الفصل 10
تفاجأت تيا، بل وحتّى وينتر، بالتغيّر المفاجئ في تصرّف ليف، فالتفتتا للنظر إليه.
كان يضحك قبل لحظات. لقد رأته بعينيّها.
علاوةً على ذلك، لم تجد تيا فرصةً بعدُ لتسأل عن معنى قوله إنّه “سيموت قبل أن يصبح بالغًا”.
لذلك، قرّرتْ تيا، على غير عادتها، أن تقاوم.
“ألا يمكنني البقاء هنا قليلًا أكثر؟”
“لا، لا يمكن.”
“همف!”
تحرّكت تيا ببطء متعمّد، متلكّئة قدر استطاعتها.
وقف ليف بتعبير متصلب، ثمّ، كأنّ صبره نفد، جذب يدها بنفاد صبر.
“هيّا، اخرجي… الآن.”
كانت يد ليف ساخنة بشكل غير طبيعيّ.
في تلك اللحظة، تمايل جسد ليف وسقط فوق تيا مباشرة.
“آه، ثقيلٌ جدًا! حسنًا، حسنًا سأخرج يا أخي!”
بينما كانت تيا تتخبّط تحت ليف، أدركتْ فجأة أنّ شيئًا ما ليس على ما يرام.
“أ-أخي؟”
كان تنفّس ليف المتقطّع ينذر بالخطر. جسده المتراخي خالٍ من القوّة، وكأنّه كتلة نار مشتعلة.
أدرك الخدم، متأخرين، أنّ ليف فقد وعيه نصفيًا، فهرعوا نحوه.
“السيّد الشاب!”
“أحضروا الثلج، كلّ ما لدينا!”
كانت حركاتهم هادئة وسريعة، وكأنّهم اعتادوا على مثل هذه الحوادث.
“آنستي، عودي إلى غرفتكِ الآن، من فضلكِ.”
دفعوها خارج الغرفة دون أيّ تفسير، أو ربّما لم يكن لديهم وقت للتفسير.
ضجّ الممرّ بالفوضى للحظات.
رأت تيا الخوف المألوف على وجوه الخدم وهم ينقلون الثلج.
تذكّرتْ فجأة ليلة وفاة أمّها.
في تلك الليلة، كان الجميع يرتعدون من خوف لا يمكن تفسيره، وسحق صمت ثقيل أكتاف الجميع.
على الرغم من علمها أنّه لا ينبغي لها، ألقت تيا نظرة خلسة عبر الباب نصف المغلق.
سمعتْ، ولو بصعوبة، صوت ليف المتقطّع وهو يلهث من الحمّى.
“ميل… آسف إن بدوتُ وقحًا. لم أقصد فعل هذا. أنا… مخطئ.”
ردّت ميلودي بلطف لتهدئته: “لا بأس، سيّدي الشاب. إنّ المرض هو السبب. أنا أيضًا أصبح عصبيّة عندما أمرض.”
“انهض بسرعة كي تلتقي بالآنسة آستيا غدًا.”
“كفى… قولي لها ألّا تعود إلى غرفتي.”
“لماذا، سيّدي الشاب؟ لقد انتظرتَ عودتها طويلًا. لذا…”
لم تستطع تيا سماع المزيد، فتراجعتْ إلى الخلف. ثمّ ركضتْ إلى غرفتها كأنّها تهرب من شيء.
كادت أنفاسها تتوقّف.
بعد أن تأكّدتْ أنّ لا أحد حولها، سألتْ تيا وينتر، ممسكة بحافتها وكأنّها تتشبّث بها: “وي… وينتر، أخي مخطئ بشأن شيء، أليس كذلك؟”
أن يموت أخي قبل أن يصبح بالغًا؟ لماذا؟
ألم تقل وينتر من قبل؟
الوباء ينتشر، والبرابرة يغزون. ثمّ تموت عائلتنا، وتصبح وينتر سيدة العائلة…
‘مهلًا..’
فجأة، تسلّل شعور مخيف إلى جسدها كحشرة تزحف على ظهرها.
كانت تيا تعتقد دائمًا أنّ عائلتها في العاصمة ستموت في حرب ضد البرابرة.
لذا، ظنّتْ أنّ موتهم سيحدث بعد وقت طويل.
إذا عالجت الوباء وأوقفت الشرير لمنع الحرب مع البرابرة، ستتمكّن من إنقاذ الجميع.
لكن، عندما أعادت التفكير، شعرتْ بشيء غير صحيح.
‘ليس أبي ولا أخي روديون، بل ليف الضعيف… كيف تورّط في حرب الشمال؟’
تحوّل الشك إلى رعشة في جسدها.
قبل أن تفتح باب غرفة ليف مباشرة، كانت وينتر على وشك قول شيء…
<لأنّه سيموت قريبًا->
ضغطتْ تيا على صوتها وسألت: “أخي ليف، سيموت في الحرب، أليس كذلك؟”
<متى قلتُ إنّه سيموت بسبب الحرب؟>
كان صوت وينتر هادئًا بشكل مقلق.
