هاه، هاه.
مع صوت التنفس المنتظم و الوزن الخفيف على صدره، فتح جيرفانت جفنيه ببطء.
عادةً، بعد نوبة الحمى التي تصيبه، كان يشعر بحالة سيئة و انزعاج، لكن هذه المرة كانت مختلفة.
لم يشعر بالضيق، بل إنه نام بعمق، و كان ذهنه صافيًا.
حتى الحرارة التي كانت تغلب في جسده اختفت، تاركة إحساسًا بالانتعاش.
أمسك نظارته الموضوعة بجانبه و مـظّ يده تلقائيًا ليمسك بشيء ناعم على صدره.
“أممم…”
تجمد جسده للحظة عندما سمع تيتيا تتذمر في نومها. أرخى يده التي أمسكت بشعرها.
نظر إلى الأسفل، فرأى تيتيا نائمة بوضعية غير مريحة و هي مستندة على صدره كما لو كان وسادة.
كانت تمسك بقطعة القماش بإحكام. ربّما نامت أثناء مسح جسده.
رأى شعرها الخلفي ملتصقًا بعنقها المبلل بالعرق البارد. و دونَ تفكير، مـدّ يده إلى عنقها، و مسح عرقها بأطراف أصابعه.
شعرَ و كأنه ارتكب فعلًا سيئًا، فعض شفتيه بقوّة.
بينما كان يحاول النوم متجاهلاً الأفكار التي تدور في رأسه، صوتها الذي سمعـه قبل أن يغفو مـرّ في ذهنه:
‘أنا أبذل جهدًا كبيرا هنا….ليت الرئيس يمدحني قليلًا’
“هاه.”
خرجت من منه ضحكة ممزوجة بتنهيدة.
“مديح؟ هل تطلبين مديحًا و أنـتِ تدخلين بلا استئذان بهذا الشّكل …”
تمتم و هو يرفع جسدها بلطف، ممسكًا بعنقها.
فكّر في تركها على الأرض، لكنه حملها برفق.
كان على وشكِ أن يضعها على سريره لكنه توقف.
‘لا يجب أن تسيء الفهم.’
بينما كان يتجه نحو الباب، توقفت ساقاه فجأة. أغلق عينيه بقوّة أمام الممر المظلم اللامتناهي، و تمايل للحظة.
أصبحت أنفاسه سريعة، لهذا قام بإلقائها على سريره و جلس.
كان وجهه مبللاً بالعرق البارد بينما يتنفس بصعوبة.
‘إلى أين أنا ذاهب….’
لا يمكنه الخروج أصلاً.
أظلمت عيناه عندما أدرك مجددًا عبثية كل شيء.
وقف من مكانه و تمتم:
“من فضلك ، فلتغادري قبل أن أخرج من الحمام…”
تمتم بتنهيدة وهو ينقر الشامة التي تحت شفتها، ثم دخل إلى الحمام.
شعر بحرارة في أطراف أصابعه التي لمست بشرتها، فأمسك يـده و أرخاها ليخفف من توتره.
‘هناك طاقة ما تنبعث منها بالتأكيد…’
شعر بطاقة خافتة من تيتيا مجددًا.
في البداية، ظنها مانا و اعتقد أنها ساحرة.
لهذا السبب، تفوه بكلمة “ساحرة” دون تفكير، لكنها ردت بكلام مضحك عن “ساحرة الضحك” أو ما شابه.
“هاها…”
ضحك بصوتٍ عالٍ أخيرًا.
“يبدو أنّني جننـتُ.”
أغلق عينيه وهو يسكب الماء البارد على جسده.
عندما خرج من الحمام، لحسن الحظ، كانت تيتيا قد رتبت كل شيء و غادرت.
حدق جيرفانت في الفراش المجعد حيث كانت مستلقية، ثم أشاح بنظره.
****
‘ها، كـدتُ أقع في مشكلة.’
كيف نمتُ على سرير الرئيس دون وعي؟
“ما الذي سأقوله كعذر…”
‘حدث ذلكَ بينما كنتُ أتفقد السرير…؟’
أتذكر أنني كنتُ أمسح جسده، لكن لا شيء بعد ذلك. كيف صعدتُ إلى سريره و نمـتُ عليه بسبب الإرهاق؟
حتى خلال شعوري بالإرهاق، اخترتُ مكانًا مريحًا!؟
حسنا ، لقد كان مريحًا جدًا.
أتمنى أن يتظاهر الرئيس بعدم رؤية ذلك. بما أنه أكل كل خوخي، أتمنى أن يظهر بعض الرحمة.
“هاه…”
“لماذا تتنهدين هكذا؟”
السيد داني، هل كنتَ فضوليًا لهذا الحد؟
لقد كنتَ تتجاهلني سابقا، و الآن أتيتَ لتسأل بسرعة عندما أثار فضولكَ شيء ما.
“لقد فعلتُ شيئًا فظيعًا للرئيس.”
“ماذا؟”
“هل أنـتَ فضولي؟”
“نعم.”
“لن أخبـركَ مجانًا.”
“هل هذا يكفي؟”
أعطاني عملة ذهبية.
أمسكتُ العملة بكلتا يديّ بإجلال.
“نمـتُ على سرير الرئيس.”
“سأخبر السيد بيلت.”
استرد العملة مني.
مددتُ يدي نحوها و قلتُ:
“كنـتُ أمزح.”
رفعها عاليًا ليمنعني من أخذها و قال:
“أعرف أنها الحقيقة.”
“حتى لو فعلتُ ذلك، سيغفر لي.”
“بالطبع.”
كنتُ مستعدة للرد، لكنه وافق بسهولة بشكلٍ مفاجئ.
“لو كانت لديكِ نوايا سيئة، لما تركتكِ التوأم.”
لعب بالعملة بأصابعه و ابتعد.
‘لا تتصرف بأناقة!’
“إذن، طالما أن التوأمان لا تمانعان، فلن أُطرد؟”
‘هاه، أشعر بالراحة الآن.’
كدتُ أفوت فرصة الانتقام من ويليام.
الآن عندما التفكير في الأمر، لو سمع السيد بيلت أنني نمتُ على سرير الرئيس، ربّما كان سيصفق لجرأتي.
****
“آنسة تيتيا.”
“سيد بيلت، لم أرك منذُ زمن. كـدتُ أنسى وجهك.”
“نعم، و أنا أيضًا. هذا رد هانا.”
لم أتوقع أن أتلقى ردًا.
كنتُ خائفة قليلاً من فتح الرسالة. لقد اختفيتُ فجأة دون إخبارها بشيء، لذا ربّما كانت قلقة جدًا.
و ربّما غاضبة جدًا أيضًا.
عندما تغضب هانا، تتحدث كأنها تتكلم بلغة غريبة مليئة بالشتائم.
ربّما تكون هذه الرسالة مليئة بالشتائم.
‘لا أعرف على ماذا تحتوي هذه الرسالة، أنا خائفة.’
‘سأقرأها لاحقًا.’
وضعتُها في جيبي بعناية.
“آنسة تيتيا، هل ترغبين في رؤية القديسة؟”
“ماذا؟ لا؟”
رأيتها كثيرًا في الصحف، لذا لا حاجة لي لذلك.
حتى لو كانت بطلة هذا العالم، لم أكن أرغب في رؤيتها.
لم يكن لدي شخصية مفضلة في الرواية كما يفعل الآخرون.
كنتُ أحب شخصية الرئيس الشرير الثانوي، لكن ليس بشكلٍ مهووس.
إذا ظهرت شخصية مشابهة في رواية أخرى، كنتُ سأنتقل إليها.
“تهانينا، سترينها قريبًا.”
‘لا أريد ذلك.’
“ماذا تعني؟ سمعتُ أن القديسة مسافرة في رحلة خطوبة.”
“ستعود قريبًا. أرسلت القديسة رسالة أنها تريد رؤية الرئيس قبل عودتها إلى المعبد . تسك.”
لقد نقر بلسانه، أليس كذلك؟
لكنه أدار وجهه جيدًا مما جعلني أشك أنني أخطأت.
“إذن، البطل… أعني، سموّ ولي العهد سيأتي أيضًا؟”
لو كانا معًا، كنتُ أرغب في رؤيتهما. لكن السيد بيلت هـزّ رأسه للأسف.
“سموّ ولي العهد مشغول جدًا و لن يمر من هنا. القديسة هي الوحيدة التي ستزور هذا المكان.”
“أليست القديسة مشغولة أيضًا؟”
“البلاد مستقرة نسبيًا الآن، لهذا ليست مشغولة مثل ولي العهد. كنتُ أتمنى لو كانت كذلك.”
“هل تكره القديسة؟”
“نعم.”
“…ماذا؟”
كنتُ أختبره فقط، لكن إجابته المفاجئة جعلتني عاجزة عن الرد. ثم سألني:
“هل يجب أن أحبها لأن الجميع يفعل؟”
“لا، بالطبع لا.”
بـدت نبرته عدائية، يبدو أنه يكرهها حقًا.
يبدو أن قوله سابقًا “بسبب القديسة” لم تكن مجرد زلة لسان.
“إذا كنتَ تكرهها لهذا الحد، يمكنكَ منعها من القدوم.”
“ربّما هناك فرصة، لذا سنتركها تلتقي بالرئيس مرّةً أخرى. إذا فشـل الأمر هذه المرة، فلن يُسمح لها بذلك مجدّدا.”
“هل كتبتَ شيئًا بخط صغير في عقد السرية لم أنتبه له؟ لماذا أنـتَ صريح جدًا؟”
‘هذا يجعلني قلقـة.’
“لأنني أستطيع حل كل شيء.”
كانت ثقته مبررة، فأومأتُ بهدوء.
على أي حال، إذا جاءت البطلة لرؤية الرئيس، فلن يكون هناك سبب لبقائي بجانبه.
“ماذا يجب أن أفعل عندما تأتي القديسة؟ أعني أنني لستُ بحاجةٍ للتواجد هناك، أليس كذلك؟”
“حسنًا… هذا صحيح. للأسف، سترينها من مسافة بعيد.”
ليس مؤسفًا على الإطلاق
لماذا يحاول جعلي أبدو و كأنني معجبة بالقديسة؟
“هل هناك شيء يجب أن أحضّـره؟”
“لا. فقط انظري من بعيد و امدحي القديسة.”
‘تقول إنّـكَ تكرهها، لكنكَ تخبرني بأن أمدحها؟’
“حسنًا، لـمَ لا. ربما إذا صليتُ بالقرب من القديسة لكسب المال، ستتحقق أمنياتي؟”
“أنـتِ غير عادية كما هو متوقع. سأجرب ذلك أيضًا.”
‘أنًتَ أكثر غرابة مني، سيد بيلت.’
“الآن عند التّفكير في الأمر، ربّما من الأفضل ألا يراني أحد. هل يسمح لي برؤية القديسة أصلاً؟”
كان ويليام يبحث عني بالفعل، و أنا أعرف أن مظهري ليس عاديًا.
حتى الماركيز كينيدي يصر على جعلي زوجته دون يحدّدح موعدًا نهائيا حتّى، سأكون غبية إن لم أدرك ذلك.
لا مشكلة في هذا القصر، لكن أليس من الخطر أن يراني الآخرون؟
“بالطبع، القديسة ربما لا تعرف بوجود ويليام، لكن الحذر أفضل، أليس كذلك؟”
رد السيد بيلت بسهولة، مما جعل قلقي يبدو تافهًا:
“لا، لا داعي لذلك. لا أحـد، و لا حتى القديسة، يمكنه أخذكِ إذا عرف أنّـكِ هنا. هذا قصر الدوق ديستين، حيث يقيم سيّد نقابة إكليبس.”
“لكن قانونيًا، ويليام هو ولي أمري، فإذا استخدم سلطته…”
“ويليام أنجيلا لن يجرؤ على المطالبة بحقوقه أمامنا بالقانون.”
“لأول مرة، أشعر أنّـكَ جدير بالثقة، سيد بيلت.”
“هذا لا يحدث كثيرًا.”
بدا الأمر و كأنه يتفاخر.
“بالمناسبة، سمعتُ أنكِ نمتِ على سرير الرئيس؟”
فم السيد داني أخف من الريش و سريع جدًا.
“حدث ذلك دونَ قصد…”
لم أذكر أن الرئيس كان مريضًا. من الطّبيعي حماية حالة رئيسي الصحية.
‘يجب أن أسأل الرئيس أولاً قبل أن أقرر ما إذا كنت سأخبر السيد بيلت.’
نظر إليّ مباشرة فلم أتجنب نظراته.
“دون قصد؟”
“بشكلٍ غريب، أشعر بالإرهاق كلّما كنتُ إلى جانب الرئيس.”
“إذن ، لماذا كنتِ تحملين الماء البارد و القماش إلى غرفته؟”
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 8"