع اقتراح مساعده بتأنيبها بشدة، تردد كلود في إعطاء أي رد.
في الواقع، لم يكن ينبغي أن تكون هذه المسألة مصدر قلق له أصلًا. هل هناك سبب يدفعه ليمنح تلك المرأة كل هذا الاهتمام؟
فحتى الآن، كان هناك رسول من القصر الإمبراطوري ينتظر في الخارج، يطلب منه إيقاف الإمبراطور الذي كان يركض حاملاً سيفًا، يقتل من يشاء ويعفو عن من يشاء.
ولما لم يتلقَ هيريوت أي إجابة رغم كل ما قاله، شعر بالقلق ولم يستطع كتمان ما بداخله.
“الخصم من الراتب لا يكفي هذه المرة. حتى أنا، عندما ضبطوني ألمس سيف جلالتك عندما كنت في الثانية عشرة…”
“أخبر السيدة ميلادي أن تتصرف كما تراه مناسبًا. سواء بالحجز أو مضاعفة الأعمال.”
لوّح كلود بيده بنفاد صبر، قاطعًا حديث هيريوت قبل أن يبدأ باسترجاع القصص القديمة مجددًا.
“ألن تستدعيها وتوبخها بنفسك؟”
“من السخيف أن أتدخل في كل مشكلة بين الخدم.”
كما قال، حتى لو كانت السيدة ميلادي قد طلبت رأيه سابقًا من باب المجاملة بما أنه هو من أحضر فلورا، فإن إدارة شؤون الخدم تقع ضمن مسؤولياتها.
لم يكن من اللائق أن يتدخل الدوق المشغول في شؤون كل خادمة.
هذه المرة، لم تكن لدى كلود أي نية لحماية فلورا. كان عليه أن يصحح ميلها لاستخدام العنف على أتفه الأسباب.
على كل حال، لم تكن من النوع الذي يمكن طرده أو تأديبه ببضع جلدات فقط.
“التساهل مرة واحدة يكفي… افعلي ما تشائين.”
تذمر هيريوت، كما لو أنه غير راضٍ عن كل هذا، وشعر أن الدوق يتساهل بشكل غريب مع تلك الخادمة.
“أخبر فلورا أيضًا. لقد أمرتها بطاعة تعليمات السيدة ميلادي دون نقاش.”
“مفهوم.”
ثم خرج كلود من المكتب، وقد علت وجهه نظرة انزعاج. أما هيريوت، الذي تُرك وحده في الغرفة، فتمتم متذمرًا قبل أن يذهب للبحث عن السيدة ميلادي.
✦✦✦
في البداية، لم تكن فلورا تنوي الرد على الشائعات الخبيثة التي بدأت من مصدر مجهول.
في الواقع، حتى الجنود في الفرق الأخرى الذين يمدحونها في وجهها، يهمسون من خلفها بكلمة “قاتلة”، وغالبًا ما شعرت بنظرات الازدراء في وحدتها، لذلك لم يكن الأمر جديدًا عليها. كما العادة، يمكنها أن تتجاهل وتمضي قدمًا.
وكان اليوم مشابهًا. مرت بجانب الخدم الذين كانوا يسخرون من عدد الجنود الذين “صفّتهم”.
لكنهم فجأة غضبوا واتهموها بتجاهلهم، ثم رموا عصًا طويلة كانوا يستخدمونها لتنظيف تمثال من مكان مرتفع. لو لم تتفاداها في اللحظة الأخيرة، لكانت قد تركت ندبة على وجهها.
حاولت أن تتحمل من أجل خاطر السيد، لكنها في النهاية لم تستطع كبح نفسها هذه المرة أيضًا.
سماع تلك الكلمات عشرات المرات يوميًا، والتعرض للاستفزاز، لم يزد الأمور إلا سوءًا عندما لم تُظهر أي ردة فعل.
لذا غيّرت استراتيجيتها، وحاولت إخافتهم برمي سلة كانت قريبة منها. لكن أولئك الذين أصابتهم الدهشة من ردها تعثروا وسقطوا، وانكسر ذراع أحدهم.
من الواضح أن الخطأ لم يكن خطأها، لكن السيدة ميلادي، التي ظهرت في تلك اللحظة، بدت وكأنها حكمت عليها فقط بناءً على النتيجة. وكان من الطبيعي أن تزداد نظرتها القاسية تجاه فلورا سوءًا، خصوصًا بعد صدامها السابق مع سيلين.
“لا بد أنها ذهبت إلى السيد…”
حتى فلورا، رغم أنها لم تكن بارعة في فهم الناس، استطاعت أن تدرك أن السيدة ميلادي مصممة على التخلص منها.
هذه المرة، لن يمر الأمر بسلام. ماذا سيقولون؟ هل سيأمرونها بالمغادرة؟
بينما كانت تتنهد بهذه الأفكار، وهمّت بفتح باب المبنى الرئيسي، توقفت فجأة.
خمس أو ست خادمات كنّ يَسُدْن طريقها.
ثم بدأت السيدة ميلادي، التي كانت تقف وسطهن بوجه متجهم، بالحديث بنبرة آمره:
“امسكنها.”
اقتربت الخادمات وأمسكن بذراعي فلورا. وعندما رأت ماري تضرب الأرض بقدميها بقلق خلفهن، فهمت فلورا ما كان يجري.
“لم يكن عليكم الذهاب إلى هذا الحد. كنت ذاهبة إلى السيد من تلقاء نفسي.”
كانت تقصد بقولها: “لا تُجهدن أنفسكن”، لكن بالنسبة للسيدة ميلادي، لم تكن تلك إلا نبرة وقحة.
“وقحة.”
“أنتِ فقط تستغلينني كذريعة لتطلبي شيئًا من الدوق، أليس كذلك؟”
اعتقدت فلورا أن الوضع واضح، لكنها لاحظت زواية فم السيدة ميلادي ترتفع بابتسامة مريبة.
وفجأة، شعرت بقشعريرة تمرّ عبر رقبتها.
“قبل مغادرة السيد، أوكل إليّ مهمة تأديبك.”
آه. هكذا إذًا؟
عند سماعها تلك الكلمات، استسلمت فلورا وتراخت بدلاً من المقاومة. فكرّت أن ذلك طبيعي، لكنها رغم ذلك شعرت بخيبة أمل طفيفة.
“احبسوا فلورا في غرفة التأمل فورًا. لا، بل في خزانة الملابس داخل تلك الغرفة!”
ارتخت عينا فلورا عند سماع كلمة “خزانة” التي جاءت بعد اسم غرفة لم تسمع بها من قبل. وابتسمت بسخرية عند سماع صوت السيدة ميلادي الحازم، والتي كانت مصممة على “تهذيبها” هذه المرة مهما كلف الأمر.
أومأت فلورا بخفة نحو ماري القلقة، كما لو لتطمئنها، ثم سمحت لنفسها أن تُسحب دون مقاومة.
✦✦✦
غرفة التأمل كانت مكانًا لم تذهب إليه فلورا من قبل.
عندما فتحوا الباب ودخلوها، كانت الغرفة مغبرة كما لو أنها لم تُستخدم منذ سنوات، ولا نافذة واحدة فيها.
توقعت فلورا أنهم لن يتساهلوا هذه المرة، وكان حدسها في محله. قبل أن تتمكن من إلقاء نظرة جيدة على الغرفة، تم دفعها بقوة داخل خزانة قديمة.
طنين.
ثبتوا قفلاً كبيرًا على المزلاج، وتأكدوا من إغلاقه عدة مرات، ثم تركوها في الظلام وخرجوا.
سمعت بالكاد صوت السيدة ميلادي وهي تغادر:
“الخادمة عديمة الأدب لا تستحق البقاء هنا، لكنني سأُظهر رحمة وأكتفي بهذا فقط. لا تعطنها قطرة ماء حتى تتوسل المغفرة.”
داخل الخزانة، بالكاد كان هناك مساحة لشخص أن يتمدد، وكانت الرائحة الرطبة تلسع أنفها. ومع ذلك، كان هذا مقبولًا.
وعندما اعتادت عيناها على الظلام، رأت ما يشبه خدوشًا داخل باب الخزانة الخشبي. بوضوح، كانت آثار شخص حاول جاهدًا الخروج من هنا.
وبهدوء فكرت أنه لا بد أن هناك خادمة أخرى تعرضت لنفس المصير، ثم عانقت ركبتيها وأسندت جبينها عليهما.
“هاه.”
تنفست فلورا بهدوء وأغلقت عينيها ببطء.
ذاك الرجل الذي قال لها أن تثق به، ثم جعلها تقوم بأعمال الخدم، وكان يلقي مواعظ غريبة أحيانًا—صورة وجهه مرّت سريعًا في مخيلتها.
✦✦✦
بعد أربعة أيام من احتجاز فلورا داخل الخزانة، عاد الدوق من رحلته.
وبمجرد وصوله إلى القصر، سأل عنها.
“أحضِروا فلورا.”
“فلورا… تقول؟”
بدت السيدة ميلادي مرتبكة بشكل واضح عند سماع الأمر. تغيرت ملامح وجهها، التي غالبًا ما كانت تخلو من التعابير.
“هل قلت شيئًا خاطئًا؟”
سأل كلود وهو يتساءل عما إذا كانت قد تسببت بمشكلة أخرى أثناء غيابه، لكن السيدة ميلادي التزمت الصمت، وكانت عيناها تتلفتان بشكل غير مريح.
شعر بشيء غريب. فتجاوزها بخطوات سريعة، وفتح الباب فجأة. لم تكن فلورا موجودة بين الخادمات الواقفات في الممر.
“أليست معلّقة من السقف بطريقة تنظيف غريبة مجددًا؟”
“أرجو مسامحتي… لكن فلورا تخضع للتأديب حاليًا.”
ضيّق كلود عينيه وهو يحسب الأيام التي كان غائبًا فيها.
“لا تزال؟ ما نوع التأديب؟”
“لا شيء كبير. فقط لتتأمل أفعالها.”
“يعني، أنها تتأمل في غرفتها الآن؟”
مع توالي الأسئلة دون توقف، أغلقت السيدة ميلادي عينيها بشدة.
“في الواقع… إنها تتأمل في غرفة التأمل.”
ردّت أخيرًا، بعدما أدركت أنه قد اكتشف أمرًا ما من ترددها القصير. لكن كان الأوان قد فات.
فجأة، اندفع الدوق عبر الممر بخطى سريعة. الأرضيات الخشبية القديمة أصدرت صريرًا تحت وقع خطواته الثقيلة.
وعندما وصل إلى غرفة التأمل في الطابق الخامس وهمّ بفتح الباب، سمع أصوات نساء من الداخل.
“إنها عنيدة للغاية. لمَ تصعب الأمور على نفسها وكل ما هو مطلوب منها اعتذار بسيط؟”
“فلورا، هل متِّ هناك؟”
كانت أصوات خادمات يسخرن من شخص ما.
كلود، الذي ظن أن فلورا فقط ستكون في الداخل، لم يستطع كبح غضبه واقتحم الغرفة.
فوجد الخادمات يضحكن أمام خزانة في غرفة قذرة.
“ي-ياسيدي…”
كل الخادمات اللواتي التفتن نحو الصوت المرتفع عند فتح الباب اتسعت أعينهنّ بدهشة شديدة.
الانستغرام: zh_hima14
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 13"