عدّت وينتر على أصابعها، ثمّ تابعَتْ بجفاف: <ربّما لن يرى صيف العام القادم. هذا هو السبب الذي يمنعنا من جعله حليفًا لنا.>
صيف العام القادم. حتّى مع الربيع الطويل في العاصمة، لم يبقَ سوى نصف عام تقريبًا.
“لماذا؟ ما السبب؟ لمَ يموت أخي؟”
هزّت تيا رأسها بنفي.
“لا، لا. لن يموت. الآن بعد أن عرفتُ، سأمنعه-“
قاطعتها وينتر: <أليس حساسيّته للأرواح عالية بشكل لا يصدّق؟>
حساسيّة الأرواح.
تلك القوّة التي تتيح التفاعل والتأثّر بالأرواح، واستيعابها في الجسد، تنتقل عادةً بالوراثة.
كانت حساسيّة ربّ العائلة الأوّل فلاديزيف للأرواح لا تُضاهى، وقد ورثتها أجياله.
لذا، يخضع أطفال فلاديزيف لطقس الأرواح في سنّ الرابعة لاستدعاء روح تربطهم بها.
أجّل ليف الطقس بسبب صحّته، لكنّ حساسيّته الاستثنائيّة جذبتْ كلّ أنواع الأرواح.
في عامه السابع، استجاب ليف لنداء روح، فاستقرّت روح النار في جسده، مخلّفةً علامة ريشة صغيرة على عظم كتفه الأيمن.
لكن، بدلًا من أن تكون قوّة، كانت كارثة.
<المشكلة أنّ حساسيّته العالية للأرواح كانت أكبر من قدرة جسده الضعيف على تحمّل حرارة روح النار. لذا، سيظلّ يعاني من الحمّى حتّى يموت قبل صيف عامه العاشر.>
كان صوت وينتر وهي تتحدّث عن موت ليف هادئًا كمن يقرأ تقريرًا، فلم تستطع تيا تصديقها.
“لِمَ لم تخبريني؟”
<ما الفائدة من إخباركِ بشيء لا يمكن تغييره؟ معرفة المستقبل لا تعني أنّكِ تستطيعين تغيير كلّ شيء. ليف فلاديزيف لن يموت بحادث أو مرض عاديّ. إنّه مصيره أن يموت هكذا.>
نعمتْ نبرة وينتر، كأنّها تتحدّث إلى طفلة متذمّرة، وكأنّها تتوقّع من تيا أن تفهم.
<حتّى لو أنقذتِ ليف، ما الفائدة لنا؟>
دمار عائلة فلاديزيف يعني دمار الشمال.
رأت وينتر بعينيها أهل الشمال يسقطون هباءً، ودماؤهم تروي الأرض كالأنهار.
الثلوج البيضاء التي أحبّتها.
الناس الطيّبون الذين احتضنوا روحها المهجورة.
ملاذها الأخير ومأواها.
لم تستطع تحمّل رؤية كلّ ذلك يتحوّل إلى رماد مرّة أخرى.
لذا، عندما عادت وينتر إلى الماضي بشكل غير متوقّع، أعادت رسم خطّة عقلانيّة.
وفي تلك الخطّة…
<على عكس شوركا، ليف ضعيف، فليس له قيمة لنا. إنقاذه مضيعة للوقت.>
لم يكن بقاء ليف جزءًا من الخطّة منذ البداية.
ارتجفتْ كتفا تيا وهي تستمع إلى وينتر بهدوء.
كان الغضب واضحًا في عينيها، لكنّ وينتر وقفت متحدّية، كأنّها تقول: “حاولي إن استطعتِ.”
وعندما انفجر صوت تيا أخيرًا.
“أيتها القاثية!”
تسمّرت وينتر للحظة، مذهولة.
<هل تقصدين قاسية؟>
“نعم، هذا! أنتِ قاثية، وينتر!”
<ليس قاثية، بل قاسية.>
“قاثية!”
<قاسـ ية.>
“قاس، قاس، قاية، قس…”
كانت الكلمات تتعثّر بسبب فقدانها لسنّ.
صرختْ تيا بغضب: “المهمّ أنّك قاثية جدًا!”
تكسّرت التوترات فجأة.
تسرّب صوت ضحكة خافتة من بين شفتَي وينتر المطبقتين و احمرّ وجه تيا خجلًا.
“لا تضحكي! أنا غاضبة!”
دبّت تيا قدميها في الأرض.
“قلتِ إنّ فلاديزيف تحتاجني. قلتِ إنّني الوحيدة القادرة على ذلك…”
لم تكن تريد البكاء، لكنّ الغضب جعل الدموع تترقرق في عينيها.
“إذا لم أستطع إنقاذ أخي، فكيف سأنقذ فلاديزيف؟”
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات